السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الله المستعان، الله المُستعان، ربّي يفرّج عليك أختي ويفتح عليك…
أقول لكِ أنّ ما عانيتِه ليس قليلا وأسأل الله أن يأجُرك على صَبرك…
أختي الظاهِر ممّا وصفتِ أنّك تُعانين مِن جروح نفسية عميقة والله المستطاع، وراكي مضرورة نفسيا.
ما أنصحكِ بِه هُو أن تُحاولي أن تُعالجي نفسك على شِِقين: شقّ نفسي، وشِق روحي.
أمّا الشّق الرّوحي: فهو الأساس الذي تبنين عليه إن شاء الله، لأنّ بثقتكِ بالله وتوكلكِ عليه ستنضج شخصيتكِ وستثقين بنفسك إن شاء الله وتتغيرين للأفضل.
فابدأي بالمُحافظة على صلاتِك في وقتها، وقراءة القرآن يوميا، واجتهِدي في الدّعاء بصلاح حالِك وأن يشفيكِ الله من آثار ما حدث لكِ في الماضي، وأن يهديكِ ويهدي والديكِ وأن يرزقكِ الرّجل الصالح الذي يُعوّضك، وتحرّي في ذلك أوقات الإجابة، من أمثال: الدعاء بين الآذان والإقامة، وحين نزول المطر، والدعاء قبل السلام من الصّلاة في التشهد الأخير، والدّعاء في السّاعة الأخيرة من يوم الجمعة والثلث الأخير من اللّيل وغيره.
لا تنسي الاكثار من الذِّكر في كلّ الأوقات من استغفار وتهليل وتكبير وتحميد.
وأخيرا حاوِلي التثقّف في دينك فهُو جُزء مِن بناء شخصيتكِ السّوية.
ولا تنسي رُقية نفسكِ قبل النّوم.
أمّا الشّق النّفسي: فأنصحكِ إمّا أن تُتابِعي عند طبيبة نفسية ثقة تختارينها بعناية، ماشي لي يعرفوا يعطوا الأدوية فقط فلا فائدة منهم، فأنتِ تحتاجين والله أعلم للعلاج السلوكي، وإمّا أن تجتهدي في عِلاج نفسكِ بنفسك والله هُو الشّافي، بإمكانكِ الاعتماد في ذلك على الاستشارات النفسية في موقع اسلام ويب فهي مُفيدة جدّا بحمد الله (هُنا).
حاوِلي أن تعزّزي ثقتك في نفسك مِن خلال بِنائها، فليس عدم الدراسة معناه نهاية الدُنيا، فالكثير ممّن لم يُكمل دراسته إلّا أنّ بناءَهُ الثقافي والمعرفي أفضل من الكثير من الجامعيين مع كونِه عصامي (أي يدرس وحده)، حاولي أن تجعلي لنفسكِ مسارا دِراسيا تبنيه بنفسكِ، اعرفي ماذا تُحبّين، ابدأي بالأسهل، ابدأي بتعلّم الرياضيات بطريقة مُحبّبة، لا يجبّ أن تكوني عالمة رياضيات لكن تعرفي الأساسيات في هذا العِلم، تثقفي في جسم الانسان والجانِب البيولوجي فيه ستجدين أنّ الأمر مُمتع ويحثّ على التفكر في هذا الخلق العجيب، اقرأي عن الكون والكواكب والمجرّات، تحديّ نفسك في تعلّم لغة أجنبية ولتكن الانجليزية مثلا، حاولي تعلّم حِرفة جميلة مثل: الخياطة والكروشي أو المكرامي وغيرها، لو تبحثين في مُنتدى الجلفة فقط فستجدين المئات من المواضيع التي يُمكنكِ الاستفادة منها، والانترنت بحر لا ساحِل له، استغلّيه في النافع فقط.
أنصحكِ بمُتابعة هذه القناة في جانِب الثقة بالنّفس( اذهبي لليوتيوب، وابحثي عن ياسر الحزيمي).
بالنّسبة لأمر الاعتداء الذي حصل لكِ في الصغر أختي، هذا من العناصر الأساسية في تدهور حالتكِ النّفسية والله المُستعان، أوّلا: سامِحي نفسك، فأنتِ لم تفعلي شيئا كُنت صغيرة وقاصرة وهُناك مَن استغلّ ذلك فيكِ وهُو مَن سيُحاسب على ذلك لا أنتِ. فأنتِ لازِلتِ إن شاء الله طاهِرةً عفيفة. أسأل الله أن يسترنا وإيّاكِ والمسلمات.
ثانيا: هُناك مَن فعلت ما هُو أكثر بإرادتها ثمّ تابت فتاب الله عليا وسَترها، فأحسِني الظّن بالله أنّه سيستُرك ويرزقك الرّجل الصالح، المُهم لا تدعي وساوس الشّيطان تجرّك إلى الحزن والسلبية والقنوط، الفضل بيد الله، وهُو كريم وأرحم بِك من أمّك، واعلمي أنّه يقينا سيستُرك أحسِني الظّن بِه فقط، وفي الحديث القدسي، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : يقول الله تعالى : (أنا عند ظن عبدي بي ، وأنا معه إذا ذكرني ، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ، وإن ذكرني في ملإ ذكرته في ملإ خير منهم ، وإن تقرب إلي بشبر تقربت إليه ذراعا ، وإن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا ، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة )رواه البخاري ومسلم .
وكُوني كَمن قال:
وإني لأدعو الله حتى كأنني *** أرى بجميل الظن ما الله صانع
بالنّسبة لأمّك وأبيك أختي، فواجِبٌ عليكِ برّهما لكن لا تأخذي كلامهما على مَحمل الجدّ، تغاضي عن الكلام الجارح، وشُقي طريقكِ إلى الأمام.
وفي الأخير، أسأل الله أن يفتح عليك ويفرّج عنك وأن نسمع عنكِ الأخبار الطيّبة.