وهل الشمس ما عادت تستطيع أن تحيي قلوبنا

ضحك صاحبي عندما أخبرته بأني كنت أسيرا في شوارع مدينتي...
كل ما كنت أراه وأشاهده قطع من الحياة ولكن بصورة مغايرة للحقيقة...
لا أحد يبتسم...ولا أحد يتأكد بأنك تمشي الى جواره وأنت على قيد الحياة...
ولا أحد يسألك ما هي وجهتك وأراك يا أخي تمشي وتلتف يمنة ويسرى...
تمنيت لو أن أحدهم قذفني بحجر وأدمى رأسي...
هناك أناس يؤمنون بالله وإيمانهم تراه في الحياة التي يعيشونها...
حياة سليمة...قليلة العيوب وإذا تجرأنا وقلنا خالية من العيوب في عيون المارة...
لا تجد على هذه الحياة غبارا...ملتزمين بالصدق...يعيشون الأمانة...
يعرفون ما عليهم وما لهم...تراهم راضون بالحرمان...
لا تصلهم لذات الحياة فلا يتذمرون...ولا يشكون ولا يبكون...
يحملون أثقالهم بحب وإيمان...حتى أيضا يحملون أثقال الغير...حبا بالآخرة...
كانت أمي رحمها الله تقول لي :
عندما تقرأ القرآن بروح الإيمان والتأمل تجد في كثير من الأحيان أنك في الضياء تمشي...تجاه كل المخلوقات وخاصة أخاك الإنسان...إن رأيته ليلا أو نهارا إستقبلك ببشاشة وببسمة...حتى لو كنت تحمل أثقال الحياة كلها...
هذه هي أمي رحمها الله...
دائما أفكاري تأخذني الى الوطن...في الحقيقة لا أعرف لماذا...
وكثير من الأحيان أسمع همس هذا الوطن في وجداني...وأعرف أنه كان صادقا...
وكان دائما يقول لي هذا الوطن :
كنت أنا موطنك...تحبني ...يوم كنت تقطع من شجري الثمار لتطعمها لأولادك
وزوجك وأمك...وكنت تستيقظ فجرا وتمسح وجهك بهدوء...وتشكر الله لأنه
أسكنك هنا...وأطعمك من هذه الأرض الطيبة...كنت تحب عصافيري...وعيناك
سعيدتان تستريحان هنا وهناك...على جبالي وعلى سهولي...وترسم الخرائط
لتعلم طفلك كم أنا واسعة وجميلة على تلك الخريطة...وتزرع في قلبه حبه لي...
وأن لا يترك قدماه تبتعدان عني مهما قست الظروف والحياة...
وهنا صمت الوطن وأحسست بأن الدموع قد غسلت الكلام المتبقي...
في يدي قصاصة من الورق...لا أتذكر من أين حصلت عليها...
بالرغم من أني أنا الذي كتبها...خربشت عليها بحروفي وكلامي...رقمتها...
تعمقت في محتوياتها...في كل أطرافها...فوجدت أني أنا الذي كتبها...
هل حقيقة أننا بتنا من الهاوية قريبين...أو إنتهينا...
وهل الشمس ما عادت تستطيع أن تحيي قلوبنا...
وأن الجميع يحاولن أن يغرسوا ألف وردة ووردة في أرواحنا...
ونسوا أن هذه الأرواح أوشكت أن تفقد الحياة...لأن الرياح غرست في أعماقها...
رياح قاسية ليس فيها من الرحمة إلا الغضب القاسي...
ولكن يا صاحبي قل لي كيف أتجه...
والكل كسر لقعة الخبز ورفضوا أن يتركوها لي...ولهذا ضعفا سقط جسدي أمام أعينهم...وحتى الكرامة لم تصل لي...ورفضوا أخباري ماذا يريدون مني...
والى أين يرغبون أن أتجه...والحقيقة أستغرب...هنا أجد الشمس...
وهناك أجد الشمس أيضا...وحاولوا أن يمحوا ذاكرتي فقالوا أن الشمس لا تتشابه هنا أو هناك...وكأني بهم أرادوا أن يعطوني أسبابا جديدة بأني قد فقدت الحياة...
شكرا لصديقي الذي نبهني الى ذلك...
اللهم أرحم والدي كما ربياني صغيرا وأسكنهما فسيح جناتك يارب...
وصلى الله على سيدنا وحبيبنا ونبينا محمد وعلى آله وأصحابه
الأخيار وسلم تسليما كثيرا...
تحياتي