واقفة أمامي .. واثقة صلبة.. إنها دفاتر الماضي القديمة؛ كنت قد دفنتها بعيدا.. تركتها #ورائي هرّبتها مني ، لكنها الآن تقابلني، تنفض غبارها حولي قائلة : سلّمي على الحساسية
و أوراق اليأس الرّثة التي نقشت فيها قصائد حزن لطالما استعمرني .. مزّقتها، أحرقتها ورميت رمادها في البحر.. تركتها بعيــدا ..#ورائي لكنها الآن تجاور الأخرى، و تقابلني ترمي في الهواء ضحكات ساخرة ساخنة تحرقني..
أمّا كوابيسي التي عاشت داخلي اكثر مما عشتها، خبأتها كأسيرة في صندوق مع همومي و وضعت معها قليلا من سواد ليالي الشتاء، تأكدت من احكام غلق الصندوق و تركته هنـــاك .. بعيدا ..#ورائي لكنه الآن يفتح امام عيني و تتسرب الظلمات و اللعنات متجهة نحوي .. لتسكنني من جديد
أعرف صوت خطواتها و أميز جيّدها، كان ذلك الصوت موسيقى منبّهي، إنّها الذكريات بضجيجها، بصخبها.. أذكر انني أخذتها الى مدينة النسيان تركتها داخل غرفة في منزل مهجور، أغلقت بابها و رميت المفتاح في البحر.. ورائي و ابعدت، ظننت أنها ستموت، و إذا نجت سنسى عنّي لن تجد عنوان منزلي.. لكنها الآن تطرق بابي بغضب بمكر صارخة : لا أموت، و لستِ إمرأة تُنسى ..
تركتهم جميعا ورائي، ظننت انه بامكاني انتشالهم من حياتي، و انتزاعهم من واقعي.. تركتهم جميـعا بعيدا .. ورائي و تقدمت لأعيش لكنني اكتشفت ان كل خطوة من خطواتي كانت للوراء.. اقتربت منهم اكثر. انا من ذهبت اليهم .. انا من زرتهم لكنهم ضيوفي..
في اريكة بيتي، و في جو مفعم بالمشاعر السوداء.. يجلس ضيوفي و انا أعدّ لهم القهوى بمرارة أيّامي ، أعدّ كميات مضاعفة .. لانني أعلم ليسوا آخر ضيوفي .. ليست آخر محطة لي.. و ليست هذه آخر خطواتي
مازلت التف و اتقدم.. و قد اختلط عليّ الآن ايّهما
ورائي وايّهما امامي و قد فقدت كل الاتجاهات