افضل طريقة لتعطل عقلك - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم خاص لطلبة العلم لمناقشة المسائل العلمية

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

افضل طريقة لتعطل عقلك

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2014-03-16, 21:07   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
باهي جمال
مفتش التسيير المالي والمادي
 
الأوسمة
المشرف المميز 
إحصائية العضو










افتراضي افضل طريقة لتعطل عقلك

أفضل طريقة لتُعطِّل عقلك هو أن تُحسن الظنَّ بعقل غيرك
نصيحة خاصَّة لبعض الشَّباب

بسم الله الرحمن الرحيم
يقول ابن تيميَّة ـ في بعض المواضع من كتبه ـ عندما يصدمه قول غارق في الجهل يصدر من منسوب إلى العلم و الذَّكاء و الفطنة : ((ولا ريب أنَّ هذه العقول كادها باريها... وقعت في هذا الجهل الطَّويل))
قال : إذا شرح الله صدر العبد للإسلام يتعجب غاية العجب ممن ضل عقله حتى أشرك كما روي أن بعض الناس قال للنبي صلى الله عليه وسلم : (( ما كان لهم عقول ـ يعني لمشركي قريش ـ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: كانت لهم عقول أمثال الجبال ولكن كادها باريها)).
وروي أن خالد بن الوليد لما هدم العزى، وكانت عند عرفات قال: (( يا رسول الله عجبت من أبي وعقله كان يجيء إلى هذه العزى فيسجد لها وينسك لها ويحلق لها رأسه ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: تلك عقول كادها باريها))
إن من أشد مكر الله بالمرء ـ ومكر الله أن يعاقبه على سيئاته ـ أن يمكر به بالسبب الذي أشرك به،أو ظلم به،وقد يكون حتفه في شيء أصله حق ظلم به الناس فصار فتنة له {فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا}.
كثير من الشباب غُيِّب عقله حتى أصبح يلعب به بعض السفهاء يدحرجه كالكرة، لأنه سلَّم لهم عقله،و جعل السلفية التي هي حق في نفسها وسيلةً لظلم الناس، و العدوان عليهم، و الضر بالمسلمين أشد الضر، فكانت هي حتفه، وسبب غفلته، و قبوله ما لا يقبله آحاد البشر، مما يخالف الضرورة و البديهة .
إن ما نعيش به حياتنا اليومية، و نتعامل به مع غيرنا من طرق التفاهم و التخاطب، و الشعور كالحب و البغض ،هو من بديهيات البشر أو من ضروريات طباعهم، ومن عاداتهم التي لا يحتاجون لمعرفتها إلى إعمال عقولهم كالمعاني الدقيقة التي يطول عهد المرء بها فينسى تفاصيلها .
دور العقل ليس التفكير في "حمل المجمل على المفصل من كلام الناس"،أو "الموازنة بين سيئاتهم وحسناتهم"، فهذه ضروريات آدمية في حياة الناس ،دور العقل : حسن الاختيار، الإبداع في استخراج المعاني الشرعية،التبصر الدقيق في الواقع لإصلاحه، دور العقل الاستشراف ،دور العقل سبر الأفكار و الوقائع، الغوص في المعاني الدقيقة ، دور العقل المقاربة الكاشفة لغوامض العلل ، دور العقل التحليل العميق ،دور العقل الفطري : الجمع بين المتماثلات و التفريق بين المختلفات.
أما تلك المسائل التي يثيرها بعض السلفيين فإنها لا تحتاج لإعمال العقل، لأنها من ضروريات الحياة الآدمية.
عندما يقول لك شيخ: لا تحمل "مجمل كلام الناس على مفصله"، و"مبهمه على مفسره" فإنه بدعة، و أنت في كل صباح يوم جديد تقول للناس و لأقربهم إليك: "لم أفهم أتقصد الباب الداخلي أم الباب الخارجي؟" ،"لم أقل لك: لا أعمل اليوم ، قلتُ : لا توقظني كالعادة باكرا ؟"
وعندما تسأل والدتك أو زوجتك ماذا تطبخين لنا اليوم؟ فتقول لك : "لوبيا" تقول مباشرة ومن غير تردد: يابسة أم خضرة ،يعني: تستفصل .
عندما يقول رجل: لم يبق دين، ولا مروءة.
لا تزعم عليه أنه يكفِّر الأمة، و ينفي عنها المروءة بالاستغراق و الشمول.
عندما يفتح الحجاب لرجل فيرى مشهد القدر: كلٌّ يجري بإرادة الله و تقديره، فيقول من شدة وقع الكشف على قلبه: والله ما ثمة إلا الله.
لا تتهمه بوحدة الوجود حتى تنظر في جميع كلامه و تحاول التعرف على مقصده، فإن من الكلام ما يقوله الصديق و يقوله الزنديق.
قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ في ( إغاثة اللهفان){233/1}:" ذكر البخاري في الصحيح عن أم الدرداء ـ رضي الله عنها ـ قالت: (( دخل علي أبو الدرداء مغضبا، فقلت له: مالك؟ فقال: والله ما اعرف فيهم شيئا من أمر محمد صلى الله عليه و سلم إلا أنهم يصلون جميعا)).
و قال الزهري( دخلت على انس بن مالك بدمشق وهو يبكي فقلت له: ما يبكيك؟ فقال: ما اعرف شيئا مما أدركت إلا هذه الصلاة، وهذه الصلاة قد ضيعت)) ذكره البخاري.
و في لفظ آخر: ((ما كنت أعرف شيئا على عهد رسول الله صلى الله تعالى عليه و آله و سلم إلا قد أنكرته اليوم)).
و قال الحسن البصري: (( سأل رجل أبا الدرداء ـ رضي الله عنه ـ فقال: رحمك الله لو أن رسول الله صلى الله تعالى عليه و سلم بين أظهرنا، هل كان ينكر شيئا مما نحن فيه؟ فغضب و اشتد غضبه و قال: وهل كان يعرف شيئا مما انتم عليه؟ )).
وقال المبارك بن فضالة: (( صلى الحسن الجمعة و جلس فبكى فقيل له: ما يبكيك يا أبا سعيد؟ فقال: تلومونني على البكاء ولو أن رجلا من المهاجرين اطلع من باب مسجدكم ما عرف شيئا مما كان عليه على عهد رسول الله صلى الله تعالى عليه و سلم أنتم اليوم عليه إلا قبلتكم هذه)).
فهذا الكلام من الصحابة و التابعين لهم بإحسان ليس مبالغات مجازية فإنهم رضوان الله عليهم بكوا مما رأوا من حال الأمة المتغير، لا يعني أنهم كفَّروا الأمة برمتها.
إذا احتاجت البديهيات أو الضروريات في الطبع الآدمي إلى إعمال العقل كنت كمن استهلك عقله في اكتشاف الغريزة ،إعمال العقل حيث نريد التعرف على الحكم على الحالة المعينة .
عندما يقال لك: "لا اجتهاد مع النص" هنا يجب عليك إعمال العقل لتفهم القصد منها، و أنها لا تمنع من الاجتهاد في فهْم النص، ففرق بين اجتهاد يضع علة موازية للنص وبين الاجتهاد في فهم دلالة النص.
إعمال العقل حيث التشابه لإدراك الفارق المعتبر ( قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ)
لقد بعتَ عقلك أو تصدقت به أو رميته في سلة المهملات لأنك أحسنت الظن بعقل غيرك ،و ظلمتَ الناس بحسن ظنك بعقل هذا الشيخ ، فكان عقلك دليلا و آية على جهلك و مخالفتك الفطرة.
وعندما يقول لك شيخ: الموازنة بدعة، ولا يمكنك أن تقسم قلبك شطرين : شطر يحب في المبتدع ما وافق فيه الشريعة وقسم يبغض فيه ما خالفها فيه، فقد أكل عقلك ،ولو أعملت عقلك في كلامه فقط ستجده واهيا، أما لو رددته للشريعة فستجده مضلا.
فبالنسبة لهذا الشيخ يستحيل تقسيم القلب وتوزيع الحب و البغض في أهل البدع لكنه يناقض نفسه فيقول : ((ونحن إذا أبغضنا أهل البدع من الصوفية وغيرهم ، وهم فِرق كثيرة ، ومن الأشعرية وغيرهم ، لا نُبغضهم مثل بُغض اليهود والنصارى، يعني أن الحب مثل الإيمان يزيد وينقص، ويتفاوت في العباد ، والبغض كذلك ، بُغضِي لليهود غير بُغضي للنصارى، غير بُغضي لأهل البدع.))
يعني نبغضهم بأقل من بغضنا اليهود و النصارى فذكر جزء القضية و أغفل جزءها الآخر فإن التفاوت في البغض معلوم سببه وعلته، وهو الفرق بين الإسلام و الكفر، لكن الجزء الذي بقي فارغا من بغض الأشعري بماذا تملأه بالحب أم بالعدم لأنه شيء؟
و السؤال: هل تبغض الأشعري كما تبغض المعتزلي أو الرافضي ؟ ومعلوم أن المحل إما يشغله بغض أو حب، وقلبك تضمن بغضا للأشعري على بدعته، وهي متفاوتة مع بدعة الرافضي فما بقي من المحل يلزم أن يشغله الحب لأنه يستحيل أن يبقى الجزء الذي وافق فيه الأشعري الشريعة بدون حكم : لا حب ولا بغض، أو يلحقه البغض، فهذا باطل إذ يلزم المسلم أن يحب الحق و يبغض الباطل، و قد أبغضت منهم الباطل فكيف لا تحب فيهم الحق؟
وهل هذا الشيخ يحب من ابنه كل شيء،أو يبغض فيه كل شيء؟
ليتفكر في هذا ساعة يعلم إن كان قادرا على الجمع بين الحب و البغض في الذات الواحدة المتعددة الصفات؟
عجبا لمن يصل بعد كلفة ومشقة إلى التشكيك في البديهيات و الطعن على الضروريات.
أما من حيث الشريعة: كما قال النبي صلى الله عليه و سلم ( لاَ يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خَلْقًا رَضِىَ آخَرَ)) .مسلم (2/091)، وأحمد (2/329)،وغيرهما.
الممتنع أن تحب و تبغض الصفة الواحدة ، لا الصفات المتعددة، إلا إن كانت متعدية إضافية، و ليست حسنا أو قبحا في ذاتها، كالشيب فمحبوب من وجه مبغوض من وجه، محبوب من جهة كونه علامة على حكمة السن، و نورا للمؤمن، ومبغوض من جهة دلالته على العجز و الشيخوخة، فالشاب يبغضه من جهة و يحبه من جهة أخرى،وكذلك الشيخ يحبه من جهة، ويبغضه من جهة أخرى.
هؤلاء الشيوخ يريدون منكم أن تكونوا نسخا مكررة عنهم ، لا يريدونكم أن تتفوقوا عليهم في العلم لتتقدم الأمة،فإن التكرار يدل على استقرار الحال على ما هو عليه و الأفضلية تدل على الحركة إلى الأمام، تدل على التطور، وكما يريد الأب لابنه أن يكون خيرا منه،يريد الشيخ لطلبته أن يكونوا خيرا منه ليس من باب الإيثار فإنه لا إيثار في العمل الصالح ولكن لعلمه أننا أبعد ما يكون عن حقيقة هذه الأمة التي أرادها الله لها، و أنها لن تقترب من الغاية المقصودة بها ومنها إلا بأن يكون اللاحق أفضل من السابق .
لقد أحسن بعض الناس الظن ببعض الشيوخ لأبَّهة العلم فلما تعلَّموا عدوهم من العَمِينَ،ومن لم يكن له نصيب من عقل راجح يُعمله في المتشابه ،ودين يُحي فيه واعظ نفسه، قاده حسنُ الظن إلى مهلكه و عطَّل فيه ميزة العقل، ونعمة إعماله.

الشيخ مختار الطيباوي









 


رد مع اقتباس
 

الكلمات الدلالية (Tags)
لتعطل, افضل, عقلك, طريقة


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 17:17

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc