![]() |
|
القسم الاسلامي العام للمواضيع الإسلامية العامة كالآداب و الأخلاق الاسلامية ... |
في حال وجود أي مواضيع أو ردود
مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة
( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
رقم المشاركة : 1 | ||||
|
![]() بسم الله الرّحمن الرّحيم حياة السعادة للشيخ صالح الفوزان أعزّه الله بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. أما بعد. لا شك أن كل إنسان في هذه الحياة يريد السعادة والحياة الطيبة التي لا منغص فيها ولا انقطاع ولا هم ولا غم ولا حزن، كل يريد هذا ولكن تختلف المفاهيم في أي شيء يحصل هذا المطلوب أو هذا المقصود ، فمن الناس من قصر هذا على أمور الدنيا وظن أنه إذن نال حظه من الدنيا فهذه هي السعادة وأما الآخرة فإنها لا ترد له على بال. فَهَمُّهُ مقصور على هذه الدنيا فلا يؤمن بالآخرة، كما قال الله سبحانه وتعالى: (وَقَالُوا مَا هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلاَّ الدَّهْرُ) [سورة الجاثية: 24]، (إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ) [سورة الأنعام: 29]، إلى غير ذلك. فهُم يسعون إلى تحصيل ملاذ الدنيا وشهواتها ولو قُدر إنهم يحصلون على ما طلبوا من أنواع الملذات والسرور فإنهم لا يجدون اللذة في ذلك وإن وُفرَت لهم الدنيا بحذافيرها بل تجدهم في شقاء وهم وغم ونكد ونغص حتى إنهم يحالون التّخلص مما هم فيه بتناول المسكرات والمخدرات التي تخفف عنهم ما هم فيه، أو باقتناء الملاهي والمطربات إلى غير ذلك يروحون عن أنفسهم ولكن كل هذا لا يجدي عنهم شيئًا، فيلجئون في النهاية إلى الانتحار ليتخلصوا من هذه الحياة. وكم تسمعون عن من ينتحرون ويقتلون أنفسهم للتخلص من هذه الحياة مع ما عندهم من صنوف الملذات والأموال لأن هذا ليس هو السعادة بل هذا شقاء كما قال الله سبحانه وتعالى: (وَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلاَدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ). فمنهم من يظن أن السعادة في تحصيل الملذات من المآكل والمشارب وأنواع الشهوات ويمتّع نفسه بها. لكنه كما سبق لا يجد لها لذة ولا يجد فيها راحة ولا طمأنينة. ومنهم من يظن أن السعادة هي أن ينال الرئاسة والشرف والتسلط على الناس والبغي والظلم ويظن أن هذا هو السعادة وأن في الحقيقة هو الشقاوة لا نهاية لها. ومنهم من يظن أن السعادة في نيل الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث، قال الله جل وعلا: (ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا)، والدنيا زائلة ومنقطعة ويذهب ما معهم، وينتقلون إلى الآخرة وهم مفاليس. يقول الله لهم: (وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُم بِهَا فَالْيَوْمَ) أي في الدار الآخرة (تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ) المهين والعياذ بالله، انقطعت ملذاتهم وانقطعت سعادتهم التي يزعمونها وواجهوا الهوان (بِمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَفْسُقُونَ). هذا مآلهم. (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئاً)، إن الأموال والأولاد لن تغني عنهم، (يَوْمَ لا يَنفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ (88) إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ). ومن الناس من ترتفع نظرته عن الدنيا فيرى أن السعادة هي ما يناله في الدنيا من خير وما يؤول إليه في الآخرة من جزاء حسن، وهذه هي النظرة الصائبة، لا نقول يهمل الدنيا ولا ينظر إليها لأن الدنيا خلقت مزرعة للآخرة، ولا نقول ينظر إلى الدنيا وينسى الآخرة كما عليه الكفار، بل نقول يجمع، لكن لا يجعل الدنيا نهاية قصده بل يجعلها مطية للآخر ومزرعة للآخرة، فهذا ربح دنياه وآخرته، وأما الأول خسر الدنيا والآخرة، لا الدنيا بقيت له ولا الآخرة حصلت له، خسر الدنيا والآخرة. أما هذا الذي نظر النظرة العامة للدنيا والآخرة فهذا إن عمل للآخرة أدرك ما يريد، الآخرة ليست بالتمني وإنما بالعمل، (وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُوراً)، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: "الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواه، وتمنى على الله الأماني"، أن أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني، هو يؤمن بالآخرة ويؤمن بالعبث لكن لا يستعد لهذا غلب عليه الكسل والخمول وإيثار الراحة فلم يسعى للآخرة سعيها وإن كان يريد الآخرة لكن ما سعى لها سعيها (وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى) هذين الشرطين، (وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا). فإذا جمع الله للعبد النظرة إلى الدنيا النظرة الصائبة إلى الدنيا والنظرة الصائبة إلى الآخرة اتخذ الدنيا وسيلة للآخرة ومطية ومزرعة للآخرة فهذا هو السعيد. قال الله جل وعلا: (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ). (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً): لا بد من العمل، وليس مطلق العمل، بل (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً) عملاً صالحًا، هناك مَن يعمل عملاً غير صالح ويتعب نفسه في عمل غير صالح. متى يكون العمل صالحًا؟ إذا توفر فيه شرطان: الشرط الأول: أن يكون خالصًا لوجه الله ليس فيه رياء ولا سمعة. والشرط الثاني: أن يكون العمل صوابًا على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليس فيه بدعة ولا محدثة. فإذا توفر هذان الشرطان في العمل صار صالحًا ومقبولاً عند الله سبحانه وتعالى. وهذان الشرطان هما معنى "لا إله إلا الله، محمد رسول الله". فمعنى لا إله إلا الله: إخلاص العمل له وإخلاص العبادة. ومن معنى شهادة أن محمد رسول الله: متابعته والعمل بما شرع وترك البدع والمحدثات. أما مَن عمل عملاً لا يخلص فيه لله فهو عمل باطل حابط، فالعمل الذي يكون فيه شرك هذا عمل باطل لا يفيد صاحبه شيئًا والعمل الذي ليس على سُنّة رسول الله هذا مردود كما قال صلى الله عليه وسلم "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد"، في رواية: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد". (مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى): الله جل وعلا سَاوَى بين الذكور والإناث في العمل والجزاء، فالذّكر والأنثى لا بد أن يعملا عملاً صالحًا، وكذلك هما سواء في الجزاء يوم القيامة عند الله سبحانه وتعالى، وإن كان هناك فوارق بين الذكر والأنثى في الأحكام الشرعية فهذه لا تمنع الأنثى من السواء بالرّجل في الجزاء والحساب والعمل عند الله سبحانه وتعالى كل على حسب استطاعته كل على حسب مقدرته وكل منهم يجب عليه الإخلاص لله والمتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم، (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (31) قُلْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ). هذا هو المقياس الذي يتحقّق به الحياة الطيّبة (فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً). وهذه الحياة الطيّبة تكون في الدنيا على الطمأنينة والراحة وانشراح الصدر وطيب العيش والتلذذ بما أعطاه الله ولو كان يسيرًا وتكون في القبر أيضًا، في القبر يحيا فيه حياة طيبة يُفرش له من الجنة ويفتح له باب من الجنة ويُوسّع له في قبره مدّ بصره فيعيش في روضة من رياض الجنة، وهذه عيشة طيبة في القبر وعيشة طيبة في الآخرة في دار القرار وجنات النعيم، التي فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. هذه هي الحياة الطيبة المتّصلة في الدنيا وفي البرزخ وفي الآخرة. والحياة الطيّبة ليست بكثرة الأموال والشهوات هذه ربّما تكون عذابًا على صاحبها ويشقى بها يعذب بها في الدنيا وإنّما الحياة الطيّبة في القلب طمأنينة في القلب، ولو ما عنده شيء من الدنيا أو ما عنده إلا القليل من الدنيا فإنه يحيا حياة طيبة في قلبه، فيكون منشرح الصدر طيب البال، ولهذا يقول صلى الله عليه وسلم: "ليس الغنى عن كثرة العرض –أي الأموال إنما الغنى غنى القلب". والشاعر الحكيم يقول: غني بلا مال عن النّاس كلهم*** وليس الغنى إلاّ عن الشيء لا به أي لا بالشيء. فالغنى غنى القلب كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم. فيعشون في هذه الدنيا في رياض من رياض الخير والسرور والانشراح في قلوبهم والكافر إن كانت عنده الدنيا بحذافيرها فهو في قبر نفسه في قبر في جسده في قبره في عذاب ولا ينتفع بما عنده من المال. أما المؤمن الصادق ولو لم يكن عنده مال فهو في سرور وفي نعيم وفي قناعة، يعيش في ذكر الله يعيش بطاعة الله بالعمل الصالح بقيام الليل بصيام النهار بالجهاد في سبيل الله يعيش عيشة طيبة ولو لم يكن عنده شيء من المال. ولهذا يقول قائلهم: (إن كان أهل الجنة في مثل ما نحن إنهم لفي عيش طيب)، يقول بعض الصالحين الذين يتلذذون بعبادة ربّهم وطاعته تنشرح صدورهم يقول: (إن كان أهل الجنة في مثل ما نحن إنهم لفي عيش طيب). ويقول الآخر: (لو يعلم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه لجالدونا عليه بالسيوف). ما نحن فيه من إيش؟ من راحة القلب وطمأنينة النفس والارتياح ارتياح الضمير، هذا شيء لا يعلمه الملوك وإنما الملوك مشغولون بحماية ملكهم ومجالدة أعدائهم ليسوا مرتاحين، أمّا أهل طاعة الله فلا أحد ينازعهم فيما هم فيه ولا يخافون على ذلك من الناس، هم مرتاحون من الهم ومن الحزن ومن القلق متفرّغون لعبادة ربّهم وذكر الله عز وجل (الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (28) الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ). هذه هي الحياة السعيدة وسماها الله الحياة الطيبة (فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً). شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى معروف أن حياته كلها جهاد في سبيل الله حتى إنّه رحمه الله تعالى ما تزوج لأنه مشغول بالجهاد في سبيل الله، جهاد باللسان والقلم والجهاد باليد أيضًا مشغول ولكنه مرتاح مرتاح الضمير مطمئن القلب يقول: (إن لله جنة في الدنيا من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة). ما هي جنّة الدنيا؟ بذكر الله سبحانه وتعالى طمأنينة القلب وارتياح الضمير هذه جنّة، ولو كان ما عنده من الدنيا شيء أو شيء قليل، الدنيا كلها متاع متاع قليل (وَفَرِحُواْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ مَتَاعٌ). إن لله جنّة في الدنيا مَن لم يدخلها لم يدخل جنّة الآخرة. ولمّا ضايقه أعداؤُه وضايقوه وسجنوه قال ما يفعل بي أعدائي أنا جنتي في صدري طردهم لي سياحة وحبسهم خلوة بربّي، جنّته في صدره ما هي هذه الجنة التي في صدره؟ هي الطمأنينة بذكر الله والتلذذ بطاعة الله سبحانه وتعالى التلذذ بالعلم النافع والإتّصال بالله دائمًا وأبدًا فهو في جنّة وإن كان أعداؤه يزعمون أنّهم يضايقونه وأنّهم يكدّرون عليه. هذا نموذج. وبعضهم يقول: مساكين أهل الدنيا خرجوا منهم وما ذاقوا أطيب ما فيها، قيل: وما أطيب ما فيها؟ قيل: ذكر الله. ذكر الله هذا هو أطيب ما في الدنيا، المحروم حرم من هذا فلا يذكر الله عز وجل ولا يجد لذة في نفسه ولا طمأنينة في قلبه. إذاً فالحياة السعيدة أو الحياة الطيبة هي في القلوب لا في الأموال والأولاد ولا تكون في القلوب إلا بالأعمال الصالحة ومحبة الله ومحبة رسوله ومحبة عباده المؤمنين هذه هي الحياة الطيبة. وكثير من الناس يكد وكدح ويفني عمره ليحصل على الحياة الطيّبة ولم يحصل عليها لأنّه ما فهم ما هي الحياة الطيّبة ، ذهب مع ظنونه وتقديراته وما تأمّل في الكتاب والسُنّة وأحوال السّلف الصالح وسير الصّالحين، ما تأمّل في هذا ، فذهب وراء الدنيا وأراد أن يحوزها وأن يجمعها. لعمرك ما السعادة جمع مــــال ولكن التقي هو السعيد وتقـــوى الله خير زاد ذخـــــــرًا وعند الله للأتقى مزيد والله جل وعلا يقول: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ). وفّقنا الله وإيّاكم لصالح العمل. وصلّى الله وسلّم على نبيّنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. المصدر: الموقع الرسمي للشّيخ حفظه الله https://www.alfawzan.af.org.sa/node/12870
|
||||
![]() |
الكلمات الدلالية (Tags) |
السّعادة, يدابز |
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc