يضيق الصدر، يتبلد الفكر،وتصاب النفس بإحباط شديد خلف الأسوار العالية. معزولون عن العالم، عن الطبيعة ، عن الشمس و عن الربيع... و بين الحين و الآخر يطل علينا سجين جديد بأخبار جديدة ليبعث فينا روحا جديدة نعيش على ما تثيره فينا من آمال أياما غير عادية ...
الطائر السجين
لست أدري كيف أوقع طائر الدوري نفسه في هذه الورطة التي لم يستطع منها فكاكا.....
الخروج... قد يكون دخل من نافذة السقف في الرواق إلتماسا لبعض الطعام ، ثم دفعه ذلك أن ساحة السجن كانت مغطاة بالشباك وليس فيها أي منفذ يستطيع الدخول منه أو حب الإستطلاع لأن يتسلل عبر الباب إلى الساحة حيث يقبع المساجين...
كان المسكين يظن أنها لعبة مسلية وربما يكون حظه التعيس هو الذي دفعه إلى هذا المأزق ليلعب به ويتسلى ... فها هو منذ أيام يحاول الفكاك دون جدوى ، أما الطريق من حيث أتى فقد أضاعها ، وأما السماء الزرقاء الفسيحة أمام ناظريه فقد حيل بينه وبينها بهذا الشباك المعدني الذي يبدو أنه لا يفقه من أمره شيئا...
كان المساجين يتنافسون في تقديم فتات الخبز لرفيقهم الطائر السجين ، وقد بدأ جسمه يذوي شيئا فشيئا ... ربما لتغيير نظامه الغذائي وربما… وربما… وهذا الأرجح لفقدانه حرية الإنطلاق في الأجواء.
كان بعض رفاقه الطيور يأتون من خارج الشباك فيلتصق برجليه في السلك يستأنس بهم، وتأتيه أنثاه أحيانا بالطعام فتلقمه إياه من وراء الحاجز... وكان المساجين يقطعون ضجيجهم ليوفروا له فرصة الإستمتاع بهذه الزيارة التي تشبه زيارات أهاليهم الأسبوعية...
ألف الطائر السجناء وألفوه، فأصبح يشاركهم طعامهم وآلامهم... حتى أنه أصبح لا يفر من أحد.
ذات صباح مشمس جميل خرجنا إلى الساحة كما جرت العادة فلم نجد رفيقنا الطائر السجين ، يبدوأنه قد اهتدى أخيرا إلى باب الرواق ثم إلى نافذة السقف ثم إنطلق كالسهم في الفضاء غير مصدق أنه قد استرجع أخيرا حريته .