أزهار امي
[align=center]
أزهـــــــــــار أمي
بقلم : صيــاد العصافير
*************
" إمــي ماتت "
أخبار شنيعة تزورنا فجأة ... وبلا أي مقدمات ... لتعلن عن نفسها بكل قسوة ...
*************
رغم مرضها ... وشحوب وجهها ... ورقودها الطويل على السرير الأبيض ... لم تكن تتوقع (أحلام )أن يأتي هذا اليوم ... كانت هناك فكرة سخيفة بأن الموت لن يطرق بابها أو أي فرد من أسرتها ... وهاهو الموت قد غزا حياتها وسلب منها أمها وهو يمد لسانه في سخرية ...
*************
أمي ... هي الوحيدة التي كانت تقول :
"الله يهديك يا أحلام ... أنا عارفه إنه حـ يجي يوم الله بيهديك فيه ويثبتك على الطريق الصحيح "
أمي ... هي الوحيدة التي كانت تقول :
"لا تضربوها ... ادعوا لها بالهداية"
لن أنسى اليوم التي إمتدت بها يد والدي الثقيلة وهوت على وجهي بقوة :
"إنت أصلاً مافيه فايدة منك .... حتى العين الحمرا ماتنفع معك "
يومها إحتظنتني أمي وبكت كأنها هي من تلقت الضربة ... وكان هذا الموقف هو آخر مرة يوجه فيها والدي أي كلمة ...
*************
دمعة ساخنة من عينها المحمرة من كثرة البكــاء ...
*************
عشت حيـاتي بمفردي ... إخواني انظموا إلى والدي بمقاطعتي ... فإعتزلت عنهم وعشت بغرفتي ...
إلا أمي ....
كانت تزورني كل ليلة وتسهر معي وتنقل لي كل ما يدور بالمنزل ... وتعيد كل كلمة قيلت خلال اليوم ... وأحياناً كان يرهقها السهر لكنها تكمل ........ من أجلي ...
ذات ليلة قالت لي :
-أحلام تدري إنك أحب أولادي إلى قلبي ...
يومها كان الغرور مسيطراً على عقلي وتفكيري , أجبتها ببرود :
- إنت أصلاً تقولي هذا الكلام مجاملة ... مو حب فيني ...
كان ألأم واضحاً على وجه أمي ... ولأول مرة وجهت لي أمي جملة تحمل الإنتقاد :
- أحلام ........... إنت ليش ....... متكبرة ...
لم أجيب ... أشحت بوجهي للناحية الأخرى ... وذهبت أمي لغرفتها بكل هدوء , بصوت خافت :
- اليوم اللي قررت اني أفتح لك قلبي ... أسمع منك كلمة جارحة !!!
ولم يكاد يمر شهر حتى على الصراخ :
- إنت مثلهم .... مثلهم كلهم ....
وإنظمت أمي إلى والدي وإخواني ...
*************
ورغم هذا لم تقاطعني أمي ... بل أصبحت تراسلني بالكتابة ... وتربط الورقة بزهرة حمراء ... وتعلقها بالباب لأشاهدها وأنا قادمة من الجامعة ...
في البداية ظننتها طريقة ملتوية للعودة إلى ماكانت عليه ... لكن مع مرور الأيام أصبحت أنتظر أزهار أمي كل يوم ... أدخل المنزل بلهفة وأجري إلى الدرج ........... زهرة أخرى ...
في يوم من الأيام وجدت أبي جالس في غرفتي ينتظرني .... سقط قلبي بين قدمي وتسائلت عن السبب الذي جعل والدي يقرر زيارتي في غرفتي ....
وقفت أمامه مضطربة ... ورفع وجهه بعينين تملأها الدموع ... تلك النظرة الحانية التي أنتظرها منذ زمن بعيد ... النظرة التي وعدت نفسي بالبدء من جديد حينما أراها بعين والدي ...
تــرى هل إنتهــى كل شيء ؟؟؟
"إمك ماتت ... ماتت يا أحلام"
فجأة وبدون إي مقدمات ......... وكأنه يرغب بمفاجأتي وأموت من الصدمة ...
*************
لأول مرة منذ زمن بعيد بكيت في حضن والدي ... أرغب بالإعتذار لكن هناك غصة كبيرة تسد نفسي قبل حلقي ...
"كانت تناديك وهي تحتضر "
تفجرت الدموع من عيني من جديد ... ووالدي يقول أشياء لم أسمع منها حرفاً ...
*************
أتذكر زهرة أمي الأخيرة وآخر رسالة تلقيتها منها ....
"حبيبتي .... مسيرة الحياة قصيرة و نحن نجري بسرعة نحو النهايه "
[/align]