بَينَ الأُمْنِيَاتِ والحَقَائِقِ.. ابْتَلَاءٌ وَتَمْحِيصٌ! - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > القسم الاسلامي العام

القسم الاسلامي العام للمواضيع الإسلامية العامة كالآداب و الأخلاق الاسلامية ...

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

بَينَ الأُمْنِيَاتِ والحَقَائِقِ.. ابْتَلَاءٌ وَتَمْحِيصٌ!

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2016-01-12, 22:20   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
أم سمية الأثرية
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية أم سمية الأثرية
 

 

 
الأوسمة
وسام التقدير 
إحصائية العضو










B10 بَينَ الأُمْنِيَاتِ والحَقَائِقِ.. ابْتَلَاءٌ وَتَمْحِيصٌ!

بَينَ الأُمْنِيَاتِ والحَقَائِقِ.. ابْتَلَاءٌ وَتَمْحِيصٌ!

بسمِ اللهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيم...
إنَّ الحمدَ للهِ نحمَدُهُ ونستعينُهُ
من يهدِهِ اللهُ فلَا مضلَّ لهُ، ومن يُضللْ فلَا هاديَ لهُ
وأشهدُ أنْ لَا إلَهَ إلَّا اللهَ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ وأنَّ محمَّدًا عبْدُهُ ورسولُهُ أمَّا بعدُ...
فَإِنَّ اللهَ جَعلَ للإنسَانِ قلْبًا يَتمَنَّى ويشْتَهي ويحلُمُ ويَنْوِي الخيرَ والصَّلَاحَ، ولكنْ منَّ من إذَا تحقَّق لَهُ ما تمنَّى كانَ الحالُ على نَقيضِ ما نوَى وتمنَّى!

فترَى إحْداهُنَّ تَتمَنَّى أنْ يرزُقَها اللهُ الزَّوجَ الصَّالِحَ؛ وأن يأتيَ يومُ زَفَافِها؛ لتُؤَسِّسَهُ على (الكتابِ والسُّنَّة)؛ بلا مخالفَاتٍ شَرْعيَّةٍ، فلمَّا يُقدِّرُ اللهُ لها ما تمَنَّتْ؛ إذْ بشَعْرها قدْ رَفَعَتْهُ (كأسنِمةِ البُختِ)، وإذ بثوبِ زفافِها ضيِّقٌ شفَّافٌ يُرضي -أيَّما رضًى- للموضة! وإذْ بالمدعُوَّاتِ لزفافِها منَ الكاسياتِ العارياتِ، وللحواجبِ نامصاتٍ! وإذْ بصُورَها وصُورِ زوجِها، تُعْرضُ أمامَ الحاضراتِ! وعندما تُنَاصحُ؛ تقولُ: "الزّوجُ يريدُ ذلك"!.. "إن لم أفعل ذلكَ لن أتزوَّج أبدًا"!
فأينَ (الحقيقةُ) منَ (الأمنيةِ)!

وترَى أحدَهُم، يتمَنَّى الزَّواجَ بالصَّالِحَةِ الطّيِّبَة المطيعةِ؛ لتُعينَهُ على آخِرَتِهِ؛ فلمَّا وفَّقَهُ اللهُ إليها، وظفرَ بها وحظَيَ؛ زهِدَ بمكانتِها بينَ نسَاءِ زمَانِها، وبدَأَ باستغلَالِ حُسْنِ تعامُلِها، وضعْفِها، وصمْتِها؛ فاحتَقَرَ توجيهاتِها؛ وضاقَ صدرُهُ من نصائِحها، وسفَّهَ آراءَها المبنيَّةَ على (الكتابِ والسُّنَّة)!
فأينَ (الحقيقةُ) منَ (الأمنيةِ)!

وترَى أحدَهُم، يتمنَّى أن يرزَقَهُ اللهُ مالًا؛ لِيُنفِقَهُ في الخَير، وفيما يُرضيهِ تعالى، فتارةً يحلُمُ أنَّهُ بنى مسجدًا كبيرًا، وتارةً أخرى يحلُمُ أنَّهُ تصدَّقَ بالآلافِ على الفقراءِ، فلمَّا ابتلاهُ ربُّهُ بالمالِ الوفيرِ؛ وصارَتِ النُّقودِ بين يديهِ وداخلَ أدراجِ خزانتِهِ؛ أخذَ يتصارعُ بين أمنياتِهِ وبُخْلِهِ، فينظرُ إليها مستخسرًا متحسِّرًا أن يُنفِقَها فيما كان قد تمنَّاهُ! فيكنِزُها، فلا زكاةٌ، ولا صدقاتٌ، ولا ذاكَ المسجدِ الذي بناهُ في خيالِهِ!
فأينَ (الحقيقةُ) منَ (الأمنيةِ)!

وترَى أحدَهُم، ينوي إنْ علَّمَهُ اللهُ علْمًا شرعيًّا؛ أن ينفعَ النّاسَ بهِ، ويفيدَهُم بما يُقرِّبُهم إلى ربِّهم، ويأخذَ بأيديهِم ليُخرجَهُمْ -بعونِ اللهِ- من ظلماتِ الجهلِ إلى نورِ العلمِ، ومنَ الضَّلالِ إلى الهدى؛ وإذ به ما إنْ يتحصَّلُ على غايتِهِ ومطلوبِهِ؛ ويرتقي في درجاتِ العلمِ، وينهلُ من ينبوعِهِ؛ يستحسنُ ويبتدعُ ما لا يوافِقُ (الكتابَ والسُّنّةَ)، ويأخذُ من الآراءِ ما يوافقُ هواهُ، فيزِلُّ ويُزِلُّ، ويَضِلُّ ويُضِلُّ!
فأينَ (الحقيقةُ) منَ (الأمنيةِ)!

وترَى أحدَهُم، ينوي إنْ شَفَاهُ اللهُ من مرضِهِ أن لا يَظْلِمَ ولا يؤذي، وأن يُكثِرَ من الطَّاعاتِ؛ فلمَّا منَّ اللهُ عليهِ بالعافيةِ والشّفاءِ وذهابِ ما كانَ به من بأسٍ، عادَ إلى لهوهِ وغفْلَتِهِ، وظُلمِهِ وجبرُوتِهِ وبطْشِهِ!
فأينَ (الحقيقةُ) منَ (الأمنيةِ)!

وترَى أحدَهُم، يتمنَّى أن تعودُ إليهِ نِعْمَةٌ كانتْ قدْ ذهبَتْ من بين يديهِ بسبب بطَرِهِ، أنْ يحرصَ عليها ولا يُفرِّطَ فيها كما فرَّطَ في سابقاتِها وجحدَ؛ فلمّا أتَتْهُ وبأكثَرِ ما تمنَّى؛ عادَ إلى سيرَتِهِ الأولَى، فتبطَّرَ وتكبَّرَ!
فأينَ (الحقيقةُ) منَ (الأمنيةِ)!

مَواقِفُ ومواقفُ يظنُّ المرءُ معَها أنَّهُ مُتَنَصِّلٌ من تبِعاتِها، وآثامِها! فيغْفَلُ عن أنها امتحانٌ لما في صدْرهِ، وتمحيصٌ لما قلبِهِ، وتصديقٌ لنيَّتِهِ! وقدْ قالَ سُبحانَهُ وتعالى: {وَلِيَبْتَلِيَ اللّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحَّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}[آل عمران: 154].

مواقفُ توقِفُنا على حقيقةِ أنفسنا بأنَّنَا لسنا بعيدينَ عن قصَّةِ (الأَبرَصِ، والأَقْرَعِ، والأَعْمَى)! -وإنِ اختلفَتْ بعضُ التّفاصيلِ والمرامي-، وأنَّ تلكَ القصَّةَ إنما كانتْ محضَ ابتلاءٍ، واختبارٍ، وجزاءٍ لأولئكَ الثّلاثةِ! وأنَّ ما يَأتينا من نِعَمِ اللهِ الكريمِ؛ إنما هوَ لنا -أيضًا- ابتلاءٌ واختبارٌ وتمييز، ومآلُهُ جزاءٌ!
قال تعالى: {وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ}الآية. [الأنبياء: 35].
وقالَ سُبحانَهُ: {لِيَمِيزَ اللّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} الآية. [الأنفال: 37]
وقالَ جلَّ شأنُهُ: {فَهَلْ أَنتُمْ شَاكِرُونَ}الآية. [الأنبياء: 80]
نرجُوه تباركَ تعالى أنْ يقِيَنا شرَّ أنْفُسِنا..
وأنْ لَا يكلَنا إلى أنفسِنا طرفةَ عينٍ..
وأن يوزِعنَا شُكْرَ نِعَمِهِ علينا، ويجنِّبنَا نُكْرَانَها وتبديلَها...

قالَ عزَّ وجلَ: {وَمَن يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللّهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُ فَإِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}[البقرة: 211]
وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آلِهِ وسلَّم.


كتبتْهُ: حَسَّانَةُ بنتُ محمَّدٍ ناصرِ الدِّينِ بنِ نوحٍ الألبانيِّ.
الثّلاثاء 3 ربيع الثّاني 1437هـ‍









 


رد مع اقتباس
 

الكلمات الدلالية (Tags)
الامنيات, الدقائق, ابتلاء, تلخيص, بين


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 01:13

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc