3- خيمة العُظماء
أوّل سفيرٍ في الإسلام : الصّحابي مصعب بن عمير رضي الله عنه
..... ※ هو مصعب بن عمير أبوه عمير بن هاشم العبدري و أمّه خناسٍ بنت مالكٍ
..... ※ كان أشدِّ شباب مكّة تعلّقاً بالدنيا و توافهها ثمّ لما أسلم كان من أزهد أصحاب رسول الله ﷺ في الدنيا .
..... ※ استشهد في غزوة أحد .
..... ※ إسلامه :
عندما أشرق النور المحمّديّ ظلّ محمّد بن عبد الله الصادق الأمين ودينه الجديد حديث الفتيان في مجالسهم وحديث كبراء قريش في منتدياتهم وفي كلّ يومٍ جديد يشدّ القوم إلى الحديث عن الصادق الأمين و دعوته الجديدة و أخباره الّتي يتسامعون بها يوماً بعد يوم .
و سأل مصعب أحد أصحابه المقّربين ذات يوم :
إلام يدعو الصادق الأمين يا أبا عمارة ؟
- إنّه ... إنّه يدعو إلى نبذ عبادة الأصنام .
- قال مصعب متسائلا في استغراب : فماذا يعبد النّاس إذن ؟
- قال أبو عمارة في لهجةٍ لا تخلو من سخريةٍ : إنّ محمّداً يدعو النّاس لعبادة إلهٍ واحدٍ يزعم أنّه خالق النّاس و رازقهم و محييهم و مميتهم و أنّه ...
- وقال مصعب كمن يخاطب نفسه شارداً غارقاً في التفكير : إله واحد ! خالقٌ رازقٌ ..
ولم يطل حديث أبي عمارة فإنّ مصعباً ينهض مغادراً مجلس فتيان قريش وهو لا يزال شارد الفكر مشتّت الخواطر .
ويقبع مصعب في البيت لا يريم على غير عادته فتقبل عليه أمّه لتحدّثه في حنّوٍ و إشفاق : ما لي أراكَ يا ولدي دائم الشّرود ، كثير التفكير ؟ المال وفير يا ولدي وأنت زينة المجالس لماذا تقبع في البيت ولا تخرج إلى مجالس أصحابك ؟
وضاق مصعب ذرعاً بحديث أمّه الّتي لا يمكنه أن يبوح لها بما يعتمل في رأسه من أفكارٍ و خواطر ، ولم يدرِ ماذا يقول ، و بماذا يجيبها أيقول لها إنّه حقاً يفكر في محمّدٍ و دينه الجديد الّذي يدعو له أم يقول لها إنّ التفكّر في أمر الواحد الأحد قد ملك عليه نفسه وتفكيره ؟
إنّ مصعباً ليخشى حقًّا أن يبوح لآمّه بذات نفسه فليخرج من البيت هائماً على وجهه في أحياء مكّة و ليدع أمّه تثرثر بما تشاء .
لم يكن بدٌّ من الجلوس إلى الصادق الأمين لتهدأ ثورة الحيرة في نفس مصعبٍ و يسكن قلبه المضطرب و خواطره الشَّرود ... وغدا مصعب حتّى قدم على رسول الله ﷺ في دار الأرقم الّتي كانت ندوة المسلمين قبل ان يؤمر بالجهر بدعوته .
وهناك غمر النور الدافق سلسلاً من فم رسول الله ﷺ قلب مصعبٍ و هو إذ ذاك أشدّ ما يكون لهفةً و شوقاً و ظمأً إلى قطرةٍ من نبع الحكمة النبويّ فلمّا غمره النور المحمّديّ كشف غمّة صدره و اضطراب فؤاده و سكنت خواطره وحيرته فقال وهو مغمور بالنور : أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له و أشهد أنّك يا محمّد عبده و رسوله .
ونهض الحاضرون فباركوا مصعباً و صافحوه في حرارةٍ معلنين تهنئتهم لأخيهم الجديد بالإسلام و الإيمان .
[ سلسلة أعلام الصّحابة / سيف الدّين الكاتب ]