تعرف بأخلاق أهلِ القرآن - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الكتاب و السنة

قسم الكتاب و السنة تعرض فيه جميع ما يتعلق بعلوم الوحيين من أصول التفسير و مصطلح الحديث ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

تعرف بأخلاق أهلِ القرآن

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2016-02-01, 22:50   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
عائشة قدوتي
عضو مجتهـد
 
إحصائية العضو










افتراضي تعرف بأخلاق أهلِ القرآن

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
أما بعد..

فأنقل لحضراتكم هذا الباب (بَابُ ذِكْرِ أَخْلَاقِ أَهْلِ الْقُرْآنِ)
من كتاب: أخلاق أهل القرآن
المؤلف: أبو بكر محمد بن الحسين بن عبد الله الآجُرِّيُّ البغدادي
*******************************

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ:
يَنْبَغِي لِمَنْ عَلَّمَهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ وَفَضَّلَهُ عَلَى غَيْرِهِ , مِمَّنْ لَمْ يُحَمَّلْهُ , وَأَحَبَّ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْقُرْآنِ وَأَهْلِ اللَّهِ وَخَاصَّتِهِ , وَمِمَّنْ وَعَدَهُ اللَّهُ مِنَ الْفَضْلِ الْعَظِيمِ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهُ , وَمِمَّنْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَل: {يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ} [البقرة: 121]

قِيلَ فِي التَّفْسِيرِ: يَعْمَلُونَ بِهِ حَقَّ الْعَمَلِ وَمِمَّنْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَهُو مَاهِرٌ بِهِ مَعَ الْكِرَامِ السَّفَرَةِ , وَالَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَهُو عَلَيْهِ شَاقٌّ لَهُ أَجْرَانِ»

وَقَالَ بِشْرُ بْنُ الْحَارِثِ: سَمِعْتُ عِيسَى بْنَ يُونُسَ يَقُولُ: إِذَا خَتَمَ الْعَبْدُ الْقُرْآنَ قَبَّلَ الْمَلَكُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ
فَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعًا لِقَلْبِهِ يَعْمُرُ بِهِ مَا خَرِبَ مِنْ قَلْبِهِ, يَتَأَدَّبُ بِآدَابِ الْقُرْآنِ, وَيَتَخَلَّقُ بِأَخْلَاقٍ شَرِيفَةٍ تَبِينُ بِهِ عَنْ سَائِرِ النَّاسِ, مِمَّنْ لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ:
فَأَوَّلُ مَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَسْتَعْمِلَ تَقْوَى اللَّهِ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ ,
بِاسْتِعْمَالِ الْوَرَعِ فِي مَطْعَمِهِ وَمَشْرَبِهِ وَمَلْبَسِهِ وَمَسْكَنِهِ , بَصِيرًا بِزَمَانِهِ وَفَسَادِ أَهْلِهِ , فَهُوَ يَحْذَرُهُمْ عَلَى دِينِهِ ,
مُقْبِلًا عَلَى شَأْنِهِ , مَهْمُومًا بِإِصْلَاحِ مَا فَسَدَ مِنْ أَمَرِهِ , حَافِظًا لِلِسَانِهِ , مُمَيِّزًا لَكَلَامِهِ , إِنْ تَكَلَّمَ تَكَلَّمَ بِعِلْمٍ إِذَا رَأَى الْكَلَامَ صَوَابًا ,
وَإِنْ سَكَتَ سَكَتَ بِعِلْمٍ إِذَا كَانَ السُّكُوتُ صَوَابًا , قَلِيلُ الْخَوْضِ فِيمَا لَا يَعْنِيهِ , يَخَافُ مِنْ لِسَانِهِ أَشَدَّ مِمَّا يَخَافُ عَدُوَّهُ , يَحْبِسُ لِسَانَهُ كَحَبْسِهِ لِعَدُوِّهِ؛
لِيَأْمَنَ شَرَّهُ وَشَرَّ عَاقِبَتِهِ , قَلِيلُ الضَّحِكِ مِمَّا يَضْحَكُ مِنْهُ النَّاسُ لِسُوءِ عَاقِبَةِ الضَّحِكِ , إِنْ سُرَّ بِشَيْءٍ مِمَّا يُوَافِقُ الْحَقَّ تَبَسَّمَ ,
يَكْرَهُ الْمِزَاحَ خَوْفًا مِنَ اللَّعِبِ , فَإِنْ مَزَحَ قَالَ حَقًّا , بَاسِطُ الْوَجْهِ , طَيِّبُ الْكَلَامِ , لَا يَمْدَحُ نَفْسَهُ بِمَا فِيهِ , فَكَيْفَ بِمَا لَيْسَ فِيهِ؟
يُحَذِّرُ نَفْسَهُ أَنْ تُغْلَبَ عَلَى مَا تَهْوَى مِمَّا يُسْخِطُ مَوْلَاهُ , لَا يَغْتَابُ أَحَدًا , وَلَا يَحْقِرُ أَحَدًا , وَلَا يَسُبُّ أَحَدًا , وَلَا يَشْمَتُ بِمُصِيبِهِ ,
وَلَا يَبْغِي عَلَى أَحَدٍ , وَلَا يَحْسُدُهُ , وَلَا يُسِيءُ الظَّنَّ بِأَحَدٍ إِلَّا لِمَنْ يَسْتَحِقُّ يَحْسُدُ بِعِلْمٍ , وَيَظُنُّ بِعِلْمٍ , وَيَتَكَلَّمُ بِمَا فِي الْإِنْسَانِ مِنْ عَيْبٍ بِعِلْمٍ ,
وَيَسْكُتُ عَنْ حَقِيقَةِ مَا فِيهِ بِعِلْمٍ , وَقَدْ جَعَلَ الْقُرْآنَ وَالسُّنَّةَ وَالْفِقْهَ دَلَيْلَهُ إِلَى كُلِّ خُلُقٍ حَسَنٍ جَمِيلٍ , حَافِظًا لِجَمِيعِ جَوَارِحِهِ عَمَّا نُهِيَ عَنْهُ ,
إِنْ مَشَى بِعِلْمٍ , وَإِنْ قَعَدَ قَعَدَ بِعِلْمٍ , يَجْتَهِدُ لِيَسْلَمَ النَّاسُ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ , لَا يَجْهَلُ؛ فَإِنْ جُهِلَ عَلَيْهِ حَلُمَ , لَا يَظْلِمُ , وَإِنْ ظُلِمَ عَفَا ,
لَا يَبْغِي , وَإِنْ بُغِيَ عَلَيْهِ صَبَرَ , يَكْظِمُ غَيْظَهُ لِيُرْضِيَ رَبَّهُ وَيَغِيظَ عَدُوَّهُ , مُتَوَاضِعٌ فِي نَفْسِهِ , إِذَا قِيلَ لَهُ الْحَقُّ قَبِلَهُ مِنْ صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ ,
يَطْلُبُ الرِّفْعَةَ مِنَ اللَّهِ , لَا مِنَ الْمَخْلُوقِينَ , مَاقِتًا لِلْكِبْرِ , خَائِفًا عَلَى نَفْسِهِ مِنْهُ , لَا يَتَآكَلُ بِالْقُرْآنِ وَلَا يُحِبُّ أَنْ يَقْضِيَ بِهِ الْحَوَائِجَ ,
وَلَا يَسْعَى بِهِ إِلَى أَبْنَاءِ الْمُلُوكِ , وَلَا يُجَالِسُ بِهِ الْأَغْنِيَاءَ لِيُكْرِمُوهُ , إِنْ كَسَبَ النَّاسُ مِنَ الدُّنْيَا الْكَثِيرَ بِلَا فِقْهٍ وَلَا بَصِيرَةٍ , كَسَبَ هُوَ الْقَلِيلَ بِفِقْهٍ وَعِلْمٍ ,
إِنْ لَبِسَ النَّاسُ اللَّيِّنَ الْفَاخِرَ , لَبِسَ هُوَ مِنَ الْحَلَالِ مَا يَسْتُرُ بِهِ عَوْرَتَهُ , إِنْ وُسِّعَ عَلَيْهِ وَسَّعَ , وَإِنْ أُمْسِكَ عَلَيْهِ أَمْسَكَ ,
يَقْنَعُ بِالْقَلِيلِ فَيَكْفِيهِ , وَيَحْذَرُ عَلَى نَفْسِهِ مِنَ الدُّنْيَا مَا يُطْغِيهِ يَتْبَعُ وَاجِبَاتِ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ ,
يَأْكُلُ الطَّعَامَ بِعِلْمٍ , وَيَشْرَبُ بِعِلْمٍ , وَيَلْبَسُ بِعِلْمٍ , وَيَنَامُ بِعِلْمٍ , وَيُجَامِعُ أَهْلَهُ بِعِلْمٍ , وَيَصْطَحِبُ الْإِخْوَانَ بِعِلْمٍ , وَيَزُورُهُمْ بِعِلْمٍ , وَيَسْتَأْذِنُ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ ,
وَيُسَلِّمُ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ , وَيُجَاوِرُ جَارَهُ بِعِلْمٍ ,
يُلْزِمُ نَفْسَهُ بِرَّ وَالِدَيْهِ:
فَيَخْفِضُ لَهُمَا جَنَاحَهُ , وَيَخْفِضُ لِصَوْتِهِمَا صَوْتَهُ , وَيَبْذُلُ لَهُمَا مَالَهُ , وَيَنْظُرُ إِلَيْهِمَا بِعَيْنِ الْوَقَارِ وَالرَّحْمَةِ , يَدْعُو لَهُمَا بِالْبَقَاءِ , وَيَشْكُرُ لَهُمَا عِنْدَ الْكِبَرِ ,
لَا يَضْجَرُ بِهِمَا , وَلَا يَحْقِرُهُمَا , إِنِ اسْتَعَانَا بِهِ عَلَى طَاعَةٍ أَعَانَهُمَا , وَإِنِ اسْتَعَانَا بِهِ عَلَى مَعْصِيَةٍ لَمْ يُعِنْهُمَا عَلَيْهَا , وَرَفَقَ بِهِمَا فِي مَعْصِيَتِهِ إِيَّاهُمَا بِحُسْنِ الْأَدَبِ؛
لِيَرْجِعَا عَنْ قَبِيحِ مَا أَرَادَا مِمَّا لَا يَحْسُنُ بِهِمَا فِعْلُهُ ,
يَصِلُ الرَّحِمَ , وَيَكْرَهُ الْقَطِيعَةَ , مَنْ قَطَعَهُ لَمْ يَقْطَعْهُ , وَمَنْ عَصَى اللَّهَ فِيهِ أَطَاعَ اللَّهَ فِيهِ , يَصْحَبُ الْمُؤْمِنِينَ بِعِلْمٍ , وَيُجَالِسُهُمْ بِعِلْمٍ ,
مَنْ صَحِبَهُ , نَفَعَهُ حَسَنُ الْمُجَالَسَةِ لِمَنْ جَالَسَ , إِنْ عَلَّمَ غَيْرَهُ رَفَقَ بِهِ , لَا يُعَنِّفُ مَنْ أَخْطَأَ وَلَا يُخْجِلُهُ , رَفِيقٌ فِي أُمُورِهِ , صَبُورٌ عَلَى تَعْلِيمِ الْخَيْرِ ,
يَأْنَسُ بِهِ الْمُتَعَلِّمُ , وَيَفْرَحُ بِهِ الْمُجَالِسُ , مُجَالَسَتُهُ تُفِيدُ خَيْرًا , مُؤَدِّبٌ لِمَنْ جَالَسَهُ بِأَدَبِ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ , إِنْ أُصِيبَ بِمُصِيبَةٍ , فَالْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ مُؤَدِّبَانِ؛
يَحْزَنُ بِعِلْمٍ، وَيَبْكِي بِعِلْمٍ، وَيَصْبِرُ بِعِلْمٍ، يَتَطَهَّرُ بِعِلْمٍ، وَيُصَلِّي بِعِلْمٍ، وَيُزَكِّي بِعِلْمٍ وَيَتَصَدَّقُ بِعِلْمٍ، وَيَصُومُ بِعِلْمٍ، وَيَحُجُّ بِعِلْمٍ وَيُجَاهِدُ بِعِلْمٍ،
وَيَكْتَسِبُ بِعِلْمٍ، وَيُنْفِقُ بِعِلْمٍ , وَيَنْبَسِطُ فِي الْأُمُورِ بِعِلْمٍ , وَيَنْقَبِضُ عَنْهَا بِعِلْمٍ قَدْ أَدَبَّهُ الْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ , يَتَصَفَّحُ الْقُرْآنَ؛ ليُؤَدِّبَ بِهِ نَفْسَهُ ,
لَا يَرْضَى مِنْ نَفْسِهِ أَنْ يُؤَدِّيَ مَا فَرَضَ اللَّهُ بِجَهْلٍ , قَدْ جَعَلَ الْعِلْمَ وَالْفِقْهَ دَلَيْلَهُ إِلَى كُلِّ خَيْرٍ إِذَا دَرَسَ الْقُرْآنَ فَبِحُضُورِ فَهْمٍ وَعَقْلٍ ,
هِمَّتُهُ إِيقَاعُ الْفَهْمِ لِمَا أَلْزَمَهُ اللَّهُ:
مِنَ اتِّبَاعِ مَا أَمَرَ , وَالِانْتِهَاءِ عَمَّا نَهَى , لَيْسَ هِمَّتُهُ مَتَى أَخْتِمُ السُّورَةَ؟
هِمَّتُهُ مَتَى أَسْتَغْنِي بِاللَّهِ عَنْ غَيْرِهِ؟
مَتَى أَكُونُ مِنَ الْمُتَّقِينَ؟
مَتَى أَكُونُ مِنَ الْمُحْسِنِينَ؟
مَتَى أَكُونُ مِنَ الْمُتَوَكِّلِينَ؟
مَتَى أَكُونُ مِنَ الْخَاشِعِينَ؟ مَتَى أَكُونُ مِنَ الصَّابِرِينَ؟
مَتَى أَكُونُ مِنَ الصَّادِقِينَ؟
مَتَى أَكُونُ مِنَ الْخَائِفِينَ؟
مَتَى أَكُونُ مِنَ الرَّاجِينَ؟
مَتَى أَزْهَدُ فِي الدُّنْيَا؟
مَتَى أَرْغَبُ فِي الْآخِرَةِ مَتَى أَتُوبُ مِنَ الذُّنُوبِ؟
مَتَى أَعْرِفُ النِّعَمَ الْمُتَوَاتِرَةَ؟
مَتَى أَشْكُرُهُ عَلَيْهَا؟
مَتَى أَعْقِلُ عَنِ اللَّهِ الْخِطَابَ؟
مَتَى أَفْقَهُ مَا أَتْلُو؟
مَتَى أَغْلِبُ نَفْسِي عَلَى مَا تَهْوَى؟
مَتَى أُجَاهِدُ فِي اللَّهِ حَقَّ الجِهَادِ؟
مَتَى أَحْفَظُ لِسَانِي؟
مَتَى أَغُضُّ طَرْفِي؟
مَتَى أَحْفَظُ فَرْجِي؟
مَتَى أَسْتَحِي مِنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ؟
مَتَى أَشْتَغِلُ بِعَيْبِي؟
مَتَى أُصْلِحُ مَا فَسَدَ مِنْ أَمْرِي؟
مَتَى أُحَاسِبُ نَفْسِي؟
مَتَى أَتَزَوَّدُ لِيَوْمِ مَعَادِي؟
مَتَى أَكُونُ عَنِ اللَّهِ رَاضِيًا؟
مَتَى أَكُونُ بِاللَّهِ وَاثِقًا؟
مَتَى أَكُونُ بِزَجْرِ الْقُرْآنِ مُتَّعِظًا؟
مَتَى أَكُونُ بِذِكْرِهِ عَنْ ذِكْرِ غَيْرِهِ مُشْتَغِلًا؟
مَتَى أُحِبُّ مَا أَحَبَّ؟
مَتَى أُبْغِضُ مَا أَبْغَضَ؟
مَتَى أَنْصَحُ لِلَّهِ؟
مَتَى أُخْلِصُ لَهُ عَمَلِي؟
مَتَى أُقَصِّرُ أَمَلِي؟
مَتَى أَتَأَهَّبُ لِيَوْمِ مَوْتِي وَقَدْ غُيِّبَ عَنِّي أَجَلِي؟
مَتَى أُعَمِّرُ قَبْرِي , مَتَى أُفَكِّرُ فِي الْمَوْقِفِ وَشِدَّتِهِ؟
مَتَى أُفَكِّرُ فِي خَلْوَتِي مَعَ رَبِّي؟
مَتَى أُفَكِّرُ فِي الْمُنْقَلَبِ؟


مَتَى أَحْذَرُ مِمَّا حَذَّرَنِي مِنْهُ رَبِّي مِنْ نَارٍ حَرُّهَا شَدِيدٌ وَقَعْرُهَا بَعِيدٌ وَعُمْقُهَا طَوِيلٌ , لَا يَمُوتُ أَهْلُهَا فَيَسْتَرِيحُوا , وَلَا تُقَالُ عَثْرَتُهُمْ , وَلَا تُرْحَمُ عَبْرَتُهُمْ ,
طَعَامُهُمُ الزَّقُّومُ , وَشَرَابُهُمُ الْحَمِيمُ , {
كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُم بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ} [النساء: 56] ,

نَدِمُوا حَيْثُ لَا يَنْفَعُهُمُ النَّدَمُ, وَعَضُّوا عَلَى الْأَيْدِي أَسَفًا عَلَى تَقْصِيرِهِمْ فِي طَاعَةِ اللَّهِ, وَرُكُونِهِمْ لِمَعَاصِي اللَّهِ

فَقَالَ مِنْهُمْ قَائِلٌ: {يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي} [الفجر: 24]

وَقَالَ قَائِلٌ: {
قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ ﴿٩٩﴾ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ... ﴿١٠٠﴾} [المؤمنون]

وَقَالَ قَائِلٌ: {
يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَـٰذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا} [الكهف: 49]

وَقَالَ قَائِلٌ: {
يَا وَيْلَتَىٰ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا} [الفرقان: 28]

وَقَالَتْ فِرْقَةٌ مِنْهُمْ وَوُجُوهُهُمْ تَتَقَلَّبُ فِي أَنْوَاعِ الْعَذَابِ فَقَالُوا: {
يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّـهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا} [الأحزاب: 66]

فَهَذِهِ النَّارُ يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ يَا حَمَلَةَ الْقُرْآنِ , حَذَّرَهَا اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِهِ , فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ:
{
. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّا يَعْصُونَ اللَّـهَ مَا أَمَرَ*هُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: 6]

وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {
وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} [آل عمران: 131]

وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ۖ وَاتَّقُوا اللَّـهَ ۚ إِنَّ اللَّـهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [الحشر: 18]

ثُمَّ حَذَّرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَغْفُلُوا عَمَّا فَرَضَ عَلَيْهِمْ , وَمَا عَهِدَهُ إِلَيْهِمْ , أَلَّا يَضَعُوهُ، وَأَنْ يَحْفَظُوا مَا اسْتَرْعَاهُمْ مِنْ حُدُودِهِ ,
وَلَا يَكُونُوا كَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ فَسَقَ عَنْ أَمْرِهِ , فَعَذَّبَهُمْ بِأَنْوَاعِ الْعَذَابِ , فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ:
{
وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّـهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ ۚ أُولَـٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [الحشر: 19]

ثُمَّ أَعْلَنَ اللَّهُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَنَّهُ لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ
فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ} [الحشر: 20]

فَالْمُؤْمِنُ الْعَاقِلُ إِذَا تَلَا الْقُرْآنَ اسْتَعْرَضَ الْقُرْآنَ , فَكَانَ كَالْمِرْآةِ , يَرَى بِهَا مَا حَسُنَ مِنْ فِعْلِهِ , وَمَا قَبُحَ مِنْهُ ,
فَمَا حَذَّرَهُ مَوْلَاهُ حَذِرَهُ , وَمَا خَوَّفَهُ بِهِ مِنْ عِقَابِهِ خَافَهُ , وَمَا رَغَّبَهُ فِيهِ مَوْلَاهُ رَغِبَ فِيهِ وَرَجَاهُ ,
فَمَنْ كَانَتْ هَذِهِ صِفَتَهُ , أَوْ مَا قَارَبَ هَذِهِ الصِّفَةَ , فَقَدْ تَلَاهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ , وَرَعَاهُ حَقَّ رِعَايَتِهِ , وَكَانَ لَهُ الْقُرْآنُ شَاهِدًا وَشَفِيعًا وَأَنِيسًا وَحِرْزًا ,
وَمَنْ كَانَ هَذَا وَصَفَهُ , نَفَعَ نَفْسَهُ وَنَفَعَ أَهْلَهُ , وَعَادَ عَلَى وَالِدَيْهِ , وَعَلَى وَلَدِهِ كُلُّ خَيْرٍ فِي الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ
.
_موقع الطريق إلى الله_









 


رد مع اقتباس
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 20:26

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc