عباد الله: أيرضينا أن تكون طرقات الكفار وشوارعهم أنظف من طرقاتنا وشوارعنا، أيُعجبنا أن تكون منتزهاتهم وغاباتهم وشواطئهم خير مما عندنا، وهم كفّار أنجاس، ونحن المسلمون أطهار، قال : (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ) ~ ، إنهم نجسة قلوبهم فهم يشركون، ونجسة ثيابهم الداخلية فلا يستنجون، ونجسة أبدانهم من الجنابة لا يغتسلون، ومع أنّ الوسخ والقذارة كانت من سيمتهم في زمن مضى، حتى قال النبي المصطفى ﷺ: (طَهِّرُوا أَفْنِيَتَكُمْ ، فَإِنَّ الْيَهُودَ لَا تُطَهِّرُ أَفْنِيَتَهَا) ~ [المعجم الأوسط للطبراني وحسنه الألباني]، إلا أننا في عصرنا هذا تبادلنا الأدوار، فتبنّينا خصالهم المشينة، وتبنوا هم خصالنا الحميدة، فاللهم ردنا لدينك مردا جميلا.
عباد الله: من أجل نثبُت على خلق النظافة والبهاء، ونستعيد خصلة الطهارة والنقاء، رغّبنا ربّنا تبارك وتعالى في ذلك أيّما ترغيب في الكتاب وسنة الغراء، حتى جعل النبي ﷺ نظافة المحيط وإزالة الأذى من شعب الإيمان، فقال ﷺ : (الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ( [مسلم] ، بل جعل النظافة بشتى أنواعها والطهارة بعموم مظاهرها نصف الإيمان فقال ﷺ: (الطُّهور شطر الإيمان) ~ [مسلم]، وعملٌ هو شطر الإيمان وشعبة من شعبه لا أشك أنه من أنفع الأعمال على صاحبه في الدنيا والآخرة، لذلك جاء عن أَبي بَرْزَةَ 0 قَالَ: قُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ؛ عَلِّمْنِي شَيْئًا أَنْتَفِعُ بِهِ؟ قَالَ
~ اعْزِلِ الأَذَى عَنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ) ~ [مسلم]، فينتفع العبد بالنظافة راحة قلبه وانشراح صدره ووقاية نفسه وغيره، من الأمراض واستمتاعا بجمال.
ومما ينتفع العبد به من النظافة أن ينال بذلك ثوابا وأجرا، فقد عدّه النبي ﷺ نوعا من أنواع الصدقات فقال: (ويُمِيطُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَة) ~ [متفق عليه]، وجعله سببا من أسباب المغفرة فقال: (بيْنَما رَجُلٌ يَمْشِي بطَرِيقٍ وجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ علَى الطَّرِيقِ فأخَّرَهُ، فَشَكَرَ اللَّهُ له فَغَفَرَ له) ~ [البخاري]، ومن غفر له فقد ضمن الجنّة والزحزحة من النار.
قال رسول الله ﷺ: (من عَزَلَ حَجَرًا عن طَرِيقِ النَّاسِ، أوْ شَوْكَةً، أوْ عَظْمًا عن طَرِيقِ النَّاسِ، وأَمَرَ بِمَعروفٍ، أوْ نَهَى عن مُنْكَرٍ، عَدَدَ تِلكَ السِّتِّينَ والثَّلاثِ مِائَةِ السُّلامَى فإنَّه يَمْشِي يَومَئذٍ وقدْ زَحْزَحَ نَفْسَهُ عَنِ النَّارِ) ~ [مسلم].