![]() |
|
القسم الاسلامي العام للمواضيع الإسلامية العامة كالآداب و الأخلاق الاسلامية ... |
في حال وجود أي مواضيع أو ردود
مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة
( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
رقم المشاركة : 1 | ||||
|
![]() المقدمة الحمد لله الذي جعل في السماء بروجا, وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا، والصلاة والسلام على من بعثه ربه هاديا ومبشرا ونذيرا ([1]).أما بعد: فإن الإنسان مهما أوتي من علم وإبداع وتقنيات واختراعات، سيظل هو ابن بيئته وأرضه وإن اخترق الفضاء وقطع المسافات والأرجاء ومهما أوتي من قوة وتفكير, فلن يستطيع أن يغير الكثير مما أودعه الله وجعله الله في هذه الخليقة وفي هذا الكون الفسيح، قال الله تعالى: }وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ{ [يوسف: 21] وقد أمر سبحانه عباده بالنظر والتفكر والإبداع، قال الله تعالى: }الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ{ [آل عمران: 191]، وقال الله تعالى: }قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآَيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ{ [يونس: 101]. فهذا الكون وما فيه من حكم باهرات، وآيات بالغات، وأسرار وعظات، يدعو كل مسلم بل كل عاقل لإعمال العقل والقلب والسمع والبصر في كل ما يحيط به، فتفكر – أخي في الله – في نفسك التي بين جوانحك وتفيَّأ قول ربك }وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ{ [الذاريات: 21] ثم انطلق وسافر عبر هذا الكون وتذكر قول مولاك }لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ{ [غافر: 57] وقوله تعالى: }أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا{ [النازعات: 27]. فتلمس ما فيه من أسرار، وقف وقفة العبد المشفق على نفسه, المقر بعظمة ربه, وثق أن الله سيفتح لك أبواب فضله ورحمته، فمن أنار الله بصيرته فسينفذ ويتجاوز السماء وما فيها من نجوم وكواكب وأقمار ويتجاوز الأرض وما فيها من سهول ووهاد ومن جبال وتلال وبحار وقفار، ويجول ببصيرته قبل بصره في ملكوت هذا الكون الذي يشهد بعظمة خالقه، ولن تلبث إلا أن تفتح لك أبواب المعرفة والإيمان مصاريعها حتى ينتهي بك المطاف إلى الإذعان بعظمة هذا الخالق, ويثبت قلبك وتطرق هيبة وخشوعا لمولاك وسيدك، فيثمر ذلك سعادة وحياة ولذة بل وتحيا في جنة الحياة قبل جنة الخلد، وستجد ذلك مستقرًا في سويداء قلبك مهما اعترتك نوائب الدهر وخطوب الزمان. وتذكر أنك مهما نقلت فؤادك, فلن يستقر ويطمئن إلا لحبيبه الأول, وموجده ربه ووليه سبحانه وتعالى الذي ليس لك من دونه ولي ولا شفيع ولا غنى لك عنه طرفة عين، ولا تكن - يا رعاك الله – ممن خرج من هذه الدنيا ولم يُذِقْ أطيب ما فيها وهل تدري ما أطيب ما فيها، إنه: (معرفة الله، ومحبته، والأنس بقربه والشوق إلى لقائه). ولقد أكثر سبحانه من ذكر التفكر والتدبر في كتابه الكريم، فالتفكر والتذكر هما قطبا السعادة، ومعين هذا الدين الذي لا ينضب، فالتفكر في حد ذاته عبادة، وكما قيل الفكرة تذهب الغفلة، وتحدث للقلب خشية، والتذكر يحدث بإذن الله تعالى، عند العبد رجوعًا وإنابةً وخضوعًا وعبادةً، ويعلم ذلك المنيب أن كل معصية مهما صغرت فهي عظيمة في جنب عظمة الخالق سبحانه وتعالى, وكما قيل (لا تنظر إلى صغر المعصية ولكن انظر إلى عظمة من عصيت)، كيف لا؛ والمعصية شرخ في بنيان العبودية والتوحيد. وله في كل شيء وقفة تأمل وتدبر:آية تدل على أنه الواحد فيا عجبا كيف يعصى الإله أم كيف يجحده الجاحد مما لا شك فيه أن للتذكير بما يوافق الأحوال والأزمان الأثر البالغ لمن رزقه الله قلبًا واعيًا، ونفسًا مؤمنة، قال تعالى: }إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ{ [ق: 37] فها هو كتاب ربنا جل وعلا يذكرنا بما أودع سبحانه في هذا الكون من آيات كونية؛ فهو الكتاب المنظور الناطق بعظمة موجده وخالقه، قال تعالى: }أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ{ [الأعراف: 185] وقوله تعالى: }سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ{ [فصلت: 53] ونعوذ بالله أن نكون ممن وصفهم ربهم فقال عنهم }فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ{ [الأحقاف: 26] بل إنه سبحانه وَصف من أعرض عن النظر والتدبر في ملكوته ومخلوقاته سبحانه بِشَرِّ وَصْفٍ فقال عنهم }قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآَيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ{ [يونس: 101] وقال عز من قائل: }وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ{ [محمد: 12] فالمؤمن من تحرك قلبه وتذرف عينه كل ذرة وكل نسمة ولك آية تذكرة بمولاه؛ فيلهج من سويداء قلبه: سبحانك ما عبدناك حق عبادتك وما قدرناك حق قدرك }رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ{ [آل عمران: 191] وهاأنت حين تقلب النظر وتجول بالفكر وتتلو باللسان كلام الرب المنان, قلَّ أن تجد سورة من سور القرآن إلا وفيها ذكر السموات والأرض، والليل والنهار، والشمس والقمر، والجبال والبحار إما إخبارا عن عظمتها أو إقساما بها، وإما دعوة للنظر والتأمل فيها، وإما تدليلاً منه جل وعلا بربوبيته وألوهيته وإما دعوة إلى توحيده والخضوع له، }تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا{ [الإسراء: 44] فكل ما في هذا الكون من الذرة إلى المجرة وما فوقها يسبح لله ويذعن بربوبيته وألوهيته، وذكر هذه الآيات فيه من الحكم ما الله به عليم، قال تعالى: }إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ{ [آل عمران: 190] ويكفي العبد من ذلك كله قوله تعالى }وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا{ [الفرقان: 47]، فمسكين ذلك الإنسان المتمرد على خالقه، الظالم لنفسه }* يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ{ [الانفطار: 5، 6] ولكن صدق الله في وصف هذا المخلوق }إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا{ [الأحزاب: 72] }إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ{ [إبراهيم: 34] }قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ{ [عبس: 17] }وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ{ [يوسف: 103] بل ويتمادى ويماري ويجادل فيمن خلقه وأوجده من العدم }أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ{ [يس: 77] فعجيب أمر هذا الإنسان، قال تعالى: }وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا{ [النساء: 28] }خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ{ [الطارق: 6] خلق من نطفة قذرة ويحمل في جوفه العذرة، وإذا مات أصبح جيفة منتنة تبحث عمن يواريها؛ لتعود فيما خلقت منه في رحلة هي مهما طالت فإنها قصيرة مشوبة بالآلام والأكدار، قال تعالى: }مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ{ [طه: 55] }مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ * ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ * ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ{ [عبس: 19-21] بل ترى ذلك الكافر الذي طمس الله بصيرته في الدنيا حينما يرى البهائم أمام ناظريه تتهاوى ترابا يقول بلسان الحسرة }يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا{ [النبأ: 40] وينسى أنه يوما ما لم يترفع عن التراب بل ترفع عن الناس وعن كلام الحق بل وعن العبادة لرب الناس، ورب العباد، قال تعالى: }وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ{ [الأعراف: 172]. ([1])أصل هذه الكلمة خطبة جمعة، وقد رغب بعض الأحبة في تدوينها وطباعتها؛ لأجل أن تعم الفائدة، فاستجبت للطلب رغبة في الأجر والثواب، والله أسأل أن ينفع بها، وأن يتجاوز عما وقع فيه من خلل وتقصير.
|
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 2 | |||
|
![]()
|
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 3 | |||
|
![]() الصيف والشمس: |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 4 | |||
|
![]() ابن القيم وأسرار الشمس: |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 5 | |||
|
![]() الشمس ولغة الأرقام: أما عن الحكم الإلهية التي أودعها الله هذه الشمس والتي قد تكرر ذكرها في الكتاب المبين قرابة ثلاثة وثلاثين مرة وقبل أن أورد هذه الدروس والوقفات، فأستسمح القارئ الفاضل في إيراد جملة من المعلومات عن هذه الشمس بما يسمى بلغة الأرقام فدقق وتأمل وأمعن النظر:فإن كنت تظن أن هذه الشمس قريبة منك, فاعلم أنها تبعد عنك قرابة 150.000.000 كم (مائة وخمسون مليون كم) وهي أقرب منا في فصل الشتاء من فصل الصيف، فقربها في الشتاء يصل إلى 147 مليون كم وفي الصيف يقدر بعدها بمسافة 152 مليون كم وذلك لأنها عمودية في الصيف مائلة في الشتاء (فسبحان من قدر كل شيء). وإن كنت تظن أن أشعتها التي تكاد تحرق جسدك الغض فاعلم أن ما يصلك من حرها هو بمعدل (1/ 1000.000.000) (واحد إلى مليار). أما حرارتها عند سطحها فتقدر بـ 6000م (ستة آلاف) أما جوفها فلا أظن أن يخطر على بال. وحين تزهو بنفسك أو بدارك أو قصرك أو عقارك تذكر أن هذه الأرض بل والكواكب والتوابع والمذنبات والشهب التابعة للمجموعة الشمسية لا تشكل إلا 1% فقط من كتلة هذه المجموعة، وبقية المائة أي 99% هي كتلة هذه الشمس النجم الملتهب. وما زلنا في لغة الأرقام, فإن كنت تصورت كبر هذه الشمس وضخامتها فأضف إلى معلوماتك الآتي: أن نجم الشِّعْرَى يفوق الشمس بـ 50 مرة. أما نجم سهيل فيفوق الشمس بـ 2500 مرة. أما السماك فيفوق الشمس بـ 8000 مرة ([1]). وكلها نجوم تراها ليلا ولكن كل السر أن الشمس نجم قريب منا فقط (150 مليون كم)، ورغم ذلك فإنه بمجرد دوران الأرض عن مواجهة الشمس يحل الليل لأن النهار هو الذي يجليها قال تعالى }وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا * وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا * وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا * وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا{ [الشمس: 1-4]. أما المعلومة الرقمية الأخيرة فهي: أن مجموعتنا الشمسية تشكل 1 من 120.000 مليون من مجرتنا درب التبانة. ومجرتنا درب التبانة تشكل 1 من 100.000 مليون مجرة في هذا الكون الفسيح. فكيف ترى نفسك الآن حيال هذه الأرقام؟ وما حجمك؟([2]). ([1]) نجم السماك الرامح ويقع ضمن كوكبة العواء ويبعد عن الأرض 650 سنة ضوئية. نجم سهيل ثاني ألمع نجم في السماء بعد الشعري ويقع ضمن كوكبة القرنية ويبعد عن الأرض 650 سنة ضوئية. نجم الشعري اليمانية هو أسطع نجم ويقع ضمن كوكبة الكلب الأكبر ويبعد 8.7 سنة ضوئية. والسنة الضوئية تقدر بـ 5848 بليون ميل (109.46كم) وسرعة الضوء في الثانية الواحدة 300.000كم/ ثانية، فالسنة الضوئية مسافة وليست زمنا. ([2]) يمكن مراجعة هذه المعلومات في المصادر الآتية: 1- أسرار الكون في القرآن: د. داود السعدي. 2- من الإعجاز العلمي في القرآن: أ.د حسن أبو العينين. 3- المحيط الكوني وأسراره: نجيب زبيب. 4- هذا الكون ماذا تعرف عنه: د. راشد المبارك. 5- تأملات ابن القيم في النفس والآفاق: أنس القوز. |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 6 | |||
|
![]() الشمس وقفات وثمرات: |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 7 | |||
|
![]() فسبحان من أقسم بالشمس فقال }وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا{ [الشمس: 1]. يقول سيد قطب رحمه الله: ومن شأن هذا القسم أن يخلع على الخلائق قيمة كبرى وأن يوجه إليها القلوب تتملاها، وتتدبر ماذا لها من قيمة وماذا بها من دلالة حتى استحقت أن يقسم بها الجليل العظيم ([1]). من كان حين تصيب الشمس جبهته وقفات مع الصيف:أو الغبار يخاف الشين والشعثا ويألف الظل كي يبقي بشاشته فسوف يسكن يوما راغما جدثا ([2]) والمحطة الأخيرة ستكون مع وقفات وتأملات في الصيف والحر. الوقفة الأولى: جعل سبحانه وتعالى في هذه الدار ما يذكر العباد بدار الغيب المؤجلة الباقية، فمنها ما يذكر بالجنة وكذلك النار فالربيع والأسحار والأجواء الجميلة والطبيعة الخلابة تذكرك بالجنة ونعيمها، وشدة الحرارة والأجواء الملتهبة تذكرك بالنار وحرها، بل إن ما يجد العباد في هذه الدنيا قد يكون له علاقة بذلك ورد في الحديث الصحيح وقوله صلى الله عليه وسلم: «اشتكت النار إلى ربها فقالت: رب أكل بعضي بعضا، فأذن لها بنفسين، نفس في الشتاء ونفس في الصيف فهو أشد ما تجدون من الحر، وأشد ما تجدون من الزمهرير» [متفق عليه]. فنار الدنيا وحر الدنيا يذكران بنار الآخرة }نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً{ [الواقعة: 73]. الوقفة الثانية: إن كل ما في هذه الدنيا يعطي الإنسان صورة حية ماثلة على ما عند الله من الخير والنعيم، وما يذكر بصفاته العليا وكرمه وفضله ورحمته.. وكذلك ما في هذه الدنيا من نقم وشدة وعذاب يدل على شدة بأسه سبحانه وقوة بطشه وقهره وانتقامه من الظالمين المعتدين. الوقفة الثالثة:إن اختلاف الأحوال في الدنيا من حر وبرد وليل ونهار وغير ذلك يدل على سرعة انقضائها وزوالها، فهذا الحر مهما اشتد أواره فإنه سينقضي، وتأتي الأيام الجميلة التي تنسيك هذا الحر، ولكن من كان من أهل النيران والشقاء ترى هل سينقضي ما هو فيه من شقاء وعناء، كيف وقد قيل له «يا أهل النار خلود فلا موت»([3]) إلى أن يشاء الله ويخرجه من هذا الجحيم. الوقفة الرابعة: قدرة الله سبحانه وتعالى المتمثلة في هذه الأفلاك والأجرام السماوية الهائلة وكيفية تسييرها وسبحها في هذا الكون، فهذه الشمس بمجرد ارتفاعها أو انخفاضها أو تغير مشارقها ومغاربها وبحسب مرروها في بروجها تتغير بإذن الله هذه الأوقات فليل ثم نهار وهكذا ربيع فصيف فخريف فشتاء وكل هذا يجعل العبد المسلم في يقظة وتفكر في خلق الله سبحانه وتعالى. الوقفة الخامسة: إن التفكر الحقيقي في هذه الأمور يقود العبد إلى اليقين بما عند الله سبحانه وتعالى في العالم الغيبي، فالأزمان الحارة تجعل العبد المسلم في درجة علم اليقين بل عين اليقين بالنار وحرها وسمومها، والأزمان الباردة وشدة البرد تذكر بزمهرير جهنم. الوقفة السادسة: إن الصيف والحر مدرسة للمسلم فمن خلاله يعود نفسه على تحمل المشاق ويربي نفسه على الصعاب، فعندما أرجف المنافقون حين المسير لغزوة تبوك وقد كانت في شدة الحر وحين طابت الزروع والثمار قالوا: "لا تنفروا في الحر" أجالبهم خالق الحل والبرد }قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ{ [التوبة: 81]، وكذلك حين يتقاعس المسلم عن شهود الجماعات والجمع في شدة الحر يتذكر أجر ذلك؛ بل وهذا الشارع الحكيم بندب إلى تَحَيُّنِ الوقت الذي تبرد أو تنكس فيه الشمس وحرارتها قليلا فيقول صلى الله عليه وسلم: «أبردوا بالظهر فإن شدة الحر من فيح جهنم»، والأجر على قدر المشقة، ويظهر هنا شفقته صلى الله عليه وسلم على أمته؛ حتى ولو أدى ذلك إلى تأخير الصلاة عن أول وقتها. الوقفة السابعة: إن حَرَّ الشمس ولهيب الصيف يُذَكِّرُ العبد بدنو الشمس من رؤوس الخلائق يوم القيامة؛ فهذه الشمس على ما ذكر من بعدها، إلا أنها تكفي أن تصهر ما تحتها؛ فكيف إذا كانت على بعد ميل من الرؤوس؛ فنسأل الله أن يرحمنا وأن يعيذنا من حرها وحر جهنم. الوقفة الثامنة: إن في ذلك أكبر عظة وتذكرة لمن لا يستطيع مقاومة الحر؛ أن يجعل بينه وبين عذاب جهنم وسمومها ما يقيه ذلك اليوم؛ من حرها ووهجها، ويتجنب دخول النار. الوقفة التاسعة: إن الصبر على طاعة الله والصبر عن معاصي الله في هذه الدنيا أهون بكثير من ذلك اليوم الذي فيه من العذاب والويل والسموم والزقوم والنار وزفيرها؛ بل النيران من تحتهم ومن فوقهم؛ بل هي لباسهم وثيابهم وظلهم حين يكون الموت أمنية الأماني؛ قال تعالى: }لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ{ [الأعراف: 41]. الوقفة العاشرة: ما كان يفهمه بعض السلف؛ من أن المصابرة والعطش والصيام والمكابدة في هذه الدنيا يبدلهم الله به الأجر العظيم في ذلك اليوم الموعود؛ فمن صام في شدة الحر سقاه الله في دار كرامته؛ فيصومون الأيام الحارة لأيام هي أشد حرا. ([1]) في ظلال القرآن: تفسير سورة الشمس. ([2]) للاستزادة انظر: 1- الأزمنة والأمكنة لأبي علي المرزوقي الأصفهاني، ص271-275. 2- لطائف المعارف، لابن رجب، ص347-355. 3- بهجة الناظرين للشيخ عبد الله الجار الله، ص465. ([3]) انظر الحديث (صحيح البخاري) 11/45 (الفتح). |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 8 | |||
|
![]() الوقفة الحادية عشرة: إن هذه الظواهر الكونية هي بإرادة الله قبل كل شيء، وليست مجرد نواميس كونية، وقد يكون هناك أسباب ملموسة جناها العباد من ذنوب ومعاص، وهي مقدمات من العذاب ونحو ذلك: ما نرى أو نسمع من أعاصير وزلازل وبراكين ورياح شديدة مدمرة. |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 9 | |||
|
![]() وصايا شرعية واجتماعية وصحية: |
|||
![]() |
![]() |
الكلمات الدلالية (Tags) |
الشمس, شفرات, والصحف, وثمرات |
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc