“جمعة مباركة” هذه التي عاشها العالم، أمس، على وقع أخبار القتل والتفجير والذبح، من الكويت إلى ليون الفرنسية، مرورا بتونس. أخبار مفجعة، تنبئ بأن الإنسانية مقبلة على حقبة دامية مظلمة.
في الكويت يفجر مسجد للشيعة أثناء صلاة الجمعة، وبهذا يتجدد العداء لهذه الطائفة بعد تفجيرين في الأيام الماضية في المملكة السعودية. ويتصاعد العداء ضد هذه الطائفة والذي ازداد شراسة منذ عاصفة الحزم التي تقودها المملكة ضد اليمن. هذه المرة مسرحها بلد هادئ مسالم، الكويت الذي لم يعرف من قبل العداء بين الطائفتين. ويبدو أن هناك من يريد جر هذا البلد، الذي عانى وما زال يعاني من احتلال صدام مطلع التسعينيات، إلى مستنقع الصراع الطائفي المقيت.
صحيح أن الكويت تدعم المملكة في حربها ضد الحوثيين، لكن داخليا لم يتعرض شيعتها إلى ما تعرضوا إليه أمس.
عملية الكويت أمس، والتي تبنتها داعش “ولاية نجد” حسب حساب تويتر لهذا التنظيم، بينت أن لداعش وللمملكة التي تخوض حربا على اليمن بحجة التصدي للمد الشيعي، نفس المشروع ونفس الأهداف، ولن ننخدع بعد الآن بأن المملكة وحلفاءها يحاربون تنظيم الدولة في سوريا والعراق، كله ذر للرماد على العيون، ولا داعي للتساؤل من أين تأتي “داعش” بكل هذه الإمكانيات، فالأمر واضح، كل الدول الإجرامية والتي لها مصلحة في تدمير البلاد العربية ومنع بناء دول هناك، وبناء إنسان سوي يساير الحضارة الإنسانية، يساهم ويستثمر في هذا التنظيم، من أمريكا مرورا بأوروبا وانتهاء ببعض حكومات الخليج. فقد نشرت برقية لويكيليكس منذ أسابيع أن الاتحاد الأوروبي قد يستعين في حربه ضد الهجرة التي يسميها غير الشرعية، بداعش ليبيا في أعالي البحار.
فهل تنجر الكويت إلى الصراع الطائفي المقيت وهي التي حافظت حتى الآن على توازن صعب في معادلتها الاجتماعية؟
أما في تونس، فالواضح أن أعداء المجتمع المتنور، لم يشفوا بعد من خسارتهم هذه “الولاية” في دولتهم الإسلامية التي يحلمون بها، وخسارة النهضة وحليفها السابق في الرئاسيات، لصالح رجل من النظام القديم، جعلهم يتوجهون إلى ضرب تونس في القلب وفي عز موسم السياحة والاصطياف، وفي مدينة هي جوهرة الساحل التونسي وقلب قطاعها السياحي، سوسة الجميلة المضيافة الهادئة.
وهكذا امتزج دم الغدر والتعصب مع رمال شواطئها الذهبية، وهكذا أعداء تونس، يوجهون ضربة قاتلة جديدة في ظرف أقل من أربعة أشهر على الاعتداء على متحف الباردو في مارس الماضي، مثلما سبق ووعد أحد الانتحاريين في ليبيا في تسجيل له على اليوتوب، حيث توعد قبل أن يموت في عملية انتحارية تونس بالويل.
فماذا بقي من حرمة رمضان مع هؤلاء المجرمين؟ فمثلما كانوا يطبقونه في الجزائر سنوات التسعينيات، عندما كانوا يصعدون من عملياتهم الإجرامية في هذا الشهر، وكان الجزائريون يشدون مع كل رمضان على بطونهم خوفا مما تخبئه العصابات الإجرامية لهم من مجازر مروعة.
من الصعب التنبؤ بالانتصار على هذا السرطان الذي فرخته وسطنا مخابر الغرب والوهابية أمام الدعم المالي واللوجيستيكي الذي استفاد منه تنظيم داعش بطرق مريبة، لكن تونس والتونسيين ونحن كلنا مجبرون على التصدي لهذا الطوفان الظلامي وحربنا ضده ستكون طويلة ومريرة؟!
حدة حزام