![]() |
|
القسم الاسلامي العام للمواضيع الإسلامية العامة كالآداب و الأخلاق الاسلامية ... |
في حال وجود أي مواضيع أو ردود
مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة
( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
الولاء والبراء بين أهل السنة ومخالفيهم
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
رقم المشاركة : 1 | ||||
|
![]() بسم الله الرحمن الرحيم إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أما بعد: فإن معرفة المسلم الملتزم بالإسلام عقيدة وعبادة لحكم الموالاة والمعاداة في الله؛ تجعله ينطلق في تعامله مع الناس من فهم ثابت، وتصور صحيح، في علاقاته مع الناس، فيعاملهم على أساس قربهم بعدهم من الله، فكلما كان الإنسان إلى أقرب كانت موالاته ومحبته ومناصرته في الله أعظم، وكلما انحرف الإنسان عن طاعة الله عز وجل أبغضه المؤمن على قدر انحرافه، وعاداه على قدر بعده عن الله؛ لأن محبة الله عز وجل هي الأساس في كل تصرف يتصرفه العبد المسلم، فمحبة ما يحبه الله تابعه لمحبة الله منبثقة عنها، إذ المحبة هي أصل الموالاة في الله، والبغض أصل المعاداة في الله([1]) ولعل تهاون كثير من المسلمين في عقيدة الولاء والبراء يعود إلى أمور عدة منها: الأول: جهلهم بحكم الموالاة في الله والمعاداة فيه المستمد من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وإجماع الأمة ولذلك نجدهم يوالون أعداء الله ويحبونهم وكأن الله لم يقل لنا ﴿وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ﴾([2]). الثاني: انحراف كثير ممن ينتسب إلى الإسلام من الفرق المختلفة عن تطبيق الدلالة الحقيقية الشرعية لهذا المفهوم فيحرفونه ويغيرونه، ليناسب ما ذهبوا إليه واصلوه من بدعهم المضللة وأفكارهم المنحرفة. الثالث: تغليب الأهواء الشخصية والمطامع الدنيوية المتعارضة مع أوامر الله تعالى في الموالاة والمعاداة؛ أدى إلى تجاهل الكثيرين لهذا الأمر. الرابع: روح الانهزامية التي تعيشها الأمة المسلمة في هذا الزمان جعلتها تركن إلى الذين ظلموا فتواليهم وتعادي من يعاديهم خوفا منهم ورغبة فيما عندهم ﴿فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ﴾([3]). ونظرا لهذه الأسباب ولغيرها أحببت أن أدلى بدلوي في هذا الموضوع بكتابة هذه الرسالة الموجزة المختصرة والتي اشتملت على بيان منهج أهل السنة والجماعة تجاه قضية الولاء والبراء، ثم اتبعت ذلك ببيان بعض المناهج البدعية المخالفة لهذا المنهج فعرضت لمواقف كل من الشيعة والخوارج والصوفية، ولعل هذه المقارنة تبين مدى اتساع الهوة بين الحق وأتباعه والباطل وأعوانه حول هذه المسألة وبضدها تتبين الأشياء. وفي الختام؛ أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا ممن يرى الحق حقا ويرزقنا اتباعه، وأن يرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه، وأن يجعلنا ممن يحقق عقيدة الولاء والبراء كما شرعها في كتابه وعلى لسان رسول صلى الله عليه وسلم إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه إلى يوم الدين. ([1]) انظر الموالاة والمعاداة في الشريعة الإسلامية جـ1ص27. ([2]) من الآية 51-سورة المائدة. ([3]) من الآية 52- سورة المائدة.
|
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 2 | |||
|
![]() أولا: معلومات أولية وتشمل: 1- التعريف الشرعي لمفهوم الموالاة والمعاداة: المراد بالموالاة: موالاة المؤمنين بالمحبة والنصرة والتأييد. والمراد بالمعاداة: معـاداة الكافرين بالبغض والمنابذة والمحاربة. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله. «الولاية ضد العداوة وأصل الولاية المحبة والقرب، وأصل العداوة البغض والبعد، وقد قيل: إن الولي سمي وليا من موالاته للطاعات، أي متابعته لها، والأول أصح، والولي القريب؛ فيقال: هذا يلي هذا، أي يقرب منه»([1]). ويقول ابن رجب (رحمه الله): (وأصل الموالاة القرب، وأصل المعاداة البعد فأولياء الله هم الذين يتقربون إليه بما يقربهم منه وأعداؤه الذين أبعدهم من بأعمالهم المقتضية لطردهم وإبعادهم)([2]). أما ابن أبي العز الحنفي رحمه الله فيعرف الموالاة قائلا: (والولي خلاف العدو، وهو مشتق من الولاء وهو الدنو والتقرب، فولي الله هو من والى الله بموافقته محبوباته والتقرب إليه بمرضاته)([3]). ويقول د/محمد ياسين: (فإن قيل فما معنى الموالاة؟ فأعلم أن هذا اللفظ مشتق من الولاء وهو الدنو والتقرب، والولاية ضد العداوة، والولي عكس العدو، والمؤمنون أولياء الرحمن، والكافرون أولياء الطاغوت والشيطان، لقرب الفرق الأول من الله بطاعته وعبادته، وقرب الفريق الثاني من الشيطان بطاعة أمره وبعدهم عن الله بعصيانه ومخالفته)([4]). ([1]) فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية 11/161. ([2]) جامع العلوم الحكم ص 315. ([3]) شرح العقيدة الطحاوية ص 406. ([4]) الإيمان: ص110. |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 3 | |||
|
![]()
|
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 4 | |||
|
![]() ثانيا: مفهوم الموالاة والمعاداة عند أهل السنة. |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 5 | |||
|
![]() ويقول ابن أبي العز الحنفي رحمه الله عند شرحه لقول الإمام الطحاوي -رحمه الله-: (ونحب أهل العدل والأمانة ونبغض أهل الجور والخيانة، وهذا من كمال الإيمان وتمام العبودية، فإن العبادة تتضمن كمال المحبة ونهايتها، وكمال الذل ونهايته، فمحبة رسل الله وأنبيائه وعباده المؤمنين من محبة الله، وإن كانت المحبة التي لله لا يستحقها غيره فغير الله يحب في الله لا مع الله، فإن المحب يحب ما يحب محبوبه ويبغض ما يبغض ويوالي من يواليه ويعادي من يعاديه ويرضى لرضائه ويغضب لغضبه ويأمر بما يأمر به وينهى عما ينهى عنه، فهو موافق لمحبوبه في كل حال، والله تعالى يحب المحسنين ويحب المتقين، ويحب التوابين، ويحب المتطهرين، ونحن نحب من أحبه الله، والله لا يحب الخائنين ولا يحب المفسدين ولا يحب المستكبرين ونحن لا نحبهم أيضا ونبغضهم موافقة له سبحانه وتعالى)([1]). من يهن يسهل الهوان عليه انظر : شرح ديوان المتنبي – عبد الرحمن البرقوقي ج4ص217مالجرح بميت إيلام ([3]) الرسائل المفيدة – الرسالة الثامنة – ص64. ([4]) هداية الطريق ص34. ([5]) الآية 51 من سورة المائدة. ([6]) من الآية 51-سورة المائدة . ([7]) في ظلال القرآن 2/911. |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 6 | |||
|
![]() *=== (( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد )) ===*
|
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 7 | |||
|
![]() ثالثاً: مفهوم الموالاة والمعاداة عند الشيعة يعد موقف الشيعة من أغرب المواقف عند الفرق المنتسبة إلى الإسلام في مسألة (الموالاة والمعاداة) المقياس الأول والأخير لديهم في قبول الدين ورده هو (الولاء والبراء) فمن تولى الأئمة وأتباعهم وأحبهم وتبرأ ممن عاداهم دخل في زمرة المؤمنين ولو كان من أفسق الناس وأفحشهم وأقلهم تمسكا بأصول الدين وفروعه، وأن من لم يتول أئمتهم ولم يبرأ من أعدائهم خرج من الإيمان ودخل في الكفر ولو كان مؤمنا تقيا ورعا صالحا ولذلك اشتهر عنهم قولهم: (لا ولاء إلا ببراء) يقول الشهرستاني موضحا جملة من عقائد هذه الفرقة بعد أن يعرفهم: (الشيعة هم الذين شايعوا عليا رضي الله عنه على الخصوص وقالوا بإمامته وخلافته نصا ووصية، إما جليا وإما خفيا، واعتقدوا أن الإمامة لا تخرج من أولاده، وإن خرجت فبظلم يكون من غيره أو بتقية من عنده، وقالوا ليست الإمامة قضية مصلحية تناط باختيار العامة، وينتصب الإمام بنصبهم، بل هي قضية أصولية وهي ركن الدين لا يجوز للرسل عليهم الصلاة والسلام إغفاله وإهماله ولا تفويضه إلى العامة وإرساله، ويجمعهم القول بوجوب التعيين والتنصيص وثبوت عصمة الأنبياء والأئمة وجوبا عن الكبائر والصغائر والقول بالتولي والتبري قولاً وفعلا وعقداً إلا في حال التقية)([1]). والشيعة يتواجدون في كثير من دول العالم وخاصة في البلاد العربية؛ فلهم تواجد بين في إيران والعراق ودول الخليج وسوريا ولبنان وغيرها، ولهم جهود قوية في سبيل التكافل الاجتماعي والتكاثر السكاني والسيطرة الاقتصادية، وكل ذلك مرتبط بدعوة منظمة ودعاية مكثفة لمعتقداتهم التي يبثونها في أنحاء الأرض وأرجائها متخذين من الدعم المادي الهائل والمساندة المعنوية والمؤازرة السياسية سبيلا لتحقيق النجاح في أسرع وقت وبأيسر السبل، وهاهم يقطفون الثمار بشكل متسارع وكل ذلك على حساب أهل الحق، فإلى الله المشتكي وحده لا شريك له، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون. ولمعرفة موقف الشيعة من مفهوم الموالاة والمعاداة لابد من الرجوع إلى كتبهم الموثقة لديهم والمعتبرة عندهم حتى تقوم الحجة وتستبين المحجة وهآنذا أعرض لك أخي القارئ جملة مما في هذه الكتب والتي تعد غيضا من فيض فما أكثر ما يكتبون وما أكثر ما يكذبون وستكون هذه النصوص على مجموعات ثلاث: المجموعة الأولى: (تحريف آيات القرآن الكريم). قام الشيعة بتحريف الكثير من آيات القرآن الكريم لتأصيل قضية (الموالاة والمعاداة) وإعطائها دفعة مؤثرة من القدسية لتنال القبول لدى أتباعهم، وقد تزعم هذا التحريف إمامهم وثقتهم محمد بن يعقوب الكليني في كتابه (الكافي) وتابعه جل علمائهم ومشهوريهم ومن أبرزهم محمد الحسين النوري الطبرسي الذي ألف كتابا سماءه (فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب). وهذا نماذج من هذا التحريف والتزوير، قاتلهم الله أنى يؤفكون: 1-روى الكليني عن الرضا في قول الله عز وجل (كبر على المشركين بولاية علي ما تدعوهم إليه يا محمد من ولاية علي) هكذا في الكتاب مخطوطة ([2]). 2-روى الكليني عن أبي عبد الله في قول الله تعالى﴿سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ * لِلْكَافِرينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ ﴾ثم قال: (هكذا والله نزل بها جبرائيل عليه السلام على محمد صلى الله عليه وسلم)([3]). 3-وروى الكليني أيضا عن أبي جعفر قال: نزل جبرائيل بهذه الآية هكذا (فأبى أكثر الناس بولاية علي إلا كفورا)([4]). أما الطبرسي فقد ذكر في كتابه ما يزيد على 1500 آية ادعى أنها محرفة وادعى كذلك أنه جاء بتصحيح ما حرف من آيات، وكل التصحيحات التي ذكرها تدور على مرتكزين اثنين: *إما إثبات الولاية للأئمة والثناء على من أقر بها وتبشيره بالجنة نتيجة لهذا الإقرار. *وإما ذم ولعن وسب وشتم لأحد المخالفين للشيعة وخاصة من الصحابة. وقد قام الشيخ إحسان إلهي ظهير -رحمه الله تعالى- بفضح هذا الكتاب الذي يضن به الشيعة ويخفونه ولا يظهرونه إلا للخاصة فقط وقد قام الشيخ إحسان آلي ظهير رحمه الله تعالى بفضح هذا الكتاب الذي يضن به الشيعة ويخفونه ولا يظهرونه إلا للخاصة فقط ([5]). ([1]) الملل والنحل ج1ص146. ([2]) الأصول من الكافي- كتاب الحجة –باب فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية ج1 ص 418. ([3]) الأصول من الكافي – كتاب الحجة – باب فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية 1/422.. ([4]) المرجع السابق ج1ص425. ([5]) انظر كتاب (الشيعة والقرآن). |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 8 | |||
|
![]() بارك الله فيكم وجزاكم الله خير |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 9 | |||
|
![]() المجموعة الثانية: (الولاية أساس قبول العمل). |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 10 | |||
|
![]()
|
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 11 | |||
|
![]() رابعاً: مفهوم الموالاة والمعاداة عند الخوارج والمقصود بهم أولئك النفر الذين خرجوا على أمير المؤمنين على بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه بعد قبوله التحكيم مكرهًا عقيب معركة صفين، إذ اعتبر هؤلاء التحكيم كبيرة تؤدي إلى الخروج من ربقة الإسلام، وتحتاج إلى الدخول فيه من جديد بعد إعلان التوبة، ومن ثم بدأت أفكارهم واجتهاداتهم وآراؤهم تتبلور وتأخذ منحنى عقائديا متميزا يبتعد بهم شيئا فشيئا عن منبع الإسلام الصافي ومنهله العذب، ومن الملاحظ: 1-هذا الفكر لازال له امتداد وتواجد في أنحاء مختلفة من عالمنا الإسلامي حيث وجدت مجموعات من الطوائف والتجمعات والفرق همها الأساسي ومنهجها الرئيسي تصنيف الناس بحسب آرائهم واجتهاداتهم، ثم إطلاق ألفاظ التكفير عليهم بشكل عجيب، وقد بين الأمام أحمد رحمه الله تعالى منهج هذه الفرقة بقوله: (هم الذين مرقوا من الدين، وفارقوا الملة وشردوا عن الإسلام، وشذوا عن الجماعة فضلوا السبيل والهدى، وخرجوا على السلطان (المسلم) وسلوا السيف على الأمة، واستحلوا دماءهم وعادوا من خالفهم إلا من قال بقولهم، وكان على مثل قولهم ورأيهم وثبت معهم في بيت ضلالتهم، وهم يشتمون أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وأصهاره وأختانه، ويتبرؤون منهم، ويرمونهم بالكفر والعظائم، ويرون خلافهم في شرائع الإسلام)([1]). ويقول عنهم الشهرستاني: (ويجمعهم القول بالتبري من عثمان وعلي رضي الله عنهما، ويقدمون ذلك على كل طاعة، ولا يصححون المناكحات إلا على ذلك، ويكفرون أصحاب الكبائر، ويرون الخروج على الإمام إذا خالف السنة حقا واجبا)([2]). أما الإسفراييني فيقول واصفا عقائدهم: (إنهم متفقون على أمرين لا مزيد عليهما في الكفر والبدعة: أحدهما: إنهم يزعمون أن عليا وعثمان وأصحاب الجمل والحكمين وكل من رضي بالحكمين كفروا كلهم. والثاني: إنهم يزعمون أن كل من أذنب ذنبا من أمة محمد صلى الله عليه وسلم فهو كافر ويكون في النار خالدا مخلداً)([3]). ولكي تعلم عزيزي القارئ موقف الخوارج من قضية الموالاة والمعاداة، اقرأ معي ما ذكره بعض علماء الملل والنحل حول هذه المسألة. يقول د/محمد بن سعيد القحطاني: (وفرقة الخوارج قد انحرفت في مفهوم الولاء والبراء فهي لا تتولي إلا من يدين بنحلتها القائمة على تكفير مرتكب الذنوب وخاصة الكبائر، وموقفهم من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم يتولون أبا بكر وعمر ويتبرؤون من عثمان وعلي)([4]). أما الدكتور أحمد جلي فيوضح الأمر بشكل موسع فيقول: (وأما المبدأ الثاني للخوارج: وهو اعتبار مرتكب الكبيرة كافرا، فقد بني الخوارج رأيهم فيه على قولهم: إن العمل بأوامر الدين والانتهاء عن ما نهي عنه جزء من الإيمان، فمن عطل الأوامر وارتكب النواهي لا يكون مؤمنا بل كافراً، إذ الإيمان لا يتجزأ ولا يتبعض، ولم يقف الخوارج عند هذا الحد، بل اعتبروا الخطأ في الرأي ذنبا، واتخذوا هذا مبدأ للتبرير والولاية، فمن ارتكب خطأ تبرؤوا منه وعدوه كافراً، ومن اتبع رأيهم وسلم من الذنوب في ظنهم تولوه، وبناء على ذلك تولوا أبا بكر وعمر وعثمان في سنيه الأولى وعليا قبل التحكيم، وتبرؤوا من عثمان في سنيه الأخيرة لأنه – في زعمهم – غيّر وبدل ولم يسر سيرة أبي بكر وعمر وحكموا بكفره، وتبرؤوا من علي حينما قبل التحكيم، وحكموا أيضا بكفره، كما تبرؤوا وكفروا كلا من طلحة، والزبير، وأم المؤمنين عائشة، وأبي موسى الأشعري، وعمرو بن العاص، ومعاوية، وحكام بني أمية)([5]). ويضيف قائلاً: (وقد سيطرت فكرة التولي والبراءة هذه على تفكير الخوارج وكانت نقطة الخلاف الوحيدة بينهم وبين الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز، حينما ناقش أمراءهم وأقروا بعدالته وأنه يختلف عمن سبقه في أنه رد المظالم وعدل بين الرعية، ولكنهم أخذوا عليه أنه لم يعلن البراءة من آل بيته السابقين، ومن ثم لم يدخلوا في طاعته وينضموا إلى صفوف الجماعة المسلمة)([6]). وبناء على ما سبق يتضح لك أخي القارئ أن منهج الخوارج في باب الموالاة والمعاداة ينبني على أصلين رئيسين: الأول: إن مرتكب الكبيرة كافر خارج عن ملة الإسلام يجب قتاله وأخذ نسائه سبايا، والاستيلاء على ماله غنيمة وفيئا، وإنه إن مات على كبيرته ولم يتب منها فإنه مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف مخلدا في النار، ويضيفون إلى ذلك أن من لم يتبرأ من أصحاب الكبائر ويقاتلهم بحسب قدرته واستطاعته يعد مثلهم تجب معاداته ومحاربته. الثاني: إن الخروج على الإمام المسلم الذي يعمل الكبائر ولو لم يستحلها يعد من أوجب الواجبات وأعظم القربات، فيلزم محاربته والتبري منه وممن شايعه وسار في ركابه والتزم طاعته. وقد أدى هذا الشطط في فكر الخوارج، خاصة موقفهم من أصحاب الكبائر واعتبار الاجتهاد المخالف لرأيهم كبيرة موجبة للردة، والدعوة إلى الثورة على الأئمة الذين صدرت منهم هذه الكبائر، أدى بهم ذلك إلى القيام بثورات متتابعة خاصة في أوائل العصر الأموي، وكانت النتيجة أن التئم شمل الأمة ضدهم مما أدى إلى استئصالهم تقريبا والقضاء على شوكتهم، وتشتيت شلّ من بقي منهم مع أنهم عرفوا بالشجاعة والبسالة والتضحية حتى أنهم كانوا يسمون أنفسهم (الشراة)([7]) ولكن الكثرة تغلب الشجاعة. ([1]) كتاب السنة للإمام أحمد بن حنبل ص83وقد نقلتها عن الولاء والبراء في الإسلام ص252. ([2]) الملل والنحل ج1 ص115. ([3]) التبصير في الدين ص45. ([4]) الولاء والبراء في الإسلام ص252 ولعله منقول من التنبيه والرد للملطي ص53. ([5]) دراسة عن الفرق في تاريخ المسلمين ص 49 ، 50. ([6]) دراسة عن الفرق في تاريخ المسلمين ، ص 50. ([7]) حيث يدعون انتساب إلى الآية 27-سورة البقرة، وهي قوله تعالى: ﴿مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ ... ﴾. |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 12 | |||
|
![]() وقد تميزوا عمن سواهم من الطوائف المبتدعة المخالفة لأهل السنة والجماعة بحرصهم الشديد على تطبيق مبدأ الموالاة والمعاداة بشكل عملي ملموس، وكان من نتائج ذلك ما يلي: |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 13 | |||
|
![]() خامساً: مفهوم الموالاة والمعاداة عند الصوفية قبل أن أعرض عليك أخي القارئ موقف الفكر الخرافي بشتى فرقه واتجاهاته من مفهوم (الموالاة والمعاداة) إليك نبذة يسيرة عن هذا التجمع المعروف باسم الصوفية، وهو تجمع ينسب إلى الصوف على أرجح الأقوال([1])؛ لأن أصل التصوف قائم على التزهد والتقشف، خاصة في بدايات ظهوره، فلذلك غلب على كثير منهم لبس الصوف، والتصوف بشكله المعروف عند أصحاب الطرق بشتى صورها وأنماطها يعد دخيلاً على المسلمين وغريبا على الإسلام، فهو بدعة تمارس فيها الخرافات والضلالات العملية والقولية والاعتقادية وهذا أمر يشهد به عمل أكثر الصوفية اليوم، فعن طريق التصوف والمتصوفة انتشرت الشركيات، وعبادة القبور، والطواف بالأضرحة، والقول بالحلول، والاتحاد، والتناسخ، وسقوط التكاليف، وغيرها من الكفريات ولذا يعد الفكر الصوفي خليط كامل لكل الفلسفات والخزعبلات والخرافات التي انتشرت في العالم قديما وحديثا، فليس هناك من كفر وزندقة وإلحاد إلا دخل في الفكر الصوفي وتلبس بالعقيدة الصوفية وتبنته الفرق الصوفية بدرجات متفاوتة. موقف الفكر الصوفي من مفهوم الموالاة والمعاداة: إن الصوفية بشتى فرقهم وتجمعاتهم وطرقهم يؤمنون إيماناً تاما بعقيدة الولاء والبراء، ويطبقونها بشكل ملموس في حياتهم العملية ويتمثل ذلك في النقاط التالية: 1-الولاء المطلق للشيخ. 2-رفض ونبذ الجهاد ضد أعداء الملة والدين. 3-موالاة أعداء الدين من نصارى ويهودي ومنافقين وخاصة في الزمن الحاضر، وذلك بتأييد المستعمرين ومن أمثلة ذلك: أ-الطائفة التيجانية في الجزائر. ب-الطوائف الصوفية في سوريا. جـ-الطوائف الصوفية في تونس. 4-الموقف المعادي الذي وقفته الصوفية تجاه علوم الشريعة ويتمثل في: أ-معاداة العلم الشرعي وحملته. ب-المعاداة الشديدة لحملة المنهج السلفي خاصة. وهذا بيان موجز للنقاط آنفة الذكر: أولا: الولاء المطلق للشيخ: إن المنهج التربوي الذي قررته المتصوفة كفكر دخيل على الإسلام ينبني على عزل المنتسبين إليه عن التلقي من المصادر المشروعة للفكر الإسلامي ويحصرون التلقي في مصدر واحد فقط هو ربط المريد بالشيخ الذي يجالسه، فلا يلتفت لغيره، ولا يتلقى من سواه، ولا ينظر إلى غيره، بل ويطيعه طاعة عمياء تصل إلى درجة العبودية له، والخضوع لإرادته، فلا ولاء إلا في الشيخ ولا عداء إلا في الشيخ فما أحبه الشيخ فهو محبوب ولو كان محرماً، وما أبغضه الشيخ فهو بغيض ولو كان واجباً، ومن أعظم الكبائر أن يتعرض المريد على ما يقوله الشيخ أو ما يفعله ولو كان منافيا للفطرة البشرية أو الدين الإسلامي، فلا إرادة للتلميذ ولا اختيار؛ يقول السهروردي: (وهكذا أدب المريد مع الشيخ أن يكون مسلوب الاختيار لا يتصرف في نفسه وماله إلا بمراجعة الشيخ وأمره)([2]). بل ويقولون: (يجب أن يكون المريد بين يدي شيخه كالميت بين يدي الغاسل)([3])، ومن شعرهم في هذا الباب قولهم: كن عنده كالميت عند مغسل بل ويبوب أحد منظريهم وهو الشعراني في الأنوار القدسية بابـًا بعنوان: (من شأن المريد أن لا يقول لشيخه لم) ويقول فيه: (أجمع الأشياخ على أن كل مريد قال لشيخه: لم لا يفلح في الطريق)([5]) بل وتصل المبالغة عندهم درجة الهذيان حيث يقولون: (بمجرد ما يأخذ المريد عن شيخ لا يعود ينظر إلى وجهه حتى يموت، وفي ذلك سر خفي وهو أن الشيخ ربما تجلى للمريد بالعظمة التي في باطنه لله عز وجل، فلا يطيقها المريد فيموت)([6])، ويضيف الشعراني قائلا: (حقيقة حب الشيخ أن يحب الأشياء من أجله ويكرهها من أجله)([7])، بل لابد للمريد أن يعتقد في شيخه علم الغيب والاطلاع على خفايا النفس يقول الشعراني: (إذا اعتقدت في أستاذك أنه مطلع على جميع أحوالك فقد عرضت عليه صحيفتك فقرأها، فهو إما يشكرك وإما يستغفر لك، فيا سعادة من كان له أستاذ)([8]). يقلبه كيف يشاء وهو مطاوع ولا تعترض فيما جهلت من أمره عليه فإن الاعتراض تنازع وسلم له فيما تراه ولو يكن على غير مشروع فثم مخادع([4]) ([1]) انظر في ذلك : التصوف المنشأ والمصادر إحسان إلهي ظهير ص20، التصوف بين الحق والخلق – محمد فهر شقفه ص12، الصوفية في نظر الإسلام – سميح عاطف الزين ص14. ([2]) عوارف المعارف ص 403. ([3]) موقف الإمام ابن تيمية من التصوف والصوفية 212- التصوف بين الحق والخلق ص143. ([4]) موقف الإمام ابن تيمية من التصوف والصوفية 212- التصوف بين الحق والخلق ص143. ([5]) الأنوار القدسية في معرفة قواعد الصوفية 1/204. ([6]) المرجع السابق 1/93، ويذكر الشعراني بعد هذا النص جملة من الأساطير التي يسميها كرامات حول تجلي الشيوخ للمريدين وموت المريد نتيجة لذلك التجلي. ([7]) المرجع السابق 1/169. ([8]) المرجع السابق 2/6. |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 14 | |||
|
![]() ثانيا: رفض ونبذ الجهاد ضد أعداء الملة والدين: |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 15 | |||
|
![]() ثالثا: موقفهم من الاستعمار الحديث: |
|||
![]() |
![]() |
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc