قرأت كتاب (مت فارغاً) او مازلت اقرأه ما انهيته ، للمؤلف الأميركي تود هنري ، النسخة العربية منه ، وجاءت للكاتب فكرة الاسم (مت فارغاً) جاءت من طرح سؤال من الكاتب على مجموعة من الاشخاص.
ماهي الارض الأعلى قيمة في العالم؟
جاءت الاجابات منهم : مدينة منهاتن في نيويورك، حقول النفط في الخليج ، مناجم الذهب...جميعهم ذهبت افكارهم الى القيمة المادية ، بينما الكاتب يقصد القيمة المعنوية ، فكانت اجاباتهم خاطئة ، والاجابة اللي اختارها المؤلف للارض الاعلى قيمة في العالم هي: (المقبرة) ففي المقابر تم دفن كل الروايات التي لم تكتب والأعمال التي لم يقدر لها ان تؤسس والعلاقات التي لم تنته بالمصالحة ، والافكار المبدعة ، وكافة الأمور الأخرى التي ظن الموتى انهم سوف يقوموا بها غداً او في المستقبل القريب ، ولكن غادروا قبل ان يأتي ذلك اليوم وبقيت في رؤوسهم ودفنت معهم.
وأنا أقرأ هذا الكتاب ، وهذه الفقرة تحديداً ، تذكرت حديث الرسول صلى الله عليه وسلم ، ( اذا مات ابن آدم انقطع عنه عمله الا من ثلاث صدقة جارية ، او علم ينتفع به ، او ولد صالح يدعو له)...لاحظت في هذا الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يقل ، من حفظ القرآن ، او من حفظ الحديث ، او من تعلم العلم ، او من صام الدهر ، صيام داوود ، يصوم يوم ويفطر يوم ، لم يذكر الرسول صلى الله عليه وسلم اي من الاعمال التي يعود نفعها على الانسان لنفسه ، لانها كلها ستنتهي بمجرد موت الانسان ، ولكن الاعمال المتعدية للانسان والتي تتجاوزه وتصل الى غيره ، تبقى حتى بعد موته ، مثل صدقة جارية ، او علم ينتفع به ، او ولد صالح يدعو له ، الشاهد في هذا الحديث (او علم ينتفع به) كأن الرسول صلى الله عليه وسلم ، يحثنا ، ليس على العلم والتعلم ، بل على التعليم ، تعليم غيرنا ماتعلمناه ، حتى ينتفع به غيرنا من بعدنا ، يحثنا على اخراج العلم من رؤوسنا ومن عقولنا ، لينتفع به الجيل الذي يلينا قبل موتنا. (علم ينتفع به).
نسأل الله تعالى أن يعلمنا ما ينفعنا وأن ينفعنا بما علمنا وأن يزيدنا علما وعملا وبركة فيهما إنه جواد كريم