رمضان سجن أم مدرسة؟

[عبد الرحيم]

رمضان سجن أم مدرسة ؟

في كل عام وبحلول شهر رمضان المبارك نسمع كثيرا في الدروس والخطب والمواعظ الدينية عبارة "رمضان مدرسة"، وبالفعل هو كذلك لمن صدق مع نفسه وربه وعزم على التوبة والإستقامة ففي رمضان تصفد الشياطين وييسر الله تعالى لعباده المؤمنين فعل الطاعات والمبادرة إلى الخيرات يقول تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) البقرة 183. فرمضان يعلمنا تقوى الله ومراقبته لذلك نرى المساجد تعج بالمصلين والذاكرين الله ويقبل الناس على قراءة القرآن بشكل يبعث في النفس الطمأنينة والسرور وكذلك تكثر الصدقات ويكثر المتصدقين في رمضان، وبالجملة فإن إقبال الناس على فعل الخيرات في رمضان يزداد وفعلهم للمعاصي والمحرمات يقل.


لكن الشيء المؤسف في الأمر أنه مباشرة بعد انقضاء رمضان ترجع الأحوال إلى ما كانت عليه قبل رمضان، فتفرغ المساجد وتمتلئ المقاهي وتكاد تنعدم الصدقات ويرجع كل ذي معصية إلى معصيته وكل ذي عادة سيئة إلى عادته وتعود حليمة إلى عادتها القديمة، لماذا يحدث هذا ؟ أليس من المفروض أننا كنا في مدرسة؟ لماذا لا نطبق الدروس التي تعلمناها من هذه المدرسة؟ هل لأننا لا نستوعب الدروس أم لأن هذه الدروس خاصة فقط بالمدرسة ولا علاقة لها بما خارج المدرسة؟
واقعنا يقول كأننا لم نكن في مدرسة بل يبدو وكأننا كنا في سجن كنا فيه مكبلين ومقيدين فلما تحررنا من هذا السجن عدنا إلى ما كنا عليه قبل رمضان، والله وللأسف الشديد كأنه لما تحرر الشيطان تحررنا معه وانطلقنا وراءه يقودنا كيفما شاء وحيثما شاء.



إن الذي يحافظ على الطاعات وفعل الخيرات ويجتنب المعاصي والمنكرات بعد رمضان يمكن اعتباره أنه فعلا كان في مدرسة تعلم منها تقوى الله والإستقامة على دينه أما من كان ينتظر انقضاء رمضان بفارغ الصبر كي يرجع لما كان عليه من الذنوب والمعاصي فكأنه كان في سجن تحرر منه مع تحرر الشيطان.