((خذوا شهادتي واعطوني زوجًا))
هذه صرخة من طبيبة بلغت الثلاثين من عمرها ولم تتزوج.
تقول : «السابعة من صباح كل يوم وقتٌ يستفزّني، يستمطر أدمعي.. أركب خلف السائق متوجهة صوب عيادتي، بل مدفني، بل زنزانتي، وعندما أصل مثواي أجد النساء بأطفالهن ينتظرنني، وينظرن إلى معطفي الأبيض، وكأنه بردة حرير فارسية، هذا في نظر الناس، وهو في نظري لباس حداد لي!!» ثم تواصل وتقول : «أدخل عيادتي، أتقلد سماعتي وكأنها حبل مشنقة يلتف حول عنقي، العقد الثالث يستعد الآن لإكمال التفافه حول عنقي، والتشاؤم ينتابني على المستقبل» ثم تقول في آخر كلامها : «خذوا شهادتي ومعاطفي وكل مراجعي وجالب السعادة الزائفة، وأسمعوني كلمة (ماما)..»
ثم تقول :
«لقد كنتُ أرجو أن يُقال طبيبةٌ *** فقد قيل.. ماذا نالني من مقالِهَا؟
فَقُل للّتي كانت تَرى فِيَّ قُدوةً *** هي اليوم بين الناس يُرثى لِحالِهَا
وكلّ مُناها بعض طفلٍ تَضُمّهُ *** فهل ممكنٌ أن تشتريه بمالِهَا؟»
وهذه قصة أخرى لامرأة فضلت اكمال دراستها على الزواج .. تقول : «لقد كنت في مقتبل عمري أحلم بذاك القدر العالي من التعليم.. ولا أنكر أنني كنت أحلم بالرغبة في أن أصبح أما وزوجة في المستقبل ولكن كان التعليم عندي يسبق كل الأهداف، لدرجة أنني كنت أرفض الاعتراف برغبتي في الزواج وبقي الحال كذلك حتى حصلت على الماجستير وانتهت رحلة المعاناة الدراسية وبدأ الفراغ يتسرب إلى الأعماق واستيقظت على الحقيقة وهي أنني أصبحت أكثر رغبة في الزواج وفتح والدي الباب للخطاب وكلما تقدم شاب فر مدبرًا لما وضعناه أنا وأبي من شروط ومواصفات قياسية، وإحقاقًا للحق فقد كان والدي أكثر تعاطفًا معي ولا يريد إرغامي على شيء لا أريده.. ومضت ست سنوات بعد تخرجي حتى تجاوزت الثلاثين من عمري وهنا كانت الصدمة عندما جاء آخر خطابي والذي أنشد فيه مواصفاتي ولكنه احتفظ لنفسه بهذا الحق حق وضع الشروط والمواصفات وقد جمع حقائبه وانسحب حينما علم بعمري الحقيقي بل قالها صريحة: (لا حاجة لي بامرأة لم يعد بينها وبين سن اليأس سوى القليل) سمعت هذا لأدرك الهزيمة المرة.. وأيقنت أنني دخلت في زمن العنوسة الذي تتحدث عنه وسائل الإعلام من حين لآخر واليوم وبعد أن كنت أضع الشروط والمواصفات والمقاييس في فارس أحلامي، وكنت أتعالى يوم ذاك .. اليوم بدأوا هم يضعون مقاييسهم في وجهي وهو ما دفعني أن أفكر كثيرًا في أن أشعل النار في جميع شهادتي التي أنستني كل العواطف حتى فاتني القطار
بدأت أحمل في نفسي الحسرة على أبي الحنون الذي لم يستعن بتجاربه في الحياة في تحديد مسار حياتي نعم.. إن تعليمي قد زادني وعيًا وثقافة، ولكن كلما ازددت علمًا وثقافة ازددت رغبة في أن أكون أمًا وزوجة.. لأنني أولاً وأخيرًا إنسانة.. والإنسان مخلوق على فطرته» ثم تقول: «إنني أروي ذلك لكم للعبرة والعظة فقط، ولأقول : نعم ، من أجل الحياة.. من أجل الزواج..لا، للعنوسة.....»
منقول