هذه كلمات نشرها الشيخ الدكتور محمد حاج عيسى الجزائري على صفحة حسابه الرسمي في الفيسبوك ,نسأل الله أن ينفع بها المسلمين
"إن العلم ثلاثة أشبار"، فإذا تعلم المرء الشبر الأول اغتر
وتكبر، وظن أنه أعلم الناس، ثم إذا تعلم الشبر الثاني تواضع وعلم قدر العلماء
وتصاغرت نفسه أمامهم
، وأما الشبر الثالث فمن وصله أيقن أنه لما يعلم بعد شيئاً، ولما كان الطالب بداهة يبدأ
بالشبر الأول، قرن العلماء تلقين العلم بالتربية والأدب ، حتى يجنب آفات الشبر الأول، ويتمكن من الترقي عنه وتخطيه
إلى غيره وأعظم آفاته الغرور والاستكبار والانقطاع وعدم الاستمرار.
ونحن في زمن انفصل فيه العلم عن الأدب، فتجد أكثر من تعلم شيئا، ومنَّ الله تعالى عليه
بنعمة القراءة يقف عند الشبر الأول ظنا منه أنه بلغ المنتهى، فكل من درس سنة بل شهرا ، وكل من قرأ كتابا بل مطوية
يظن أنه قد حيزت له علوم الأولين والآخرين، ووصل إلى مرتبة المحققين، فكثر منهم الجدال والاعتراض فيما لم يحيطوا
بعلمه ولم يسبروا غوره،
وظهر فيهم الانتقاص للعلماء الربانيين والدعاة العاملين والطعن فيهم بمحاكمتهم إلى ما درسوا ولو
كان مطوية وشريطا، ونصبوا أنفسهم موجهين لغيرهم ، فيما ينبغي أن يخاض فيه مما لا ينبغي، وما لابد أن
يدرس أو يترك، وما يجب أن يقال ويفتى فيه مما لا يجب، ولا يزال هذا موجودا فيما مضى؛ لكن وسائل الاتصال الحديثة
زادت الطين بِلَّة، فأزعجت المكامن وأظهرت الدفائن، وشجعت الجميع على القول والكتابة أكثر من السماع والقراءة،
فرحم الله امرءا عرف قدر نفسه، وتعلَّم قبل أن يُفتي ويتكلم، وانتهى إلى حيث أُمر، نسأل الله تعالى الهداية والتوفيق
للعلم النافع والعمل الصالح.