رثائيتي لأبي .." يا باكي الحِبِّ بالواد "

[غريب الديار البليلي]

*** فيا باكي الحِبِّ بالواد***
سألتُكَ ياوادُ ماذا دهاكَ **** وماذا حمَلتَ إلى منَ هَواكَ
جلسْتُ إليكَ لأُفْضي شجُوني ****وما أنتَ إلاَّ مِن الصَّمْتِ ذاك َ
لعَلَّكَ مِثلي مُصابٌ بفقدِ الــــــــــــــحبيبِ ورُبَّ جفافٍ شجاكَ
وما ذاكَ غيْرُ نهارٍ قضَيْتَ **** فخِلتُكَ بالصَّمْتِ تُخْفي بُكاكَ
أأنْتَ الذي يحْمِلُ الماءَ رٍزقًا **** جَعَلْتَ مِن الماء شرًّا أتاكَ
لعلَّى الجفافَ أهاجَ الحنينَ **** خَريرًا فَهِجْتَ تُلبِّي هَواكَ
أتيْتَ على كُلِّ صَوْبٍ بِسَيْلٍ **** فما أنْتَ أبْقيْتَ شيْئًا وَراكَ
وَدَمَّرْتَ جِسْرًا بِهِ القوْمَ راموا السَّــــــلامَ وقدْ رُمْتَ أنْتَ الهَلاكَ
ترَكْتَ الأخاديدَ في ضِفَّتَـيْكَ **** كمِثْلِ تجاعيدِ شَيْخٍ حَكاكَ
فلمْ يبْقَ غيْر جلاميدِ صخْرٍ **** أبَتْ أنْ تكونَ لوَادٍ عَداكَ
خَليلَيَّ ما الوادُ أخْشى ولكِنْ **** فِراقًا يَقُضُّ همُومي لِذاكَ
فإنّي ثوَيْتُ بِبَلَّـــــــيْلَ حِينًا **** ولوْلا المُصَابُ مُقامي ثَراكَ
بِحَيِّ مَرادٍ وصَحْبٍ كِرامٍ **** فَيا وادُ هَلْ منْ وَفيٍّ تُراكَ
وقُمْتُ إلى الشّعْرِ أبْغيهِ عَصْــــــــماءَ تَشْدو بِصَوْتٍ شَجيٍّ شَداكَ
وقَرَّضْتُ شِعْري لغَيْرِ الرَّديءِ ****فيا شِعْرُ مَنْ للرَّدى قَدْ ثَناكَ
وقُمْتُ إليهمْ فأحْسَنْتُ ظَنِّي ****وقدْ عَرْبَدَ الشِّعْرَ مَنْ ما وَعاكَ
فَذا كُنْتُ خَمـَّنْتُهُ للمَعالي **** فَخابَتْ ظُنوني وَخانوا هُداكَ
وذا آخَرٌ لا يُبالي على أيــْــــــــــــــــــــيِ حالٍ أتاكَ مَتى أمْ جَفاكَ
كذا لي مِنَ الصَّحْبِ مِثلُ الجَواهِـــــــــرِ عِلْقٌ نَفيسٌ رَعَوْا مَنْ رَعاكَ
مُصابي جَليلٌ وصَبْري جمَيلٌ **** فيا حِبُّ أبْكَيْتَ مَنْ جا نَعاكَ
هوَ الحِبُّ قدْ غابَ عَنِّي سَناهُ **** فيا حِبُّ لمّا توارى سَناكَ
رَحَلْتَ إلى مَنْزِلٍ مِنْ تُرابٍ****فكيْفَ إلى التُّرْبِ أضْحى ثَواكَ
تَرَكْتُكَ في خَيْرِ حالٍ مُعافَى**** فما كُنْتَ تَشْكو الذي قَدْ بَلاكَ
وعُدتُّ إليْكَ وإذْ أنْتَ ضَيْفُ الــْــــمَنايا فَوا لهْفَ نَفْسي فِداكَ
رَفَعْتُ إلىَ اللهِ أدْعوهُ رِفْقاً **** لَعَلَّ الرَّحيمَ مِنَ الدَّا شَفاكَ
وَقُمْتُ أُقَبِّلُ مِنْكَ الجبينَ **** وَداعًا ألاَ بَعْدَها هَلْ أراكَ
فَيا عَيْنُ بالدَّمْعِ جُودي فإنِّي **** عَهِدتُّكِ بالدَّمْعِ يا عَيْنُ هاكَ
وإنّي بَكَيْتُ لبُعْدِ الْبَعيدِ **** فَكيْفَ بِفَقْدِ أبي يا تُراكَ
بَكيْتُ فأبْكيْتُ حَوْلي أُناسًا **** فَكُلٌّ بَكاكَ ولا مَنْ تَباكى
بلى إنَّ في القلبِ نارٌ تَلظَّتْ **** حَنينًا وَما تَنْطَفي مِنْ سِواكَ
أَتَقْلو حَبيباً يُلَبِّيكَ طَوْعًا **** وَتَهْجُرْ حَبيباً وَيَهْوَى لِقاكَ
خَليلَيَّ قُومَا لِنَعْيِ الحَبيبِ **** فَذي الباكياتُ بَكَيْنَ المَلاكَ
خَليلَيَّ جَلَّ مُصابي فَقولَا**** غَريبَ الدِّيَارِ دَفَنَّا أَباكَ
فَإنِّي لَأَنْسَى وَأَحْسَبْهُ حَيًّا **** أَلاَ ذكِّراني وَقُولَا نآكَ
خَليلَيَّ قُومَا إلَى مُلْحِديهِ **** بِرِفْقٍ عَليْهِ هُنَا ثُمْ هُناكَ
ألاَ لَوْ نَعانِي إليْكَ النُّعاةُ **** بَكَيْتَ لِفَقْدي لَعَمْري مَداكَ
أرُومُ التَّصَبُّرَ والحُزْنُ يَأْبَى **** فكَيْفَ وَفي كُلِّ صَوْبٍ أراكَ
وَأَغْفُو أَظُنُّكَ جَنْبِي فَأَنْحُو**** وإذْ يُفْزِعُ الظّنَّ مِنِّي خَفاكَ
وقَدْ كنْتُ أحْسَبُ نفْسي صَبوراً **** ولكِنْ يُكَذِّبُ ظَنِّي بَلاكَ
فكيْف وقدْ هَبَّ شوْقي إليْكَ ****أطَيْفٌ تُرى زَائِري أمْ صَداكَ
فيا عيْنُ لا تَحْبِسِ الدَّمْعَ فِيكِ **** فما قُلْتِ ياعَيْنُ يوْماً كَفاكَ
فأيْنَ مِنَ الدَّمْعِ دَمْعٌ لَطيفٌ **** يُواسي مُصابي وَيَبْكي نُؤاكَ
فإنّي طَعِمْتُ مِنَ الصَّبْرِ مُرّاً **** لأرْضِي بِهِ الله لمَّا دَعاكَ
وقدْ قُلتُ رُجْعى إلى اللهِ حمْداً ****وَفي مَنْزِلِ الحمْدِ أرْجُو جَزاكَ
لِكيْ لا يَكونَ لغَيْرِ الرَّحِيمِ بُثُوثي**** بَكَيْتُ رِضًا مِنْ رِضاكَ
فَيا رَبِّيَ ارْحَمْ نَزيلاً أتاكَ**** فَخَيْرُ القِرى يا إلهي قِراكَ
وَقَفْتُ عَلى قَبْرِهِ ثُـمْ دَنَوْتُ**** لِأسْتَوْدِعَ اللهَ رُوحًا هُناكَ
فيا باكيَ الحِبِّ بالوادِ صَبْرًا **** غَريبَ الدِّيَارِ وَمَهْلًا كَفاكَ
إلَى اللهِ بُثَّ هُمُومًا وَأحْسِنْ****بِهِ الظَّنَّ إِنَّ المَعالي مُناكَ
غريب الديار البليلي 30/09/2014