أنقذوا المدارس القرآنية في الجزائر من الفرنسيين الجدد - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الأخبار و الشؤون السياسية > النقاش و التفاعل السياسي

النقاش و التفاعل السياسي يعتني بطرح قضايا و مقالات و تحليلات سياسية

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

أنقذوا المدارس القرآنية في الجزائر من الفرنسيين الجدد

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2017-03-24, 17:03   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
العُثماني
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية العُثماني
 

 

 
إحصائية العضو










B11 أنقذوا المدارس القرآنية في الجزائر من الفرنسيين الجدد

التاريخ والهدف والهوية

كان الاحتلال الفرنسي للجزائر (1830م) من أعنف أنماط الاحتلال التي شهدها العصر الحديث, حيث سار في اتجاهين متكاملين يحققان غرض فرنسا الاستعمارية: الأول: هو الاحتلال العسكري المادي والذي هدف إلى استنزف ثروات الجزائر –طيلة ما يقرب من مائة وثلاثون عامًا- والاتجاه الثاني: هو الاحتلال الفكري والذي استهدف تحويل الجزائر (إنسانًا وتاريخًا وحاضرًا ومستقبلًا) إلى مستعمرة فرنسية. وقد أدرك الاستعمار الفرنسي مبكرًا أن سلاح المدفع والصاروخ سوف تفنى فائدته ذات يوم لذلك جهز سلاح الأفكار واستخدمه في تفتيت الهوية العربية الإسلامية للشعب الجزائري.

سار الاحتلال الفرنسي في تحقيق أهدافه الفكرية – في ظل احتلاله العسكري- في ثلاثة مسارات أساسية: الأول هو مواجهة اللغة العربية الفصحى وإحلال اللغة الفرنسية بدلًا منها وذلك من خلال ثلاثة وسائل.

اعتبرت الوسيلة الأولى اللغة الفرنسية هي لغة الإدارات والمكاتبات التي تصدر عنه ومن ثم يلجأ الجزائريون إلى تعلم اللغة الفرنسية وترك اللغة العربية.

أما الوسيلة الثانية فركزت على إشاعة اللغة العامية حال وجود مكاتبات مترجمة أو قرارات تخدم المستعمر، واعتمدت الوسيلة الثالثة على الادعاء – ببحوث مزيفة علميا- أن اللغة العربية الفصحى لغة قد ماتت مثل الإغريقية أو اللاتينية القديمة وهذا ما ذكره الدوق دوروفيقو في إحدى رسائله إلى وزير الحربية في باريس بتاريخ 15 أكتوبر 1832م بقوله ” إن إيالة الجزائر لن تكون حقيقة من الممتلكات الفرنسية إلا بعد أن تصبح لغتنا لغة قومية فيها، وحتى تتأقلم فيها العلوم والفنون التي يقوم عليها مجد بلادنا.. ومتى كانت اللغة الفرنسية لغة السلطة والإدارة فإنها لن تلبث أن تنتشر بين الأهالي”.

هذا النص يوضح أن المستعمر الفرنسي أدرك مبكرًا أن بقاء اللغة العربية سيجعل الجزائري مرتبطًا بتعاليم دينه وهويته الإسلامية والعربية التي هي بالفعل وقود مقاومته وإخراجه من البلاد, فكان لابد من تشويهها ومهاجمتها.

أما المسار الفكري الثاني: فهو مهاجمة التعليم المسجدي، هذا النوع من التعليم الذي كان هدفه المحافظة على الهوية العربية /الإسلامية الجزائرية من خلال تعليم القرآن وعلومه والسنة النبوية وعلومها، وتشير الوثائق التاريخية إلى أن الاستعمار الفرنسي في بدايته (1830م) قد أقدم على إغلاق ما يقرب من (13) مسجدًا من المساجد الكبرى والشهيرة، و(140) مسجدًا صغيرًا، و(12) زاوية.. وكان هذا الغلق في النصف الأول من العام الأول للاستعمار الفرنسي.

وحوَّل المُستعمِر الفرنسي عددًا من المساجد إلى كنائس وكاتدرائيات ومن أشهر هذه المساجد: مسجد كتشاوة الذي تحول إلى كاتدرائية القديس فيليب, وجامع القصبة الذي أصبح كنيسة الصليب المقدس وغيرها من المساجد التي استخدمها الاستعمار لأغراض شتى أو قام بهدمها.

ويتبين من هذا الموقف المبكر –أيضًا- وعي المستعمر بدور المسجد في المجتمع المسلم الجزائري وخطورته على بقائه وتمدده وتحقيق أهدافه المادية والفكرية.

أما المسار الثالث للاستعمار الفرنسي: فكان سياسة التنصير والتي لعبت دورًا مهمًا في واقع المجتمع الجزائري بهدف صرفه عن عقيدته وهويته الحضارية وأشاع الاستعمار مقولة “أن القبائلي –يقصد الجزائري- كان في القديم مسيحيًا”.

في هذه الأثناء ظهر تيار مقاومة اتخذ من “الفكرة ” و” التربية القرآنية” سبيلًا لمقاومة المستعمر من خلال عمل فكري مضاد لما يقوم به, وكان في مقدمة هؤلاء البشير الإبراهيمي (1889- 1965م) وعبدالحميد بن باديس (1889-1940م) واللذان أسسا جمعية العلماء المسلمين (1930) والتي اتخذت شعارًا لها يوضح مسيرتها الفكرية المقاومة للاختلال الفرنسي ومواجهة صراعه الفكري مع الجزائر, ومن هنا نفهم شعاراتها الثلاثة- الإسلام ديننا العربية لغتنا الجزائر وطننا -بأنها رسمت مسار المقاومة المادية والفكرية للاحتلال الفرنسي.

لقد أيقن ابن باديس أن طريق التربية والتعليم والهوية هو السبيل لمواجهة المستعمر –مع خط المواجهة العسكرية الذي تقوم به المقاومة للمحتل- ومن هنا تأسست (جمعية التربية والتعليم الإسلامية) من رحم جمعية العلماء المسلمين, وكانت غاية هذه الجمعية هي العمل على توجيه وإرشاد وتأسيس (المدارس القرآنية) التي تقوم على تعليم القرآن والسنة النبوية والمعارف المعاصرة, وضمت تعليم الذكور والبنات , وكانت مجانًا ( وكانت مجانية كاملة للإناث ومن الذكور يدفع من يستطيع أو القادر). وكما يذكر عمار الطالبي في كتابه (ابن باديس..آثاره وحياته) بن الغرض الأساسي من تأسيس (جمعية التربية والتعليم الإسلامية 1930م) هو: تربية أبناء المسلمين وبناتهم تربية إسلامية بالمحافظة على دينهم, ولغتهم,, وشخصيتهم,, ومن الوجهة التعليمية تثقيف أفكارهم بالعلم, وتعليمهم الصنائع, ومن الوجهة المالية تعويد الأمة على التبرع المنظم” ..لقد كانت هذه الجمعية ومدارسها استشعارًا حضاريًا بخطورة الاستعمار الفكري ودور العلماء الإصلاحي والحضاري لمواجهة هذه المخاطر, وكانت مدارس ابن باديس أو المدارس القرآنية كما أطلق عليها لاحقًا من أهم المؤسسات التي حافظت على الهوية الحضارية الجزائرية, وأدت هذه المؤسسات التربوية خدماتها للجزائريين وللأمة من خلال: المساجد والزوايا, والرباط, والكتاتيب, وهذه هي الأماكن/ أو الوسائل التي تشكلت فيها المدارس القرآنية والمعاهد العلمية المرتبطة بها.

شكلت هذه المؤسسات التربوية ( المدارس القرآنية) حصنًا اجتماعيًا للمجتمع المسلم الجزائري حافظت على عاداته وتقاليده وهويته وسط محاولات سحق الهوية التي قام بها الاحتلال الفرنسي لمدة تزيد عن (130) عامًا. وانتشرت هذه المدارس بالآلاف داخل المجتمع الجزائري تؤدي هذا الدور الحضاري المتميز: التعليم, التربية, التثقيف. وقد مثلت هذه المدارس بنظمها التعليمية وطرق التدريس فيها ومقرراتها ومناهجها – كما تشير إحدى الباحثات – “تراثًا علميًا ومعرفيًا مهمًا في المجتمع الجزائري…وأن ما قدمته المدارس القرآنية يشكل ظاهرة تعليمية, وحقلًا خصبًا في مجالات تدريس اللغة العربية, والقرآن الكريم, بالإضافة إلى المجالات التربوية والنفسية والاجتماعية التي أضافتها تلك المدارس إلى الشخصية الجزائرية”. ( مختارية تراري: التعليم بالكتاتيب القرآنية في الجزائر في منظور الدراسات النفسية والتربوية المعاصرة).

الفرنسيون الجدد وتهديد المدارس القرآنية

إن التوجه العام في المنطقة العربية منذ بداية هذه الألفية يتجه إلى تقليص حجم الدين ومكانته في برامج تنشئة الأمة, وقد أخذ ذلك سبلًا متعددة منها محاولات استبدال مناهج التربية الإسلامية, والتضييق على مؤسسات تعليم القرآن, وطرح المدارس التحضيرية أو دور الحضانات, التي أصبحت تستقبل الأطفال في نفس سن الكتاتيب والمدارس القرآنية, وتبدأ في تعليمهم اللغات الأجنبية في منافسة مبكرة للغة الأم, وفي مخاطر على الهوية كما تشير البحوث والدراسات التربوية.

وفي الواقع الجزائري لم ترفع فرنسا يدها عن الجزائر بعد وما زالت هناك مسارات مختلفة للاستعمار الفكري, وتطالعنا الصحف الجزائرية في هذه الأثناء بأن هناك محاولات من جانب الحكومة من أجل ضم المدارس القرآنية إلى المدارس العمومية ( الرسمية) كي تتبع وزارة التربية وفي هذا الصدد شكلت وزارة الأوقاف لجنة أوكلت إليها مهمة متابعة تلك المدارس ومتابعة ملفاتها ومراقبة نشاطها ومدى توافقها مع القانون الأساسي للتربية والتعليم والمناهج والمقررات وما إلى ذلك … ويبدو أن ذلك يتم بشكل منظم ومنهجي بين وزارتي الأوقاف والشؤون الدينية ووزارة التربية والتعليم..في ادعاء حول تنظيم تلك المدارس والعمل وذلك الأمر ليس بعيدًا عن التوجه العام في المنطقة العربية من أجل إضعاف دور القرآن في تكوين الهوية للنشء, كما حدث في مصر باستحداث رياض الأطفال عوضًا أو منافسة للكتاتيب حتى بدأت في الضعف والانحسار آليًا.

وفي تقرير صحفي عن جريد ” الشروق” الجزائرية” (1/3/2017م) يشير إلى أن وزيرة التربية “نورية بن غبريط”- المعروفة بانتمائها إلى الثقافة الغربية والفرنسية خصوصًا- وجهت منشورًا يحمل طابع (سري للغاية) إلى مديري التربية, تأمرهم بإحصاء عدد المتعلمين “الأطفال”, المسجلين بالمدارس القرآنية الموجودة بالمؤسسات المسجدية, وذلك بالتنسيق مع مصالح مديريات الشؤون الدينية, قصد تحويل هؤلاء إلى المدارس العمومية, من خلال توفير أماكن لكل تلميذ بأقسام التربية التحضيرية, مع تخصيص جزء من المناصب والدرجات المالية للتأطير البيداجوجي, بدءًا من الدخول الدراسي المقبل, في خطوة ستؤدي – حسب الصحيفة- إلى تفريغ المدارس القرآنية من المتعلمين الأمر الذي سيؤدي إلى غلقها آليًا”.

وفي نفس الوقت تعرضت عدد من المدارس القرآنية وفقًا لهذه التوجه إلى الغلق – في محاولة كما يبدو لاستشعار ردود الفعل من المجتمع الجزائري الذي تمثل له هذه المدارس مطلبًا اجتماعيًا ودينيًا حيويًا وحضاريًا- ومن الجدير بالذكر أن هذه المدارس هي وقف من أبناء الشعب الجزائري لأجياله المتلاحقة, ويأوي إليها أبناؤه لبنائهم أخلاقيًا وتربويًا وعقديًا, وتحمى المجتمع وفئة الطفولة المتأخرة بل والمراهقين من إشكالية وقت الفراغ في العطلة الصيفية حيث يلجا إليها الشباب لحفظ القرآن وتعلمه.

إن هذا التعامل مع المدارس القرآنية لم يكن وليد اللحظة الراهنة في الجزائر حيث صدر هذا القرار منذ عام 2015م ولم يظهر إلى النور إلا الآن, وقد جاء ذلك في خبر في صحيفة الخبر (20/8/2015) تحت عنوان ( لحمايتها من الأفكار المتطرفة وحفاظًا على المرجعية الوطنية..الحكومة تحضر مرسومًا تنفيذيًا لتنظيم المدارس القرآنية).

لا شك أن المجتمع الجزائري سيسعى -بكل تراثه القيمي والحضاري العربي والإسلامي- لإنقاذ المدارس القرآنية حفاظًا على هويته وبنائه الفكري والعقدي , وحصنًا من محاولات التفرنس الجديدة, التي لا يمكن أن يقبل بها بعد أن ضحى آباؤه وأجداده بالدماء من أجل التحرر منها.


https://islamonline.net/20685








 


رد مع اقتباس
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 04:11

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc