[[ سّيدنا رمضان v باكلوريا طايوان ]] ... كلاسيكو جزائري قديم بحلّة جديدة !

[الحـ)حسام(ــقّ]

ليس غريبا ولا مفاجئا أن ينتفض طلبة الباكلوريا فيطالبون بتقديم أو تأخير تاريخ إجراء هذا الامتحان المصيري
كي لا يصادف شهر رمضان الفضيل كونهم يرون في ذلك معوقا حقيقيا سيؤثر سلبا على نتائجهم بحيث سيقلص حظوظ البعض (ضعاف المستوى ) في النجاح ويحول دون تحقيق البعض الآخر (المتفوقين) للمعدلات التي يطمحون لتحقيقها لأجل الظفر بالتخصصات المنشودة ...
فلقد كان شهر رمضان منذ عقود ولا يزال إلى اليوم المتهم الأول و الشماعة الجاهزة التي يهرول نحوها الجزائريون ليعلقوا عليها أوزارهم و خطاياهم كلما أخطأوا ..فتجد أغلب الصائمين بمجرد انتهاكهم لحرمة هذا الشهرالكريم يسارعون إلى تبرير زلاتهم و سقطاتهم بعبارات جاهزة ونمطية يحفظها الكبير و الصغير كأن يعتذر صائم لجاره بعد الإفطار فيقول : ((سامحني جاري الله غالب كان غالبني رمضان )) ، أو كأن يتجاذب صديقان أطراف الحديث في سهرة رمضان فيقول أحدهم للآخر : (( فلان اليوم حكم فيه رمضان )) ...أو كأن يلوم صائم صديقه : (( واش ادّاك ليه ؟ ياخي علابالك بلي يحكم فيه رمضان ! )) أو أن يصرخ صائم في وجه غريمه مهددا : (( اسمع .. تبعّدني في هذا رمضان سينو (si non) راك تندم ! )).... وغيرها من العبارات المؤسفة التي لا يمكن اعتبارها مجرد عبارات بل تعدتها لتصبح هي في حد ذاتها جرائم لفظية تسيء لقدسية رمضان .
إنها المفارقة المحزنة التي تجعل من تلك المشاهد الدرامية و التراجيدية التي نعايشها طيلة أيام رمضان من شجارات و ملاسنات وأحيانا معارك دامية تحدث لأتفه الأسباب قرائن تدين رمضان وتزج به في قفص الإتهام و عوض القول بأنها جريمة في حق رمضان دأبنا على القول بأنها أحداث مؤسفة وقعت بسبب رمضان واستحال رمضان وفق منطقنا المقلوب متهما و لسنا سوى ضحاياه ..
إذن فقضية انتفاضة الطلبة على تواريخ الوزارة يمكن اعتبارها سلوكا متوقعا وغير مفاجئ و هو في حقيقته لا يعدو أن يكون مجرد معركة صغيرة من فئة مجتمعية صغيرة (الطلبة) ضمن حرب سلوكية قذرة قديمة مافتئ يخوضها المجتمع برمته ضد هذا الشهر الفضيل
فحين يعتبر الطالب رمضان عدوه الذي يتربص به الشر و يهدده بخطف أحلامه فهو في هذه الحاله لم يشذ عن القاعدة العامة التي كرستها سلوكات المجتمع ...و التي هي مؤشر من مؤشرات أزمة الأخلاق التي يعاني منها المجتمع .
ولذلك ..فحتى وإن اتفقنا على وصف باكلوريا العقدين الأخيرين منذ مجيء بن بوزيد إلى غاية اليوم مع بن غبريط بأنها باكالوريا طايوانية (مع احترامنا لدولة طايوان الشقيقة )و يقيننا بأن تنظيمها أثناء رمضان أو قبله أو بعده لن يغير في الأمر شيء ولن يحسن من النتائج لا من حيث الكم و لا من حيث الكيف.. فهل يبرر لنا ذلك بأن نلوم الطلبة على تذمرهم و تشكيهم وتقلاشهم على الوزيرة بحجة رمضان ؟؟؟
فهل ذنبهم أنهم تشرّبوا هذه الثقافة ورضعوها من واقع مجتمعهم الكبير الذي يحيط بهم
ألسنا في أغلبنا أعداء رمضان بسلوكاتنا اللاأخلاقية ؟؟؟؟؟
سواء أحببنا ذلك أم كرهنا فتلك هي الحقيقة الساطعة التي لا يجب أن ننكرها
إنني أكاد أجزم بأنه في قادم الأزمان ستتمادى باكلوريا طايوان في تقلاشها على رمضان أكثر فأكثر إلى أن تحدث المفاجئة وتخالف كل التوقعات المألوفة التي كانت النتيجة فيها دائما لصالح رمضان (وفق المنطق الشعبي: رمضان راهو غلبنا ) لتنقلب لصالح باكلوريا أبناء الشعب
(وفق منطق جديد : رانا غلبنا رمضان ) فينهزم رمضان ويتحقق حينها حلم آلاف الجزائريين المقهورين من رمضان ويحقّ لهم القول ساعتئذ :
(( غلبتنا يا رمضان زمانا ...هاقد غلبناك نحن الآن ))
حسبك الله فينا يا رمضا ن ...حسبك الله فينا ...