بسم الله الرحمن الرحيم
" تسلية أهل المصائب بذكر ما ورد في الصبر على المصيبة "
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد ، أما بعد :
قال الله تعالى : " وبشر الصابرين * الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون * أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون " .
وقال تعالى : " و لمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور " .
وقال تعالى : " ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم " .
وعن عطاء بن أبي رباح ، قال : قال لي ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ ألا أُرِيكَ امرأةً من أهل الجنة ؟فقلت : بلى ، قال : هذه المرأة السوداء ، أتت النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالت : إني أُصْرَعُ ، وإني أَتَكَشَّفُ ، فَادْعُ اللهَ تعالى لي ، فقال : " إنْ شِئْتِ صَبْرْتِ ولَكِ الجنة ، وإن شئت دعوتُ اللهَ أَنْ يُعَافِيَكِ " . فقالت : أَصْبِر ، ثم قالت : إنِّي أتكشف فادع الله أن لا أتكشف ، فَدَعَا لَها " . رواه البخاري ومسلم .
عن أبي مالك الحارث بن عاصم الأشعريّ ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الطُّهُور شَطْرُ الإيمان ، والحمدُ لله تَمْلأُ الميزان ، وسُبْحانَ اللهِ والحمد لله تَمْلآنِ ما بينَ السماء والأرض ، والصلاةُ نورٌ ، والصدقةُ بُرْهَانٌ ، والصبرُ ضِيَاءٌ ، والقرآنُ حُجَّةٌ لكَ أو عليكَ " الحديث . رواه مسلم .
عن أبي سعيد الخُدْرِي ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : " ... ، ومن يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللهُ ، وما أُعْطِي أحدٌ عَطَاءً خيراً وأَوْسَعَ من الصبر " . رواه البخاري ومسلم .
وعن صُهَيب بن سِنان ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " عَجَباً لأمرِ المؤمنِ ، إنَّ أمرَه كُلَّهُ له خير ، وليسَ ذلك لأحدٍ إلا للمؤمنِ !
إنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَر ، فكان خيراً له ، وإن أصابته ضَرَّاءُ ، صَبَرَ فكان خيراً له " . رواه مسلم .
وعن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إنَّ الله عز وجل ، قال : إذا ابتليتُ عبدِي بحبيبتيه ، فصبر ، عَوَّضْتُهُ منهما الجنة " ـ يريد عينيه ـ رواه البخاري .
وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : " ما يُصِيبُ المسلمَ من نَصَبٍ ، ولا وَصَبٍ ، ولا هَمٍّ ، ولا حَزَنٍ ، ولا أَذَىً ، ولا غَمٍّ ، حتى الشوكةُ يُشَاكُها ، إلا كَفَّرَ اللهُ بها من خطاياه " . رواه البخاري ومسلم . الهَمُّ : على المستقبل ، والحَزَنُ : على الماضي ، والنَّصَبُ : التَعَب ، والوَصَبُ : المَرَض .
وروي من حديث أبي موسى الأشعري ، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : " لا يُصِيبُ العبدَ نَكْبَةٌ فما فوقَها أو دُونَها إلا بذَنْبٍ ، وما يعفو الله عنه أكثر " . قال : و قرأ " وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير " .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من يرد الله به خيراً يُصِبْ منه " رواه البخاري . قوله : ( يصب ) بفتح الصاد وكسرها .
وروى سعيد بن منصور في سننه : حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ، حدثنا عيينة بن عبد الرحمن ، عن أبيه أن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ نُعِيَ إليه أخوه قُثَمُ ، وهو في سَفَرٍ ، فاسْتَرْجَعَ ، ثم تَنَحَّى عن الطريقِ فأناخَ ، ثم صلى ركعتين ، فأطال فيهما الجلوس ، ثم قام يمشي إلى راحلته وهو يقول : " واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين " .
وقال هُشَيمٌ : حدثنا خالد بن صفوان ، قال : حدثني زيد بن علي ، أن ابن عباس كان في مَسِيرٍ له ، فنعي إليه ابنٌ له ، فنزل فصلى ركعتين ، ثم استرجع ، وقال : فَعَلْنَا كما أمرنا الله : " واستعينوا بالصبر والصلاة " .
وقال أبوالفرج بن الجوزي : رُوي عن أم كلثوم ـ وكانت من المهاجرات ـ أنه لما غُشِيَ على زوجها عبد الرحمن بن عوف ـ رضي الله عنه ـ خرجت إلى المسجد تستعينُ بما أُمِرَتْ به من الصبر والصلاة .
وعن ـ ابن مسعود ـ رضي الله عنه قال : دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو يُوعَكُ ، فقلت يا رسول الله ، إنك توعك وَعْكاً شديداً ، قال : " أجل إني أوعك كما يوعك الرجلان منكم " . قلت : ذلك أن لك أجرين ؟ قال : " أجل . ذلك كذلك ، ما من مسلمٍ يُصيبهُ أذَىً ، شوكةٌ فما فوقها ، إلا كَفَّر الله بها سيّئاتِه ، كما تَحُطُّ الشجرةُ وَرَقَها " . رواه البخاري ومسلم . والوَعْكُ : مَغْثُ الحُمَّى ، وقيل : الحمى .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما يَزَالُ البلاءُ بالمؤمنِ والمؤمنةِ ، في نفسِه ، وولدِه ، وماله ، حتى يَلْقَى اللهَ تعالى ، وما عليه خطيئة " . رواه الترمذي وقال : حديث حسن صحيح .
وعن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تُنْصَبُ الموازينُ يوم القيامة ، فيُؤْتَى بأهل الصلاة ، فيُوَفَّونَ أجورَهم بالموازينِ ، ويؤتى بأهل الصيام ، فيوفون أجورهم بالموازين ، ويؤتى بأهل الصدقة ، فيوفون أجورهم بالموازين ، ويؤتى بأهل الحجّ ، فيوفون أجورهم بالموازين ، ويؤتى بأهل البلاء ، فلا يُنْصَبُ لهم ميزانٌ ، ولا يُنْشَرٌ لهم دِيوَان ، ويُصَبُّ عليهم الأجرُ صَبًّا بغير حساب ، ثم قرأ " إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب " . حتى يتمنى أهل العافية في الدنيا ، أن أجسادهم تُقْرَضُ بالمقاريض ، مما يذهب به أهل البلاء من الفضل " . رواه ابن منجويه في تفسيره .
غفر الله لكم ولوالديكم جزاء حرصكم على تعلم السنن وآثار السلف . وألبسكم الصحة والعافية والإيمان ما أبقاكم . وصلى الله على نبينا محمد . __________________https://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=181376