
عندما تكثر متاعك وتمتلئ خزانتك بملابس لم تعد ترتديها ، سواءا ضاقت عليك أو لم تعد تروقك أو أصبحت لا تُواكب الموضة ، فما عليك إلّا أن تتبرّع بها لمن يستحقّها أكثر منك ، أو ربّما تعيد تدويرها وإستعمالها لأغراض أخرى ذات نفع لك
هذا مايجب أن نفعله مع ذاكرتنا ، لم نحشوها بذكريات ومواقف قديمة أكل الدّهر عليها وشرب ؟ وياليتنا نحتفظ بما يسرّنا ويُفرحنا ، لكن العكس دائما ماتطفو على سطح تلك الذّاكرة المواقف المؤلمة واللّحظات الحزينة فقط
تقول مي زيادة ... المُرهق أنّنا غالباً نضع الأشياء المؤلمة في الرفّ الأوّل من ذاكرتنا ، وندفع بكلّ ماهو جميل إلى مكان بعيد ، لذلك لاعَجب أن يكون الماضي شبيهاً بالإبر الصّينيّة التّي لا تكفُّ عن وخز قلوبنا في حاضرنا ...
لا شكّ في ذلك فأغلب المواقف والأحداث التّي تبقى راسخة في أذهاننا هي مواقف فيها نوعٌ من الحُزن والألم ، فنبقى نتذكّرها بأدقّ تفاصيلها ، عكس لحظات أخرى كنّا فيها سُعداء ، ربّما لأنّ شعور الألم أقوى من شعور الفرح ، ألا توافقونني أنّ مَنْ يُشاركك ألمك يأسرك أكثر ممَّن يشاركك فرحك ؟
لذا علينا أن نتعامل مع ذاكرتنا بنفس الأسلوب الذّي نتعامل به مع خزانتنا ، فلنرتّب ذكرياتنا ولنضع أجملها وأنبلها وأعذبها في الرّفوف الأولى ، أمّا تلك الذّكريات الأليمة ، فأعلم أنّنا لن نستطيع نسيانها ، لكن لنضعها داخل صندوق أسود ونُحكم عليها الإغلاق مااستطعنا ، ولنُخبّئها بعيداً في مكان يصعب علينا إيجادها ، ولنتجاهلها .
فنحن أبناء اليوم ولن نحتاج مايزيدُ من سلبيّتنا وإحباطنا ، بل العكس نُفوسنا تتوق للجديد ولكلّ ماهو إيجابيّ ، فلمَ نُعذّبها بتذكّر اللّحظات الأليمة من حياتنا ؟