في زمن كَثُرت فيه أخبارُ الخرائدِ في الجرائدِ،وصُورتِ الغِيد، من قريب ومن بعيد، منها ما صحَّ ونأسفُ له ، ومنها ما لُفقَ بقطعٍ من ريش الغُراب،أُريد به رَسم ورقاءٍ من أم هادلٍ وأبا نصٍ ، لينشأ لنا سربٌ كحمار الوحش أنسابه ودِماءه،لا يُرى فيه ذمامٌ ،ولا يُرعى فيه حق للأب لفقدهِ، ولا مُحبلة به قصرًا تمرحُ به ،سربٌ نراه اليومَ بدى يزاحمُ الصُقور ،التي تتسمُ بصلابة الصخُور .وتُحاربُ الخيانة والفجور ،كوكبة خرجت للعيان وبدأت بالظهور،وهي تصارعُ عن موقعها وتثور،واكتسبت ثوب الوهن والظلم فطالبت بالحق المبتور،الذي لا يتركُ ما سُتر مستور.
فيا أيها الناظر في عيلم الزمن، تُرى ما الذي حدث حتى اختلط بالحابل النابل،وتفجرت في مجتمعنا وديارنا تلك القنابل ،وأصبح الكل مُروض للشر وبالذل والهوان قابل،من غير نفعٍ يُرجى ولا مُقابل،أرى الكثير منهم ينفش في تلك المزابل،التي أُتي بها بواسطة الخيوط والقوابل.
كأن الجمع في سوق السفاهة والرداءة مُبتاع،تلك سلعٌ يُخيلُ إليهمُ أنها تجلب المتاع،وحقيقة الأمر ما هم سوى كمن يُصدر البَعاع ،ليحلَ بعد تلكَ السكينة والراحة غمٌ وصُداع.
فيا أيها اللبق ذو الحجا لا تشتري كل ما يُباع،ولا تسمع لكل ما يُذاع،ولا تجعل في قلبك سوى الله يُطاع،فأنت بين الخير والشر وهما في صراع،وتمسك بتلكَ السفينة ذات الشِّراع،كي يُفتح لكَ الباب على المصراع،ويُكتب لكَ أنت سعيدٌ بذاك اليراع.