ذهبت في يوم من الأيام إلى مدينة أو لنقل بلدية من البلديات وكان ما يميز تلك البلدية أن الكثير من أهلها مازالوا على تلك الطيبة والكرم والبساطة وإعانة الآخر ولم يكن حالها كحال عدة مدن والتي استبدلت فيها تلك الابتسامة الطيبة الصادقة بالابتسامة الأوروبية التجارية الغرضية النفعية إلى غيرها من الأمور والتي يشاهدها كل واحد فيكم اليوم وبعبارة دقيقة أستبدلت الأخلاق والقيم وحل محلهما الدينار والدرهم وفي الحقيقة هذه مصيبة حيث أصبحت أحاسيس المرء ودنياه وتصرفاته كلها تجارة من غير الفصل بين الحياة الخاصة وأمور العمل والشغل ولو أن الأخلاق نجدها حتى في التجارة والبيع والشراء.
دعونا لنعد إلى بلديتنا:
حينما وصلت إلى تلك البلدية المحافظة حان بعدها وقت العصر فدخلت المسجد وبعد الوضوء وقبل الجلوس وقفت لتأدية صلاة تحية المسجد إلى سارية من السواري وكان بجانب السارية شخص جالس وبينما أنا أؤدي في تلك الصلاة جاء شخص آخر إلى ذلك الشخص الجالس وألقى عليه التحية وقبل مباشرتهما للحديث خفض أحد الرجلين صوته قائلا للآخر دعنا لنذهب إلى ذلك المكان ونتحدث.
لقد قصد الشخصان عدم إزعاجي في الصلاة، وكان الشخصان حسب صوتهما ربما يتعديان الخمسين ولكنهما ليسا بشيخين.
استوقفني الأمر بعد الصلاة صدقوني واستوقفني بعد الخروج من المسجد: أي أخلاق يحملها هؤلاء؟ وأين تعلم هؤلاء؟ وكيف تستبدل تلك الأخلاق بفوضى اليوم على الطريقة الغربية ولو أن الغرب قد يظلمون لأن هاته الفوضى لا تنتشر هناك، ولكن الفوضى تكمن في اعتقادي في تلك النظرة المادية والنفعية للأمور والتي أخلطت علينا دنيانا.
فكرت مليا فوجدت أن آباءنا وأجدادنا تعلموا في مدرسة إسمها الدين الاسلامي والذي يحمل قيما وأخلاقا توارثوها ودرسوها عبر الزمن.
أما اليوم فلقد أخذ تراثنا الأذكياء وتركوا لنا كل التصرفات السيئة فأخذنا بها وتركنا ديننا: أناس لا تعطي الجوار حقه ولا الطريق حقه، ألفاظ سوقية في كل مكان، عري هنا وهناك، أناس تتكلم طوال اليوم بصوت مرتفع، مكتبات لا يعرف فيها طعم الهدوء والتركيز، نفايات في كل مكان، حتى أصبحت المطاعم ومحلات الأكل السريع مثالا عن التلوث واللامبالاة، أصبح رمي النفايات بعيدا عن سلة المهملات حضارة وقوة، أصبحنا لا نحسن حتى السير والجلوس والقيام والأكل والشرب.
بالرغم من وجود كل شيء في ديننا ولكننا لا نستفيق فضلنا حياة قد توصف بأبشع من حياة البهائم ليس لشيء سوى أنها حياة أمة أخرى وصفت بالقوة في جانب من الجوانب أفترانا خدعنا؟؟؟