حين تطرح قضية من قضايا الأمة ويتبادل الناس الحديث يعوزون ذلك إلى إنشغال السادة الكبار وتآمرهم مع أعداء الأمة وأن هذه القضايا تحتاج لحلول جذرية ربما تتجاوز حجم دول بأكملها وتربط كل قضية عملية تطرح أمام الناس بتخاذل أولياء الأمور .
تبدو نتيجة النقاش عقيمة حيث تقيم هذه القضايا بأنها أكبر من جهد الأفراد ويقف الأمر عند هذا الحد، وحين تبحث عن جهود لاترى شيئاً يذكر، فالطالب في جامعته، والمعلم في مدرسته، والموظف والعامل في قطاعه ليس لهم أثر في محيطهم، بل لايرون ذلك ضمن دائرة اهتمامهم.
وبغض النظر عن كون هذا المنطق من التفكير وسيلة لتبرير القعود والكسل، أو أنه نتاج اجتهاد واقتناع شخصي فالنتيجة سواء .
ودون الدعوة لتسطيح الاهتمام وقصر التفكير على المحيط الشخصي المحدود، فإنه ينبغي أن يربى الناس على الاهتمام بالميادين العملية التي يجيدون التأثير فيها، دون النظر إلى ضآلة حجمها بالنسبة لقضايا الأمة الكبار.
ينبغي أن يكون هم الإنسان أن يعمل، وأن يؤدي جهده في نطاقه ومحيطه، منطلقاً من قوله تبارك وتعالى (فاتقوا الله مااستطعتم) وقوله (لايكلف الله نفساً إلا وسعها) وهي قاعدة شرعية عظيمة.
ويدل على هذا المعنى أيضاً قوله صلى الله عليه و سلم "اكلفوا من الأعمال ماتطيقون".
وتأمل قوله صلى الله عليه و سلم :"من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه".
وأنبياء الله صلوات الله وسلامه عليهم كانوا يعيشون هم العمل ويبلغون الرسالة ثم يسلمون أمرهم لخالقهم يحكم بينهم وبين قومهم بما يشاء.
حين يتحقق هذا المعنى ونقوم بهذه المهمة كل في محيطه، ننطلق بعد ذلك في التفكير في البحث عن وسائل تعين على توسيع دائرة تأثيرنا .
التوازن بين علو الاهتمامات، والنظرة البعيدة العميقة، وبين الميادين العملية هو ما ينبغى تحقيقه