أدعياء "السلفية" : يهاجمون الإسلاميين ويوالون الظالمين!

[العثماني]

يتواصل أتباع السلفية المتخصصة في مهاجمة الإسلاميين، والغارقة في مستنقعات الظالمين، بتقديم نماذج فاضحة لذلك المسلك الذي أصبح علما عليها، وصفة ملازمة لها، لا تنفك عنها بحال، حتى بات مجرد ذكر رموز تلك المدرسة يستدعي على الفور تلك الأفكار والآراء القبيحة والرديئة، والمواقف المخزية في دعم المستبدين والسير في ركابهم.



سلفية الاسكندرية، وذراعها السياسي حزب النور المصري، واجهة عريضة من واجهات تلك السلفية، وشيخها الطبيب ياسر برهامي رمز كبير من رموزها، والرجل لا يتردد في مهاجمة الإسلاميين (إخوانا وسلفيين)، وما يهمه فيما يبدو من كلامه الأخير مهاجمة جماعة العنف والتكفير، وتجريدها من صفتها السلفية، وهو يرى أن تلك الجماعات مرتبطة ارتباطا وثيقا بالشيخ حازم أبو اسماعيل، والجبهة السلفية، ويهاجم الأخيرة ويرى أن الأليق تسميتها «بالجبهة القطبية» لأنها تنهل من معين سيد قطب، وتحمل أفكاره ورؤاه «التكفيرية» الداعية إلى اعتزال المجتمعات والاستعلاء عليها.

مع تنامي الأعمال القتالية، وتكاثر المواجهات العسكرية في صحراء سيناء بين الجيش المصري وجماعة أنصار بيت المقدس، التي أعلنت عن بيعتها لأمير تنظيم الدولة الإسلامية أبي بكر البغدادي في الأيام الأخيرة، وغيرت اسمها إلى «ولاية سيناء»، تزداد الحاجة إلى من يهاجمون تلك الجماعات، باعتبارها تكفيرية خارجية، تستهدف قوات الجيش المصري، وتنصب له الكمائن وتعد لجنوده المتفجرات التي تلحق به خسائر كبيرة (كما في الشريط الأخير المصور لكمين كرم القواديس في شمال سيناء والذي راح ضحيته 33 عسكريا مصريا).

لكن لماذا يسكت ياسر برهامي عن جرائم سلطة الانقلاب في مصر؟ وكيف يستطيب البقاء في تلك الخنادق؟ في الوقت الذي يسارع فيه إلى مهاجمة إخوانه الإسلاميين، فيشمل بهجومه سيد قطب وشقيقه محمد قطب، وحازم أبو اسماعيل، والجبهة السلفية وشيوخها؟ سلوك غريب يصعب على المرء فهمه واستيعابه، فلئن كان برهامي يرى أن تلك الشخصيات والجماعات قد فارقت الفهم الشرعي الصحيح، ومن واجبه كشف تلك الانحرافات، والتحذير من أفكار أصحابها وتحركاتهم، فإن ذات المبادئ والمعايير والقيم الدينية توجب عليه فضح المجرمين، وتعرية سلوكيات المستبدين الفاسدين، فلماذا سارع إلى فعل الأولى، وحينما تطلب الأمر ممارسة الثانية، توارى عن الأنظار، ودخل في غيبته الكبرى؟.

ما يستغرب منه حقا هو قدرة برهامي على إقناع أتباعه وأنصاره ومريديه، بصواب مسلكه في الحالتين، فتجد من يدافع عنه ويبرر له، ويقدم له تأويلات دينية تسوغ له تلك الرؤى والمواقف، وهي حالة تستدعي الدراسة المتأنية، والبحث العميق لمعرفة تلك الأسرار الكامنة وراء قدرة الرجل وبراعته في سوق الأتباع حيث يريد، فما الذي يديم تماسك جماعته، ويحفظها من التصدع والتمزق والانشقاقات؟.

ثمة نموذج آخر لأتباع تلك المدرسة من "السلفيين"، ظهر فجأة في ليبيا، بحسب فيديو مسرب (مع التحفظ على صحته وألا يكون مفبركا) بعنوان: «جيش السلفية الجامية يتدربون في ليبيا تحت رعاية حفتر» ويظهر فيه رجل بلباس عسكرية ولحية طويلة يصافح اللواء حفتر،

كما تضمن كلمة صوتية للشيخ محمد بن ربيع المدخلي، عبر قناة البصيرة التابعة للدكتور المصري محمود الرضواني، أيد فيها حفتر ودعا الله أن ينصره، وقال: «نحن مسرورون بحركة حفتر، ونسأل الله أن ينصره بدون سفك دماء كثيرة» وأضاف: «نطالبه (أي حفتر) والسيسي، بتحكيم الشريعة الإسلامية، حتى يثبتوا أن الإسلام ليس حكرا على الإخوان المسلمين».

https://www.dztu.be/watch?v=lUzr2WRFVmQ

مواقف غريبة وعجيبة، تثير الاستهجان والاستغراب، فكيف يمكن لمشايخ وعلماء ودعاة وطلبة علم، أن يتحالفوا مع من يقفون مع الطغاة العلمانيين ، ويعملون جاهدين لإعادة أنظمة الفساد والاستبداد إلى مواقعها الأولى؟ وهل كراهيتهم للإخوان وبغضهم لهم يبرر لهم تلك الأفعال القبيحة المسترذلة؟ أين أصول التوحيد وقواعد العقيدة التي صنفوا المصنفات من أجل بيانها، وعقدوا المحاضرات والندوات والدورات الشرعية لنشرها وتعليمها؟ هل باتت الأنظمة المعطلة لشريعة الله، والمتحاكمة إلى قوانين ودساتير وضعية، أقرب إليهم من الإخوان المسلمين، ولا يوجد ما يمنع شرعا من التحالف معها للقضاء على الإخوان والتخلص من شرورهم ومفاسدهم التي هي في رأيهم باتت أشد خطرا على الإسلام والمسلمين من أنظمة الاستبداد والفساد؟

بسام ناصر
https://www.assabeel.net/essays/item/...85%D9%8A%D9%86