![]() |
|
قسم أرشيف منتديات الجامعة القسم مغلق بحيث يحوي مواضيع الاستفسارات و الطلبات المجاب عنها ..... |
في حال وجود أي مواضيع أو ردود
مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة
( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
رقم المشاركة : 1 | ||||
|
![]() بسم الله الرحمن الرحيم قضاء القاضي بعلمه الشخصي منقول بقلم د. هاني السباعيمدير مركز المقريزي للدراسات التاريخية بلندن مقدمة الحمد لله والصلاة والسلامعلى رسولنا الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وأصحابه أجمعين. وبعد: هذا بحث شرعيمفصل ومبسط نقدمه لطلبة العلم وللمشتغلين بالقضاء الشرعي وأيضاً للدارسين للفقهالمقارن. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يكون عملنا خالصاً لوجهه الكريم. ولمحاولةفهم هذه القضية (قضاء القاضي بعلمه الشخصي) نسوقها في الصورة التالية: إذاتوافرت لدى القاضي معلومات شخصية في الدعوى، كان قد شهد وقوع حادثة من الحوادث ثمرفعت إليه للنظر فيها، فهل يجوز له الحكم اعتماداً على هذه المعلومات التي حصلعليها خارج الجلسة وفي غير نطاق المرافعات والمناقشات التي جرت فيها؟ في هذاالصدد توجد بوجه عام مدرستان في الفقه الإسلامي: الأولى تنادي بعدم جواز أن يحكمالقاضي بعلمه أصلاً سواء في حقوق الله أو حقوق العباد. والثانية ترى جواز ذلك وفيداخل المدرسة الثانية يوجد ثلاث اتجاهات: الأول: يذهب إلى جواز قضاء القاضي بعلمهفي سائر الحقوق سواء ما كان منها حقاً خالصاً للعبد أو حقاً مشتركاً بينهما، علمذلك في زمان ولايته أو قبله في مصره الذي يقضي فيه أو في غيره. الثاني: فيرى أنالقاضي لا يقضي بعلمه في الحدود التي هي حق خالص لله ويقضي بعلمه فيما عداها سواءعلى هذا زمن الولاية أو قبلها في مصرها أو في غير مصرها. أما الاتجاه الثالث: فيقصرحكم القاضي على ما علمه في زمان الولاية في مصرها. المدرسة الأولى: عدم جوازأن يحكم القاضي بعلمه الشخصي: يرى أنصار هذه المدرسة أنه ليس للقاضي أن يحكمبعلمه في أي حق من الحقوق، تستوي في ذلك حقوق الله وحقوق الآدميين. وإلى هذا ذهبمالك وأحمد في المشهور عنه والشافعي في أحد قوليه. قال في تبصرة الحكام: "فقالمالك وابن القاسم: لا يحكم بعلمه في ذلك. وقال عبد المالك: يحكم وعليه قضاةالمدينة، ولا أعلم أن مالكاً قال غيره. وبه قال مطرف وسحنون وأصبغ، والأول هوالمشهور" يقصد ابن فرحون الأشهر هو قول مالك وابن القسم القائل بألا يحكم القاضيبعلمه. لذلك قال تعليقاً على رأي عبد الملك وسحنون: "قال الشيخ أبو بكر بن عبدالرحمن في مسائله: قول ابن القاسم أصح لفساد الزمان، ولو أدرك عبد الملك وسحنونزماننا لرجعا عما قالاه، لو أخذ بقولهم لذهبت أموال الناس وحكم عليهم بما لم يقروابه" جاء في المعيار المعرب " وسئل أبو بكر بن مغيث عن قول مالك: لا يقضي القاضيبعلمه. فأجاب: إنما رأى ذلك مالك لأنه لا يجوز إنفاذ حكم إلا بعد الإعذار، والقاضيإذا قضى بعلمه لا يجوز له أن يقول إنني علمت هذا الحق قبله فأعذرت إليه في نفسي فلميأت فيه بمدفع فيكون ذلك خلافاً لنص الكتاب قال الله تعالى: (وإما تخافن من قومخيانة فانبذ إليهم على سواء إن الله لا يحب الخائنين) فهذا وجه من الإعذار" وفيالمذهب الحنبلي: قال الخرقي: (ولا يحكم الحاكم بعلمه) ظاهر المذهب أن الحاكم لايحكم بعلمه في حد ولا غيره لا فيما علمه قبل الولاية ولا بعدها. وهذا قول شريحوالشعبي ومالك وإسحاق وأبي عبيد ومحمد بن الحسن وهو أحد قولي الشافعي" ودليلهمفي ذلك: (أ) قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْيَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلاتَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) وجهالدلالة: لقد أمر الله سبحانه وتعالى بجلدهم إذا لم يأتوا ببينة، وإن علم القاضيصدقهم. (ب) وما أخرجه مسلم عن ابن عباس في قصة الملاعنة: قَالَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- « لَوْ كُنْتُ رَاجِمًا أَحَدًا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍلَرَجَمْتُهَا » وجه الدلالة: ظاهر الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم علموقوع الزنا من هذه المرأة ولم يرجمها لعدم البينة على زناها، فدل هذا على عدم جوازقضاء القاضي بعلمه الشخصي. (ج) وحديث أُمِّ سَلَمَةَ - رضى الله عنها - أَنَّرَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « إِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَىَّ ،وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَلْحَنُ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُبِحَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا بِقَوْلِهِ ، فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَالنَّارِ فَلاَ يَأْخُذْهَا » وجه الدلالة: في هذا الحديث بين النبي صلى اللهعليه وسلم إنه إنما يبني حكمه على ما سمعه من حجج الخصمين لا على مجرد علمهالشخصي. (د) حديث الأشعث بن قيس الكندي: "َانَ بَيْنِى وَبَيْنَ رَجُلٍخُصُومَةٌ فِى شَىْءٍ ، فَاخْتَصَمْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلمـ فَقَالَ شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ " وجه الدلالة في هذا الحديث أنه قد أفادأن الإثبات لا يكون إلا بالشاهدين أو اليمين، ودل هذا على أن علم القاضي لا يجوزالقضاء به لأنه ليس واحداً منهما (الشهادة أو اليمين). (هـ) حديث عيسى بن مريمعليه السلام: عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليهوسلم- « رَأَى عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ رَجُلاً يَسْرِقُ فَقَالَلَهُ أَسَرَقْتَ قَالَ لاَ وَاللَّهِ الَّذِى لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ. قَالَ عِيسَىعَلَيْهِ السَّلاَمُ آمَنْتُ بِاللَّهِ وَكَذَّبْتُ بَصَرِى » وجه الدلالة: ففيهذا الحديث لم يعمل عيسى عليه السلام بعلمه الشخصي وقبل يمين السارق مع أنه كاذبيقيناً. فلو كان القضاء بالعلم الشخصي مشروعاً لأقام عليه حد السرقة. (و) قصةأبي جهم بن حذافة: عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِىَّ -صلى اللهعليه وسلم- بَعَثَ أَبَا جَهْمِ بْنَ حُذَيْفَةَ مُصَدِّقًا فَلاَجَّهُ رَجُلٌ فِىصَدَقَتِهِ فَضَرَبَهُ أَبُو جَهْمٍ فَشَجَّهُ فَأَتَوُا النَّبِىَّ -صلى الله عليهوسلم- فَقَالُوا الْقَوَدَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ النَّبِىُّ -صلى الله عليهوسلم- « لَكُمْ كَذَا وَكَذَا ». فَلَمْ يَرْضَوْا فَقَالَ « لَكُمْ كَذَا وَكَذَا ». فَلَمْ يَرْضَوْا فَقَالَ « لَكُمْ كَذَا وَكَذَا ». فَرَضُوا. فَقَالَالنَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- « إِنِّى خَاطِبٌ الْعَشِيَّةَ عَلَى النَّاسِوَمُخْبِرُهُمْ بِرِضَاكُمْ ». فَقَالُوا نَعَمْ. فَخَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ -صلىالله عليه وسلم- فَقَالَ « إِنَّ هَؤُلاَءِ اللَّيْثِيِّينَ أَتَوْنِى يُرِيدُونَالْقَوَدَ فَعَرَضْتُ عَلَيْهِمْ كَذَا وَكَذَا فَرَضُوا أَرَضِيتُمْ ». قَالُوالاَ. فَهَمَّ الْمُهَاجِرُونَ بِهِمْ فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليهوسلم- أَنْ يَكُفُّوا عَنْهُمْ فَكَفُّوا ثُمَّ دَعَاهُمْ فَزَادَهُمْ فَقَالَ « أَرَضِيتُمْ ». فَقَالُوا نَعَمْ. قَالَ « إِنِّى خَاطِبٌ عَلَى النَّاسِوَمُخْبِرُهُمْ بِرِضَاكُمْ ». قَالُوا نَعَمْ. فَخَطَبَ النَّبِىُّ -صلى الله عليهوسلم- فَقَالَ « أَرَضِيتُمْ ». قَالُوا نَعَمْ." وجه الدلالة من هذا الحديث أنالنبي صلى الله عليه وسلم لم يحكم بعلمه مع أنه عرضه عليهم أول الأمر، فلو كانالقضاء بمجرد العلم جائزاً لما اعتبر النبي صلى الله عليه وسلم إنكارهم ولحكم عليهمبمقتضى علمه الشخصي. (ز) وما روي عن أبي بكر رضي الله عنه: عَنِ ابْنِ أَبِىذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِىَ اللَّهُعَنْهُ : لَوْ وَجَدْتُ رَجُلاً عَلَى حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ لَمْ أَحُدَّهُأَنَا وَلَمْ أَدْعُ لَهُ أَحَدًا حَتَّى يَكُونَ مَعِى غَيْرِى" وجه الدلالة: أن هذا نص صريح في أن أبا بكر لا يرى جواز قضاء القاضي بعلمه الشخصي. (ح) "عَنْعِكْرِمَةَ : أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لِعَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ : أَرَأَيْتَ لَوْ رَأَيْتَ رَجُلاً قَتَلَ أَوْ سَرَقَأَوْ زَنَى. قَالَ : أَرَى شَهَادَتَكَ شَهَادَةَ رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ. قَالَ : أَصَبْتَ" وجه الدلالة أن هذا نص صريح عن عمر أنه لا يجوز له أن يقضيبعلمه الشخصي. يقول ابن القيم في التعليق على الخبرين السابقين: "وهذا من كمالفقه الصحابة رضي الله عنهم، فإنهم أفقه الأمة وأعلمهم بمقاصد الشرع وحكمه. فإنالتهمة مؤثرة في باب الشهادات والأقضية، وطلاق المريض وغير ذلك/ فلا تقبل شهادةالسيد لعبده، ولا العبد لسيده، ولا شهادة الوالد لوده، وبالعكس، ولا شهادة العدوعلى عدوه. ولا يقبل حكم الحاكم لنفسه. ولا ينفذ حكمه على عدوه. ولا يصح إقرارالمريض مرض الموت لوارثه ولا الأجنبي، عند مالك إذا قامت شواهد التهمة. ولا تمنعالمرأة الميراث بطلاقه لها لأجل التهمة، ولا يقبل قول المرأة على ضرتها أنهاأرضعتها ـ إلى أضعاف ذلك مما يرد ولا يقبل للتهمة" (ط) وأخيراً يستند أنصار هذهالمدرسة إلى القول أن قضاء القاضي بعلمه يكون كما في الدعوى بدون بينة ولا يمين. فوجب ألا يصح لأن الشرع الحكيم قد الحكم بأحدهما، ولأن تجويز قضاء القاضي بعلمهالشخصي يفضي إلى الحكم بما اشتهي، ويحيله إلى علمه! فهذا وإن كان لا يصدر إلا عمنضعف إيمانه، ولم يراقب الله فيما يقوم به، إلا أن التفرقة بين من يتصور صدور ذلكمنه، ومن لا يتصور؛ أمر يتعذر لأن العلم بخفايا النفوس خاص بالله وحده، فوجب القضاءبعدم اعتبار العلم الشخصي للقاضي سداً للذريعة. المدرسة الثانية: يجوزللقاضي أن يحكم بعلمه: هذه المدرسة تضم ثلاثة اتجاهات: الاتجاه الأول: يذهبإلى جواز قضاء القاضي بعلمه في سائر الحقوق سواء ما كان منها حقاً خالصاً لله أوحقاً خالصاً للعباد أو حقاً مشتركاً بينهما، علم ذلك زمان ولايته أو قبله في مصرهالذي يقضي فيه أو في غيره. والاتجاه الثاني: يرى أن القاضي لا يقضي بعلمه فيالحدود التي هي حق خالص لله ويقضي بعلمه فيما عداها سواء علم هذا زمان الولاية أوقبلها في مصرها أو غيرها. الاتجاه الثالث: يقضي القاضي بعلمه الشخصي على ما علمهفي زمان الولاية في مصرها وذلك فيما عدا الحقوق الخالصة لله تعالى فهذه لا يجوز لهأن يقضي فيها بعلمه. نشرع الآن في تفصيل هذه الاتجاهات على النحوالتالي: الاتجاه الأول: (جواز قضاء القاضي بعلمه في سائر الحقوق) يذهبإلى جواز قضاء القاضي بعلمه الشخصي في سائر الحقوق سواء ما كان منها حقاً خالصاًلله تعالى كالحدود أو حقاً خالصاً للعبد كالأموال أو حقاً مشتركاً كالقصاص وحدالقذف، علم بذلك في زمان ولايته أو قبله، في مصره الذي يقضي فيه أو في غيره، وهذاهو اتجاه الشافعي في المشهور عنه، وبعض المالكية، وأحمد في رواية عنه، وأهل الظاهروالشيعة الإمامية في الصحيح من مذهبهم. وفي فقه الإمامية؛ قال الحلي: "الإمامعليه السلام يقضي بعلمه مطلقاً، وغيره من القضاة يقضي بعلمه في حقوق الناس" أماإذا كان الحق خالصاً لله تعالى كالحدود فإن هناك روايتين لغير الإمام من القضاة كماقال في شرائع الإسلام: "وفي حقوق الله سبحانه، على قولين أصحهما القضاء. ويجوز لهأن يحكم في ذلك كله من غير حضور شاهد يشهد الحكم" قال ابن قدامة في تعليقه علىمسألة الخرقي (لا يحكم الحاكم بعلمه) أن هناك رواية أخرى عن أحمد أي يجوز للحاكم أنيقضي بعلمه: "وعن أحمد رواية أخرى يجوز له ذلك وهو قول أبي ثور" يقول ابن حزم: "وفرض على الحاكم أن يحكم بعلمه في الدماء والقصاص والأموال والفروج والحدود وسواءعلم ذلك قبل ولايته أو بعد ولايته وأقوى ما حكم بعلمه لأنه يقين الحق ثم بالإقرارثم بالبينة" أدلة القائلين بهذا الرأي: (1) قوله تعالى: (يَا أَيُّهَاالَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَىأَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيّاً أَوْفَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُواوَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَخَبِيراً) وجه الدلالة في هذه الآية أن الله سبحانه وتعالى أمر المؤمنين عامةبالقوامة وبالقسط ، والحاكم من جملتهم، وليس من القسط أن يعلم الحاكم أن أحدالخصمين مظلوم والآخر ظالم ويترك كلاً منهم على حاله. فمن واجب الإنسان أن يقيمالعدل حسب مقدرته، وليس من العدل في شئ أن يعلم القاضي بحق على شخص لله تعالى أولإنسان ثم لا يستوفي منه هذا الحق. يقول صاحب المحلى: " وليس من القسط أن يتركالظالم على ظلمه لا يغيره، وأن يكون الفاسق يعلن الكفر بحضرة الحاكم والإقراربالظلم والطلاق ثم يكون الحاكم يقره مع المرأة ويحكم لها بالزوجية والميراث فيظلمأهل الميراث حقهم" (2) كما احتجوا بـالزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَجَلْدَةٍ) (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَاكَسَبَا نَكَالاً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) وجه الدلالة منهاتين الآيتين أنهما أو جبتا على من علم أن شخصاً ارتكب الأسباب الموجبة للزناوالسرقة أن يقيم الحد عليه إذا كان ممن يملك إقامتها، والقاضي بحكم مركزه له ولايةإقامة الحدود فكان مأموراً بذلك، وإذا كان له أن يقضي بعلمه في الحدود كما يفهم منهاتين الآيتين، فله أن يقضي بعلمه في الحقوق الخالصة للعباد أو المشتركة كالأموالوالقصاص. (3) يستندون إلى حديث أبي سعيد الخدري: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُبِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْفَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ » وجه الدلالة من هذا الحديث أن فيهأمراً لك مسلم بتغيير كل منكر يقدر على تغييره، والقاضي يدخل في عموم هذا الحديثدخولاً أولياً، ومن المنكر الذي لا أشد منه أن يترك من رآه يرتكب ما حرم الله بحجةأنه لم تقم عليه عنده بينة، مع أنه قادر على تغيير ذلك، فعدم تجويز القضاء بالعلمإهدار لهذا الحديث الشريف. قال ابن حزم: "والحاكم إن لم يغير ما رأى من المنكرحتى تأتي البينة على ذلك فقد عصى رسول الله صلى الله عليه وسلم" فصح أن فرضاعليه أن يغير كل منكر علمه بيده وأن يعطي كل ذي حق حقه وإلا فهو ظالم (4) ماأخرجه الحاكم من حديث عطاء بن السائب عن ابن أبي يحيى بن الأرج عن أبي هريرة قال: "جاء رجلان يختصمان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال للمدعي أقم البينة فلميقمها. فقال للآخر: احلف، فحلف بالله الذي لا إله إلا هو ماله عنده شئ، فقال رسولالله صلى الله عليه وسلم بل هو عندك، ادفع إليه حقه، ثم قال شهادتك أن لا إله إلاالله كفارة يمينك" وجه الدلالة من هذا الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم قضىبعلمه بعد وقوع السبب الشرعي وهو اليمين، فالأولى جواز القضاء بالعلم بعدوقوعه. (5) "عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ مِنْحَضْرَمَوْتَ وَرَجُلٌ مِنْ كِنْدَةَ إِلَى النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ الْحَضْرَمِىُّ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ هَذَا قَدْ غَلَبَنِى عَلَىأَرْضٍ لِى كَانَتْ لأَبِى. فَقَالَ الْكِنْدِىُّ هِىَ أَرْضِى فِى يَدِىأَزْرَعُهَا لَيْسَ لَهُ فِيهَا حَقٌّ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليهوسلم- لِلْحَضْرَمِىِّ « أَلَكَ بَيِّنَةٌ ». قَالَ لاَ. قَالَ « فَلَكَ يَمِينُهُ ». قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الرَّجُلَ فَاجِرٌ لاَ يُبَالِى عَلَى مَاحَلَفَ عَلَيْهِ وَلَيْسَ يَتَوَرَّعُ مِنْ شَىْءٍ. فَقَالَ « لَيْسَ لَكَ مِنْهُإِلاَّ ذَلِكَ » فَانْطَلَقَ لِيَحْلِفَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليهوسلم- لَمَّا أَدْبَرَ « أَمَا لَئِنْ حَلَفَ عَلَى مَالِهِ لِيَأْكُلَهُ ظُلْمًالَيَلْقَيَنَّ اللَّهَ وَهُوَ عَنْهُ مُعْرِضٌ " وجه الدلالة من هذا الحديث أنلفظ بينة شامل لكل ما يبين الحق ويظهره وعلم القاضي يحقق هذا الغرض فكان داخلاً فيمسمى البينة المنصوص عليها في هذا الحديث. (6) حديث سعد بن الأطول: عَنْ أَبِىنَضْرَةَ عَنْ سَعْدِ بْنِ الأَطْوَلِ أَنَّ أَخَاهُ مَاتَ وَتَرَكَ ثَلاَثَمِائَةِدِرْهَمٍ وَتَرَكَ عِيَالاً فَأَرَدْتُ أَنْ أُنْفِقَهَا عَلَى عِيَالِهِ فَقَالَالنَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- « إنَّ أَخَاكَ مَحْبُوسٌ بِدَيْنِهِ فَاقْضِعَنْهُ ». فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَدْ أَدَّيْتُ عَنْهُ إِلاَّدِينَارَيْنِ ادَّعَتْهُمَا امْرأَةٌ وَلَيْسَ لَهَا بَيِّنَةٌ. قَالَ « فَأَعْطِهَا فَإِنَّهَُا مُحِقَّة"ٌ وجه الدلالة أن هذا الحديث يدل على جواز اعتمادالقاضي في الحكم على مجرد علمه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد حكم لهابالدينارين، ولم يطلب منها بينة على ذلك، بل جعل مستنده في الحكم: علمهبصدقها. (7) قصة هند بنت عتبة زوجها: عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ هِنْدَ بِنْتَعُتْبَةَ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ ،وَلَيْسَ يُعْطِينِى مَا يَكْفِينِى وَوَلَدِى ، إِلاَّ مَا أَخَذْتُ مِنْهُ وَهْوَلاَ يَعْلَمُ فَقَالَ « خُذِى مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ " وجهالدلالة من هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم حكم لها أن تأخذ من مال زوجهاما يكفيها ويكفي ولدها، وقد اعتمد في حكمه على علمه بصحة ما ادعته، ولذا لم يسألهاالبينة على دعواها، ولم يحضر الزوج ويسأله عن الدعوى، وهذا ظاهر الدلالة على جوازقضاء القاضي بعلمه. (8) حديث خزيمة بن ثابت: "عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْعُمَارَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ أَنَّ عَمَّهُ حَدَّثَهُ وَهُوَ مِنْ أَصْحَابِالنَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- ابْتَاعَفَرَسًا مِنْ أَعْرَابِىٍّ فَاسْتَتْبَعَهُ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- لِيَقْضِيَهُ ثَمَنَ فَرَسِهِ فَأَسْرَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- الْمَشْىَ وَأَبْطَأَ الأَعْرَابِىُّ فَطَفِقَ رِجَالٌ يَعْتَرِضُونَالأَعْرَابِىَّ فَيُسَاوِمُونَهُ بِالْفَرَسِ وَلاَ يَشْعُرُونَ أَنَّ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- ابْتَاعَهُ فَنَادَى الأَعْرَابِىُّ رَسُولَ اللَّهِ -صلىالله عليه وسلم- فَقَالَ إِنْ كُنْتَ مُبْتَاعًا هَذَا الْفَرَسَ وَإِلاَّبِعْتُهُ. فَقَامَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- حِينَ سَمِعَ نِدَاءَالأَعْرَابِىِّ فَقَالَ « أَوَلَيْسَ قَدِ ابْتَعْتُهُ مِنْكَ ». فَقَالَالأَعْرَابِىُّ لاَ وَاللَّهِ مَا بِعْتُكَهُ. فَقَالَ النَّبِىُّ -صلى الله عليهوسلم- « بَلَى قَدِ ابْتَعْتُهُ مِنْكَ ». فَطَفِقَ الأَعْرَابِىُّ يَقُولُ هَلُمَّشَهِيدًا. فَقَالَ خُزَيْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ أَنَا أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْبَايَعْتَهُ. فَأَقْبَلَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى خُزَيْمَةَ فَقَالَ « بِمَ تَشْهَدُ ». فَقَالَ بِتَصْدِيقِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَجَعَلَ رَسُولُاللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- شَهَادَةَ خُزَيْمَةَ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ" وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قد حكم بعلمه، وإذا كان الحكم بالعلمللنفس جائزاً فإنه يجوز للغير من باب أولى لأن ذلك أبعد عن التهمة. (9) ويستندأنصار هذا الاتجاه إلى القول بأن القاضي يحكم بالشاهدين وهذا حكم بغلبة الظن، وإذاجاز له الحكم بغلبة الظن فحكمه بما تحققه وقطع به أولى، وذلك لأن العلم أقوى دلالةمن الظن المستفاد من شهادة الشهود أو الإقرار. كذلك فإن القاضي يحكم بعلمه في تعديلالشهود وجرحهم، وعلى هذا يجوز له الحكم بعلمه في ثبوت الحق وعلمه، فالتزكية حاصلةلحاكم بتوليته الحكم، فلا وجه للتهمة وسوء الظن به، ولذا انعقد الإجماع على جوازحكمه بعلمه في تعديل الشهود وتجريحهم فكذا هذا، إذ لا وجه للتفرقة، وقبول حكمهبمقتضى علمه في البعض، ورده في البعض الآخر من غير دليل يدل ذلك على تحكمظاهر. .......يتبع
|
||||
![]() |
رقم المشاركة : 2 | |||
|
![]() الاتجاه الثاني: |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 3 | |||
|
![]() (ب) مناقشة أدلة المدرسة الثانية: ![]() للفائدة |
|||
الكلمات الدلالية (Tags) |
الشخصي, القاضي, بعلمه, قضاء |
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc