قانون جاستا والموقف السعودي
منذ أن قام الكونجرس الأمريكي بإقرار ما يعرف بقانون ( جاستا ) إنشغل الإخوة السعوديون و العرب بالحديث عن هذا الموضوع بشكل كبير جداً، و خصوصاً بتأثيره على المملكة العربية السعودية.
صحيح أن بعض الكتابات كانت نيات أصحابها سليمة و تنطلق بدافع الحرص و التعاطف مع المملكة، إلا أن تلك الكتابات يعيبها عدم المعرفة الجيدة لوزن المملكة و سياستها الحكيمة العميقة الخبرة.
بعض الكتاب - هداهم الله - قال أنه يتوجب على المملكة إستغلال الفرصة للتخلص من تبعيتها لأمريكا!!
و بدأ بسرد المزيد من الآمور التي يجب على المملكة تنفيدها بزعمه. ( يا حبذا قائل كلمة بزعم)
و هنا لا بد أن أذكر الإخوة المخلصين بشيء...
النظام السياسي في المملكة هو أقدم نظام في المنطقة و الأعمق خبرة، إذ يبلغ عمره 300 عام.
و قد برهنت الأحداث على مر التاريخ عمق رؤية المملكة و إدراكها للمتغيرات الهادفة لحبك المؤامرات الخارجية.
و أثبتت المملكة -منذ توحيدها قبل 86 عاماً - مقدرة عالية على إدارة شؤونها الداخلية، و الحفاظ على هوية مجتمعها الثقافية و الدينية و الفكرية.
و كما قلنا سابقاً... فشلت كل محاولات تصدير الديمقراطية و الليبرالية و الشيوعية من إختراق المجتمع السعودي.
كما فشلت كل الحركات و التنظيمات و الأحزاب المتأسلمة بالتأثير على وعي الشعب السعودي لدينه و ثوابته، فلا صفوية و لا إخونجية و لا غيرهم.
لم تكن السعودية يوماً من الأيام تابعاً لأمريكا و لا لغيرها، بل لطالما وظفت السعودية علاقتها بالدول الكبرى لخدمة دينها و مصالحها الوطنية و المصالح العربية. و لدى السعودية القدرة - و إن تفاوتت من وقت لآخر - على التأثير في صناعة القرار الأمريكي أو التأثير عليه، أو صناعة رأي عام ضاغط في المجتمع الأمريكي. و هي ليست وحدها في ذلك، بل تواجه عداء و منافسة شديدة من اللوبيات الصهيونية و الإيرانية. إذاً... المسألة مسألة رعاية مصالح بمقابل لا بأس به، و قد يكون المقابل عبارة عن مصلحة مشتركة أو مقابل إقتصادي.و المملكة تعرف حدود قدراتها و إمكانياتها بالمقارنة مع أمريكا أو مع غيرها من الدول العظمى!! فتارة تجد المملكة لا تزيد على أن تتقي شر أمريكا و عدم الدخول في مواجهة خاسرة معها. و ذلك وفقاً لقوله تعالى:
( لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير) .
و تارة تجد المملكة ثابتة و حاسمة في مواقفها ضد أمريكا، و مثال ذلك ما قامت به المملكة بكسر الحصار الذي فرضته أمريكا على باكستان سنة 1999.
و وقوفها إلى جانب مصر و سوريا و اليمن و البحرين.
و هو تحدي صريح و واضح لأمريكا.
و لا يعني ذلك أن المملكة قادرة على مواجهة أمريكا عسكريا، و لكنها قادرة على تشتيت أمريكا في بقاع جغرافية واسعة من خلال التحالفات التي عقدتها .
و لذلك تقوم أمريكا بشن حملات إعلامية ضخمة لتشويه السعودية بغاية حرمانها من حلفاءها، و أولهم مصر.
منقول للامانة