اجتماع القوم لتشاور في أمر من أمورهم ، كالقيام بحرب أو الاصلاح بين متنازعين، ويأتي في هذه المواقف خطب ومحاورات ، ويتبع ذلك الوصايا التي يقدمها رئيس القوم أو حكيمهم لقومه.
وفي أسواقهم كانت تقوم بينهم المنافرات والمفاخرات ويتعالى كل شخص أو قبيلة
على الآخر، وكانت هذه تتناول كل شيء حتى أن الخنساء وهي بنت عتبة تنافرت في المصائب وهذه المواقف تظهر قوة البديهة العربية، والقدرة البالغة على الارتجال وأكثر ما نجد في هذه الخطب أو الوصايا اتسامها بقصر الجمل، وسرد الحكم حتى تكاد تنقطع الصلة بين جملة وأخرى وهي في جملتها خلاصة تجاربهم وخبراتهم بشؤون الناس وأحداث الحياة، وليس في حكمهم معاني فلسفية عميقة، لقلة ثقافتهم وعدم دراستهم ولكن مع ذلك لهم نظرات صائبة وأراء حكيمة لا نزال نحتاج إليها ونستعين بها فيما يطرأ لنا من أحداث ومواقف تشبه ما طرأ لهم ، وكثيراً ما يأتي السجع في عباراتهم عفوية فإن لم تكن العبارة مسجوعة كانت الجمل مقسمة متوازنة، وخطب الأعراب وادعيتهم من ابلغ وأجمل ما في أساليب اللغة العربية، وخطب الجاهلين وادعيتهم ومحاوراتهم ووصاياهم كلها مما يستعين به الخطيب الحديث على الخطابة، ويمد فيها مداً واسعاً بالرأي والفكر والتعبير والبلاغة.