الصبر عند العرب
قال الأصمعي خرجت مع صديق لي بالبادية فبينا نحن نسير إذ ضللنا الطريق ثم نزلنا فإذا خيمة فقصدناها فسلمنا فإذا امرأة ترد علينا السلام وقالت: ما أنتم قلنا: قوم مارون أضللنا الطريق فرأيناكم فأنسنا بكم فقالت:
ولوا وجوهكم حتى أقضي من زمانكم ما أنتم له أهل ففعلنا فطرحت لنا مسحاً وقالت: اجلسا حتى يجيء ابني فيقوم بما يصلحكم فجلسنا فجعلت ترفع طرف الخيمة وتنظر إلى أن نظرت فقالت: أسألك الله بركة المقبل أما البعير فبعير ابني وأما الراكب فليس بابني فجاء الراكب حتى وقف عليها
فقال: يا أم عقيل عظم أجرك في عقيل قالت: ويحك أمات ابني قال: نعم قالت: وما سبب موته قال: ازدحمت الإبل على ابنك فرمت به في البير قالت: انزل فاقض زمام القوم فنزل فذبح لنا كبشاً وأصلحه مع ملح وقربه إلينا فأكلنا ونحن نتعجب من صبرها فلما فرغنا خرجت إلينا فقالت: يا هؤلاء:
هل فيكم أحد يحسن من كتاب الله عز وجل شيئاً قال: قلت نعم قالت: فاقرأ علي آيات من كتاب الله أتعزى بها قال: فقلت: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم " وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون "
فقالت: الله إنها لفي كتاب الله هكذا قلت: الله إنها لفي كتاب الله هكذا قالت: فالسلام عليك ثم قامت فصفت قدميها ثم صلت ركعتين ورفعت يديها وهي تقول: إنا لله وإنا إليه راجعون وعند الله أحتسب عقيلاً تقول ذلك ثلاثاً ثم قالت: اللهم إتني قد فعلت ما أمرتني فأجزل ما وعدتني.