![]() |
|
القسم الاسلامي العام للمواضيع الإسلامية العامة كالآداب و الأخلاق الاسلامية ... |
في حال وجود أي مواضيع أو ردود
مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة
( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
رقم المشاركة : 1 | ||||
|
![]() المقدمة الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه. عجائب الخيرات، ما لا عين رأت، ولا أُذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر .. ليشمر عن ساعد الجد المؤمنون طمعًا في نعيمه وعطائه، ويرجع إلى سبيله الغافلون رغبةً في رحمته وجناته، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «قال الله تعالى: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر».. واقرءوا إن شئتم }فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ{ [السجدة: 17]([1]). وتعال معي.. تعال معي لنوقظ قلبًا غافلاً بلمسةٍ باردة هادئةٍ من التفكُّر في آلاء الله ونعمه في جنات عدن. تعال معي نتعرف على نساء الجنة، ونلمح شيئًا من جمالهنَّ وحُسنهنَّ ورقتهنَّ وحور عيونهنَّ .. فَرُبَّ مُتفكِّرٍ في حُور الجنة صرعه تفكُّره؛ فلم يزل يتقلَّب بين منازل التوبة والتقرُّب إلى الله حتى لاقاه الله بهنَّ في نعيمه المقيم وأنعِم به من لقاء. لقد عرفنا الله الجنة ترغيبًا فيها، وبيَّن لنا بعضًا من نعميها وأخفى عنا بعضًا زيادة في الترغيب والتشويق، لذلك فإنَّ نعيم الجنة مهما وُصِف لا تُدركه العقول؛ لأنَّ فيها من الخير ما لا يخطر على بال ولا يعرفه أحدٌ بحال. فهل عرفت أخي الجنة؟! إنها دار خُلدٍ وبقاء، لا بأس فيها ولا شقاء، ولا أحزان ولا بكاء .. لا تنقضي لذَّاتها ولا تنتهي مسرَّاتها .. كلُّ ما فيها يذهل العقل ويُسحر الفكر ويُسكر الرُشد ويصرع اللُّب. هِيَ جَنَّةٌ طَابَتْ وَطَابَ نَعِيمُهَا هي نورٌ يتلألأ، وريحانةٌ تهتزُّ، وقصرٌ مشيدٌ ونهرٌ مطرد، وفاكهةٌ نضيجة، وزوجةٌ حسناءُ جميلة، وحُللٌ كثيرةٌ في مقام أبدًا في حبرةٍ ونضرةٍ في دُور عاليةٍ سليمةٍ بهيةٍ تتراءى لأهلها كما يتراءى الكوكب الدُرِّيُّ الغائر في الأفق.فَنَعِيمُهَا بَاقٍ وَلَيْسَ بِفَانِ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، ممَّ خُلِق الخَلق؟ قال: «من الماء». قلت ما بناء الجنة؟ قال: «لبنة من فضة ولبنة من ذهب، ملاطها ([2]) المسك الأذفر، وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت، وتربتها الزعفران، من دخلها ينعم لا يبأس، ويخلد لا يموت، لا تُبلى ثيابهم، ولا يفنى شبابهم»([3]) . فيا لها من لذة!.. ويا له من نعيم!.. }لِلَّذِينَ اتَّقَوا عِندَ رَبِّهِم جَنَّاتٌ تَجْرِيَ مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللهِ وَاللهُ بَصِيرٌ بِالعِبَادِ{. وَجَنَّاتُ عَدنٍ زُخرِفَتْ ثُمَّ أُزلِفَت أخي.. لقَومٍ عَلَى التَّقوَى دَوَامًا تَبَتَّلُوا بِهَا كُلُّ مَا تَهْوَى النفُوسُ وَتَشْتَهِي وَقُوَّةُ عَيْنٍ لَيْسَ عَنْهَا تَحَوُّلُ هل يُعقل أن يدرك عقل المرء هذا النعيم ثم يزهد فيه؟! هذا داعي الخير يناديك، ويُحرِّك فيك نشاط التنافس والمسارعة }وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ{ [آل عمران: 133]. فسارع إلى المغفرة والملك الكبير، فقد دعاك البشير.. يَا طَالِبَ الدُنيَا الدَّنيَّةَ إنَّهَا فاللبيب من باع الدنيا بالآخرة، قال تعالى: }وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى{ [الضحى: 4]. شَرَكُ الرَّدَى وَقَرَارَةُ الأَقذَارِ دَارٌ مَتَى مَا أَضحَكَتْ فِي يَوْمِهَا أَبْكَتْ غَدًا تبًّا لَهَا مِنْ دَارِ والكيِّس من صنع السعادة بيده، فبحث عن طريق الجنة فسلكه، وإنما طريقها توحيد الله واتباع رسوله صلى الله عليه وسلم، وأداء الفرائض والواجبات، والبعد عن الفواحش والكبائر والمحرمات، والتقرب إلى الله بالنوافل وصالح الطاعات، والإنابة والتوبة إلى الله في الظلمات والخلوات، والاستغفار من الخطايا والزلات، والتنوُّر بنور العلم وسليم الفهم والعمل بذلك، وملازمة الإخلاص والصدق مع الله؛ فإنَّ السالك لهذا الطريق لا يخيب ظنه ولا يُعرقل سيره ولا يضيع سعيه .. قال تعالى: }وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ{ [العصر: 1- 3]. ([1]) البخاري (6/230) ومسلم (2824) . ([2]) الملاط: الطين، وهو المادة التي توضع بين اللبنتين. ([3]) الترمذي (2526) وأحمد (2/445) وصححه الألباني في تخريج المشكاة (5630).
|
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 2 | |||
|
![]() طريق الجنة وأبوابها تعال أخي نطرق أبواب الجنة لنسيح بفكرنا في ملكوت الله فيها وما أودع فيها من بديع الأسرار لعباده الأخيار، قال تعالى: }حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا{ [الزمر: 73].وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وما منكم من أحد يتوضأ فيبلغ أو فيسبغ الوضوء ثم يقول: أشهد ألاَّ إله إلا الله وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، إلاَّ فُتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء»([1]). وكيف لا يكون لها أبوابٌ كثيرةٌ وهي التي عرضها السماء والأرض، قال تعالى: }سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ{ [الحديد: 21] فهي جنةٌ عاليةٌ غاليةٌ عظيمة، ذات أبوابٍ واسعةٍ عظيمةٍ تليق بسعتها وتدلُّ على علوِّ منزلتها وقدرها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن ما بين المصراعين في الجنة مسيرة أربعين سنة، يُزاحَم عليها كازدحام الإبل ورَدتْ لخمسٍ ظما»([2]) . ولقد جعل الله لكلِّ باب أهلاً: فهناك بابٌ للتوابين، وبابٌ للمتصدِّقين، وبابٌ للمجاهدين، وبابٌ للكاظمين الغيظ، وبابٌ للصائمين. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أنفق زوجين في سبيل الله نودي في الجنة: يا عبد الله، هذا خير، فمَن كان من أهل الصلاة دُعِي من باب الصلاة، ومن كان من أهل الجهاد دُعِي من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصدقة دُعِي من باب الصدقة، ومن كان من أهل الصيام دُعِي من باب الريان». فقال أبو بكر: يا رسول الله، ما على أحدٍ يُدعى من هذه الأبواب من ضرورة، فهل يُدعى أحدٌ من هذه الأبواب؟ قال: «نعم، وأرجو أن تكون منهم»([3]) . فهلا اخترت أخي الحبيب بابًا من هذه الأبواب العظيمة؟ وهلا نسجت مفتاحها بجميل الطاعة وزاد التقوى؟ فَبَادِرْ إذَا مَا دَامَ فِي العُمرِ فُسْحَةٌ واعلم أنَّ مفتاح الجنة إنما هو توحيد الله جلَّ وعلا وتحقيق «لا إله إلا الله»، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قال لا إله إلا الله خالصًا من قلبه دخل الجنة».وَعَدلُكَ مَقبُولٌ وَصَرفُكَ قَيِّمُ وَجُدْ وَسَارِعْ وَاغْتَنِمْ زَمَنَ الصِّبَا فَفِي زَمَنِ الإمْكَانِ تَسْعَى وَتَغْنَمُ وَسِرْ مُسْرِعًا فَالْمَوْتُ خَلْفُكَ مُسْرِعٌ وَهَيْهَاتَ مَا مِنهُ مَفَرٌّ وَمُهْزَمُ وسُئل الحسن البصري أنَّ ناسًا يقولون من قال لا إله إلا الله دخل الجنة؟ فقال: «من قالها وأدَّى حقَّها وفرضها». فتوحيد الله مفتاح الجنة، وأسنان ذلك المفتاح هي الأعمال الصالحة كأداء الفرائض والقيام بالواجبات والنوافل وسائر القُربات، فاعمل يا عبد الله؛ فمادة المفتاح بين يديك، ومهارة صناعته قد فُصِّلت لك أيما تفصيل، فإن رغبت عن ذلك فلُمْ نفسك يوم العرض على الله .. نسأل الله لك ولنا حسن الخاتمة. توجد على وجه هذه البسيطة أبنية فخمة وقصورٌ مُشيَّدةٌ ومساكن وغرف، لكنها مهما علا قدرها وجمالها ومهما تطاول بنيانها وعلوها لا تشبه ما في الجنة من مساكن وبنايات إلاَّ في الاسم فقط. ففي الجنة من سِحر المساكن وجمال القصور وتعالي الغرف وتلألؤ الخيام، ما تقرُّ به العين وتسكن إليه النفس، وكيف لا وخيامها من لؤلؤ وقصورها من ذهب، وفيها من فاخر الأثاث وكواعب النساء وطيب الشراب ولذيذ الطعام ما لا يخطر على البال؟! ([1]) رواه مسلم (3/118). ([2]) السلسلة الصحيحة للألباني (4/273). ([3]) البخاري (4/111) ومسلم (7/115). |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 3 | |||
|
![]() غرف الجنة: أَلاَ يَا عَينُ وَيحَكِأَسعِدِينِي فشمِّرْ يا عبد الله؛ فإن سلعة الله غالية، وإن ثمنها تقوى الله وطاعته، وإنها ليسيرة على من يسَّرها الله عليه واستبقَ هذا الخير العظيم وهذا النعيم المقيم، فإنه لحمق وغرور أن يستبدل المرء هذه الدنيا وهذا الخراب بما عند الله من بديع الغرف الآمنة الهنيئة .. قال تعالى: }فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ{ [سبأ: 37].بَغَزرِ الدَّمعِ فِي ظُلَمِ اللَّيَالِي لَعَلَّكِ فِي القِيَامَةِ أَنْ تَفُوزِي بِخَيْرِ الدَّارِ فِي تِلكَ العَلاَلِي ([1]) البخاري (11/416) مسلم (17/168). |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 4 | |||
|
![]() خيام الجنة: |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 5 | |||
|
![]() قصور الجنة: |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 6 | |||
|
![]() تربة الجنة: فَمَا هِيَ إلاَّ سَاعَةٌ ثُمَّ تَنقَضِي ولما كانت النفس البشرية تألف المياه والبساتين والأشجار وتسكن إليها فقد زيَّن الله جلَّ وعلا الجنة، وألبسها من بهاء الأشجار وعلوِّها وبركة الثمار ونموِّها وجريان الأنهار وسيولها وعذوبة العيون في أركانها، ما تقرُّ به أعين عباد الله الصالحين.وَيُدرِكُ غِبَّ السَّيْرِ مَنْ هُوَ صَابِرُ ([1]) مسلم (18/25). ([2]) مسلم (18/25). |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 7 | |||
|
![]() عيون الجنة: صَفَّى المُقَرِّبُ سَعيَهُ فَصَفَا لَهُ وفي الجنة عينان: ذَاكَ الشَّرابُ فَتِلكَتَصْفِيتَان الأولى- عين الكافور.. قال تعالى: }إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا * عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا{ [الإنسان: 5، 6] وهذه العين يشرب منها المقربون الماء الخالص، وأما الأبرار فيشربونه ممزوجًا. الثانية- عين التسنيم .. قال تعالى: }إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ * تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ * يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ * خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ * وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ * عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ{ [المطففين: 22-28]. ([1]) حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح (224). |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 8 | |||
|
![]() أنهار الجنة: |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 9 | |||
|
![]() جزاك الله خيرا و نفع بك و جعلها في ميزان حسناتك يوم لا ينفع مال و لا بنون الا من أتى الله بقلب سليم. |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 10 | |||
|
![]() جزاك الله خيرا اختاه |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 11 | |||
|
![]() أخي الكريم: وَإذَا كَانَتِالنفُوسُ كِبَارَا فلا تتصوَّر أخي الكريم أنَّ ذلك النعيم المقيم يُنال بالراحة والتفكُّه، بل إنَّ طريقه وعرٌ طويل، ودربه قد حُفَّ بالمكاره والعقبات، فلا يسلكه إلاَّ مشمر عن ساعد الجدِّ، مخلص قد باع نفسه وماله يبتغي بذلك الجنة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «حُفَّت الجنة بالمكاره، وحُفَّت النار بالشهوات» ([3]) .تَعِبَت فِي مُرَادِهَا الأجسَامُ ([1]) انظر مجموع الفتاوى لابن تيمية (11/188). ([2]) مسلم (1/176). ([3]) البخاري ومسلم. |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 12 | |||
|
![]() أما أعلى منزلة في الجنة فإنها «الوسيلة»، وهي بإذن الله لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، قال صلى الله عليه وسلم: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا عليَّ؛ فإن مَن صلَّى عليَّ صلاة صلى الله عليه عشرًا، ثم سلوا الله تعالى لي "الوسيلة"؛ فإنَّ من سأل الله لي الوسيلة حلَّت له الشفاعة»([1]) . يَا طِيب هَاتيك الثمَار وغَرسها فأي نعيم بعد هذا النعيم!.. وأي تجارة رابحة بعد هذا التجارة!في المسك ذَاك التّرب للبسْتَان وكَذَلكَ المَاء الذي يُسْقَى به يَا طيبَ ذَاك الوَرد للظَّمْآن فيَا أَيهَا القَلبُ الَّذي مَلكَ الهَوَى فانتهز أخي الكريم هذه اللحظات الباقيات في صالح الأعمال وطيب القربات، ولا تغرَّنك الدنيا؛ فإنما هي سحابة صيف عمَّا قريب تنقشع، واسلك سبيل المتقين لتنهم من فواكه الجنة الكثيرة .. قال تعالى: }يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ{ [ص: 5] أزمته حَتَّى مَتَّى ذا التلوُّمُ وحتَّامَ لا تَصحُو وقَد قَرب المدَى وَدانَتْكُؤسُ السَّيْر والناسُ نُوَّمُ أهَذَا هُوَ الرِّبحُ الَّذِي قَد كَسبتَهُ! لعَمرُكَ لا رِبح وَلا الأَصلُ يَسلَمُ وقال سبحانه }وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ{ [الواقعة: 20] وقال جل وعلا: }إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ * وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ{ [المراسلات: 41، 42] إنها فواكه كثيرة طيبة لا تنقطع؛ فأشجارها دائمة العطاء وافرة الخضرة ممتدة الظلال في كل حال، قد تشابهت أشكال ثمارها، بيد أنَّ كنهها ومذاقها يختلف، وهذا من لطائف نُضجها وعجائب قدرة الله في إبداعها، قال تعالى: }كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا{ [البقرة: 25]. ومن تلك الأشجار ما إنَّ ظلها ليسير فيه الراكب مائة عام وما يقطعه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ في الجنة لشجرة يسير الراكب الجواد المضمر السريع مائة عام وما يقطعها»([3]). وقال تعالى: }وَظِلٍّ مَمْدُودٍ{ [الواقعة: 30] ومن تلك الأشجار «سدرة المنتهى» قال تعالى: }وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى{ [النجم: 13، 14]. قال صلى الله عليه وسلم في حديث الإسراء: «ثم انطلق بي - أي جبريل - حتى انتهى إلى سدرة المنتهى، ونبقها فلال هجر، وورقها مثل آذان الفيلة، تكاد الورقة تغطي هذه الأمة، فغشيها ألوان لا أدري ما هي، ثم أُدخلت الجنة، فإذا فيها جنابذ اللؤلؤ وإذا ترابها المسك»([4]). ومن تلك الأشجار ما يخرج منها ثياب أهل الجنة قال صلى الله عليه وسلم: «طوبى شجرة في الجنة، مسيرة مائة عام، ثياب أهل الجنة تخرج من أكمامها»([5]) . ومما يزيد أشجار الجنة بهاءً وجمالاً أنَّ سيقانها من الذهب، قال صلى الله عليه وسلم: «ما في الجنة شجرة إلاَّ وساقها من ذهب»([6]) . الله أكبر.. ما ألذَّ ثمارها وما أبهى أشجارها، فطوبى لمن أحسن غراسها في الدنيا بذكر الله وتهليله تسبيحه وحمده وتكبيره، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لقيت إبراهيم ليلة أسري بي فقال: يا محمد، أقرئ أمتك أنَّ الجنة أرض طيبة التربة عذبة الماء، وأنها قيعان، وأنَّ غراسها: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر»([7]) . فاغرس أيها الأخ الكريم بساتين الأشجار بأسهل الأذكار؛ فهي كلمات خفيفة سهلة وما أكثر الغافلين عنها، المشتغلين بلغو الكلام وربما الهدر الحرام. مساكين هؤلاء الغافلون؛ شغلهم غراس الدنيا فاشتغلوا به ونسوا حظهم في الآخرة، ولم يزل يلهيهم طول الأمل وحب الدنيا حتى باغتهم الموت. بَخلتَ بشَيء لا يَضرُّك بذلُه ومع كثرة أشجار الجنة وثمارها، فإن أهل الجنة يرغبون في الزرع، فعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يومًا يحدث وعنده رجل من أهل البادية: «إنَّ رجلاً من أهل الجنة استأذن ربه في الزرع فقال له: أو لست فيما شئت؟ قال: بلى، ولكن أحب أن أزرع، فأسرع وبذر، فبادر الطرف نباتهواستواؤه واستحصاده وتكويره أمثال الجبال، فيقول الله: دونك يا ابن آدم؛ فإنه لا يشبعك شيء». وجُدتَ بشَيءٍ مِثله لا يُقَوَّمُ بخلتَ بذَا الحظِّ الخسيسِ دَنَاءَةً وجُدتَ بدَار الخلد لَو كنتَ تَفهَمُ وبِعتَ نعيمًا لا انقضَاء لَهُ وَلا نظير ببخسٍ عن قَريب سَيعدَمُ فقال الأعرابي: يا رسول الله، لا تجد هذا إلا قرشيًا أو أنصاريًّا؛ فإنهم أصحاب زرع، فأما نحن فلسنا بأصحاب زرع، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم([8]). ([1]) مسلم (1/176). ([2]) صحيح الجامع (1/363). ([3]) البخاري (11/416) ومسلم (2/2176) . ([4]) صحيح الجامع (4/82) والحديث في الصحيحين. ([5]) السلسلة الصحيحة (4/639). ([6]) صحيح الجامع (5/250). ([7]) صحيح الجامع (5/34). ([8]) البخاري (13/478). |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 13 | |||
|
![]() هيئة أهل الجنة: لاَ خَيْرَ فِي العَيْشِ مَا دَامَتْ مُنَغَّصَةً وإنما عيشهم في دار المقام؛ حيث لا يُنغِّص الهرم شبابهم ولا يزيل الموت نعيمهم.لذَّاتُهُ بأَذكَارِ المَوْتِ وَالهَرَمِ فتبصَّر يا عبد الله ولا يُلهينك طول الأمر ولا يُمنِّينك الشباب، فإنَّ المنايا لا تهاب، وإنه بعد الشباب كهولة فهرم، وبعد الهرم موت فقبر فحساب، فإما إلى نعيم وإما إلى جحيم، نسأل الله العفو والعافية وحسن الختام. ([1]) مسلم (4/2179). ([2]) صحيح الجامع (6/337) . ([3]) السلسلة الصحيحة (3/74). |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 14 | |||
|
![]() نساء الجنة حُسنهن: أمَّا نساء الجنة فأعظِم بجمالهن؛ فإنهنَّ محورات العيون ملألآت الخدود، تكسوهنَّ النضرة، ويملؤهنَّ الجمال، أخَّاذات بنظراتهن، ساحرات بحسنهن، قاصرات بطرفهن. قال تعالى: }وَحُورٌ عِينٌ * كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ{ [الواقعة: 22، 23] وقال سبحانه: }كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ{ [الرحمن: 58] وقال تعالى: }كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ{ [الصافات: 49] قد تمازج بياض عيونهن بالسواد، وبياض أبدانهنَّ بالنعومة، فقد جاء في الحديث «ولكلٍّ واحد منهم زوجتان يرى مخ سوقهما من وراء اللحم من الحسن»([1]) . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو اطَّلعت امرأة من نساء أهل الجنة إلى الأرض لملأت ما بينهما ريحًا (أي المشرق والمغرب)، ولأضاءت ما بينهما، ولنصيفها على رأسها خيرٌ من الدنيا وما فيها»([2]) . واعلم أخي الكريم: أنَّ هذا النعيم لا يُنال إلا بالجدِّ في طاعة الله، وتقديم مراده على مراد النفس بأداء الصلوات والذكر في الخلوات والقيام في الظلمات. قال مالك بن دينار: كان لي أحزاب أقرؤها كلَّ ليلة، فنمت ذات ليلة، فإذا أنا في المنام بجارية ذات حُسن وجمال وبيدها رقعة فقالت أتحسن أن تقرأ؟ فقلت: نعم. فدفعت إليَّ الرقعة فإذا مكتوب هذه الأبيات: لهَاكَ النومُ عَن طَلَب الأَمَانِي ونساء الجنة كلُّهنَّ أبكار، لم يمسهنَّ أحدٌ من الإنس أو الجن قال تعالى:وعَن تِلكَ الأوَانِسِ في الجنَانِ تَعِيشُ مُخَلَّدًا لا مَوْتَ فِيهَا وتَلهُو في الخِيَام مَعَ الحسَانِ تَنبَّهْ فِي مَنَامِكَ إنَّ خَيرًا مِنَ النَّومِ التهَجُّدُ بِالقُرآنِ }إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً * فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا{ [الواقعة: 35، 36] وعربا: جمع «عروب»، وهنَّ المتحببات إلى أزواجهن. وقال أبو عبيدة: العروب: الحسنة التبعُّل أي التي تُحسن مواقعتها وملاطفتها لزوجها عند الجماع. وقال المبرد: هي العاشقة لزوجها. أخلاقهن: أمَّا أخلاقهن فإنها رفيعة عالية، جمعت طلاوة الحياء والحشمة وحلاوة التودد والبسمة وقصر الطرف وحسن الإقبال وجمال الوجه ولطافة الإهلال. قال تعالى: }فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ{ [الرحمن: 70] فالخيرات جمع «خيرة»، وحسان جمع «حسنة»، فهنَّ خيرات الصفات والأخلاق والشيم، حسان الوجوه. وقال تعالى: }حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ{ [الرحمن: 72] فهن محبوسات على أزواجهن لا يرين غيرهم، في الخيام، ولا يردن غيرهم، ولا يتطلَّعن إلى من سواهم، بما وهبهن الله من صدق العشرة وصفاء الحب والمودة والإخلاص لأزواجهن. وقال تعالى: }وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ{ [الصافات: 48] والطرف بتسكين الراء هو البصر، أي أنهن يقصرن أبصارهن على أزواجهن إعجابًا وحبًّا. غناؤهن: ونساء الجنة مع زهو جمالهنَّ ورقة أبدانهنَّ ونعومة شكلهنَّ وسحرهنَّ وحسنهنَّ، ومع ما تحلين به من دماثة الأخلاق وحُسن العشرة، قد وُهِبن من الأصوات أحسنها، ومن الأغاني أعذبها وأطربها .. قال تعالى: }وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ * فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ{ [الروم: 14، 15] قال يحيى بن أبي كثير: الحبرة: اللذة والسماع. أَو مَا سَمِعتَ سَماعَهُم فِيهَا غِناءُ اعلم يا عبد الله أن الجنة لا تنال بالعمل وإنما هي فضل من الله ورحمة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لن يدخل أحدًا منكم عمله الجنة» قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: «ولا أنا إلا أن يتغمدني الله منه بفضل ورحمة»([3]) .الحُور بالأصوَات والألحانِ واهًا لذَيَّاك السَّماع فكَم بِه للقَلب من طَربٍ وَمِن أشجَانِ واهًا لذيَّاك السَّماع وطيبه من مِثل أقمَارٍ عَلى أغصَانِ وأما قول الله جل وعلا }فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ{ [السجدة: 17] فإنَّ الباء في قوله: «بما كانوا يعملون» سببية، أي بسبب أعمالهم فالله سبحانه جعل أعمالهم سببًا لفضله ورحمته حيث أدخلهم جنته. فإذا عرفت أخي الكريم أنَّ الجنة هي محض فضل الله ورحمته، وأنَّ رحمته وفضله إنما يُنالان بفعل ما يرضاه ويريده؛ فبادر إلى خير الأعمال وصالح الأفعال، واحفظ الله، واسلك سبيله القويم يُفض عليك من الرحمات ما يدخلك به أعالي الجنات في تلك الغرفات. فاسلُك طَريقَ المُتَّقِين وأما طريق الجنة فهو كلُّ ما يقربك من الله سبحانه من القربات والطاعات، فقد ذكر الله جلَّ وعلا طاعات وعبادات في كتابه العزيز، جازى عليها بالجنة من عمل بها مخلصًا فمن ذلك:وظُن خَيرًا بِالكَريم وَاذْكُر وُقُوفَك خَائفًا والناسُ في أَمرِ عَظيم إمَّا إلى دَار الشَّقا وَةِ أو إلى العزِّ المقِيم فَاغنَم حَياتَك وَاجتَهِد وَتُب إلى الرب الرحِيم ([1]) البخاري مع الفتح (6/318). ([2]) رواه مسلم وانظر الترغيب (4/532). ([3]) مسلم (4/2170). |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 15 | |||
|
![]()
فدُونكَ فَاصنَعْ مَا تُحِبُّ فإنَّما 4-ومن بين الأعمال الموجبة للجنة: بر الوالدين..غدًا تَحصُد الزَّرع الذي أنتَ زَارِعُ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «رغم أنف، ثم رغم أنف ثم رغم أنف من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كليهما فلم يدخل الجنة»([6]) فاحرص أخي على برِّ الوالدين، وأطعهما فيما أمرا إذا لم يكن أمرهما معصية لله، وأحسن إليهما في الدنيا يحسن الله إليك بجنته وفضله وجوده، واعلم أنَّ عقوقهما من أكبر الكبائر؛ فقد قرن الله طاعتهما بالتحذير من الشرك والأمر بتوحيده، قال سبحانه وتعالى: }وَاعْبُدُوا اللهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا{ [النساء: 36]. واعلم أخي أنَّ التوبة من أجل القربات والعبادات، وهي منزلة لا يفارقها الصالحون في رحلتهم في هذه الحياة الدنيا، بل ولا الأنبياء والمرسلون، ذلك لأنَّ الله تعالى أمر بها في كلِّ وقت وحين، وعلَّق الفلاح عليها. فكل ابن آدم خطاء. قال تعالى: }وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ{ [النور: 31] فتأمَّل حفظك الله كيف وصفهم الله بالإيمان، ثم دعاهم إلى التوبة ليعلم كلُّ مسلم أنَّ التوبة لازمة للعبد في سائر منازله التي يسكلها في طريقه إلى الله. وتذكر دائمًا أنَّ الجنة قد حُفَّت بالمكاره كما أنَّ النار قد حُفَّت بالشهوات، وإلا كيف سيكون الاختبار؟ وكيف يميز الصابر من الضاجر والمطيع من العاصي؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لما خلق الله الجنة أرسل جبريل إلى الجنة فقال: انظر إليها وإلى ما أعددت لأهلها فيها، قال: فجاءها ونظر إليها وإلى ما أعدَّ الله لأهلها فيها، قال فرجع إليه، وقال: وعزتك لا يسمع بها أحد إلا دخلها. قال: فرجع إليها فإذا هي قد حُفت بالمكاره، فرجع إليه فقال، وعزتك لقد خفت ألاَّ يدخلها أحد...».. الحديث([7]) . اللهم إنا نسألك الجنة وما قرَّب إليها من قولٍ وعمل.. وصلَّى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. ([1]) البخاري (2/9) ومسلم (667) ([2]) مسلم (228). ([3]) مسلم (82). ([4]) الترمذي (2623) وقال حسن صحيح. ([5]) مسلم (728). ([6]) مسلم: 2551. ([7]) رواه الترمذي (2560). وقال حسن صحيح ورواه أحمد (2/332) وحسن إسناده الألباني في تخريج مشكاة المصابيح حديث (5696). |
|||
![]() |
![]() |
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc