ولله في خلقه شؤون

[ب.جلولي]

سبحان الله؛ ترى بعض الناس في المسجد ركعا سجدا وربما خشعا، وبمجرد الإنتهاء من الصلاة وجعل الباب من وراء ظهورهم يلبسون لباس الذئاب المفترسة، يعيشون حياتهم كما يقولون وكما يريدون، يعيشون بعيدين كل البعد عما أمر الله سبحانه وتعالى به، ينغمسون في الملذات، يقدمون على كل ما لذ وطاب، فلا رقيب لهم ولا حسيب، وكأن الله سبحانه وتعالى لا يوجد إلا في المسجد، يتعاملون بالربا والخديعة ويتعاطون الرشاوى، الحرام عندهم مفتاح السعادة إن حقق لهم مآربهم، والحلال عندهم حجر عثرة إن حرمهم من الملذات، أطمست المادة قلوبهم وعقولهم؛ اللهم اجعلنا في أيدينا ولا تجعلها في قلوبنا، صاروا كالحيوان الذي لا يهمه من الأمر إلا إشباع غريزته؛ بل هم أضل، أمرهم هذا محير غريب وسلوكهم عجيب ....
كثير من المصلين لا يلقون حرمة للمسجد، يدخلونه بالضجيج ويخرجون منه بالصخب، لا يدخلون حتى يكاد الإمام ينتهي من القراءة في الركعة الأولى من الصلاة؛ لأنهم مشغولون بالكلام في أمور الدنيا، يجتمعون في حلقات أمام المسجد لتبادل الأخبار ريثما تقام الصلاة، أما أثناء الصلاة فإنهم يقومون بحركات جوفاء وراء الإمام، الجسد حاضر والبال غائب، تركوا عقولهم مع أحذيتهم، وبمجرد سلام الإمام يتسابقون إلى الباب للفوز بالخروج وكأنهم كانوا في سجن موصد الأبواب لم يروا فيه النور منذ أمد بعيد، ومع ذلك يعدون أنفسهم ممن لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
هذا بالنسبة لمعتادي المسجد، والشيء الذي يحير العقول كذلك؛ أولائك الذين ينتسبون إلى الشيوعية ومع ذلك تجدهم يصومون وربما يصلون ويزكون، وقد يبعثون بأبائهم أو أمهاتهم إلى الحج ؛ مع العلم أن شعار الشيوعية لا إله والحياة مادة، فكلمة لا إله تعني نفي وجود إله، فهؤلاء المخبولون ينكرون وجود الله حسب إنتمائهم إلى الشيوعية؛ وفي نفس الوقت؛ من حيث يدرون أو لا يدرون يقرون بوجود إله معبود، فسبحان الذي يهي ويضل، اللهم اهنا واهدي بنا واجعلنا من المهتدين؛ آمين.