السلام عليكم ورحمه الله تعالى وبركاته
لفتت انتباهي هذة القصة وأردت أن أشارككم بها ولكي أعرف رأيكم
يروى أن جرثومة أصابت نهراً يجري في احدى الممالك، فصار كل من شرب من ذلك النهر يصاب بلوثة من الجنون، حتى أتى يوم زاد فيه عدد مجانين البلد على عقلائها الى حد أن نفوذ المجانين تزايد وسط قلة تتناقص من العقلاء، وحتى أصبحت أحاديثهم وتصريحاتهم هي السائدة، وهي المسموعة، كانوا يجتمعون ويتحدثون بلغة لا يفهمها أحد غيرهم، أما العقلاء فقد اصبحوا منبوذين، ولم يعد أحد يستمع الى ما يقولونه
في صباح أحد الأيام استيقظ الملك، واذا بالملكة هي الأخرى قد أصابتها لوثة الجنون، فقد اصبحت جلساتها واجتماعاتها لا تتم الا مع المجانين من أشكالها، ولم يعد عندها من حديث غير الشكوى من جنون زوجها ووزيره المخلص.
هلع الملك، فقد وصل الجنون الى عقر داره، فنادى على وزيره مؤنباً اياه، صارخاً في وجهه، يا وزير لقد جنت الملكة فأين كان الحرس عنها؟ فرد عليه الوزير مرتبكاً: لقد جن الحرس قبلها يا مولاي. فقال الملك: اذاً علي بالطبيب، فرد عليه الوزير متلعثماً، حتى طبيب القصر أصابه الجنون يا مولاي. فقال الملك: ما هذا المصاب، من بقي في هذه المدينة لم يجن؟ رد الوزير محرجاً: للأسف يا مولاي لم يبق في هذه المدينة عاقل غيرنا
فقال الملك: يا الله هل أصبحت نهايتي أن أحكم مملكة من المجانين؟ رد عليه الوزير العاقل قائلاً: عذرا يا مولاي، إننا اصبحنا نحن المجانين وهم العقلاء، فهم يقولون انه لا يوجد في هذه المدينة من مجانين سوانا. فرد الملك ما هذا، ما هذا الهراء؟، هم من شرب من النهر، وبالتالي هم من أصابهم الجنون
قال الوزير: الحقيقة يا مولاي انهم يقولون انهم شربوا من النهر لكي يتجنبوا الجنون، لذا فنحن المجنونان لرفضنا الشرب من ذلك النهر. ما نحن يا مولاي الا عاقلان بين محيط من المجانين، فهم الأغلبية، وهم من يملكون الحق والعدل والفضيلة، وهم الآن من يضع الحد الفاصل بين العقل والجنون
فكر الملك ملياً، وطويلاً، وفجأة التفت الى وزيره قائلاً: يا وزير اسقني بكأس من نهر الجنون، فإنه من الجنون أن تعيش عاقلاً في عالم من المجانين
«الخيار صعب، فالحياة بالتأكيد لن تكون جميلة ولا نظيفة كما كانت. فهل تستسلم، وتخضع للواقع، وتشرب من نهر الجنون؟ هل اذا كثر السرّاق، والراشون والمرتشون عليك أن تصبح مثلهم؟ وهل اذا كثر الفساد والمفسدون والمعتدون على أموال البلد وأملاكه فما عليك الا السير في ركبهم؟ واذا زاد التسيب واللامبالاة وكسر القوانين فهل دينك وأخلاقك، وما جبلت عليه تجعلك تستسلم وتشرب من كأسهم؟
فإذا عرض عليك الكأس .. هل تفضل أن تكون مجنونا مع الناس أو أن تكون عاقلا وحدك ؟؟
دمتم بخير