السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
أولا:
جاء الأمر في السنة بإقام الصلاة ورص الصفوف وسد الفرج، وإتمام الصف الأول فالأول.
روى أحمد (12352) وأبو داود (671) والنسائي (818)
عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَتِمُّوا الصَّفَّ الْأَوَّلَ ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ، وَإِنْ كَانَ نَقْصٌ فَلْيَكُنْ فِي الصَّفِّ الْمُؤَخَّرِ.
ولفظ أبي داود: أَتِمُّوا الصَّفَّ الْمُقَدَّمَ، ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ، فَمَا كَانَ مِنْ نَقْصٍ فَلْيَكُنْ فِي الصَّفِّ الْمُؤَخَّرِ .
وصححه الألباني في صحيح أبي داود.
وروى أحمد (5724) وأبو داود (666)
عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال: أَقِيمُوا الصُّفُوفَ وَحَاذُوا بَيْنَ الْمَنَاكِبِ وَسُدُّوا الْخَلَلَ وَلِينُوا بِأَيْدِي إِخْوَانِكُمْ، وَلَا تَذَرُوا فُرُجَاتٍ لِلشَّيْطَانِ وَمَنْ وَصَلَ صَفًّا وَصَلَهُ اللَّهُ، وَمَنْ قَطَعَ صَفًّا قَطَعَهُ اللَّهُ
والحديث صححه الألباني في صحيح أبي داود.
وروى أبو داود (667) والنسائي (815)
عن أنس رضي الله عنه أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: رُصُّوا صُفُوفَكُمْ، وَقَارِبُوا بَيْنَهَا، وَحَاذُوا بِالْأَعْنَاقِ صححه الألباني في "صحيح أبي داود".
ومعنى التراص المأمور به في تسوية الصفوف:
قال السندي رحمه الله:
"قَوْله (رَاصُّوا صُفُوفكُمْ) بِانْضِمَامِ بَعْضكُمْ إِلَى بَعْض عَلَى السَّوَاء (وَقَارِبُوا بَيْنَهَا)
أَيْ: اِجْعَلُوا مَا بَيْن صَفَّيْنِ مِنْ الْفَصْل قَلِيلًا
بِحَيْثُ يَقْرَب بَعْض الصُّفُوف إِلَى بَعْض" انتهى.
وقال ابن المنذر رحمه الله:
"حَكَى عَلِيٌّ عن أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ: قَالَ الْكِسَائِيُّ: التَّرَاصُّ أَنْ يَلْتَصِقَ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ، حَتَّى لَا يَكُونَ بَيْنَهُمْ خَلَلٌ
وَمِنْهُ قَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ [الصف: 4] الْآَيَةَ"
انتهى من الأوسط لابن المنذر (4/2019) :
وقال النووي رحمه الله:
"والمراد بتسوية الصفوف اتمام الأول فالأول وسد الفرج ويحاذى القائمين فيها بحيث لا يتقدم صدر أحد ولا شئ منه على من هو بجنبه
ولا يشرع في الصف الثاني حتى يتم الاول ولا يقف في صف حتى يتم ما قبله"
انتهى من المجموع للنووي (4/123)
وقال الشيخ ابن عثيمين:
"وتسوية الصَّفِّ تكون بالتساوي، بحيث لا يتقدَّم أحدٌ على أحد، وهل المعتبر مُقدَّم الرِّجْلِ؟
الجواب: المعتبر المناكب في أعلى البَدَن، والأكعُب في أسفل البَدَن ...
ثم إن تسوية الصَّفِّ المتوعَّد على مخالفتها هي تسويته بالمحاذاة ...
وهناك تسوية أخرى بمعنى الكمال؛ يعني: الاستواء بمعنى الكمال
كما قال الله تعالى: وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى [القصص: 14]
أي: كَمُلَ
فإذا قلنا: استواءُ الصَّفِّ بمعنى كماله؛ لم يكن ذلك مقتصراً على تسوية المحاذاة، بل يشمَل عِدَّة أشياء:
1 ـ تسويةَ المحاذاة، وهذه على القول الرَّاجح واجبة، وقد سبقت .
2 ـ التَّراصَّ في الصَّفِّ، فإنَّ هذا مِن كماله
وكان النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم يأمر بذلك
ونَدَبَ أمَّتَهُ أن يصفُّوا كما تصفُّ الملائكةُ عند ربِّها
يتراصُّون ويكملون الأول فالأول
ولكن المراد بالتَّراصِّ أن لا يَدَعُوا فُرَجاً للشياطين
وليس المراد بالتَّراص التَّزاحم
لأن هناك فَرْقاً بين التَّراصِّ والتَّزاحم ...."
انتهى من "الشرح الممتع" (3/10)