الصوفية والجهاد في سبيل الله - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم العقيدة و التوحيد > أرشيف قسم العقيدة و التوحيد

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

الصوفية والجهاد في سبيل الله

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2010-02-22, 11:52   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
سلطان المصري
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي الصوفية والجهاد في سبيل الله

الصوفية والجهاد في سبيل الله

الزعيمان الكبيران الصوفيان ابن عربي وابن الفارض كانا يخذلان الناس عن التصدي للجيوش الصليبية وكانا يقرران إن الله هو عين كل شئ . فليدع المسلمين الصليبيون فماهم إلا ألذات الالهيه متجسدة في تلك الصور . ولم يضرب احدهما بسيفه ضربه واحده في سبيل الله . وأبو حامد الغزالي المعروف بحجه الإسلام لم يرم بسهم في سبيل الله , بل لم يشر بكلمه واحده للحروب الصليبية التي عاصرها بينما كانت سيوف الصليبيين تحصدالمسلمين حصدا وهُم يهاجمون مدينه المنصورة في القرن الثالث عشر الميلادي , و أجتمع كبار مشايخ الصوفية من فورهم ليس لمقاومه جحافل الفرنجة ولكن لقراءة رسالة القشيري وبحث واستعراض كرامات الأولياء ولما سقط بيت المقدس في أيدي الصليبيين كان أبو حامدالغزالي الزعيم الصوفي الكبير معاصرا للأحداث ولم يشارك في جهاد الصليبيين وعاش بعد ذلك نحو ثلاثة عشر عاما لم يشر خلالها من قريب أو بعيد إلي مجاهده الغزاة أم الحض علي قتالهم فقد كان مشغولا بالحديث عن مشاهدات الأولياء للملائكة ومخاطبتهم للجماد وتلقي العلوم اللدنيه من السماء كذلك ترك ابو الحسن الشاذلي الصليبيين يهاجمون دمياط والمنصورة ولم يتدخل احد أقطاب الصوفية أو الغوث أو البدائل في الدفاع عن البسطاء المخدوعين ممن يصدقون إن من مشايخ الصوفية من يستطيع إطفاء النار بمرقعته أم المشاركة في أداره الكون أو إحياء ألموتي وطوبي لمن احترم عقله . وجاء في كتاب الزعيم مصطفي كامل ( المسألة الشرقية ) ومن الأمُور المشهورة عن احتلال فرنسا للقيروان : أن رجلا فرنساويا دخل في الإسلام وسمي نفسه( سيد احمد الهادي) واجتهد في تحصيل الشريعة حتى وصل إلي درجه عالية وعين إماما لمسجد كبير في القيروان فلمااقترب الجنود من ألمدينه : استعد أهلها للدفاع عنها وجاؤا ا يسألونه أن يستشير لهم ضريح شيخ في المسجد يعتقدون فيه . فدخل سيد احمد الضريح ثم خرج مُهّولا لهم بما سينالهم من المصائب , وقال لهم بأن الشيخ ينصحكم بالتسليم لان وقوع البلاد صارمحتما , فأتبع القوم البسطاء قوله ولم يدافعوا عن القيروان اقل دفاع بل دخلهاالفرنسيون امنين في 26 اكتو بر سنه 1881. وفي المغرب عاون أتباع طريقه الشيخ احمد ألتيجاني الفرنسيين علي ترسيخ أقدامهم في شمال وغرب أفريقيا , فقد كانت تسيطرعلي الجزائر أيام الاستعمار , وكانت تستمد وجودها من فرنسا وقد تزوجت عميله مخابرات فرنسيه احد شيوخ ألطريقه ولما مات تزوجت شقيقه وكان الأتباع يطلقون عليها زوجه السيدين ويحملون التراب الذي تمشي عليه لكي يتيمموا به , وقد أنعمت عليها فرنسا بوسام الشرق وجاء في أسباب منحها الوسام إنها كانت تعمل علي تجنيد مريدون يحاربون في سبيل فرنسا كأنهم بنيان مرصوص . وحاولت الحكومة الفرنسية في زمن الانتداب نشرألطريقه التيجانيه واستأجرت بعض الشيوخ لهذه المُهمّة فقدمت لهم المال والمكان لتنشئه جيل يميل إلي فرنسا لكن مجاهدي الغرب لفتوا انتباه المخلصين من أهل البلادإلي خطر ألطريقه التيجانيه وإنها فرنسيه استعماريه تتستر بالدين فهبت دمشق عن بكره أبيها في مظاهرات صاخبة . كذلك كان أصحاب السيد الميرغني والطريقة ألخاتميه في السودان في عون الإنجليز وساعدوهم علي القضاء علي ألثوره المهدية . قال الرئيس : فليب قو نداس من المستعمرين الفرنسيين : لقد اضطر حكامنا الإداريون وجنودنا في أفريقيا إلي تنشيط دعوه الطرق الدينية ألاسلاميه لأنها كانت أطوع للسلطة الفرنسية ,وأكثرها تفهما وانتظاما من الطرق ألوثنيه أو من بعض كبار الكهان أو ألسحره السود . ويروج المتصوفة الأكاذيب بشأن اضطلاعهم بأدوار مهمة في الجهاد في سبيل الله من نوع الكرامات الخرافية علي طريقه عفريت مصباح علاء الدين , فها هو الشيخ
(عز الدين بن عبد السلام) يأمر كما يزعمون الريح لتكسر سفن الصليبيين في موقعه دمياط مما جعل تلميذه ابن أبي شامه يحمد الله الذي جعل من أمه محمد من يأمر الريح فتستجيب له .!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
(ابن عطاء الله أسكندري – لطائف المنن – طبقات الشافعيةالجزءالثالث) واليوم تباشر مراكز تعليمية كبيرة في البلاد الغربية و الاسلاميه علي السواء لتنشيط الجهود لبعث التراث الصوفي . ويجري النظر في إنشاء جامعه في مصرلدراسة علوم التصوف . ولا نستطيع الا ان نقول لكل عاقل احذر من تلك الطرق التي تؤدي بصاحبها الي قاع جهنم وبئس المصير ان شاء الله .



من قطوف وثمرات الكتب









 


قديم 2010-02-23, 02:36   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
azam
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية azam
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك اخى الكريم
اللهم قنا فتنة اهل البدع من الصوفية ومن سار على نهجهم









قديم 2010-02-23, 06:06   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
الرويسي
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

وماذا تقول اليوم في تقاعص علماء الامة - في السعودية ومصر مثلا وغيرها- في قول كلمة الحق ضد اعداء هذه الامة وعملائهم.
مشكور اخي الكريم










قديم 2010-02-23, 08:53   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
ابو إبراهيم
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية ابو إبراهيم
 

 

 
الأوسمة
وسام التميز عضو متميّز 
إحصائية العضو










افتراضي

اخانا الرويسي لعله من تا ثيرات بطانة المتصوفة في قي دول وحول بعض الشبه عند بعض العلماء في مملكات اخرى
على كل نقل مفيد وجزى الله كاتبه وناقله خيرا
*** اخوكم ابو ابراهيم ***










قديم 2010-02-25, 11:31   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
أبو سليم الأثري
عضو مجتهـد
 
إحصائية العضو










افتراضي

لماذا لم تذكر الشيخ المجاهد الأمير عبدالقادر القادري طريقة و لا الشيخ سيدي بوعمامة سيخ الطريقة الشيخية و لا الشيخ عمر المختار السنوسي و لا شيخه المجاهد محمد بن على السنوسي طريقة و لا الشيخ عز الدين القسام و لا المجاهدالشيخ محمد الحداد شيخ الطريقة الرحمانية في الجزائر و لا صلاح الدين الأيوبي و لا المرابطين و لا ....................
يجب أن لا نكون مثل الذباب لا يقع إلا على الجراح .










قديم 2010-02-25, 12:48   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
أبو سليم الأثري
عضو مجتهـد
 
إحصائية العضو










افتراضي

يفرد لنا ابن الجوزي فصلاً خاصاً في كتابه (صفوة الصفوة) للزهَّاد والصوفية الأوائل الذين رابطوا في العواصم والثغور في القرن الثاني للهجرة منهم: أحمد بن عاصم الأنطاكي وكان يقال له (جاسوس القلوب) لحدة فراسته ويصفه بأنه من متقدمي مشائخ الثغور ومنهم أبو يوسف الغسولي الذي كان يغزو مع الناس بلاد الروم وهناك كثيرون أمثال أبي إسحق الفزاري وعيسى بن أبي إسحق السبيعي ويوسف بن إسباط وأبي معاوية الأسود (ت 199) هـ.
ومن أقران آنفي الذكر عبد الله بن المبارك (ت 181هـ) قال عنه الخطيب البغدادي "وكان من الربانيين في العلم ومن المذكورين بالزهد.. خرج من بغداد يريد المصيصة –ثغر من ثغور الروم- فصحبه الصوفية...". كان ابن المبارك "كثير الانقطاع محباً للخلوة". وكان لا يخرج إلا إلى حج أو جهاد ". وقد صُدرت تراجم الصوفية باسمه، وفي حلية الأولياء سُئل ابن المبارك: من الناس؟ فقال العلماء. وقيل له: مَن الملوك؟ قال الزُّهَّاد. وهو أول من صنَّف في الجهاد وله كتاب الزهد والرقائق.
ويعدّ إبراهيم بن أدهم إمام المتصوفين الروحانيين يذكره ابن عساكر بأنه كان فارساً شجاعاً ومقاتلاً باسلاً رابط في الثغور وخاض المعارك على البيزنطيين العدو الرئيسي للدولة الإسلامية الناشئة. وقد أثنى على ورعه وزهده الإمام أحمد بن حنبل والأوزاعي وسفيان الثوري وغيرهم واختلف في وفاته والأصح ما ذكره ابن كثير أنه توفي وهو مرابط في جزيرة من جزائر بحر الروم سنة (162هـ) وقد صحب إبراهيم وأخذ عنه الطريق شقيق البلخي.
جاء في سير أعلام النبلاء وفي فوات الوفيات "قال حاتم: "كنا مع شقيق في مصاف نحارب الترك في يوم لا تُرى إلا رؤوس "تطير ورماح تقصف وسيوف تقطع فقال لي: كيف ترى نفسك يا حاتم في هذا اليوم؟
تُراه مثل ما كنت في الليلة التي زُفَّت إليك امرأتك؟ قلت: لا والله
قال: لكني والله أرى نفسي في هذا اليوم مثل ما كنت تلك الليلة ..ومات في غزوة كوملان (ما وراء النهر) (عام 194هـ).
ويترجم لنا صاحب شذرات الذهب عن علم آخر من أعلام الصوفية المجاهدين وهو حاتم الأصم واصفاً إياه "القدوة الرباني كان يقال له لقمان هذه الأمة توفي وهو مرابط على رأس سروَد على جبل فوق واشجرد". عام 237هـ ويروي ابن العديم أنه في القرن الثالث الهجري تجمع الصوفية من كل صوب في ثغور الشام إذ وفدوا إلى هذه الثغور جهاداً في سبيل الله للوقوف في وجه البيزنطيين وأشهرهم أبو القاسم القحطبي الصوفي وأبو القاسم الأبّار وأبو القاسم الملطي الصوفي الذي صحب الجنيد البغدادي.
ونقرأ في تاريخ ابن عساكر عن إبراهيم بن علي الحسين العتـابي الــصوري (ت 471هـ) واصفاً إياه "شيخ الصوفية بالثغر) كان ذا سمت حسن وطريقة مستقيمة".
هذه بعض الأمثلة عن الرعيل الأول من الصوفية المجاهدين وإذا كان المجال لا يتسع هنا للاستكثار من الشواهد فهي موجودة في بطون أمهات الكتب العربية. وجدير بالذكر أنه عندما ظهر التصوف ظهرت فيه بالإضافة إلى فضيلة التقوى مجموعة من الفضائل الأخرى المستمدة من الفتوة وهي فكرة الإيثار والتضحية واعتبرها المتصوفة من أوائل مبادئهم حتى قال أحدهم لا يكون الصوفي كاملاً إلا إذا تفتى ويقول أحمد أمين: "أدخل الصوفية الفتوة في مذهبهم وصبغوها بصبغتهم وحملها على الحق مهما استتبع ذلك من مكاره( ويجب الإشارة أن العالم الصوفي أبا عبد الرحمن السلمي (ت 412هـ) أول من ألّف كتاباً في الفتوة.
ويذكر لنا بعض المؤرخين نماذج من هذه الفتوة منها قول ابن خلّكان في ترجمة أبي القاسم القشيري (ت 465هـ) "كانت له في الفروسية واستعمال السلاح يد بيضاء". ويقول صاحب شذرات الذهب في ترجمة السيد أحمد البدوي (ت 675هـ) "ما في أولياء مصر بعد محمد بن إدريس (الشافعي) أفتى منه".
ومع تضاعف نشاط الطرق الصوفية في عهد الاضطراب الذي خضع له العالم الإسلامي في العصور الوسطى تشكلت "الفتوات". في آسيا الصغرى وفي البلاد العربية واتضح هدف هذه الفتوات بالإعلان عن الجهاد الديني المقدس على التتر الصلينبيين وأعداء الدين داخل البلاد وخارجها( حتى لُقِّب الصوفية فتيان الثغور. ولأن إقامتهم في هذه الثغور كانت تطول في بعض الأوقات عملوا متكاتفين على إقامة بيوتات صغيرة أشبه ما تكون بمخافر الحدود اليوم وكانت هذه نواة للربط التي انتشرت بكثرة فيما بعد للعبادة ورصد تحركات العدو. ذكر المقريزي (الرُبط: جمع رباط وهو دار يسكنها أهل طريق الله وهو بيت الصوفية ومنزلهم والمرابطة ملازمة ثغر العدو وقيل لكل ثغر يدفع أهله عمّن وراءهم رُباط. فالمجاهد المرابط يدفع عمن وراءه والمقيم في الرباط على طاعة الله يدفع بدعائه البلاء عن العباد والبلاد".
وقد لعبت الرُبط دوراً مهماً حيث برزت كمؤسسات للتربية العسكرية والدينية (فالناحية العسكرية ظهرت بسبب تواجد دول على حدود الدول المتربصة بالدول الإسلامية وتوافد غزاة المسلمين إليها من أنحاء الدولة الإسلامية يرابطون فيها فيتدربون عسكرياً ويحرسون ويشاركون في القتال وقد شبهها بعض الغربيين بالأديرة المحصنة).
ولم يقتصر وجود الرُبط على البرّ فإن صاحب خطط الشام يذكر أنه كان على امتداد سواحل الشام رباطات للنيل من الأعداء إن قدموا بحراً فأهل دمشق يرابطون في بيروت وأهل حمص في طرابلس وأهل القدس في يافا فبنوا المنارات وكلفوا حرساً تراقب قدوم العدو فإذا كان الوقت ليلاً أوقدت منارة ذلك الرباط وإن كان نهاراً دخنوا وقد ثبتت منارات متسلسلة فلا يكون ساعة إلا وقد حصل النفير بين الناس استعداداً لمنازلة العدو. وقد أحصى لنا الأربلّي (ت 726هـ) عدد الربط في دمشق وخارجها بواحد وعشرين رباطاً آخرها أنشأها ابن القلانسي بجبل الصالحية وتم بناؤه سنة 720هـ.
بيد أن أشهرها رباط العالم المجاهد رسلان الدمشقي (ت 541هـ) صاحب الرسالة المعروفة في التوحيد والتصوف الذي لم يكن رباطه يقع داخل سور المدينة بل خارجها كأنه مخفر يأوي إليه حرس الحدود والذين يطوفون حول المدينة بعد إغلاقها ليلاً كي لا يكون هناك عدو مباغت وكان المريدون يترددون إلى رباطه يتعلمون فيه جميع أنواع الدراسة ويتدربون على الفنون الحربية للوقوف في وجه الصليبيين حتى لقّب الشيخ رسلان بحق (إمام السالكين وشيخ المجاهدين) وحتى الآن لا يزال أهالي دمشق يرددون الأنشودة المعروفة (شيخ رسلان يا شيخ رسلان يا حامي البر والشام).و التي اعتقد البعض أنها شرك و ماهي إلا أنشودة تاريخية تعود إلى دور هذا الشيخ في الرباط.
ويورد الدارسون كلام الرحالة المقدسي (أنه في أواخر القرن الرابع الهجري كان في اسبيجاب في ما وراء النهر على حافة الحرب مع الترك ألف وسبعمائة رباط بينما كان في بيكند -ثغر بين بخارى وسمر قند- ألف رباط).
وإذا كان هذا العدد الضخم من الرباطات في ثغرين من ثغور الحرب فما بالنا بما كان في بقية الثغور؟
ومن جليل أعمال الصوفية وآثارهم الحسنة في الأمة الإسلامية أن الملوك والأمراء متى قصدوا الجهاد كان مشايخهم يحرضون أتباعهم للمشاركة في رد العدوان وكان هؤلاء المريدون يسارعون بذلك لعظيم اعتقادهم وانقيادهم فيكون ذلك سبباً للظفر والنصر. ففي مصر يسطر لنا الشيخ أبو الحسن الشاذلي (ت656هـ) مثالاً رائعاً عن مقاومة الصوفية للغزاة وتذكر كتب التاريخ مشاركته في معركة المنـصورة سنة (647هـ) وقد التـف حوله أتـباعه. ومثل هذا يذكره ابن العماد في معرض كلامه على وفيات سنة (656هـ) "وفيها الشاذلي أبو الحسن المغربي الزاهد شيخ الطائفة الشاذلية كان ضريراً اشتغل بالعلوم الشرعية ثم سلك منهاج التصوف حتى ظهر صلاحه... قدم إلى اسكندرية في المغرب وصار يلازم ثغرها من الفجر إلى المغرب". ومن أبرز تلامذة الشاذلي أبو العباس المرسي قال عنه ابن تغري بردي "الإمام العارف قطب زمانه... وكان من جملة الشهود بالثغر...".
وإن دور الإمام العز بن عبد السلام (ت 660هـ). في التحضير لمعركة "عين جالوت" (سنة 658هـ) معلوم للقاصي والداني فلم يمنعه تقدمه في السن من المشاركة في الاجتماعات مع السلطان وقادة الأمة وحثهم على ملاقاة التتار وفتواه في الجهاد مشهورة معروفة. ولا مجال للتردد أن العز كان صوفياً ونصوصه العديدة وكلام مترجميه قاضية بذلك. فقد حكى السيوطي أن: (سلطان العلماء) "لبس خرقة التصوف من الشهاب السهروردي" (ت 632هـ).
ويذكر أحمد أمين أن الشيخ محي الدين بن عربي الصوفي المشهور (ت 638هـ) أُثر عنه أنه كان خلال الحروب الصليبية يحرض المسلمين على الجهاد ومقاومة الغزاة الصليبيين ومن وصاياه قوله: "وعليك بالجهاد الأكبر وهو جهاد هواك فإنك إذا جاهدت نفسك هذا الجهاد خلص لك الجهاد الآخر في الأعداء الذي إن قتلت فيه كنت من الشهداء الأحياء الذين عند ربهم يرزقون... واجهد أن ترمي بسهم في سبيل الله واحذر إن لم تغز أن لا تحدِّث نفسك بالغزو...".
وعلى الرغم من اشتغال ابن عربي بدقائق علم التصوف فإنه لم يقطع صلته مع قوّاد الدولة الكبار ومنهم الملك المظفر شهاب الديـن غازي صاحب حلب توفـي (613هـ) الذي كان مريداً للشيخ وحصل منه على إجازة في العلم وقد أثنى عليه ابن عربي في بعض كتاباته بقوله:
ما رفعت إليه حاجة من حوائج الناس إلا سارع في قضائها من فوره من غير توقف كانت ما كانت. ويذكر ابن شداد أن فتح عكا "تم ببركة قدوم الملك غازي بما أظهره من أعمال البطولة الخارقة واستبشر والده (صلاح الدين) بغرته وعلم أن ذلك بيُمن وصلاح سريرته". ويصفه المؤرخون بأنه كان مهيباً ذا سياسة وفطنة ودولته معمورة بالعلماء والفضلاء حضر معظم غزوات والده وهو الذي جمع شمل البيت الأيوبي وكان ملجأ للغرباء وكهفاً للفقراء يزور الصالحين ويتفقدهم(.
قال عنه ابن الأثير: "أنه من خيار عباد الله".
وفي الواقع فإن الظاهرة الهامة في العصر الأيوبي هي انتشار الصوفية وطغيانها وتملكها مشاعر العامة وعواطفهم حتى بدت مظهراً دينياً خالصاً. ويفسر بعضهم أن ذلك يعود إلى كثرة الحروب والفتن وإلى نشوء مذاهب دينية تحوي بعض مبادئ الفوضى والهدم هذا فضلاً عن بدء تسرب جحافل الصليبيين إلى البلاد الإسلامية فوجد العامة في التصوف الملجأ والمخلّص مما هم فيه من المحن والهموم، ولقد عظم اعتقادهم في مشايخ الصوفية وخصوصاً عندما بدأ الضعف يدب في جسم الخلافة العباسية ومن هؤلاء على سبيل المثال: علي بن الحسين الواعظ). فقد أشار ابن كثير عند حديثه عن حوادث سنة 549هـ إلى الدور الكبير الذي قام به هذا الصوفي في الحث على تطهير البلاد من الصليبيين وقد توافد إلى رباطه المئات وأصبح ما يشبه اليوم ثكنة عسكرية. وكذلك كانت هناك علاقة وثيقة بين حكام البيت الزنكي والأيوبي وبين رجالات التصوف واتخذوا منهم خير سند في حروبهم مع الصليبيين فكان هؤلاء يشحذون همم الناس، ويستثيرونهم للجهاد فقد شجع نور الدين محمود زنكي (ت 569هـ) التصوف ورجاله عن عقيدة ورغبة حقيقية.
ذكر أبو شامة: "وكان يحضر مشايخهم عنده ويقربهم ويدنيهم ويبسطهم ويتواضع لهم فإذا أقبل أحدهم إليه يقوم له مذ تقع عينه عليه ويعتنقه ويجلسه معه على سجادته ويقبل عليه بحديثه. وكان يقول: "هؤلاء جند الله وبدعائهم ننتصر على الأعداء". ويصف لنا ابن خلِّكان نور الدين هذا بأنه كان ملكاً عابداً زاهداً ورعاً مجاهداً في سبيل الله وقد لامه بعض أصحابه على تكريمه للصوفية فغضب غضباً شديداً وقال: "إني لا أرجو النصر إلا بأولئك... كيف أقطع صلات قوم يقاتلون بسهام لا تخطئ...". والناس في الحقيقة لا يعرفون إلا اليسير عن نور الدين الرجل العظيم الذي سبق صلاح الدين ومهّد لانتصاراته على الصليبيين وجعلها ميسورة وذلك باتباع سياسة خارجية قائمة على توحيد البلاد وسياسة داخلية قائمة على التربية الروحية الخالصة. "فبنى الربط والخانقاهات في جميع البلاد للصوفية ووقف عليها الوقوف الكثيرة وأدرّ عليهم الإدارات الصالحة"وتذكر كتب التاريخ أنه كان متقشفاً وقد يقترض أحياناً المال جاعلاً من الجهاد وسحق الصليبيين كل مسوّغ وجوده وكما يقول أحد المستشرقين المنصفين "نذر نور الدين حياته للحرب المقدسة متفانياً فيها بحماسة الصوفي العنيدة".ومما قيل في شعره:
ذو الجهادين من عدو ونفس ... فهو طول الحياة في هيجاء
أنت حيناً تقاس بأسد الور ... د وحيناً تعدّ في الأولياء

وعندما فتح الموصل سنة 566هـ قصد الشيخ عمر الملاّ في زاويته وكان يستشيره في أموره ويعتمد عليه في مهماته وعندما غادر الموصل أمر الولاة والأمراء بها أن لا يفعلوا أمراً حتى يعلموا الملاّ به وهناك حكاية يرويها لنا ابن كثير مفادها (أن أُناساً سمعوا الفرنج يقولون (إن القسّيم ابن القسّيم) يعنون نور الدين له مع الله سر فإنه لم يظفر وينصر علينا بكثرة جنده وجيشه... وحسبه ما قاله عنه ابن الأثير لم يكن بعد عمر بن عبد العزيز مثل الملك نور الدين) .
وقد سار صلاح الدين الأيوبي (ت 589هـ) على الدرب نفسه الذي سلكه نور الدين فقبل أن يشرع بتخليص البلاد من براثن الصليبيين بقي اثنتي عشرة سنة (570-582هـ) يعمل من أجل تحقيق الوحدة وإعداد قوة الإسلام المادية والروحية فزاد من إنشاء الربط والخوانق والزوايا وجعل منها مدارس عسكرية وتربوية. يصف لنا ابن شداد "سكرتيره وقاضيه" شخصية صلاح الدين بقوله: (كان رحمه الله حسن العقيدة كثير الذكر لله تعالى قد أخذ عقيدته على الدليل بواسطة البحث مع مشايخ أهل العلم. وقد جمع له الشيخ "أبو المعالي النيسابوري ". عقيدة سليمة في علم الظاهر والباطن وقد ورد عنه أنه خلال المعارك كان يصحب علماء الصوفية لأخذ الرأي والمشورة فضلاً على أن وجودهم يعتبر حافزاً قوياً للمريدين على القتال ببسالة وشجاعة نادرة").
وقد سلك صلاح الدين طريق زهد الصوفية لدرجة أنه كما قال ابن شداد: "مات رحمه الله ولم يحفظ ما تجب عليه الزكاة... ولم يخلف في خزانته من الذهب والفضة إلا سبعة وأربعين درهماً ناصرية وجرماً واحداً ذهباً ولم يخلف ملكاً ولا داراً ولا عقاراً ولا بستاناً ولا قرية ولا مزرعة ولا شيـئاً من أنواع الأمـلاك"وقنع من الدنيا في ظل خيمة تهب بها الرياح مـيمنة وميسرة.
وإذا كان من تعريفات الصوفي هو من يستوي عنده الذهب والمدر فإننا نجد عند صلاح الدين تطبيقاً لهذه القاعدة. وإلى ذلك يشير كاتب سيرته "وسمعت في معرض حديث جرى يمكن أن يكون في الناس من ينظر إلى المال كما ينظر إلى التراب فكأنه أراد بذلك نفسه رحمه الله تعالى"ويقول المقريزي إن صلاح الدين أول من أنشأ خانقاه للصوفية بمصر ووقف عليها أوقافاً كثيرة وكان سكانها يعرفون بالعلم والصلاح وولي مشيختها الأكابر).
ويذكر ابن إياس في بدائع الزهور (تاريخ مصر) عند حديثه عن مناقب صلاح الدين "وهو أول من اتخذ قيام المؤذنين في أواخر الليل وطلوعهم إلى المآذن للتسبيح حتى يطلع الفجر..". وخلال فتح صلاح الدين للقدس (583) أمر المسلمين بالمحافظة على كنيسة القيامة "وبنى بالقرب منها مدرسة للفقهاء الشافعية ورباطاً للصلحاء الصوفية ووقف عليهما وقوفاً وأسدى بذلك إلى الطائفتين معروفاً".
ويؤكد ابن الوردي في تاريخه حضور مشايخ الصوفية فتح القدس بقوله:
"وشهد فتحه كثير من أرباب الخرق والزهد والعلماء في مصر والشام بحيث لم يتخلف منهم أحد".
والروايات كثيرة تؤكد زهد صلاح الدين وتقشفه في مأكله وملبسه بينما يغدق كرمه على الفقهاء والصوفية ويوقف القرى بما تملك من موارد وأرباح خدمة للزوايا ودور الفقراء.. ويحكى عنه أنه كان إذا سمع بأحد العارفين بالله ةزاره في زاويته ليقتبس من أنواره وقد سار إلى بغداد للقاء شيخ الطريقة القادرية علي بن الحسين المعروف "قضيب البان" الذي شجعه على قيادة جيوش الإيمان وأرسل معه عدداً من أبنائه للمشاركة في المعركة وقد استطاع أحدهم وكان ملثماً قتل أحد قادة جيوش الصليبيين وقد طلب من الفارس الملثم التقدم للمكافأة فلم يجب أحد.
وبعد انتقاله إلى جوار ربه قاد خلفاؤه الأيوبيون أعمال التحرير ثم جاء بعدهم المماليك وحاق بالمسلمين في عهدهم محنة أخرى هي الغزو المغولي وقضاؤهم على الخلافة العباسية في بغداد (سنة 656هـ). وقد شهد عصر المماليك اشتداد تيار التصوف ويعزو أغلب الباحثين ذلك إلى الأخطار التي ألمَّت بالعالم الإسلامي في القرن السابع الهجري على أيدي التتار في المشرق والصليبيين في المشرق والمغرب جعلت الناس يرغبون في التوبة الخالصة إلى الله والزهد في الدنيا والعودة إلى سنة السلف الصالح للخلاص من الأوضاع السيئة التي أحس فيها المسلمون. وليس من المغالاة القول إن السلطان المملوكي الظاهر بيبرس (ت676هـ) يأتي في المرتبة نفسها التي احتلها صلاح الدين ونور الدين وذلك للوقائع الهائلة والنجاحات العظمى التي حققها على التتار وبقايا الصليبيين وتوجها بالمعركة الفاصلة في التاريخ الإسلامي والعالمي (عين جالوت 658هـ) والشيء الذي نريد إلقاء الضوء عليه في هذا الجانب هو العلاقة الوطيدة التي كانت قائمة بين الظاهر يبيرس وبين شيوخ التصوف في عصره وإكرامه لهم فقد كان له فيهم اعتقاد كبير منهم: السيد أحمد البدوي (ت675هـ) يروي صاحب شذرات الذهب:
"أنه بوصول السيد البدوي إلى مصر قادماً من المغرب تلقاه الظاهر بيبرس بعسكره وأكرمه وعظمه" وانتسب إلى طريقته. ولكن الذي لعب دوراً مهماً في حياة بيبرس هو الشيخ خضر الكردي العدوي "وقد بنى له السلطان زاوية بجبل المزة خارج دمشق وكان يتردد عليها بيبرس في الأسبوع مرة أو مرتين ويستشيره في أموره ولا يخرج عما يشير به ويأخذه معه في أسفاره وأطلق يده وصرّفه في مملكته". ويحدثنا ابن عبد الظاهر كاتب سيرة الظاهر بيبرس ورئيس ديوانه عن حضور الصوفية للحروب وهو شاهد عيان بقوله: "وحضر العبّاد والزهّاد والفقهاء والفقراء إلى هذه الغزاة المباركة التي ملأت الأرض بالعساكر وأصناف العالم ولم يتبعها خمر ولا شيء من الفواحش بل النساء الصالحات يسقين الماء في وسط القتال ويجررن في المجانيق وأطلق لجماعة من الصالحين الرواتب مثل الشيخ علي المجنون والشيخ الياس من الأغنام والحوائج وأطلق للشيخ علي البكّاء جملة من المال وما سمع من أحد من خواصه اشتغل عن الجاهد في نوبته بشغله".
ويصفه المؤرخون بأنه كان ملكاً شجاعاً مقداماً صالحاً متقشفاً هو وجيشه كما كان على جانب كبير من الديانة وأنه صاحب حال ونفس قوية. وأخيراً لا عجب أن نجد من ألقابه (الأسد الضاري) و (ركن الدنيا والدين) و (صاحب الوقائع الهائلة مع الصليبيين والتتار) التي امتدت من 661هـ حتى وفاته سنة 676هـ.
لذلك ومما تقدم من شواهد قيمة نستنتج أننا في دراسة سبر أغوار حياة وشخصيات أمراء الزنكيين والأيوبيين والمماليك الذين دحروا الصليبيين والتتار نجد ناحية التصوف واضحة جلية لا تقبل مجالاً للشك أو الريب فقد كانوا جميعاً نسيجاً روحياً واحداً رغم تباين قبائلهم واختلاف شعوبهم ولا غرابة في ذلك فقد أصبح التصوف –كما أشرنا آنفاً- خلال العصرين الأيوبي والمملوكي يعبِّر عن الدين الخالص والتمسك الدقيق بالشريعة والحقيقة.
وإذا كان لكل عظيم مكونات ومؤثرات لعبت دوراً مهماً في نجاحه فإن الفضل الأول في انتصارات نور الدين وصلاح الدين والمظفر غازي والظاهر بيبرس وابن تومرت في المغرب يرجع إلى عاملين: عامل مادي يبينه قوله تعالى: "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل" (الأنفال –60) وعامل روحي هو نشوؤهم في بيئة زرعت في قلوبهم حب التصوف ورجالاته العارفين فعلموهم حقيقة الاعتقاد وفضيلة الصبر والمصابرة والتضحية بالنفس والنفيس وطلب الفوز بإحدى الحسنيين: النصر أو الشهادة فكانوا بذلك هم الجذور التي أنبتت أشجاراً باسقة لا تهزها ريح ولا تنال منها عاصفة ولا نزال نحن ننعم بثمار هذه الأشجار حتى الآن. ومهمة الجذور دائماً بعيدة عن الأعين لأنها لو برزت إلى السطح لضاعت منها قوتها الفاعلة والتاريخ الحق هو البحث عن الجذور وعدم الإصغاء إلى الذين يحاولون تزييف الحقيقة وإظهار التصوف بأنه ضعف وخنوع وكسل بهدف القيام بمهمة تفريغ الحضارة الإسلامية من مضمونها الروحي وهم يعلمون حق اليقين أن التصوف هو روح الإسلام وهو قوته النافذة الضخمة وشعلته الوضّاءة المشرقة.
وجدير بالذكر أن الاهتمام بالكتابة عن التراث الإسلامي بشكل عام والتراث الصوفي بشكل خاص من قبل المستشرقين ظهر في أعقاب الحروب الصليبية التي أوجدت حاجة ملحة من قبل المستعمرين للتعرف على سر انتصارات المسلمين فتوصلوا أن ذلك سببه الوحدة وأن التصوف هو الاتحاد الحقيقي الذي جمع القلوب.
ولا ننكر أنه ظهر خلال العصور المتوالية بعض الأفراد والجماعات من أدعياء الطريق الصوفي تشبهوا بالقوم في الزي والهيئة وهم شينٌ عليهم كما تشبهت بالفقهاء العاملين أقوام قاصرون فكانوا بدورهم شيناً عليهم ولم تزل كل طائفة من طوائف الناس فيهم الصالحون وفيهم الفاسدون ولقد حذّر علماء التصوف قديماً وحديثاً من هؤلاء الكاذبين المنحرفين كالتاج السبكي حين قال: "إذا علمت أن خاصة الخلق هم الصوفية فاعلم أنهم قد تشبه بهم أقوام ليسوا منهم فأوجب تشبه أولاء سوء الظن".
وقد حكم البعض على التصوف من خلال هؤلاء الشاذين والتصوف منهم براء ويبدو أن التصوف في المغرب (في القرنين التاسع والعاشر الهجريين) كان أحسن حالاً مما كان عليه في المشرق. نفهم ذلك من خلال حديث أحد علماء صوفية المغرب وهو علي بن ميمون (ت 917هـ) الذي زار المشرق فأنكر بشدة على المتشبهين بالصوفية وكذلك المتشبهين بالفقهاء واعتبرهم سبب ضعف المسلمين وألف كتاباً مستقلاً بعنوان "بيان غربة الإسلام بواسطة صنفي المتفقهة والمتفقرة من أهل مصر والشام وما والاهما من بلاد الأعجام". ونقرأ ترجمة هذا العالم المجاهد في شذرات الذهب "العارف بالله سيدي علي بن ميمون المرشد المربي القدوة الحجة ولي الله تعالى اشتغل بالعلم ولازم الثغور على السواحل وكان رأس العسكر".
وفي العصر الحديث يذكر الشيخ محمد عبده (ت1905م) كلاماً قريباً من ذلك فيقول: "قد اشتبه على بعض الباحثين في تاريخ الإسلام وما حدث فيه من البدع والعادات التي شوَّهت جماله السبب في سقوط المسلمين في الجهل فظنوا أن التصوف من أقوى الأسباب وليس الأمر كما ظنوا...". ويعتبر الإمام والمصلح الصوفي محمد عبده الأب الروحي للثورة العربية أثناء الغزو الإنجليزي لمصر سنة 1882م. وقد تحمَّل في سبيل ذلك السجن والنفي. ورد في الأعلام أنه (من كبار رجال الإصلاح والتجديد في الإسلام تعلَّم بالأزهر وتصوف ولمَّا احتلَّ الإنجليز مصر ناوأهم وشارك في مناصرة الثورة العرابية ثم نفي. من مؤلفاته رســالة الـواردات في الفلســفة والتصــوف".
وإذا ولّينا وجوهنا نحو المغرب نرى ظاهرة التصوف التي بدأت بالزهد كما في المشرق واضحة جداً في تأسيس دول مشهورة.
فنجد أن دولة المرابطين (منتصف القرن الخامس الهجري) منشؤها رباط أقامه أحد الزهَّاد في محل ناءٍ من الصحراء وذاعت أنباء زهده وتقواه في جميع أرجاء المغرب فقصده جموع غفيرة من الناس ومنهم يوسف بن تاشفين (ت505هـ) الذي أصبح فيما بعد رئيساً لدولة المرابطين وقد كان الزهد والتقشف هما شعار الدولة وطابعها الخاص وابن تاشفين هو صاحب الموقعة المشهورة مع الإفرنج في الزلاقة (سنة 479هـ).
ومما يروى أن الإمام الغزالي الفقيه والصوفي الكبير (450-505هـ) كان يعجب بورع يوسف وصفاته حتى أنه فكر في الرحيل إلى المغرب لزيارته لكنه عدل عن ذلك حينما بلغه وفاته.
وهناك نص كامل للخطاب الذي كتبه الإمام الغزالي وأرسله إلى يوسف ابن تاشفين يحضه فيه على العدل ونصرة الدين. كما عثر على فتوى موجهة لحجة الإسلام بشأن ما كان عليه ملوك الطوائف من التفرق والتخاذل عن الجهاد فأجاب ما ملخصه: (أن يوسف كان على حق في إظهار شعار الإمامة للخليفة المستظهر وأن هذا هو الواجب على كل ملك استولى على قطر من أقطار المسلمين وإذا نادى الملك المشمول بشعار الخلافة العباسية وجبت طاعته على كل الرعايا والرؤساء وكل من تمرد واستعصى فحكمه حكم الباغي ومن حق الأمير أن يرده بالسيف). ودعا للالتفاف حول يوسف وعدم مخالفته ناشراً محامده "استصرخ المسلمون الأمير ناصر الدين وجامع كلمة المسلمين... فلبى دعوتهم وأسرع لنصرتهم بنفسه ورجاله وماله وجاهد بالله حق جهاده ومنحه الله تعالى استيصال شأفة المشركين...".
وقد خلف المرابطين الموحدون (541-668هـ) ومؤسس دولتهم هو المهدي بن تومرت وكان قد رحل إلى المشرق سنة (501هـ) في طلب العلم ويُحكى أنه لقي أبا حامد الغزالي في الشام أيام تزهده ويؤكد كثير من المؤرخين القدماء والمحدثين هذا اللقاء. وكما يقول صاحب المعجب. "وشهد الغزالي في ابن تومرت صفاته وشمائله وتبين فيه من العلامات والآثار ما يدل على أمره ومستقبله". ثم اعتزم ابن تومرت الرحيل إلى المغرب حاملاً دعوة التوحيد ومجدداً للمفاهيم الإسلامية التي زرعها في نفسه أستاذه الغزالي . ولم يزل كذلك وأحواله صالحة وأصحابه ظاهرون وأحوال المرابطين تختل إلى أن توفي عام (524هـ) بعد أن "قرر القواعد ومهدها ورتب الأحوال ووحدها".
يصفه ابن خلَّكان (أنه كان ورعاً ناسكاً شجاعاً مخشوشناً لا يصحبه من متاع الدنيا إلا عصا وركوة فقد كان قوته رغيفاً كل يوم وكان يقول: من اتبعني للدنيا فماله عندي إلا ما رأى ومن اتبعني للآخرة فجزاؤه عند الله وكان كثيراً ما ينشد:
تجرَّد من الدنيا فإنك إنما... خرجت إلى الدنيا وأنت مجرد
قال المراكشي فيه: "كان قد وضع له في النفوس هيبة وفي الصدر عظمة كان شديد الصمت كثير الانقباض سُخرت له الرعية وذُللت له الجبابرة". وقد أسفرت حركته عن قيام دولة من أعظم الدول الإسلامية وهي الدولة الموحدية الكبرى وتحت تأثير هذه الدعوة اندفع الموحدون لمقاومة القوات الإسبانية ويذكر المؤرخون أنه لولا قيام الدولة الموحدية التي استطاعت أن توحد الصفوف وتجمع الكلمة وتكوِّن من أقطار أفريقية هذه القوة العتيدة التي حاربت في آن واحد في كلتا الجبهتين الأندلسية والأفريقية لعصفت القوات الصليبية بتلك البلاد في ذلك الحين. وتحول شيوخ الزوايا إلى وحدات سياسية كانت نواة لقيام دول بالمغرب على أساس صوفي كالسعديين الذين أخذوا على عاتقهم تحرير البلاد من البرتغاليين وقويت زعامة السعديين وحماسهم للجهاد بتأييد الطرق الصوفية المنتشرة بكثرة آنذاك. وصفوة القول فإن المجمع المغربي كان مبنياً روحياً على الظاهرة الصوفية وقد وحَّدت المجتمع وصارت هذه الظاهرة عند المغاربة قوة واحدة أمام التهديد والعدوان الخارجي.
ونحاول أن نقف قليلاً عند أبي حامد الغزالي الذي أخذ عليه البعض عدم اشتراكه في قتال الصليبيين وفي الواقع يجب علينا هنا ملاحظة أمرين:
الأمر الأول: أن حياة الغزالي امتازت بكونه فيلسوفاً وفقيهاً صوفياً ومصلحاً اجتماعياً ومخططاً سياسياً.
والأمر الثاني: أن العصر الذي عاش فيه الغزالي كان عصر ضياع وتشرذم فيه مزيج من اختلاطات المذاهب والآراء والأفكار فأراد أن يأخذ على عاتقه عبء الإصلاح فبينما كان الصليبيون يتأهبون لمهاجمة العالم الإسلامي مستغلين فقدان الخلافة العباسية هيبتها كان الغزالي يتهيأ لمعالجة جذور المشكلة وأسباب الداء. "وقد أقامه الله حتى يكون في الناس من يحفظ به العقائد الصحيحة ويدفع شبه الملحدين والمبطلين وأجره أعظم من أجر المجاهد بكثير". فاستحق عند الجميع أن يكون حجة الإسلام. ولو أنه اتجه إلى القتال لما وجدنا في تراثنا الإسلامي هذه المجموعة العظيمة من الكتب التي خلفها والتي لا تزال تعتز بها المكتبة الإسلامية. ومن المعلوم أن الجهاد فرض كفاية إذا قام به البعض سقط عن الباقين وقد قيض الله للصليبيين من طردهم من هذه البلاد وكما أنه ليس دور الطبيب حمل السلاح فكذلك دور العالم الفقيه حمل مشاعل النور للأجيال. قال :وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون.
(122- التوبة)
وقد ذكرنا آنفاً أنه كان أستاذاً ومرشداً لمؤسس الدولة الموحدية وله في الجانب السياسي كتاب "التبر المسبوك في نصيحة الملوك". وما قيل عن الغزالي يُقال عن غيره من أعلام التصوف أمثال الشيخ عبد القادر الجيلاني (561هـ ) يقول شكيب أرسلان عن هذا المرشد الكبير (أن له أتباعاً لا يُحصى عددهم وقد كان لخلفائه فضل كبير في المحافظة على روح الدعوة والجهاد وكثير من الذين قاوموا النفوذ الاستعماري في أفريقية كانوا من أتباع الطريقة القادرية. ومهما يكن من أمر فقد قدم علماء التصوف للمجتمع خدمات جليلة وخلفوا تراثاً زاخراً في الأدب والأخلاق. يقول الإمام محمد عبده: "أنه لم يوجد في أمة من الأمم من يضاهي الصوفية في علم الأخلاق وتربية النفوس وأنه بضعف هذه الطبقة فقدنا الدين".
وفي العصر الحديث: يندر أن نجد من المجاهدين من عملوا على إنقاذ الوطن من براثن الاستعمار لم يسلك الطريق الصوفي.
لقد وجدوا أن من واجبهم محاربة العدوان والشر المادي كما يحاربون المآثم والشهوات لأنها كلها من فصيلة واحدة تدمر الروح الإنساني، إن الوميض المتجدد لجهاد الصوفية الحربي عاد ليظهر واضحاً من خلال الهجمة الأوربية الاستعمارية على بلدان العالم الإسلامي فسطروا بذلك أروع آيات الكفاح ويخلدهم التاريخ بين صفحاته.
وسأترك للقارئ المجال فسيحاً مع الحقائق والوقائع التي لا يرقى إليها الشك ولا يخالطها ريبة فهي وحدها البيان والترجمان.
ففي القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين قاد نضال الاحتلال في ليبيا الطريقة الصوفية السنوسية ومؤسسها محمد بن علي السنوسي (ت1859م) تلميذ أحمد بن إدريس الفاسي (ت1853م) رئيس الطريقة الخضيرية الشاذلية عمل السنوسي على بناء قوة عربية إسلامية في صحراء ليبيا تقوم دعاتها على أساس الزوايا والرباطات التي لم تكن للعبادة فقط وإنما كانت مراكز نشاط وحيوية وإصلاح فكان شيخ الزاوية يربي أتباعه على ضرورة تعلم الرماية وفنون الحرب والاستعداد للجهاد في أي لحظة. وكانت منظمة تنظيماً دقيقاً ولم تجرؤ الحكومات الاستعمارية في شمال أفريقية على مسها وقد تحولت هذه الزوايا جميعها عند الغزو الإيطالي لليبيا في مطلع هذا القرن إلى معاقل حقيقية للدفاع عن السيادة والكرامة تحمّل عبء النضال من خلالها السنوسيون بقيادة البطل المجاهد عمر المختار (1858-1931م) الذي جعل من زاويته الكبرى في واحة الجغبوب مقراً ومركزاً للعمليات العسكرية حتى استشهاده. وكان قد التحق بزاوية الجغبوب وعمره ستة عشر عاماً مارس داخلها العبادة ورياضاته الروحية فقد كان لا ينام من الليل إلا ساعتين أو ثلاثاً ويختم المصحف كل سبعة أيام وقد كانت فترته هناك عاملاً هاماً في تكوين شخصيته السياسية والاجتماعية وتركت آثاراً باقية في سلوكه وتفكيره وصفاته فيما بعد.
وفي الصومال قاد السيد: محمد عبد الله حسن (ت1920م) أبرز خلفاء شيخ الطريقة الصالحية (وهي فرع من الشاذلية) بلاده من نصر إلى نصر أكثر من عشرين عاماً حارب فيها قوات أكبر ثلاث دول في القرن التاسع عشر وهي بريطانيا وإيطاليا والحبشة. ولبسالة الأعمال الحربية التي قام بها سماه بعض أنصاره بالمهدي بينما هو نفى عن نفسه أن يكون المهدي المنتظر ووصف نفسه بأنه من الدراويش.
وقد استطاع السيد أن يجعل من رابطة الطريقة أقوى من رابطة العصبية القبلية. وتزعم حركة المقاومة في موريتانية في وجه الفرنسيين وتصدى لمطامعهم الزعيم الروحي ماء العينين (ت 1910م) الذي اعتنق الطريقة الفاضلة التي أسسها والده (وهي فرع من القادرية).
وفي أفريقية بوجه عام اعتنق زعماء الجهاد تعاليم الطرق الصوفية التي لا يستطيع أحد أن ينكر دورها في نشر الدين والثقافة الإسلامية وفي مقاومة كل مظاهر السيطرة والوجود الأجنبي. وهم جميعاً رفضوا الاستسلام رغم كل العروض المادية والمعنوية وبالرغم مما أصاب زعماء هذه الحركات من خسائر فقد فضلوا الاستشهاد في سبيل الله .
وإذا كان زعماء بعض هذه الطرق قد عقدوا معاهدات صلح مع بعض القوى الأجنبية فذلك حتى تسترد الأنفاس وتنظم القوات وتبدأ مرحلة جديدة من النضال والكفاح.
ومازالت شعوب غرب أفريقية الإسلامية تدين للمجاهدين من أصحاب الطرق الصوفية من أمثال الشيخ عثمان بن فودي (القادري) أوائل القرن التاسع عشر والحاج الشهيد عمر التكروتي (ت 1864م) الذي حمل معه الطريقة التيجانية إلى غرب أفريقية.
ولا ننسى الدور الفعال الذي قامت به الدرقاوية إبان الاستعمار الفرنسي للمغرب. وفي الحقيقة من أبرز شخصيات المغرب البطولية شخصية البطل المراكشي الأمير عبد الكريم الخطابي (1881-1962م) الذي كان على درجة كبيرة من الشجاعة والزهد معاً وقد اعتكف عدة سنوات أخذ نفسه بالرياضة الروحية الخالصة حتى يصقل نفسه ويصفيها من شوائب الدنيا وأعراضها. وقد كان لهذا الاعتكاف أثره على الأمير ليبدأ بعدها مرحلة طويلة من الكفاح ضد الإسبان ولم يهزم إلا بعد أن تكاتفت عليه الجيوش الإسبانية والفرنسية وبعد أن خلّف عدداً كبيراً من المريدين حملوا بعده راية الكفاح حتى تم قطف ثمار جهادهم.
وفي الجزائر لاحظ الخبراء الفرنسيون أن زعماء حركة الجهاد التي تؤلف محاربتهم انطلقت من الطرق الصوفية وخاصة المرتكزة منها حول الزوايا التي كانت منذ قرون تعتني بالجهاد عند الخطر وتعتني بالعلم والتصوف عند السلم، ومن أبرز تلك الطرق في القرن الماضي القادرية والرحمانية وقد أنجبت الأولى الأمير: عبد القادر الجزائري (1807-1885م) الذي يعتبر (بلا منازع) شيخ المجاهدين في العصر الحديث فضلاً عن كونه من كبار صوفية عصره، حارب الأمير الفرنسيين بلا هوادة مدة سبعة وعشرين عاماً اضطر بعدها مكرهاً إلى مغادرة الجزائر وتسليم راية الجهاد طاهرة مطهرة إلى الشعب لمواصلة الجهاد في ميدان آخر له رجاله وأبطاله أيضاً واهتزت لقدومه دمشق التي اختارها لتكون مقراً له واستقبل فيها استقبال الفاتحين وقرأ على علمائها أشهر كتب التصوف كما ألّف فيها عدداً من الكتب أشهرها كتاب المواقف في الوعظ والتصوف والإرشاد وكانت وفاته فاجعة في قلوب الجميع الذين ألفوه وأحبوه ثم تم نقل رفاته إلى الجزائر بعد استقلالها1962.
ويشبه نضال الأمير عبد القادر للفرنسيين جهاد زعيم صوفي آخر في السودان للإنجـليز وهو محمد أحمد المهدي (1843-1885) الذي حفظ القرآن منذ صغره بهرته دون أترابـه في الدرس أنوار الــتصوف فأقبل عــليها وانقطع في جزيرة "عبه" في النيل الأبيض خمسة عشر عاماً وهناك بدأ ممارسة رياضاته السلوكية ليقهر جماح النفس على الصعب ليبدأ مرحلة رفع عمد الإسلام والحرب في سبيل الله ولاسيما والسودان كله يتطلع إلى الخلاص من كابوس الاحتلال الإنكليزي بقول صاحب كتاب حلية البشر "وفي سنة سبع وتسعين ظهر رجل بالسودان يسمى محمد أحمد ولم يدّع أنه المهدي... وكان قبل ظهوره مشهوراً بالصلاح ومن مشايخ الطرائق وكثر أتباعه ومريدوه فلما دخل الإنجليز حاربهم وحصل له وقائع كثيرة والغلبة في تلك الوقائع كلها له عليهم وقتل منهم خلقاً كثيراً... فتملك جميع السودان وكان أمره معهم عجيباً يأتون إليه بالعساكر الكثيرة والمدافع والآلات الشهيرة فيقابلهم بجيوشه السودانيين وليس معهم إلا السيف والرمح والسكاكين" وقد تمكن الثوار بقيادة المهدي من محاصرة الخرطوم 1885م وقتل حاكم السودان الإنكليزي (غوردن).
وفي هذه الآونة ظهر في مصر الزعيم أحمد عرابي (1841-1911م) الذي نشأ في بيئة صوفية. وفي ذلك يذكر عرابي عن أبيه أنه كان شيخاً جليلاً عالماً ورعاً وأن جده تزوج شقيقة السيد الرفاعي الصيادي وكان لهذه النشأة أثر بعيد في تكوين خلقه وشخصيته وقد جاء في بعض الكتابات (أحمد عرابي الحسيني مسلم صوفي جاور في الأزهر عامين اتصاله وثيق مع العلماء قد التف حوله جند مؤمنون يقضون الليل في الاستماع إلى القرآن وفي حلقات الذكر). وكان عرابي يعيش عيشة الزاهد المتقشف متأسياً بذلك السلف الصالح وهو القائل:
"لا نجاح لأمة نبذت أحكام ديـنها ظهرياً، ولا فـلاح لقوم استعبـدوا شهواتـهم".
وإذا عدنا إلى الوراء قليلاً إلى حملة نابليون بونابرت على مصر عام(1798م) نرى البطش والإرهاب أول ما طال علماء التصوف في الأزهر الذين كانوا من طراز خاص ويستطيعون مخاطبة الجماهير وتحريكهم. وقد قتل نابليون عدداً منهم. ومن المعروف أن الذي اغتال القائد الفرنسي كليبر هو سليمان الحلبي الطالب الأزهري السوري وقبل أن يقدم على هذا العمل الكبير أخذ نفسه ببرنامج شديد بالصوم والعبادة وعندما آنس من نفسه القوة الروحية خرج من معتكفه ولم يفش سره إلا إلى ثلاثة من عائلة الغزي (الفلسطينية المشهورة بالتصوف) وقد أعدم البطل الحلبي كما أعدم معه الثلاثة المذكورون.
وأول من أطلق صيحة الجهاد مدوية في فلسطين على الاستعمار الإنجليزي الشيخ فرحان السعدي (المولود عام 1858م) الذي ينتمي إلى عائلة السعدية الجيباوية الصوفية ولكن سرعان ما ألقي القبض عليه مع مريديه فأعدمه الإنجليز وهو صائم ويعد رائد الكفاح في فلسطين في العصر الحديث الشهيد الشيخ عز الدين القسام (1882-1935م) وقد ترجم له صاحب الأعلام الشرقية بقوله: "شيخ الزاوية الشاذلية في جبلة الأدهمية") والده الشيخ عبد القادر القسام من المشتغلين بالتصوف أرسل ابنه لمتابعة تعليمه العالي في الأزهر ثم عاد الابن للتدريس والوعظ في زاوية والده وقد امتاز منذ صغره بالميل إلى الانفراد والعزلة الأمر الذي سيؤثر في مستقبله وسيجعله أكثر قدرة على فهم ما يدور حوله من أحداث. وخلال الحرب العالمية الأولى كان القسام وقد وثق صلاته بمشايخ الجبل وأبرزهم المجاهد إبراهيم العلي ولما احتل الفرنسيون ساحل سورية نادى في تلامذته ومريديه بأن الجهاد أصبح واجباً وفي عام (1920م) توجه الشيخ القسام نحو فلسطين وأخذ يحث على الجهاد في جوامعها وينبه للخطر الصهيوني وقد وجد مع الشيخ بعد استشهاده دعاء كان يضعه في عمامته وكأنه يعلم الناس أن الدعاء مقرون في الإسلام بالعمل. ترك القسام للأمة عشرات من الرجال المخلصين قاموا بالدور الرئيسي في الثورة الكبرى في فلسطين عام (1936م).
وينتهي بنا المطاف في سورية التي وقف علماء التصوف فيها صفاً واحداً في وجه الاستعمار الفرنسي. وإذا كان محمد عبده هو الأب الروحي للثورة العرابية في مصر فإن محدث الديار الشامية وأستاذ علماء الشام محمد بدر الدين الحسني (1851-1935م) يعتبر المفجر الحقيقي للثورة السورية الكبرى ( 1925-1927م) وأصله من المغرب من ذرية الشيخ الجزولي صاحب دلائل الخيرات ولد في دمشق من أب قادري الطريقة كان فقيهاً زاهداً عارفاً بالله يغوص على مكنونات علم التصوف بدقة وعليه قرأ شيوخ المتصوفة في دمشق. وصفه صاحب الأعلام أن كان "ورعاً صواماً بعيداً عن الدنيا ولما قامت الثورة على الاحتلال الفرنسي في سوريا كان الشيخ يطوف المدن السورية متنقلاً من بلدة إلى أخرى حاثاً على الجهاد وحاضاً عليه يقابل الثائرين وينصح لهم الخطط الحكيمة فكان أباً روحياً للثورة والثائرين المجاهدين" وكان الشيخ محمد الأشمر والمجاهد حسن الخراط يقابلانه فجر كل يوم ويأخذان منه تعليمات الثورة(.
ونقرأ في كتب التراجم أسماء كثيرة من الصوفية العلماء المناضلين نذكر بعضهم هنا على سبيل المثال لا الحصر منهم العارف بالله محمد سعيد البرهاني شيخ الطريقة الشاذلية بدمشق (ت 1967م) الذي حارب مع الثوار في معركة ميسلون ومنهم الطبيب الشيخ أبو اليسر عابدين (النقشبندي) (ت1981م) الذي كان يحمل المال والسلاح والدواء للمجاهدين ليلاً ومنهم الشيخ أحمد الحارون (ت1962م) والشيخ علي الدقر (ت1943م) والشيخ الشهيد عز الدين الجزائري حفيد الأمير عبد القادر الجزائري( ولا ننس المجاهدين في مدن سورية أخرى وفي طليعتهم علامة حماة في الفقه والتصوف الشيخ محمد الحامد (ت1969م الذي كان أول من دعا إلى تطهير البلاد من المستعمرين الفرنسيين وله مجموعة خطب مكتوبة تحث على الثورة وغيره كثير لا يتسع المجال لذكرهم هنا سجلوا بحروف من نور أمجاداً وبطولات لابد للأجيال أن تعيها. إن الفضل الأول في تكوين هذه الفئات يعود إلى المدرسة الروحية الخالدة التي أنجبت القواد العظماء أمثال نور الدين وصلاح الدين والظاهر بيبرس وعبد القادر الجزائري وعمر المختار وعبد الكريم الخطابي كانوا جميعاً نماذج رائعة من التجرد والإخلاص إنهم ورثة النماذج من السلف الصالح من أمثال خالد بن الوليد وأبي عبيدة بن الجراح وسعد بن أبي وقاص وسواهم.










قديم 2010-02-25, 12:59   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
*المشتاقة للرحمن*
عضو متألق
 
الصورة الرمزية *المشتاقة للرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اللهم احسن احوالنا










قديم 2010-10-24, 20:43   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
dionysos93
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سلطان المصري مشاهدة المشاركة
الصوفية والجهاد في سبيل الله

الزعيمان الكبيران الصوفيان ابن عربي وابن الفارض كانا يخذلان الناس عن التصدي للجيوش الصليبية وكانا يقرران إن الله هو عين كل شئ . فليدع المسلمين الصليبيون فماهم إلا ألذات الالهيه متجسدة في تلك الصور . ولم يضرب احدهما بسيفه ضربه واحده في سبيل الله . وأبو حامد الغزالي المعروف بحجه الإسلام لم يرم بسهم في سبيل الله , بل لم يشر بكلمه واحده للحروب الصليبية التي عاصرها بينما كانت سيوف الصليبيين تحصدالمسلمين حصدا وهُم يهاجمون مدينه المنصورة في القرن الثالث عشر الميلادي , و أجتمع كبار مشايخ الصوفية من فورهم ليس لمقاومه جحافل الفرنجة ولكن لقراءة رسالة القشيري وبحث واستعراض كرامات الأولياء ولما سقط بيت المقدس في أيدي الصليبيين كان أبو حامدالغزالي الزعيم الصوفي الكبير معاصرا للأحداث ولم يشارك في جهاد الصليبيين وعاش بعد ذلك نحو ثلاثة عشر عاما لم يشر خلالها من قريب أو بعيد إلي مجاهده الغزاة أم الحض علي قتالهم فقد كان مشغولا بالحديث عن مشاهدات الأولياء للملائكة ومخاطبتهم للجماد وتلقي العلوم اللدنيه من السماء كذلك ترك ابو الحسن الشاذلي الصليبيين يهاجمون دمياط والمنصورة ولم يتدخل احد أقطاب الصوفية أو الغوث أو البدائل في الدفاع عن البسطاء المخدوعين ممن يصدقون إن من مشايخ الصوفية من يستطيع إطفاء النار بمرقعته أم المشاركة في أداره الكون أو إحياء ألموتي وطوبي لمن احترم عقله . وجاء في كتاب الزعيم مصطفي كامل ( المسألة الشرقية ) ومن الأمُور المشهورة عن احتلال فرنسا للقيروان : أن رجلا فرنساويا دخل في الإسلام وسمي نفسه( سيد احمد الهادي) واجتهد في تحصيل الشريعة حتى وصل إلي درجه عالية وعين إماما لمسجد كبير في القيروان فلمااقترب الجنود من ألمدينه : استعد أهلها للدفاع عنها وجاؤا ا يسألونه أن يستشير لهم ضريح شيخ في المسجد يعتقدون فيه . فدخل سيد احمد الضريح ثم خرج مُهّولا لهم بما سينالهم من المصائب , وقال لهم بأن الشيخ ينصحكم بالتسليم لان وقوع البلاد صارمحتما , فأتبع القوم البسطاء قوله ولم يدافعوا عن القيروان اقل دفاع بل دخلهاالفرنسيون امنين في 26 اكتو بر سنه 1881. وفي المغرب عاون أتباع طريقه الشيخ احمد ألتيجاني الفرنسيين علي ترسيخ أقدامهم في شمال وغرب أفريقيا , فقد كانت تسيطرعلي الجزائر أيام الاستعمار , وكانت تستمد وجودها من فرنسا وقد تزوجت عميله مخابرات فرنسيه احد شيوخ ألطريقه ولما مات تزوجت شقيقه وكان الأتباع يطلقون عليها زوجه السيدين ويحملون التراب الذي تمشي عليه لكي يتيمموا به , وقد أنعمت عليها فرنسا بوسام الشرق وجاء في أسباب منحها الوسام إنها كانت تعمل علي تجنيد مريدون يحاربون في سبيل فرنسا كأنهم بنيان مرصوص . وحاولت الحكومة الفرنسية في زمن الانتداب نشرألطريقه التيجانيه واستأجرت بعض الشيوخ لهذه المُهمّة فقدمت لهم المال والمكان لتنشئه جيل يميل إلي فرنسا لكن مجاهدي الغرب لفتوا انتباه المخلصين من أهل البلادإلي خطر ألطريقه التيجانيه وإنها فرنسيه استعماريه تتستر بالدين فهبت دمشق عن بكره أبيها في مظاهرات صاخبة . كذلك كان أصحاب السيد الميرغني والطريقة ألخاتميه في السودان في عون الإنجليز وساعدوهم علي القضاء علي ألثوره المهدية . قال الرئيس : فليب قو نداس من المستعمرين الفرنسيين : لقد اضطر حكامنا الإداريون وجنودنا في أفريقيا إلي تنشيط دعوه الطرق الدينية ألاسلاميه لأنها كانت أطوع للسلطة الفرنسية ,وأكثرها تفهما وانتظاما من الطرق ألوثنيه أو من بعض كبار الكهان أو ألسحره السود . ويروج المتصوفة الأكاذيب بشأن اضطلاعهم بأدوار مهمة في الجهاد في سبيل الله من نوع الكرامات الخرافية علي طريقه عفريت مصباح علاء الدين , فها هو الشيخ
(عز الدين بن عبد السلام) يأمر كما يزعمون الريح لتكسر سفن الصليبيين في موقعه دمياط مما جعل تلميذه ابن أبي شامه يحمد الله الذي جعل من أمه محمد من يأمر الريح فتستجيب له .!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
(ابن عطاء الله أسكندري – لطائف المنن – طبقات الشافعيةالجزءالثالث) واليوم تباشر مراكز تعليمية كبيرة في البلاد الغربية و الاسلاميه علي السواء لتنشيط الجهود لبعث التراث الصوفي . ويجري النظر في إنشاء جامعه في مصرلدراسة علوم التصوف . ولا نستطيع الا ان نقول لكل عاقل احذر من تلك الطرق التي تؤدي بصاحبها الي قاع جهنم وبئس المصير ان شاء الله .



من قطوف وثمرات الكتب


لا أريد الدفاع هنا على الصوفية أو الصوفيين و لكن كلمة حق في سلطان العلماء و دوره في الجهاد ضد الصليبيين، و هو موقف معروف مشهور، إلا لمن عز عليه الإنصاف، و كان آخر همه القذف و الإنتقاص من قدر العلماء.

موقف عز الدين بن عبد السلام من جهاد الصليبيين:

في عام 635هـ ولى السلطان الكامل الأيوبي العز بن عبد السلام قضاء دمشق، لكنه لم يستمر فيه طويلا، بل تركه في العام نفسه عندما تولى الحكم (الصالح إسماعيل) الذي كان على خلاف مع الشيخ عز الدين؛ لأن الملك الصالح تحالف مع الصليبيين، وأعطاهم بيت المقدس وطبرية وعسقلان، وسمح لهم بدخول دمشق، وترك لهم حرية الحركة فيها، وشراء السلاح منها، وفوق ذلك وعد الصليبيين بجزء من مصر إذا هم نصروه على أخيه نجم الدين أيوب سلطان مصر، فلم يرضَ الشيخ عز الدين بهذا الوضع المهين، فهاجم السلطان في خطبه من فوق منبر المسجد الأموي هجومًا عنيفًا، وقطع الدعاء له في خطب الجمعة، وأفتى بتحريم بيع السلاح للصليبيين أو التعاون معهم، ودعا المسلمين إلى الجهاد.
غضب السلطان الصالح إسماعيل، وأمر بعزل (عز الدين) من إمامة المسجد الأموي، ومنعه من الفتوى والاتصال بالناس، ولم يكتف بذلك، بل منعه من الخروج من بيته، فقرر عز الدين الهجرة من (دمشق) إلى (مصر) فلما خرج منها عام 638هـ ثار المسلمون في (دمشق) لخروجه، فبعث إليه السلطان أحد وزرائه، فلحق به في نابلس، وطلب منه العودة إلى دمشق، فرفض، فقال له الوزير: بينك وبين أن تعود إلى مناصبك وإلى ما كنت عليه وزيادة أن تنكسر للسلطان، وتعتذر إليه وتقبل يده لا غير.

وكانت لسلطان العلماء (العز بن عبد السلام) مواقف إيمانية في ميدان الجهاد ضد التتار أعداء الإسلام والمسلمين، وكان له دور فعال في هذا الأمر، ولم يَرْضَ أن تتحمل جماهير الشعب وحدها نفقات الجهاد، وهو يعلم أن السلطان ورجاله لديهم أموال كثيرة فقال: إذا طرق العدو بلاد الإسلام وجب قتالهم، وجاز لكم أن تأخذوا من الرعية ما تستعينون به على جهادكم، بشرط ألا يبقى في بيت المال شيء، وأن يؤخذ كل ما لدى السلطان والأمراء من أموال وذهب وجواهر وحلي، ويبقى لكل الجند سلاحه، وما يركبه ليحارب عليه ويتساووا هم والعامة، وأما أخذ أموال الناس مع بقاء ما في أيدي الجند من الأموال، فلا.
وقد اشترك الشيخ (عز الدين) بنفسه في الجهاد المسلح ضد العدو، وكان دائمًا يحرض السلطان (قطز) على حرب التتار حتى كتب الله له النصر في (عين جالوت) عام 658هـ(1260م) وكان (العز بن عبد السلام) شجاعًا مقدامًا.









قديم 2010-10-24, 20:53   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
mustapha_500
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

يا اخي هل لك علم بهاذا










قديم 2011-02-27, 18:05   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
abdel39
عضو مجتهـد
 
الصورة الرمزية abdel39
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي دور الصوفية في مقاومة الاستعمار في إفريقيا

الكاتب : الدكتور عمر مسعود التجاني.....أستاذ الجامعة العالمية الإفريقية بالسودان

لقد كان للصوفية دور كبير في إنتشار الإسلام في إفريقيا ، نشروه فكرا وسلوكا ، وذلك عن طريق القدوة الحسنة المقيمة بين الناس ، نشروا العدل وحرضوا عليه وقاوموا الظلم ، وساووا بين الظلم والكفر، قاوموا الاستعمار لأنهم ربطوا بينه وبين الكفر والظلم ، ولأجل ذلك تعلقت قلوب المسلمين بمحبتهم ، إلا أن البعض رأي فيهم مصانعين للاستعمار وصنايع له جهلا منهم بتاريخ الإسلام في إفريقيا من مصر إلي المحيط الأطلسي غربا والمحيط الهندي شرقا ، فإن سير الأئمة الصوفية تحكي عن ملاحم المقاومة والرفض أكثر مما تروي مظاهر الخضوع والخنوع .لقد أخطأ المهاجمون في فهم التصوف لأنهم أخطاوا فهم روح الإسلام ورسالته فليس التصوف خمولا ولا انهزاما كما أدعوا وليس التصوف تواكلا وهوانا ورضا بالذل ولو كان هذا ، ما كان صاحبه مسلما كاملا ولا عابدا عارفا بالله.فالتصوف قوة وبأس ونضال ، إنه تصعيد بالحياة إلي أعلي معرفة وإيمان وايقان. أنه قوة روحية تكمن وراء كل حركة وخاطرة و تعلق بالله وحده يرفع من معنوية الإنسان في الحياة فلا يابه بطغيان طاغية ولاجبروت سلطان ولايزن أعماله ألا بميزان دقيق أساسه مراقبة الله وتحكيم الحق الصرف في كل عمل وفي كل حركة وفي كل خاطرة وفي كل التفاتة . لقد كانت الحركة الفكرية والتجديدية في الإسلام اثرا لائمة التصوف الإسلامي ولجهودهم الضخمة في نصرة الإسلام والعمل علي النهوض بالمسلمين بل إن الإسلام لم ينتشر في أواسط إفريقيا وفي الممالك النائية في آسيا وفي جزر المحيط الهندي وفي إندونيسيا وفي ماليزيا وأيضا في أوربا في بلغاريا وفي رومانيا وفي بلاد يوغسلافيا وفي البوسنة والهرسك وكوسوفو( بلاد الصقالبة ) لم يكن كل ذلك إلا علي أيدي الدعاة من الصوفية المجاهدين .وكيف ننسي هذا التراث الروحي الكبير أو ننتقص من قيمته وهو جزء مهم من تاريخنا الوطني والسياسي فهؤلاء الصوفيون الأعلام هم الذين قاوموا طغيان الحكام وانتصروا للشعب في محنته وكافحوا الاستعمار الصليبي والأيطالي والفرنسي والإنجليزي كما كافحوا من قبل ظلم المماليك وطغيانهم ، ( 1 ) لقد كان الصوفية هم من وراء تأهيل المصريين لزعامة العالم الإسلامي بعد سقوط بغداد عاصمة الخلافة وبتأييدهم وحشود مريديهم ومحبيهم انتصر المسلمون علي الصليبيين في حطين وفي دمياط وفي المنصورة وانتصروا علي التتار في عين جالوت وانظر تاريخ الشيخ أحمد الدرديري شيخ الطريقة الخلوتية وانظر تاريخ الشيخ عبدالله الشرقاوي شيخ الطريقة الشاذلية وانظر تاريخ الشيخ السادات والشيخ عمر مكرم والشيخ أحمد بن السنباطي وكل هؤلاء صوفيون .وفي تاريخنا المعاصر برز الشيخ النوراني محمد بن علي السنوسي الصوفي الكبير شيخ الطريقة السنوسية في ليبيا ، هذه الطريقة التي كافحت الجهل والفوضي التي جاهدت الاستعمار الإيطالي في ليبيا جهادا شديدا ، وقد قضي الشيخ الشريف احمد السنوسي حفيد شيخ الطريقة السنوية حياته في كفاح الاستعمار الإيطالي وازعج الدويتش موسيليني زعم الحزب الفاشستي ورئيس الدولة الإيطالية وجهاد الشريف أحمد السنوسي يعتبر من أيام البطولات الخالدة في تاريخنا المعاصر ويكفي الطريقة السنوسية المجاهدة فخرا ان الشيخ عمر المختار هو أحد رجالات هذه الطريقة ومن كبار مقدميها ومن أخلص التلاميذ لقائد الجهاد الأعلي الشيخ الشريف أحمد ابن السنوسي ( 2 ) وكان من قبل الشيخ شمس الدين الدمياطي يرابط في ثغر دمياط في مواجهة العدو وكان الشيخ محمد خفاجي الصوفي الجليل يقيم هو وأسرته في دمياط في جهاد العدو كما هو مدون في تاريخه ولاننسي الشيخ الصوفي المحدث العلامة ضياء الدين الكمشخانوي من كبار رجال الطريقة النقشبندية الذين حاربوا الروس في غزوهم الظالم لمنطقة القوقاز سنة 1280هـ ولا ننسي الشيخ أحمد شاكر بن خليل علامة الروم الذي قاد كتيبة من المتطوعين من تلاميذ الزوايا الصوفية حتي فتحوا مدينة ( علكسانيج) في حرب الصرب وألقي يوم الفتح خطبة الجمعة باسم الخليفة في أكبر كنيسة هنالك . ومن شواهد الروح الجهادية عن الصوفية ، جهاد شيخ الإسلام الصوفي محمد سعد الدين ( المتوفي عام 1008 ) الذي كان مع السلطان محمد الثالث في حرب ( هنغاريا ) وحضر المعركة المشهورة باسم( أكري) ولا ننسي جهاد السلطان الصوفي تاج الدين إسماعيل في ( دار مساليت ) الذي اعتدي عليه الفرنسيون بعد أن استولوا علي ( أبشه ) في شهر ربيع الثاني 1327 هـ فحاربهم تاج الدين في ( كرندن ) وفي وادي( كجه) شرق الجنينة وهزم جيش الفرنسيين وقتل قائدهم الكابتن ( فينجشون) وغنموا منهم أسلحة وذخائر ثم اعتدي عليه الفرنسيون مرة ثانية بقيادة الكولونيل ( مول) فحاربهم تاج الدين في ( دورتي ) وانهزم جيش الفرنسيين وقتل الكولونيل مول ثم اشتغل الناس بأخذ الغنائم فانقلب النصر هزيمة وقتل السلطان تاج الدين فنال الشهادة في سبيل الله .ويخبرنا الشيخ المؤرخ العلامة الجبرتي في تاريخه المشهور ماذا فعل الصوفية حينما هاجم الفرنسيون مصر بقيادة الجنرال ( نابليون بونابرت) قال الجبرتي:خرجت الفقراء ( تلاميذ الصوفية ) وارباب الأشاير ( مقدمو الزوايا) بالطبول الزمور والأعلام والكاسات وهم يضجون ويصيحون ويذكرون بأذكار مختلفة وصعد السيد عمر افندي نقيب الأشراف إلي القلعة فإنزل منها بيرقا كبيرا أسمته العامة ( البيرق النبوي ) فنشره بين يديه من القلعة إلي بولاق وأمامه وحوله ألوف من العامة بالنبابيت والعصي يهللون ويكبرون ويكثرون من الصياح ومعهم الطبول والزمور وغير ذلك وأما مصر فإنها بقيت خالية الطرق ولاتجد بها أحدا سوي النساء في البيوت والصغار وضعفاء الرجال الذين لايقدرون علي الحركة(3).ويمضي الجبرتي فيعطينا صورة معاصرة في كل تفاصيلها فيقول:وغلا سعر البارود والرصاص بحيث بيع رطل البارود بتسعين نصفا والرصاص بتسعين وغلا جنس أنواع السلاح وقل وجوده وخرج معظم الرعايا بالنبابيت والعصي والمساوق وجلس مشايخ العلماء بزاوية علي بك ببولاق يدعون ويبتهلون إلي الله بالنصر واقام غيرهم مع الرعايا البعض بالبيوت والبعض بالزوايا والبعض في الخيام ومحص الأمر أن جميع من بمصر من الرجال تحول إلي بولاق ).ولكن آلية الحرب الفرنسية المتطورة وكفاءة التدريب العالية للجندي الفرنسي والوفرة من السلاح والذخيرة والخطة المدروسة منذ سنوات والخيانة الداخلية كل ذلك كان من جملة العوامل التي جعلت فرنسا تكسب الحرب وتحتل مصر ولكن شيوخ الصوفية الذين هم زعماء الأمة واصلوا الجهاد وأعلنوا به مع الآذان في الصلوات الخمس لقد حاول ( الجنرال نابليون بونابرت ) أن يشتري تعاونهم عن طريق تعظيمهم وتشرفهم وتكريمهم فرفضوا جميع ذلك في أباء المسلم الذي لايرضي إلا بربه (4) .فرفضت سلطات الأحتلال إدارة جديدة من المصريين بمدينة الإسكندرية وكل من أبرزها ( المسيري ) الذي عينه ( كليبر) رئيسا للديوان بعد تحطيم الاسطول في موقعة ( ابي قير ) وهو منافق من الطراز الرفيع جدا كان نموذجا للقادة الذين يبحث عنهم الفرنسيون بل وكل مستعمر كان رائعا في تمثيله لروح العصر ومساير الزمن ولعله في الأسكندرية وحدها وعلي مائدة ( المسيري) قدم الارز في ثلاثة ألوان رمزا لراية الثورة الفرنسية ولاشك إن ( حلة ) الأرز المثلثة الالوان وأطباقه التي كان يجري توزعها والمساواة والإخاء كان كل ما فهمه المتعاونون عن الثورة الفرنسية ومبادئها وأيضا كما يود الفرنسيون أن يفهموه لهؤلاء المتعاونين ولكن قادة الشعب الحقيقين كانت لهم وجهة نظر أخري .. فعندما جمع نابليون المشاي وأراد تكريمهم .. ( قال الجبرتي ) ( فلما استقروا عنده نهض ( بونابرته ) من المجلس ورجع وبيده طيلسانات ملونة بثلاث ألوان كل طيلسانة ثلاث عروض أبيض وأحمر وكحلي فوضع منها واحدا علي كنف الشيخ الشرقاوي فرمي به علي الارض واستعفي وتغير مزاجه وانتفع لونه واحتد طبعه ( حياه الله ورضي عنه ) فقال الترجمان يا مشايخ انتم صرتم احبابا لساري عسكر وهو يقصد تعظيمكم وتشريفكم بزيه وعلامته فإذا تميزتم بذلك عظمتكم العساكر والناس وصار لكم منزلة في قلوبهم فقالوا له لكن قدرنا يضيع عند الله وعند اخواننا من المسلمين .علق الاستاذ محمد جلال كشك قائلا :استاء إمام المدرسة الاستعمارية ( صبحي وحيد مؤلف كتاب اصول المسألة المصرية ) استاء من موقف الشيوخ هذا وعلق عليه بأن احرار أوربا كانوا يتخاطفون هذه الشارة وقتها .. نفس الشارة التي ألقاها المشايخ علي الأرض).إن ما فعله الشيخ الشرقاوي شيخ الطريقة الشاذلية هو امتداد طبيعي للنشاط الجهادي للسادة الصوفية ولننظر مافعله صديقه الشيخ المهدي ذلك الشيخ الصوفي في معركة ( سنهور ) في 3 مارس 1799مقال الاستاذ كشك في كتابه ( ودخلت الخيل الأزهر ) ناقلا عن الرافعي في كتابه ( التاريخ العلمي والحربي للحملة الفرنسية ):وصل المدد إلي الرحمانية وانضم إلي الجنود الذين بها وسارت القوات الفرنسية مجتمعة فالتف برجال المهدي ( وهو اسم وليس لقبا ) يوم 3 مايو بسنهور البحيرة علي مقربة من دمنهور ودات معركة من أشد المعارك هولا قال ( ريبو ) في وصفها إن عدد رجال المهدي كانوا خمسة عشر ألف من الفرسان وإن القتال استمر سبع ساعات كان فيها أشبه بمجزرة فظيعة وهذه الواقعة من أشد الوقائع التي واجهها الفرنسيون في القطر المصري اظهر فيها اتباع المهدي من الفلاحين والعرب شجاعة كبيرة واستخفافا بالموت لا نظير له وبذل الكولونيل ( لفيفر) أقصي ما انتجه العلم والفن في القتال بجعل جيشه علي شكل مربع علي الطريقة التي ابتكرها نابليون وهجم علي الجموع المقاتلة عشرين مرة فكان يحصد صفوفهم حصدا بنيران البنادق والمدافع وكان اتباع المهدي قد غنموا في دمنهور مدفعا فرنسيا فاستخدموه في المعركة وركبوه علي مركبة تجرها الثيران واخذوا يطلقون منه النار علي الفرنسيين واستمر القتال حتي جن الليل وكان الجنود الفرنسيون قد خارت قواهم من القتال ففكر ( لفيفر ) في الانسحاب من الميدان والاتجاه إلي الرحمانية ولكن جموع المهدي لكثرة عددها كانت تسد الطريق امامهم فأمر رجاله ان يضموا صفوفهم ويخترقوا الجموع التي طوقتهم وركب المدافع علي رؤوس المربع لاقتحاح هذه الجموع وانحسبوا من ميدان القتال بعد أن فدحتهم الخسائر ).إن موقف الشيخ الشرقاوي والشيخ المهدي وهما من أعلام شيوخ الصوفية يذكرنا بموقف ذلك الشيخ الصوفي سليمان المنصوري يقول الاستاذ محمد جلال كشك وهو ينقل عن الجبرتي ويعلق كوفي سنة 1148 هـ ، 1735 م ) أصدر السلطان مراسيم واوامر منها ( إبطال مرتبات أولاد وعيال ومنها ابطال التوجيهات وان المال يقبض إلي الديوان ويصرف من الديوان وأن الدفاتر تبقي بالديوان ولاتنزل بها الافندية الي بيوتهم فلما قري ذلك قال القاضي ( التركي ) أمر السلطان لايخالف ويجب طاعته.فماذا كان موقف الشيوخ في مواجهة هذا التهديد ( قال الشيخ سليمان المنصوري ياشيخ الإسلام هذه المرتبات فعل نائب السلطان وفعل النائب كفعل السلطان وهذا شيء جرت به العادة في مدة الملوك المتقدمين وتداولته الناس وصار يباع ويشتري ورتبوه علي الخيرات ومساجد وأسبلة ولايجوز ابطال ذلك وإذا بطل بطلت الخيرات وتعطلت الشعائر المرصد لها ذلك فلا يجوز لاحد يؤمن بالله ورسوله أن يبطل ذلك وإن امر ولي الأمر بابطاله لايسلم له ويخالف أمره لأن ذلك مخالف للشرع ولايسلم للإمام في فعل مايخالف الشرع ولا نائبه ايضا.. فكست القاضي فقال الباشا هذا يحتاج إلي المراجعة ).هذه السطور الأخيرة من المرافعة الدستورية للشيخ المنصوري أليست كافية وحدها لكشف زيف كل ما يكتب عن الدور التحضيري الذي لعبته الحملة الفرنسية أو الاستعمار الغربي أو أوربا في المفاهيم السياسية بالعالم الإسلامي؟هل هنالك حكم بعدم دستورية مرسوم سلطاني أوضح وأجرأ وأكثر دقة من هذا الحكم الذي اصدره الشيخ المنصوري فاسكت القاضي وألزم الباشا أن يقول أن الأمر يحتاج لمراجعة.هذا المبدأ الخطير الذي يعلنه الشيخ ( المنصوري ) عن اي مرسوم سلطاني يخالف الشريعة أي يخالف الدستور .. الشرع .. يعلنه الشيخ الأزهري في سنة 1148 هـ ( 1735 م) أي قبل سقوط الباستيل بأكثر من نصف قرن قبل أن يفكر أي عقل غربي في الفارة الأوربية بجواز معارضة الملوك فضلا عن أن يجرؤ علي ذلك في مواجهة السلطة ويمثل هذا الوضوح والتحدي .إن أخر مايمكن أن تعلمه أوربا للشرق الإسلامي هو فكرة بشرية الحاكم ومن ثم افتراض الخطأ أو الصواب في أحكامه الأمر الذي ينبني عليه حق الاعتراض والنقد وبطلان الأحكام الخاطئة .لقد ظل الصوفية منذ كانوا أعداء للظلم والظالمين وكان شيوخهم نماذج يقتدي بها ومن أشهرهم الشيخ عثمان بن فودي ففي عام 1810م قام الشيخ عثمان بن فودي وهو من كبار شيوخ الطريقة القادرية وجمع جيشا من ( فوتا ) و( ليتاكو ) و( ماسينا) و( سنكوي ) وأعلن الجهاد ودعا إلي رفع الظلم عن أهالي ( جوبر) وعلي ( الحوصة ) واستولت علي ( نساوة ) عاصمة ( جوبر) ثم علي (سكتو) و( كتسينا ) و( زندر ) و( كنو ) و ( زاريا) وغيرها من المدن واقام بين ( نهر النيجر) و( بحيرة تشاد ) دولة جعلت عاصمتها عند ( ورنو) الغربية من(سكتو) وأخذ في توزيع رقعتها حتي وصلت حدودها إلي ( نوبا ) في الجنوب الغربي وإلي ( إدمار ) في الجنوب الشرقي توفي الشيخ بن فودي عام 1815م إثر نوبة من الوجد غشيته .إن الدول التي أنشاها الشيخ عثمان بن فودي – شيخ الطريقة القادية – قد استمرت الي اربع وتسعين ( 1819م- 1904م) وكان آخر سلاطينها السلطان ( مياسو) 1877 – 1904 الذي لم يستطع أن يقاوم الجيوش الانجليزية بقيادة ( فردرك لجارد) التي احتلت سكتو عام 1904 وقضت علي دولة الإسلام التي اقامها شيخ الطريقة القادرية في بلاد الحوصا.وحين قامت الحركة المهدية في السودان لازالة المنكر والظلم والطغيان وتحكيم القوانين الوضعية والمكوس وإذلال النفوس المؤمنة شارك الصوفية بمشخيتهم ومريديهم في تلك الحركة وبعض هؤلاء الشيوخ له رايه الخاص في حقيقة مهدية الإمام محمد أحمد بن السيد عبدالله ولكن النظرة العامة التي تمثلت في هدف الثورة المهدية غلبت الرأي الخاص.فهذا هو الشيخ عبدالباسط الجمري من مشايخ الطريقة السمانية وقد ولاه المهدي علي عريان الدويم وأمره بحصار الدويم فحاصرها حصارا شديدا حتي أن عبدالقادر باشا اضطر إلي إرسال ( جيكلر) من الخرطوم فهاجم العربان في ديمهم وقتل منهم خلقا كثيرا وأخذ الشيخ عبدالباسط الجمري اسيرا وتم إرساله إلي عبدالقادر باشا بالخرطوم الذي اعدمه شنقا فنال الشهادة في سبيل الله .وهناك الشريف أحمد طه شيخ الطريقة السمانية ( شرق الازرق ) بين أبي حراز ورفاعة ورفع رايات الجهاد واجتمع حوله خلق كثير من البطاحين والشكرية والجعليين والدناقلة وغيرهم من سكان تلك الجهات فأرسل إليه ( جكلر باشا ) كتيبة بقيادة المك يوسف السنجك فاحاط بهم الشريف أحمد طه ورجاله وهزموهم هزيمة منكرة ثم هجم جكلر علي رأس جيش ضخم وارسلوا إلي الشريف ينصحونه بالإستسلام قال قولته المشهورة ( دعوا النصيحة فإني قد أوقدت نارا – يعني نار الجهاد – واريد أن أتدفأ بها ) ووقعت المعركة التي كانت الغلبة فيها للرصاص حتي تراكمت القتلي بعضها فوق بعض وقتل الشريف أحمد طه شهيدا ثم حرقوا قرية الشريف بالدار وحملوا جثته علي جمل وأوا بها إلي ابي حراز ثم قطع جيكلر باشا رأسه وعلقه علي عود ثم أرسله إلي الخرطوم فعلق فيها أياما!! فأنظر إلي هذا الحقد الدفين علي الإسلام وأهله.وهنالك الشيخ عبدالله ود الشيخ حمد النيل شيخ العركيين كان أميرا علي قومه من قبل المهدي ومعه الشيخ ود البحر وذلك بعد وقعة شيكان فلحقوا بالشيخ محمد ودالبصير شيخ السمانية الذي كان يقاتل صالح المك في منطقة فداسي ونزل شيخ العركيين من جهة جنوب الخندق لمنع المدد من سنار ونزل الشيخ ود البصير في شمال الخندق لمنع المدد من الخرطوم وأرسل صالح المك إلي غردون يطلب المدد ولكن مركز غردون كان حرجا فلم يستطع انجادهم كما أنهم يئسوا من مدد سنار ولكن غردون رفع رتبة صالح المك إلي درجة لواء !! ورفع رتب كل ضابط في جيشه !! تحميسا لهم علي مواصلة القتال!! وماذا تغني رفع الدرجات العسكرية لقوم احاط بهم جند الله ورفع درجاتهم الي مقعد صدق عند مليك مقتدر!! فيئس صالح المك من مواصلة القتال فاستسلم هو وحاميته .وهنالك الشيخ عبدالقادر أبو الحسين شيخ السمانية اليعقوباب حضر مع المهدي موقعة شيكان ثم ذهب مع أبي فرجة إلي فداسة لمساعدة الشيخ عبدالله ود الشيخ حمد النيل في حربه ضد صالح المك وبعد استسلام الحامية قصد سنار خرج عليه مديرها حسن بك صادق بمعظم العساكر وذلك في 11/7/1884م فأوقعه شيخ السمانية في كمين بين اصحاب الاسلحة النارية من الوراء والحرابة (اصحاب الحراب) والأسلحة البيضاء من الإمام .وأنظر إلي شيخ الإسلام الإمام العلامة الاستاذ محمد البدوي شيخ الطريقة التجانية أدرك الإمام المهدي وجاهد معه الإنجليز والأترا لكونهم اظهروا الفسوق والطغيان فاستحقوا لذلك التطهير بالسيف ومن مواقفه المشهورة في قول الحق منعه اللورد كرومر المندوب السامي لملك بريطانيا الذي يرجف من هيبته خديوي مصر منعه دخول المسجد بامدرمان وقال ( لايصح دخوله المسجد ) وكان الشيخ الإمام محمد عبده حاضرا فافني بصحة دخوله فقال الشيخ محمد البدوي ( دخوله المسجد لايصح وهو مشرك كافر والله يبارك وتعالي يقول إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام ) ثم إلتفت إلي اللورد كرومر وانتهره نهره شديدة تقهقر لها المندوب السامي البريطاني الذي يرجف من هيبته ملك مضر .وهنالك الشيخ الطيب احمد هاشم ابن الشيخ أحمد هاشم قاضي بربر وعالمها وأخوه شيخ الإسلام أبوالقاسم أحمد هاشم أدرك المهدية وشارك في حروبها وكان وزيرا للأمير الصوفي الشيخ محمد الخير خوجلي التجاني وكان الشيخ الطيب أحمد هاشم هو التردد بالرسائل بين الامير والمهدي وصحب الشيخ محمد الخير في إمارته علي دنقلا ثم شغل منصب اول مفتي للسودان واقام في الإفتاء مدة ربع قرن .وهناك الشيخ محمد الخير خوجلي شيخ الطريقة التجانية وأمير المهدية علي بربر ونواحيها هاجر إلي المهدي في كردفان فجعله أميرا علي بربر وأصحبه رسائل إلي رؤوس قبائلها يدعوهم فيها إلي طاعته والجهاد معه ضد الترك فرجع الأمير محمد الخير من عند المهدي في 27/4/ 1884م ونزل في وادي بشارة فلقي الشيخ الصوفي احمد الهدي شيخ الطريقة التجانية فبايعه علي الجهاد ثم سار شمالا بصحبة الشيخ احمد الهدي وهو يدعو الناس في طريقه فيجيبونه حتي دخل المتمة في جيش كبير فلقي فيها الحاج علي ود سعد النفيعابي فبايعه علي الجهاد ثم لحقه الشيخ محمد حمزة السعدابي الذي قطع التلغراف بين بربر والخرطوم وأرسل الامير محمد الخير بعض رجال فقطع التلغراف بين بربر ومصر وكان قطعه من أكبر الضربات علي غردون ثم وصل إلي الدامر فلقي فيها الشيخ الامين أحمد المجذوب شيخ المجاذيب فبايعه علي الجهاد وارسل الشيخ محمد الخير رسالة من الدامر إلي حسين باشا مدبر بربر وضابط الحامية هناك يدعوهم إلي التسليم وثم عاودهم بالإنذار إلي ثلاث مرات فلما راي إصرارهم علي الحرب سير عليهم الجيوش من الدامر تباعا ثم وصل هو إلي بربر 12/5/ 1884م فنزل مع الحاج ود سعد وعبدالماجد أبو لكيلك في حلة ( الدكة ) فحصر بربر من الشمال وأمر ود بنونة السعدابي فنزل في ( قوز الفونج ) وحصرها في الجنوب وحصرها البشاريون والجعليون من الشرق وبدأت المعركة في صبيحة الجمعة 16/5/1884 فكانت ملحمة من أروع الملاحم بقيت أمجادها تراثا للمسلمين وسقطت بربر فسقط غردون فقطع دابر القوم الذين ظلموا .وهناك الشيخ أحمد الهدي السوارابي – شيخ التجانية - أرسل إليه المهدي سيفا وألف ريال والإمارة علي دنقلا فلما نزل عليه الشيخ محمد الخير في وادي بشار بايعه علي الجهاد وسار معه إلي حصار بربر وارسل خاله ود عبود بخطاب إلي الشيخ الطيب الشايقي السوارابي يستنهضه للجهاد فجمع الشيخ الطيب جموعه ونزل علي دار الحكومة فسيطر علي المواقع فيها واستلب الخزينة والشونة ثم سار في وجه شمالا يستنفر أهل البلاد للجهاد وكان مدير دنقلا مصطفي باشا ياور قد لحق به في منطقة ( الكرو ) شمال ( دبة الفقراء ) وباغت الشيخ الطيب بالهجوم فقتل فيهم مقتلة عظيمة وشتت جموعهم وكان ذلك قبل سقوط بربر بيوم ولما سقطت بربر تحرك الشيخ الهدي في نحو أربعمائة مقاتل وجاء بلاد الشايقية ونادي بالنفير فاجتمع عليه الناس من الشايقية والشيخ النعمان ود قمر شيخ المناصير وبعض بادية الحسانية والهواوير فزحف بهم قاصدا الدبة وهاجم حاميتها التي كانت محصنة بالمدافع فقتل الشيخ نعمان ودقمر شهيدا وقتل من جيش الشيخ احمد الهدي 2700 شهيد ثم جرت الملحمة الكبري في يوم الخميس 4/9/1884م قرب ( كورتي ) وكان معركة عنيفة قتل فيها الشيخ الهدي شهيدا وقطع فيها مصطفي ياور باشا رأس الشيخ أحمد الهدي رحمة الله عليه وارسله إلي سردار الجيش المصري بحلفا وطلب منه أن يرسله إلي الخديوي بمصر فكتب إليه السردار بأنه لم تجر العادة في هذه البلاد بمثل هذه الافعال وقد نعي الإمام المهدي في رسالته التي أرسلها إلي ( زقل) امير دارفور بتاريخ 8 ذي الحجة 1301 هـ الموافق 29/ 12/ 1884م نعي فيها الشيخ أحمد الهدي وأشاد بجهاده في رفع راية الإسلام .وهناك الشيخ العبيد ود بدر شيخ الطريقة القادرية التي زحف بجيش عظيم علي غردون في الخرطوم وحاصر المدينة من جهة الشرق ومعه أبناؤه الشيخ إبراهيم والشيخ العباس ومعهم الشيخ المضوي أحد شيوخ الطريقة القادرية وكانت أول المعارك في حصار الخرطوم هي المعركة التي قادها الشيخ العبيد ودبدر في 13/3/ 1884م والتي تم فيها ترقية ابراهيم بك فوزي إلي درجة لواء !! ( وعلي طريقة غردون في تحميس ضباطه علي القتال ) ثم توالت سلسلة الاقتحامات والمعارك واستطاع الشيخ العبيد ودبدر ان يصطدم بمحمد علي باشا – أفضل القادة العسكريين لدي غردون – وأن يهزم جيشه وأن يقتل محمد علي باشا وكان وقع هذا الخبر علي غردون شديدا حتي أنه أقام عزاء رسميا عزاه فيه رؤساء العسكرية وقنصل اليونان ثم جرت بعد ذلك الملاحم التي انتهت بسقوط الخرطوم ومقتل غردون باشا وقيام دولة الإسلام.
رضي الله عن السادة الصوفية فقد أبلوا بلاء حسنا في جهادهم الأصغر والأكبر ورفعوا راية الإسلام عالية وكانوا هم النموذج القدوة في تزكية النفس وفي جهاد العدو – الجهاد الأصغر والأكبر – وسوف تظل منارة الإسلام عالية شامخة في سماء المجد ما دام هؤلاء السادة موجودين بيننا .الجهاد في سبيل الله

الطريقة التجانية : أنموذجا

لم يكن الإستعمار الفرنسي بالجزائر احتلالا عسكريا أو استنزافا اقتصاديا فحسب وإنما كان يريد إلغاء شخصية الشعب وتذويبها ، لقد كان الاستعمار في الشرق العربي يعرف أن العرب سيظلون عربا ولذلك لم يفكر يوما من الايام أن يجعلهم انجليزا أو فرنسيين أما في الجزائر فقد حاول أن يجعلهم فرنسيين أو يجعلهم ( لا شيء ) ولذا لاذ الشعب العربي السملم في الجزائر بالدروع التي هي اقوي الدلالات علي شخصيتهم واقوي مايميزه عن أوربا كلها .. دروع الإسلام .. ممثلة في شيوخ الصوفية وكلما كان الإستعمار الفرنسي يمعن في تمزيق شخصية الجزائريين ومحوها كان الجزائريون يزدادون اعتصاما بهذه الدروع.وكان يوما مشهودا في الجزائر يوم صلي الجزائريون أول جمعة في مسجد(كنشاوة) فهذا المسجد الجزائري القديم كان آخر حصن تحسن به المقاتلون الجزائريون يوم احتل الفرنسيون البلاد فسقط في صحنه أكثر من ثلاثمائة شهيد وكان أول عمل قامت به فرنسا ان حولته إلي كنيسة كاثوليكية ولقد صمم الجزائريون بعد ذلك الثورة في أول نوفمبر أن تكون أول صلاة جمعة لهم في هذه الكنيسة بعد أن أعادوها مسجدا .وقد كانت ملاحم الصوفية في سبيل الله واستعادة هوية الأمة المسلمة شاهدا ومشهودا فأنظر إن شئت إلي موقف التجانيين والقادريين والشاذليين والدرقاويين وغيرهم .. تري أمرا يملا العين ويشرح الصدر ويعظم في القلب.. خذ الطريقة التجانية مثلا فقد ثار الشريف أحمد عمار ( حفيد الشيخ التجاني) في وجه فرنسا ثورة امتدت لعدة سنوات وفي أوائل سنة 1860 اقتحمت الجيوش الفرنسية بقيادة الجنرال ( سونيز) بلدة عين ماضي مقر الشريف احمد عمار وقمعت الثوار واعتقلت الشريف عمار وسجنته في مدينة الجزائر سنة كاملة ثم قامت في الحرب السبعينية بين فرنسا وألمانيا خافت فرنسا علي وضعها الاستراتيجي في الجزائر أن يهتز فيؤثر علي حربها في أوربا ولم تخش إلا ذلك الرجل – الشريف عمار – فنفته من الجزائر واعتقلته في فرنسا ثم خشيت أن يقوم أخوه الشريف محمد البشير بالثورة أيضا فاعتقلته والحقته بالمنفي وبقيا طوال الحرب السبعينية معتقلين في فرنسا .ثم جاء ابناء الشريف محمد البشير ليواصلوا الجهاد والحرب علي فرنسا فهذا هو الشريف محمود بن الشريف البشير يتعاون تعاونا وثيقا مع الأمير عبدالكريم الخطابي أمير الجهاد في حرب الريف .وقد خرج الشريف ابن عمر- وهو الإبن الأكبر للشريف محمد الكبير بن الشريف البشير – وطاف العالم العربي والإفريقي فدخل مصر والسودان والسنغال ومالي ونيجيريا والكنغو يشرح القضية الجزائرية ويدعو المسلمين للتكاتف وتاييد أخوانهم في الجزائر وكانت فرنسا تراقب نشاطه ولما عاد لجزائر تم استجوابه واعتقاله ، وقد نشرت المصور المصرية في عددها الصادر في 14 / 12/ 1956 صور بعض زعماء جيش التحرير الجزائري وكان أحد هؤلاء الزعماء من التجانيين وفي 18/3/1957 أذاعت محطة ( صوت العرب ) من القاهرة أن الفرنسيين اعتقلوا الشريف ابن عمر زعيم التجانيين والسيد باش اغا حميدة والسيد مولودي ووجدوا عندهم صلة وثيقة بالثوار ، وهؤلاء الثلاثة من زعماء التجانيين ، لقد تربي التجانيون علي بغض فرنسا التي حاولت مسح الشخصية المسلمة ومحو الهوية العربية .وانظر ماكتبه عبدالله شليفر مستشرق أمريكي مسلم له عدة دراسات منها كتاب ( سقوط القدس) وكتاب ( فكرة الجهاد في العصر الحديث ) وقد نشر بحثا بعنوان ( الشيخ عزالدين القسام : حياته وفكره 9 قال في بحثه :في 21 تشرين الثاني نوفمبر 1935 نشرت صحيفة جيروزلم بوست علي ثلاثة أعمدة في صدر صفحتها الأولي نبأ اصطدام رجال الشرطة البريطانيين بمسلح عرب بجوار (جنيين ) واصفة المسلحين برجال العصابات وقطاع الطرق ذاكرة ان الشيخ عزالدين القسام كان بين القتلي ناعتة إياه بمنظم العصابة غير أن دوائر الاستخبارات البريطانية والصهيونية أعلم بالحقيقة فهي تعرف أن الشيخ عزالدين القسام رئيس لجمعية الشبان المسلمين وخطيب واسع الشعبية في جامع الاستقلال بجوار محطة حيفا الحديدية وماذون في محكمة حيفا الشرعية ثم إنه كان تحت المراقبة وقد استدعي للتحقيق معه ووجه إليه التحذير من الدعوة العلنية للجهاد ضد الاحتلال البريطاني والاستعمار الصهيوني خلال العقد المنصرم ثم إنه كان متهما بتنظيم سلسلة من الهجمات المسلحة السرية علي المستوطنيين اليهود والموظفين البريطانيين في حيفا وجوارها ابتداء من اوائل الثلاثينيات .. وانتقل إلي جبال بجار ( يعبد ) بين نابلس وجنيين في أوائل تشرين الثاني نوفمبر وبعد مقتل شرطي يهودي عامل في القوات البريطانية طوقت مجموعة عزالدين القسام بقوة كبيرة من الشرطة والجيش البريطاني ودعيت للاستسلام غير أن عزالدين القسام دعا رجاله للمقاومة والاستشهاد وفتح النار علي القوة التي كانت تطوقه وقد الهب تحديه والطريقة التي استشهد به حماس الشعب الفلسطيني.. وبعد خمسة اشهر استطاعت مجموعة من المجاهدين بقيادة أحد رفاق عزالدين القسام أن تنصب كمينا لمجموعة من اليهود في شمال فلسطين وفي الاسابيع اللاحقة نشأت في مختلف أنحاء فلسطين مجموعات من الفدائيين في القري والمدن بقيادة أخرين من انصار عزالدين القسام وبذلك بدأت ثورة عام 1936مولد عزالدين القسام في جبلة في منطقة اللاقية في سوريا عام 1882م – 1300 وكان جده وشقيق جده اللذان قدما إلي جبلة من العراق شيخين بارزين في الطريقة القادرية كذلك كان والده عبدالقادر موظفا في المحكمة الشرعية في ظل الحكم العثماني وهناك قول آخر بأن والده كان يتبع الطريقة النقشبندية ايضا والتي لعبت دورا ملحوظا في مكافحة الفتوح الاستعمارية في القرن التاسع عشر في سوريا.وفي أوائل العشرينات التقي عزالدين القسام بالشيخ الجزائري محمد بن عبدالمالك العلمي الذي عمل علي الحصول علي إذن لزوجة عزالدين القسام وبناته للخروج من سوريا واللحاق بالشيخ في فلسطين وللشيخ الجزائري اثر آخر علي الشيخ عزالدين القسام فهو مقدم في الطريقة التجانية جاب الشرق العربي في اوائل القرن العشرين وأنشا فروعا وزوايا لهذه الطريقة في مصر والسودان وليبيا وسوريا وفلسطين والعراق والجزيرة العربية وادخل عزالدين القسام وثلاثة آخرين في هذه الطريقة حتي بلغ رتبة مقدم فيها وإذا كان عزالدين القسام لم يسع إلي إدخال الآخرين في هذه الطريقة فإن حركة المجاهدين التي بناها في حيفا كانت علي أساس الطريقة التجانية .في حياة عزالدين القسام شيء يصعب إدراكه حتي علي اشد المعجبين بالحركة القومية العربية فهذا أحمد الشقيري يكتب بتأثر عن محاولته كمحامي قوي شاب للدفاع عن القساميين الذين نجوا بعد معركة ( يعبد) ويشير إلي ذهوله أمام هدوئهم ورباطة جأشهم بانتظار المحاكمة ، لقد اعتقد أحمد الشقيري في بحثه عما يدافع به عنه أن القساميين تعرضوا لتعذيب وإكراه علي الاعتراف والواقع أنهم اعترفوا بحرية باسهامهم في المعركة وقالوا إنهم مجاهدون في سبيل الله ولن يصيبهم إلا ما كتبه الله لهم ) انتهي مانقلناه من بحث المستشرق المسلم عبدالله شليفر.وفي كتاب ( الإسلام والنصرانية في إفريقيا ) لمؤلفه الفرنسي ( بوني موري) تحت عنوان ( التجانية ):هنالك الطريقة التجانية مؤسسها أحمد بن محمد التجاني المتوفي في فاس سنة 1782 وكان يتظاهر بالتسامح مغ غير المسلمين ومع هذا ففي النصف الثاني من القرن التاسع عشر لم تقف التجانية عن استعمال القوة في مخاصمة أقرانهم ونشر العقيدة الإسلامية وأهم مراكز التجانية عين ماضي علي سبعين كيلومترا في الجنوب الشرقي من الأغواط وفي تماسين وهم كثيرون في مراكش ولقد تبع الطريقة التجانية عدد كبير من أهل ( ماسينا) في السودان ( وأهالي فوتا تورو) و ( فوتا جالون ) وأمه ( البله) وصاروا من أشد انصار الإسلام وانضموا حول راية الحاج عمر هذا ابن شيخ مرابط ولد سنة ( 1779 ) في قرية الفار من بلاد ( ديمار) فرباه أبوه وعلمه ثم حج البيت الحرام وزار المدينة وقرأ مدة في الأزهر وعاد إلي (بورنو) سنة 1833 ثم ذهب إلي بلاد الهوسا وأخذ بعظ الناس بالرجوع إلي عقيدة السلف وفي أثناء ذلك جاء أخوه ومضي به إلي بلاد ( فوتا السنغال) فعرج علي بلاد( البمبارا) وحصلت معه هناك حوادث وعوارض كثيرة لكنه تغلب عليها وانضم إليه في بلدة( كونكان ) رجل يقال له محمدو سار علي طريقته وادخل في الإسلام فرقة من ( البله) يقال لهم( الواسو لونكه) ولما عل كلمة الحاج عمر ونظر إليه الناس نظرهم إلي المهدي حشد جيشا صغيرا وآثار جميع مسلمي بلاد( غابون ) وهزم البمبارا الوثنيين شر هزيمة في( مونيا ) واستولي بعدها علي ( كونياكري) سنة 1854 وجعل مقره العام في( نيورو) ثم استولي علي مملكة (سيقو) وعلي بلاد ماسينا وكانت وفاة الحاج عمر سنة 1865م وهو في حرب مع مسينا ثم وقد خلف للطريقة التجانية سلطنة إسلامية عظيمة في وسط بلاد الزنوج الفتيشيين ثم خلف الحاج عمر ابن أخيه ومريدا آخر له اسمه أحمدوا شيخو وحاولا توسيع فتوحات الحاج عمر وآثارا أهالي فوتا تورو والسوننكة الذين في بلاد كاراته والتوكلولور الذين في السنغال علي فرنسا فصار وجود هذه السلطنة التجانية في وسط السودان خطرا عظيما علي سيادتنا وكان تحرير الخلاف هو هذا : هل يتم تمدين السودان الغربي علي يد فرنسا وضباطها المبشرين المسيحيين أم علي يد التجانية رسل الإسلام ؟. فالكولونيل ( ارشينارد) بأخذه( جنة ) و( بندجاقار) أوقف غارة التجانية في هذا القسم من إفريقية ويسر فتح السودان بين يدي المدنية الاوروبية ثم عقب ذلك فتح الكولونيل ( دور غنيس ديبورد) لبلد باماكو واستلحاق القومندان ( غلييني ) لبلاد( فوتا جالون ) وافتتاح الكولونيل ( ارشينارد) لبلاد ( ماسينا ) وتتوجت جميع هذه الفتوحات باحتلال ( تمبكتو) في 10 يناير 1894 مما خلد أعظم الشرف للعساكر الفرنسيين واعاد ذكري ظفر (شارل مارتل ) في بواتييه بسبب ما كان يترتب من النتائج العظام لمستقبل افريقية في ما لو لم يتم هذا الظفر – انتهي كلام ( بوني موري) أنظر كتاب ( حاضر العالم الإسلامي )فها هو رأي الفرنسيين في الطريقة التجانية وكيف أنهم يعتبرونها أكبر عدو لهم في المنطقة وأنهم هم الذين كانوا يعوقون تقدم الاستعماريين الفرنسيين ولقد علق الاستاذ الامير شكيب أرسلان علي كلمة هذا الكاتب بونه موري التي في آخر المقال اعلاه وهي :اعاد ذكري ظفر ( شارل مارتل ) في بواتييه بسبب ما كان يترتب من النتائج العظام لمستقبل افريقية في ما مالو لم يتم هذا الظفر : قال : بشير إلي ان افريقية كانت تكون كلها إسلامية لولا قضاء الفرنسيين علي سلطة التجانية هذه كما أن اوربا كانت تكون إسلامية لولا انتصار شارل مارتل علي العرب في بواتييه وهلي الكلمة التي يتفق عليها مؤرخو الأفرنج.يقول د. عبدالله عبدالرازق ابراهيم في كتابه ( المسلمون والاستعمار الأوربي لإفريقيا )وفي عام 1852م أعلن الحاج عمر الجهاد ضد الوثنيين في السودان الغربي واستطاع خلال عشر سنوات أن يسيطر علي تل السودان الغربي من حدود مدينة تمكبت حتي حدود السنغال الفرنسية ورغم أنه اعتبر نفسه مصلحا دينيا وأعلن الزهد في الأمور الدنيوية المؤقتة ألا أنه كان مستعدا لتحقيق أماله من خلال الطرائق السياسية والعسكرية واعتبر الحاج عمر أن رسالته المقدسة هي تنقية الإسلام في السودان الغربي من كل ما علق به من شوائب ووضع حد للوثنية وتطبيق الشريعة الإسلامية ومن هنا وضع نفسه علي رأس دولة إسلامية واتبع اسلوب العنف في تحويل الناس الوثنيين الي الشريعة الإسلامية وقام ببناء المساجد ونشر المدارس القرآنية في كل أرجاء المنطقة التي امتدت إليها حركته الإصلاحية وكان حماس جيشه واضحا في تطبيق مباديء الشريعة الإسلامية وكان هذا الحماس سببا في زيادة عدد الأتباع الذين انتشروا علي نطاق واسع يدافعون عن الدين ويعيدون للإسلام مجده في هذه المنطقة لدرجة ان حاكم السنغال الفرنسي عبر عن دهشته لهذا الحماس الديني واندفاع المسلمين بكل شجاعة وقوة نحو نيران الفرنسيين سعيا في الاستشهاد في سبيل الله والوطن .وكان الحاج عمر قد ارسل إلي المسلمين في سانت لويس يطلب منهم شن حرب مقدسة ضد حكامهم الوثنيين والمسيحيين ووعدهم بمحاربة الفرنسيين حتي يطلبوا السلام منه وقال : ( إن الحرب ضد الوثنيين يجب ان تستمر حتي يوافقوا علي دفع الجزية)وكانت هذه الدعاية التي نشرها الحاج عمر علي طول نهر السنغال ضد الفرنسيين من العوامل التي جعلت القائد الفرنسي فيدهرب يخشي قوة الحاج عمر ويفكر في دراسة الموقف جيدا علي نهر السنغال بل ذهب شخصيا في احدي السفن إلي باكل لمعرفة الاخبار علي الطبيعة وادرك فيدهرب أن الحاج عمر يرغب في أن يدفع الفرنسيون ضرائب له بالإضافة إلي منعهم من اقامة مراكز عسكرية علي طول شواطي النهر واكد فيدهرب في مراسلته المستمر الي باريس علي ان الحاج عمر ينوي شن هجوم شامل علي الفرنسيين اسوة بالأمير عبدالقادر الجزائري وفي فبراير عام 1856 كتب إلي وزير المستعمرات والبحرية قائلا ( إن الحاج عمر ينظم لثورة عامة ضدنا ).كل هذه الامور كانت سببا في أن يتحفز الفرنسيون لاتخاذ إجراءات عسكرية لمواجهة خطط قائد المسلمين وترتيب علي ذلك قيام الفرنسيين ببناء قلعة في مادينا في مقاطعة كاسو Khasso ووقع فيدهرب معاهدة الصلح والتجارة مع سامبالا ملك كاسو.وبعد أن ثبت فيدهرب مركز الفرنسيين علي طوال نهر السنغال بدأ يسعي لعقد معاهدة سلام مع الحاج عمر فاصدر قبل سفره إلي باريس تعليمات إلي نائبه موريل بشأن التفاوض مع الحاج عمر علي مشروع الاعتراف به كملك الكارتا مقابل أن يحد من نشاطه في هذه المنطقة .ويتضح من هذه المحاولات أن الفرنسيين يحاولون التعامل مع الحاج عمر مثلما يتعاملون مع الامير عبدالقادر الجزائري بعد توقيع اتفاق تافنه Tafna معه في عام 1837 ويعني هذا تدعيم موقفهم قبل الدخول في توسيعات كبري وبعد عودة فيدهرب الي السنغال في نهاية عام 1856 بدأ الحاج عمر كفاحه المباشر مع الفرنسيين بمهاجمة مركز مادينا وهو الامر الذي ضيع فرص السلام بين الطرفين وكان الحاج عمر يرغب بعد غزو كارتا في أن يضم وطنه في فوتا تارو إلي المناطق التي سيطر عليها خصوصا وأن سكان المنطقة كانوا من المتعصبين لقضيته وكانوا يكرهون الحكم المسيحي الذي يعتبر بمثابة الشوكة في صدورهم ذلك لأن الفرنسيين يحاولون تدمير القري التي يسكنها اعوان الحاج عمر. وفي الشهور الاولي من عام 1857 بدأ الحاج عمر هجومه علي قلعة مادينا واحتل أحدي المناطق في كاسو وتدعي تومرو(Tomoro ) دون قتال واقترب من النهر في 14 ابريل هاجم سابوسيري Sabourire عاصمة مقاطعة الفرنسيين لوجو Logo واتخذها مقرا لعملياته العسكرية ضد الفرنسيين وفي العشرين من ابريل وصل جيش المسلمين إلي منطقة مادينا حيث بدأ الحصار وكان الجيش يسير في ثلاثة طوابير بلغ عددها 15000 مقاتل وكانت حامية المدينة تضم 64 رجلا بقيادة بول هول Paul Holle الذي استطاع ارسال احد رجاله الي باكل ليخبر القيادة الفرنسية عن الوضع في مادينا وفعلا صدرت الأوامر لإحدي السفن الفرنسية بالتوجه إلي مكان العمليات العسكرية في مادينا لكن تحطمت هذه السفينة علي احدي الصخور ومنع الحاج عمر رجالها من الوصول غلي القلعة المحاصرة وظلوا في حطام السفينة .وفي أوائل يونيه قرر فيدهرب أن يقود بنفسه حملة لانقاذ حامية مادينا ووصل بقواته الي حطام السفينة المحاصرة لكن جنودها كانوا ماتوا من الحمي وفي الوقت نفسه كان مصير بول هول وحامية مادينا يتوقف علي حصول حملة الانقاذ ووصل فيدهرب فعلا الي المنطقة في 18 يوليو أي بعد حوالي ثلاثة أشهر من بدء الحصار فوجد عددا من سكان المدينة قد ماتوا جوعا بسبب رفض بول هول الاستسلام لقوات الحاج عمر ونجح فيدهرب في انقاذ مادينا ذلك النجاح الذي كان امتحانا لقوات الحاج عمر حيث توقف نشاطه في المنطقة لمد عامين بل تحرك من سابوسيري ولم يعد لهذه الاماكن إلا في عام 1859 عندما هاجم المركز الفرنسي في ماتلم Matam الذي كان ايضا تحت قيادة بول هول الذي اصاب قوات الحاج بخسارة فادحة حيث نقص عدد الجيش إلي النصف اي من 15000 جندي إلي 7000 جندي .بعد هذه النكسة التي حلت بقوات الموحدين انسحب الحاج عمر إلي جيومو Guemou التي تبعد حوالي اربعين كيلومترا عن باكل وبني حصنا هناك وبدأ يعرقل تجارة الفرنسيين علي طول نهر السنغال ولهذا قرر فيدهرب تدمير حصن جيومو وعهد بهذه المهمة إلي بعثة استكشافية بقيادة الضابط فارونFaron وفي 25 اكتوبر هاجم فارون الحصن واستولي عليه بعد أن اصيب بعدة جروح لكن الحاج عمر كان قد انسحب منه قبل وصول البعثة الفرنسية وقتل ابن اخي الحاج عمر ودمر الحصن تماما ..شعر الحاج عمر أن النضال ضد الفرنسيين لن يتوقف وأن طمع الفرنسيين لا حدود له وأن محاولات عقد الصلح معه ماهي إلا مرحلة مؤقتة في خطط الفرنسيين لابتلاع ممتلكاته وضمها للسيطرة الفرنسية ولذا فإنه قرر ترك هذه المنطقة والاتجاه إلي منطقة النيجر علي أمل التحالف مع زعماء المسلمين هناك في محاولة لتوحيد صفوف المجاهدين ضد عدو اوربي يطمع في السيطرة علي بلادهم كانت هذه هي استراتيجية الحاج عمر في مرحلة سدت فيها كل السبل أمام ايقاف التوسع الفرنسي وهي استراتيجية تدل علي بصيرة قوية وعقلية عسكرية تواجه هذه التحديات الأوربية ، لكن أفكار الحاج عمر لم تجد من يفهمها في المناطق الجديدة التي احست انه جاء لغزوها والقضاء عليها فتحالفت ضده وتأمرت عليه في وقت هو في أشد الحاجة إلي مؤازرتها والوقوف معه ضد العدو المشترك ولهذا ضاعت جهود هذا المناضل الإسلامي في صراعات جانبية مع هؤلاء الزعماء المسلمين واضطر إلي الدخول في حروب ضدهم.وهكذا استشهد هذا المناضل الإسلامي وهو يناضل من أجل بناء دولته الإسلامية عن عمر يناهز السبعين عاما حاول خلالها مقاومة التوسع الفرنسي بكل ما أوتي من قوة وترك لابنائه مسئولية هذا العبء الكبير.كان جهاد الحاج عمر وابنائه مثالا من الشجاعة والإقدام وكان الإصرار علي المحافظة علي أمبراطورية إسلامية ناشئة في فترة كان التكالب الاوربي علي القارة قد اتخذ شكلا عسكريا وجعل الحاج عمر يخوض المعارك في جبهتين : احداهما داخلية مفككة ومتصارعة والاخري خارجية منظمة وعلي اهبة الاستعداد لخوض المعارك للاستيلاء علي أراضي السملمين لذا كان الجهاد صعبا والمقاومة عنيفة .كان علي الحاج عمر أن يعمل بشكل مستمر علي استتباب الجبهة الداخلية وان يواصل الجهاد للقضاء علي الوثنيين وفي الوقت نفسه مقاومة أطماع الفرنسيين ومن هنا طال أمد النضال واستمر جهاد الحاج عمر وابنه احمدو مدة قاربت نصف قرن من الزمان ارهق فيها المسلمون الفرنسيين الذين اضطروا الي تغيير القيادة أكثر من مرة وتحملت الميزانية الفرنسية نفقات كثيرة وتكبت القوات الفرنسية اعدادا كبيرة من القتلي والجرحي لكن رغم كل هذا فلقد فعل التسليح الأوربي دوره في هذه اللقاءات وحسم الموقف لصالح الفرنسيين الي حين يستعد المسلمون لجولة جديدة من النضال خصوصا وان مباديء العقيدة قد ترسخت في القلوب ولم تستطع قوي البغي والقهر والعدوان ان تنال منها وهذه من أعظم ثمار جهاد الحاج عمر التكروري الذي استشهد في المعارك العسكرية وهو يدافع عن دين الإسلام وحضارته .
وإذا كان الجهاد في سبيل الله قد واجه المسيحيين في غرب إفريقيا وانتهي اللقاء لصالح قوي المسيحيين ألا أن الطريقة التجانية ظلت كامنة في النفوس عالقة في القلوب بل ازداد المسلمون تمسكا بها وحافظوا علي تقاليدها في وجه التيارات المسيحية والوثنية وظلت هذه الروح الثورية الدينية تمارس نشاطها وتحافظ علي العقيدة الإسلامية حتي هبت كل شعوب المنطقة في وجه الاستعمار الفرنسي واجبرته علي أن يحمل عصاه ويرحل عن أرض القارة الإفريقية التي عادت للإسلام والمسلمين .
كان الحاج عمر مغامرا من نوع جديد ورجلا صلبا لا يلين لديه امال عراض لبناء امبراطورية تتخذ من الشريعة الإسلامية أساسا لها ومنهاجا وما كان يدري ان الطريق مليء بالاشواك وان المنطقة التي اختارها لبناء دولته تكتظ بالمشكلات الداخلية والصراع الأوربي عليها فناضل وكافح وفتح جبهة هنا وجبهة هناك واستخدم اسلوبي الدبلوماسية والحرب كان يهادن في جبهة ليتفرغ للأخري وساعده كل هذا علي نشر الطريقة التجانية التي تعمقت في نفوس الناس وصارت تضارع الطرق الصوفية الأخري ولو فهم المسلمون مايرمي إليه هذا الشيخ المجاهد والجهود التي يبذلها لبناء دولة إسلامية ولو وقفوا بجانبه في صراع الأوروبيين لتغير الوضع تماما لكن للاسف الشديد عاني الحاج عمر من المسلمين والوثنيين الذين تكاتفوا ضده واعتبروه غازيا وعقدوا حلفا ضده وهو في أمس الحاجة لجهودهم وحاصروه في حمد الله وهو يناضل من أجل الوقوف في وجه الفرنسيين وسقط هذا الزعيم شهيدا برصاص المسلمين الذي تتبعوه وحاصروه حتي قضوا علي جهوده واستشهد الحاج عمر وهو في روعة انتصاراته وفي قمة صراعه مع الفرنسيين الذين عانوا كثيرا علي يديه .
ورغم سقوط امبراطورية التوكولور إلا أن اتباع الحاج عمر قد اكتسبوا شهرة القيادة الإسلامية في السودان الغربي وانتشرت التجانية بعد ذلك وقاومت التبشير المسيحي الذي اجتاح امبراطورية التوكلور في أعقاب السيطرة الأوربية ورغم سقوط الامبراطورية سياسيا الا أنها استمرت تمارس حياتها الدينية وحافظت علي تراث الإسلام وحضارته امام موجات الغزو والتوسع الاوربي والتبشير المسيحي.
إن عداوة اهل الطريقة مع سائر المستعمرين معروفة عند المنصفين ولو ذهبنا نقص عليك عداوتهم مع الاستعمار الانجليزي في مصر والسودان وفلسطين لطال بنا الكلام.
وبقي تنبيه يجب أن نلفت النظر إليه أن الصوفية في عداوتهم مع المستعمر لايعادونه لأنهم صوفية وإنما لأنهم مسلمون يغارون علي دينهم ويعلمون ان الإسلام يعلو ولا يعلي عليه وأنه ليس للمسلم أن بذل نفسه كما ورد في الحديث الشريف فمن هذه القاعدة انطلقوا وعن هذا المنظور توجهوا فأهل الإسلام كلهم- صوفية وغيرهم – يد واحدة علي جميع المستعمرين بجميع أنواعهم .
الجهاد في سبيل الله : الطريقة القادرية انموذجا
يقول الدكتور عبدا لله عبدا لرازق إبراهيم في كتابه ( المسلمون والاستعمار الأوربي لإفريقيا ):
من البديهي ونحن نعالج المقاومة الإسلامية للاستعمار الأوروبي للقارة الإفريقية أن نحدد بشكل سريع الملامح الرئيسية لذلك التكالب الاستعماري علي القارة في اواخر القرن التاسع عشر تلك الفترة التي توافقت مع جهاد زعماء المسلمين في القارة وخصوصا في إفريقية جنوب الصحراء ومحاولات زعماء حركات الجهاد أن ينشروا الدين الإسلامي الصحيح بعد قيام حركات الإصلاح والتجديد بزعامة الشيخ عثمان بن فودي في شمال نيجيريا وانتشار حركته علي نطاق واسع وتأثر العلماء المسلمين في غرب القارة بتلك الحركة الإصلاحية التي وجدت صداها في إمبراطورية الحاج عمر الفوتي التكروري وفي الحركة التي قادها الزعيم المسلم الشيخ محمد الأمين في بلاد التكرور أيضا في حركة الجهاد الإسلامي للزعيم الإمام ساموري توري ولم تتوقف هذه الحركة الإسلامية عند هذه المنطقة من غرب القارة بل امتدت إلي منطقة بحيرة تشاد حيث ظهرت حركة زعيم آخر هو رابح فضل الله وامتد هذا الأثر الجهادي إلي بلاد الصومال بزعامة السيد محمد عبدالله حسن ومن الطبيعي ان تواجه هذه الحركات الإسلامية مقاومة عنيفة من الدول الاستعمارية التي كانت قد خططت لاستعمار القارة الإفريقية بعد مؤتمر برلين لعام 1884 – 1885
وبدأ التوسع الفرنسي الكبير في غرب إفريقيا في حوض نهر السنغال حيث التقت القوات الفرنسية بامبراطورية التوكولور بزعامة أحمدو شيخو نجل الحاج عمر الفوتي التكروري زعيم الطريقة التجانية في القارة الإفريقية وخليفة والده في حكم الامبراطورية واستمرت الاشتباكات بين القوات الفرنسية وقوات الشيخ أحمدو حتي انهارت هذه الامبراطورية ودخل الفرنسيون وادي النيجر الأعلي واستولوا علي باماكو في عام 1883م كما التقت مجموعة من الفرنسيين بساموري توري احد قواد المسلمين من بلاد الماندنجو في المنطقة الشاسعة مابين حوض نهري الفولتا العاليا والنيجر وصار خصما عنيدا للفرنسيين ورغم احتلالهم لمعظم مناطقه في عام 1891 إلا أنه لم يهزم نهائيا الا في عام 1898م
ويقول د. عبدالله عبدالرازق ايضا :
إن الصراع بين امارات بلاد الهوصا لم يساعد إلا علي التفرقة وعدم الاستقرار وعدم التركيز علي النواحي الثقافية أو الدينية فصار الدين الإسلامي غريبا بين السكان واختلط العادات الوثنية بالتقاليد الإسلامية وصار الحكام يحملون لقب المسلمين شكلا دون فهم واع لأصول هذا الدين وعندما أحس أحد ابناء الفولاني المسلمين بما ألم بالدين علي ايدي هؤلاء الحكام شبه الوثنيين اعلن الجهاد في سبيل الله لاعادة الدين الإسلامي إلي اصوله وقواعده وصارت إمارة جوبير هي الساحة التي انطلقت منها هذه الثورة الإسلامية الكبري التي غيرت مجري حياة السكان واعادت للدين الإسلامي هناك مكانه لم يحققها في القرون السابقة وصار الجهاد الفولاني لاخماد البدعة واحياء السنة هو العمل الكبير الذي قام به الداعية والمجاهد عثمان بن فودي .. إن هذا الزعيم الذي كان له ولحركته الإسلامية فضل كبير في نشر الدين الإسلامي علي نطاق واسع في غرب إفريقيا ومازالت نيجيريا الإسلامية تدين حتي يومنا هذا لحركة ذلك المجاهد الذي جعلها اكبر دولة إسلامية في غرب افريقيا بل في افريقيا باسرها ولم يتوقف جهاد هذا الرجل عند حدود اعلان حرب علي الوثنيين بل تعداه إلي اقامة دولة إسلامية حملت لقب الخلافة الإسلامية في سوكوتو وظل ابناؤه يحكمون في هذه الدولة الواسعة طوال قرن من الزمان وكان لاحفاده شرف النضال والكفاح ضد الأوروبيين الذين جاؤوا غازين ديار الإسلام والمسلمين فكانوا حماة الدين وشهداء العقيدة الإسلامية في أوائل القرن العشرين .
كانت الهجرة إلي مدينة جودو بداية تأسيس امبراطورية الفولاني التي اتخذت من مدينة سوكوتو عاصمة لها وأخذ الشيخ معه الأنصار والأتباع إلي اطراف الصحراء وهنالك اقروا له بالطاعة والولاء وحلفوا اليمين علي طاعته علي الكتاب والسنة وحمل الشيخ لقب امير المؤمنين ذلك اللقب الذي استمر مع الخلافة حتي نهايتها في عام 1903 كما حمل لقب خليفة في بعض الأحيان وهو اللقب الذي حمله أبناؤه وذريته من بعده .
كانت هذه البيعة بداية الجهاد وايذانا بتأسيس الخلافة الإسلامية ذلك لأن البيعة كانت تعني نقل الجهاد من الدور السلبي إلي الدور الإيجابي الجديد وانتشرت اخبار الجهاد ضد حكام الهوصا واصدر الشيخ ( وثيقة اهل السودان) التي صارت اعلانا رسميا للجهاد حيث حدد الشيخ الاسس التي بني عليها الجهاد واقرت هذه الوثيقة مباديء منها : أن الامر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب اجماعا وان الهجرة من بلاد الكفار واجبة اجماعا وان الجهاد واجب اجماعا وان قتال البغاة واجب اجماعا.
كان الرد العملي علي هذه الوثيقة أن ارسل الحاكم إخوانه الأمراء في كاتسينا وكانو ودورا يطلب منهم يد المساعدة لانه أهمل إطفاء شرارة من النار في إمارته حتي اتسعت رقعتها وزادت حدتها وصار فوق احتماله القضاء علي خطورتها.
تزعم سلطان جوبير جبهة المعارضة ضد الشيخ عثمان وصارت الحرب وشيكة بين المؤمنين والوثنيين ولم يجد الشيخ بدا من اعلان الجهاد في سبيل الله فلبي تلاميذه النداء لأن ارتباطهم به لم يكن مجرد حلقات درس تنتهي بل كان الارتباط عميقا بالحب والتقدير فكانوا له مؤيدين تكبدوا المعاناة وتحملوا عبء الكفاح عندما هاجم الشيخ امارة جوبير إثر قرار حاكمها بتاديب الشيخ عثمان فحدث الالتحام وبدأت الحرب وانتقلت الدعوة من مرحلة السلم إلي مرحلة الهجوم المسلح وبعد أن اغار حاكم جوبير علي قري المسلمين وممتلكات الموحدين .
وفي الرابع من يونيو عام 1804 تقدمت قوات الجهاد بزعامة عبدالله بن فودي الذي اخلي مواقعه في جودو توقعا لهجوم من سلطان جوبير واتجه إلي بحيرة تابكين كونو وعلي ضفاف هذه البحيرة اطبق المسلمون علي قوات البغي والعدوان ودارت عليها الدائرة وهرب من وجد سبيلا لذلك وسقط في ساحة المعركة الكثير وتفرق شمل الاعداء في اول مواجهة حاسمة في الجهاد لكن النصر لم يكن نهائيا لأن قوات المشركين عادت بعد أن جمعت قواتها في عام 1805 وبدأت الهجوم من جديد علي الشيخ وجماعته ودارت معركة تسونسو التي هزم فيها المسلمون في البداية وراح منهم أكثر من ألف قتيل ولكنهم صمدوا للهجوم .
استمرت الحرب سجالا بين الطرفين دون تفوق طرف علي الآخر وتمكنت قوات الجهاد من السيطرة علي إمارة كيبي KEEBE ووواتخذتها عاصمة للجهادوتوالي سقوط امارات الهوصا في إيدي المسلمين حيث سقطت زاريا عام 1805م واستمر النصر حليف الشيخ واتباعه حتي تحقق النصر المبين ودخل عاصمة الإمارة وتسمي الكالاوا في عام 1808 وتم قتل السلطان يونفا مع عدد من اتباعه وانتهت مقاومة الوثنيين وصارت كلمة الذين امنوا هلي العليا وتوافدت القبائل زرافات ووحدانا الي معسكر الشيخ تعلن الدخول في الإسلام والانضمام إلي حلف المسلمين وتوسعت امبراطورية الفولاني وتكونت امارة جديدة واعطي الشيخ اعلانا لاتباعه لاعلان الجهاد في مختلف المناطق فتوسعت رقعة الدولة ودخل الناس تحت راية الجهاد وانتقل الشيخ الي مدينة سيفاوا عام 1809 بينما استقر ابنه محمد بلو في مدينة سوكوتو.
وعادت المنطقة الي حكم المسلمين ولأول مرة تشكلت وحدة سياسية كبري اطلق عليها امبراطورية الفولاني واختلفت التفسيرات حول هذا الجهاد فمنهم من رأي فيه صراعات سياسيا بين الهوصا والفولاني استخدم الفولاني عامل الدين كهدف أو مناورة عسكرية من أجل تحقيق اهدافهم والسيطرة الفولانية علي بلاد الهوصا اما العالم النيجري عبدالله سميث فيري في الحركة أكثر من محاولة مجموعة من الرجال المحرومين من أجل السيطرة السياسية لصالحهم بل هي حركة فكرية تهدف غلي خلق مجتمع مثالي تسوده الشريعة الغراء .
وحاول اعداء الشيخ تفسير الجهاد علي أنه جهاد يخفي وراءه اطماعا سياسية بل ذهب فريق آخر الي أن هذه الثورة قد خططت من أجل مساعدة الفولاني علي السيطرة علي أمور البلاد وتحقيق امتيازات كانوا قد حرموا منها من قبل.
لكن مهما اختلفت الآراء حول اسس الجهاد فإ ن الجميع يتفق علي أن الحركة شمولية ارتكزت اساسا علي الناحية الدينية وأن الشيخ عثمان نفسه حدد الغرض من الجهاد في وثيقة أهل السودان وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والهجرة من بلاد الكفار وتنفيذ احكام الشرع وقتال الملك الكافر الذي لايقول ( لا إله إلا الله)
وقامت دولة الفولاني علي نظام الخلافة الإسلامية وصار الخليفة يشرف علي كل امارات الدولة التي احيت الخلافة الإسلامية التي كانت ايام مجد العباسيين وتاصلت جذور الدعوة الإسلامية فنمت وترعرعت وأتت أكلها فتمسك المسلمون بالشريعة الغراء وساد الأمن الذي كانت تحكم به المنطقة وازدهرت الحضارة الإسلامية في كل ارجاء الامبراطورية .
وفي عام 1812م اقتصر دور الشيخ علي التاليف والوعظ والارشاد بعد ان قسم الامبراطورية الي قسمين قسم شرقي تحت اشراف ابنه محمد بلو والآخر غربي تحت اشراف اخيه عبدالله بن فودي وكرس الشيخ الجزء الباقي من حياته في التأمل والدراسة في مدينة سيفاوا ( SIFAWA ) حتي وافاه الأجل المحتوم في عام 1871م بعد أن ارسي قواعد دولة إسلامية استقرت فيها الخلافة وحكم ابناؤه من بعده مدة قرن من الزمان حتي سقوط هذه الخلافة في أيدي البريطانيين في عام 1903م
لقد لعب ابناء الشيخ واحفاده دورا بطوليا ضد الاستعمار الاوربي الذي تكالب علي مناطق الدولة الإسلامية ابتداء من الربع الأخير للقرن التاسع عشر لكن رغم سقوط الدولة عسكرية إلا أن الاسس التي وضعوها والنظم الإسلامية التي ساروا عليها ادهشت الأوروبيين وجعلتهم عاجزين عن ابدال تلك الحضارة الراسخة بنظم جاؤوا بها فاضطروا للابقاء عليها ولم يحاولوا التدخل في شئون المسلمين في تلك الدولة الإسلامية فعاشت حضارتهم وازدادات ازدهارا حتي يومنا هذا .

المراجع :

1-الامام الجبرتي – كتاب التاريخ ، القاهرة 1965م
2- لوثورب – حاضر العالم الإسلامي ، ترجمة سكيب أرسلان ، القاهرة 1971م
3- محمد جلال كشك ، ودخلت الخيل الأزهر ، القاهرة 1976م
4- صبحي وحيد ، أصول المسألة ، القاهرة 1972م
5- عائشة عبالرحمن بنت الشاطيء، القرآن وقضايا الإنسان ( القاهرة : دار العلم للملايين 1975م
6-عامر النجار : التصوف الإسلامي (القاهرة : دار المعارف 1984م)
7-عبدالرازق الكاشاني : رشح الزلال في شرح الالفاظ المتداولة بين ارباب الاذواق والأحوال ( القاهرة : المكتبة الأزهرية 1995)
8-عبدالحليم محمود : استاذ السائرين ، القاهرة ، المكتبة الازهرية 1988
9-عبدالحميد محمد أحمد : الصوفية في السودان مجلة الفيض العدد الثاني 1998م
10-عبدالرحمن احمد عثمان : في موكب النور في مولد النبي المصطفي الرسول صلي الله عليه وسلم ( المجلس القومي للذكر والذاكرين ، طبع بمطابع جامعة افريقيا العالمية 1998 صفحة 12 ومابعدها.
11-الشيخ عبدالمحمود نورالدائم ، ازاهير الرياض ، في مناقب العارف بالله سيدي احمد الطيب ، القاهرة ، مكتبة الازهر.
12-عبدالوهاب الشعراني ، الانوار القدسية في معرفة القواعد الصوفية ( بغداد : دار احياء التراث العربي 1984م
13-عبداللطيف البوني ، در الصوفية في تدامع القبائل بالجزيرة ، مجلة الفيض العدد الثالث 1998م ص 16
14-عبدالله الأنصاري الهروي : منازل السائرين مع العلل والمقامات ( ايران طهران 1979
15- عون الشريف قاسم ، موسوعة القبائل الأنساب في السودان واشهر اسماء الاعلام والاماكن الخرطوم ، افروقراف للطباعة والتغليف
16-المجلس القومي للذكر والذاكرين : الشيخ الجعلي ملف العدد الثامن ، مجلة الفيض 1999
17-محمد نور ودضيف الله كتاب الطبقات
18-الشيخ عبدالمحمود نورالدائم ، نظرات في التصوف
19-مقابلة مع الشيخ عبدالرحيم البرعي بمسجده في المجاهدين يونيو 1999م
20-مقابلة مع الشيخ بن ادريس الحسن الإدريسي شيخ السجادة الإدريسية بمسيدهم بالموردة يناير 1999م
21-الدكتور محمد ابراهيم ابوسليم : تاريخ الخرطوم ( لبنان – بيروت ، دار الجيل 1979) ص 154
22-المجلس القومي للذكر والذاكرين ، البادراب ملف العدد الأول ، مجلس الفيض 1998م

للتاريخ










قديم 2011-02-27, 22:07   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
ahmedcrane
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

و ما زالت الحالة كما كانت منذ عهد مروان الحكم زمن عثمان......
الناس تناحروا في وقت صحابة رسول الله فكيف لا يفهموا أنفسهم الآن.......
يا إخواني همنا هو نشر تعاليم ديننا و إخراجها للواقع المعاش.... و ليس تناحر الكباش (و هذا ليس بشتم)..... يا إخواني نحن عقلاء الكتاب و السنة صريحان في كنه دين الإسلام..... لكن أصبح كل يغير لينصر أقوال شيوخه من غير بينة......
هدانا الله و إياكم لما يحب و يرضى و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته......










قديم 2011-05-17, 21:29   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
بني ونيف
محظور
 
إحصائية العضو










Talking الصوفية في الجهاد سابقون..والوهابية مع القواعد....

اين فتاوى الوهابية في التحريض على جهاد الصهاينة؟ والله لو نطقوا بها ستختفي دولة ال سعود من الوجود..والايام بيننا؟اما السادة الصوفية فتاريخهم يدافع عنهم. الوهابية افيون الشباب.










قديم 2011-05-20, 21:41   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
بني ونيف
محظور
 
إحصائية العضو










B8 دليل.............عله يشفي العليل لا الغليل...نحن اخوة

حتى لا يكذبني الاخوة الوهابية....هناك على اليوتوب شهادة ابن لادن في الشيخ ابن عثيمين رحمهما الله تعالى.......وشهد شاهد من اهلها.










قديم 2011-05-21, 10:28   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
ABDELJABBAR08
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سلطان المصري مشاهدة المشاركة
الصوفية والجهاد في سبيل الله

الزعيمان الكبيران الصوفيان ابن عربي وابن الفارض كانا يخذلان الناس عن التصدي للجيوش الصليبية وكانا يقرران إن الله هو عين كل شئ . فليدع المسلمين الصليبيون فماهم إلا ألذات الالهيه متجسدة في تلك الصور . ولم يضرب احدهما بسيفه ضربه واحده في سبيل الله . وأبو حامد الغزالي المعروف بحجه الإسلام لم يرم بسهم في سبيل الله , بل لم يشر بكلمه واحده للحروب الصليبية التي عاصرها بينما كانت سيوف الصليبيين تحصدالمسلمين حصدا وهُم يهاجمون مدينه المنصورة في القرن الثالث عشر الميلادي , و أجتمع كبار مشايخ الصوفية من فورهم ليس لمقاومه جحافل الفرنجة ولكن لقراءة رسالة القشيري وبحث واستعراض كرامات الأولياء ولما سقط بيت المقدس في أيدي الصليبيين كان أبو حامدالغزالي الزعيم الصوفي الكبير معاصرا للأحداث ولم يشارك في جهاد الصليبيين وعاش بعد ذلك نحو ثلاثة عشر عاما لم يشر خلالها من قريب أو بعيد إلي مجاهده الغزاة أم الحض علي قتالهم فقد كان مشغولا بالحديث عن مشاهدات الأولياء للملائكة ومخاطبتهم للجماد وتلقي العلوم اللدنيه من السماء كذلك ترك ابو الحسن الشاذلي الصليبيين يهاجمون دمياط والمنصورة ولم يتدخل احد أقطاب الصوفية أو الغوث أو البدائل في الدفاع عن البسطاء المخدوعين ممن يصدقون إن من مشايخ الصوفية من يستطيع إطفاء النار بمرقعته أم المشاركة في أداره الكون أو إحياء ألموتي وطوبي لمن احترم عقله . وجاء في كتاب الزعيم مصطفي كامل ( المسألة الشرقية ) ومن الأمُور المشهورة عن احتلال فرنسا للقيروان : أن رجلا فرنساويا دخل في الإسلام وسمي نفسه( سيد احمد الهادي) واجتهد في تحصيل الشريعة حتى وصل إلي درجه عالية وعين إماما لمسجد كبير في القيروان فلمااقترب الجنود من ألمدينه : استعد أهلها للدفاع عنها وجاؤا ا يسألونه أن يستشير لهم ضريح شيخ في المسجد يعتقدون فيه . فدخل سيد احمد الضريح ثم خرج مُهّولا لهم بما سينالهم من المصائب , وقال لهم بأن الشيخ ينصحكم بالتسليم لان وقوع البلاد صارمحتما , فأتبع القوم البسطاء قوله ولم يدافعوا عن القيروان اقل دفاع بل دخلهاالفرنسيون امنين في 26 اكتو بر سنه 1881. وفي المغرب عاون أتباع طريقه الشيخ احمد ألتيجاني الفرنسيين علي ترسيخ أقدامهم في شمال وغرب أفريقيا , فقد كانت تسيطرعلي الجزائر أيام الاستعمار , وكانت تستمد وجودها من فرنسا وقد تزوجت عميله مخابرات فرنسيه احد شيوخ ألطريقه ولما مات تزوجت شقيقه وكان الأتباع يطلقون عليها زوجه السيدين ويحملون التراب الذي تمشي عليه لكي يتيمموا به , وقد أنعمت عليها فرنسا بوسام الشرق وجاء في أسباب منحها الوسام إنها كانت تعمل علي تجنيد مريدون يحاربون في سبيل فرنسا كأنهم بنيان مرصوص . وحاولت الحكومة الفرنسية في زمن الانتداب نشرألطريقه التيجانيه واستأجرت بعض الشيوخ لهذه المُهمّة فقدمت لهم المال والمكان لتنشئه جيل يميل إلي فرنسا لكن مجاهدي الغرب لفتوا انتباه المخلصين من أهل البلادإلي خطر ألطريقه التيجانيه وإنها فرنسيه استعماريه تتستر بالدين فهبت دمشق عن بكره أبيها في مظاهرات صاخبة . كذلك كان أصحاب السيد الميرغني والطريقة ألخاتميه في السودان في عون الإنجليز وساعدوهم علي القضاء علي ألثوره المهدية . قال الرئيس : فليب قو نداس من المستعمرين الفرنسيين : لقد اضطر حكامنا الإداريون وجنودنا في أفريقيا إلي تنشيط دعوه الطرق الدينية ألاسلاميه لأنها كانت أطوع للسلطة الفرنسية ,وأكثرها تفهما وانتظاما من الطرق ألوثنيه أو من بعض كبار الكهان أو ألسحره السود . ويروج المتصوفة الأكاذيب بشأن اضطلاعهم بأدوار مهمة في الجهاد في سبيل الله من نوع الكرامات الخرافية علي طريقه عفريت مصباح علاء الدين , فها هو الشيخ
(عز الدين بن عبد السلام) يأمر كما يزعمون الريح لتكسر سفن الصليبيين في موقعه دمياط مما جعل تلميذه ابن أبي شامه يحمد الله الذي جعل من أمه محمد من يأمر الريح فتستجيب له .!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
(ابن عطاء الله أسكندري – لطائف المنن – طبقات الشافعيةالجزءالثالث) واليوم تباشر مراكز تعليمية كبيرة في البلاد الغربية و الاسلاميه علي السواء لتنشيط الجهود لبعث التراث الصوفي . ويجري النظر في إنشاء جامعه في مصرلدراسة علوم التصوف . ولا نستطيع الا ان نقول لكل عاقل احذر من تلك الطرق التي تؤدي بصاحبها الي قاع جهنم وبئس المصير ان شاء الله .



من قطوف وثمرات الكتب
لمادا لم تدكر لنا احدا من الوهابية السعودية التي جاهدت ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟مادا ؟؟؟؟؟؟؟
واين هم من تحرير القدس ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟وكفانا تشويها للماضي









قديم 2011-05-21, 10:31   رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
ABDELJABBAR08
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي بوركت

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة abdel39 مشاهدة المشاركة
الكاتب : الدكتور عمر مسعود التجاني.....أستاذ الجامعة العالمية الإفريقية بالسودان

لقد كان للصوفية دور كبير في إنتشار الإسلام في إفريقيا ، نشروه فكرا وسلوكا ، وذلك عن طريق القدوة الحسنة المقيمة بين الناس ، نشروا العدل وحرضوا عليه وقاوموا الظلم ، وساووا بين الظلم والكفر، قاوموا الاستعمار لأنهم ربطوا بينه وبين الكفر والظلم ، ولأجل ذلك تعلقت قلوب المسلمين بمحبتهم ، إلا أن البعض رأي فيهم مصانعين للاستعمار وصنايع له جهلا منهم بتاريخ الإسلام في إفريقيا من مصر إلي المحيط الأطلسي غربا والمحيط الهندي شرقا ، فإن سير الأئمة الصوفية تحكي عن ملاحم المقاومة والرفض أكثر مما تروي مظاهر الخضوع والخنوع .لقد أخطأ المهاجمون في فهم التصوف لأنهم أخطاوا فهم روح الإسلام ورسالته فليس التصوف خمولا ولا انهزاما كما أدعوا وليس التصوف تواكلا وهوانا ورضا بالذل ولو كان هذا ، ما كان صاحبه مسلما كاملا ولا عابدا عارفا بالله.فالتصوف قوة وبأس ونضال ، إنه تصعيد بالحياة إلي أعلي معرفة وإيمان وايقان. أنه قوة روحية تكمن وراء كل حركة وخاطرة و تعلق بالله وحده يرفع من معنوية الإنسان في الحياة فلا يابه بطغيان طاغية ولاجبروت سلطان ولايزن أعماله ألا بميزان دقيق أساسه مراقبة الله وتحكيم الحق الصرف في كل عمل وفي كل حركة وفي كل خاطرة وفي كل التفاتة . لقد كانت الحركة الفكرية والتجديدية في الإسلام اثرا لائمة التصوف الإسلامي ولجهودهم الضخمة في نصرة الإسلام والعمل علي النهوض بالمسلمين بل إن الإسلام لم ينتشر في أواسط إفريقيا وفي الممالك النائية في آسيا وفي جزر المحيط الهندي وفي إندونيسيا وفي ماليزيا وأيضا في أوربا في بلغاريا وفي رومانيا وفي بلاد يوغسلافيا وفي البوسنة والهرسك وكوسوفو( بلاد الصقالبة ) لم يكن كل ذلك إلا علي أيدي الدعاة من الصوفية المجاهدين .وكيف ننسي هذا التراث الروحي الكبير أو ننتقص من قيمته وهو جزء مهم من تاريخنا الوطني والسياسي فهؤلاء الصوفيون الأعلام هم الذين قاوموا طغيان الحكام وانتصروا للشعب في محنته وكافحوا الاستعمار الصليبي والأيطالي والفرنسي والإنجليزي كما كافحوا من قبل ظلم المماليك وطغيانهم ، ( 1 ) لقد كان الصوفية هم من وراء تأهيل المصريين لزعامة العالم الإسلامي بعد سقوط بغداد عاصمة الخلافة وبتأييدهم وحشود مريديهم ومحبيهم انتصر المسلمون علي الصليبيين في حطين وفي دمياط وفي المنصورة وانتصروا علي التتار في عين جالوت وانظر تاريخ الشيخ أحمد الدرديري شيخ الطريقة الخلوتية وانظر تاريخ الشيخ عبدالله الشرقاوي شيخ الطريقة الشاذلية وانظر تاريخ الشيخ السادات والشيخ عمر مكرم والشيخ أحمد بن السنباطي وكل هؤلاء صوفيون .وفي تاريخنا المعاصر برز الشيخ النوراني محمد بن علي السنوسي الصوفي الكبير شيخ الطريقة السنوسية في ليبيا ، هذه الطريقة التي كافحت الجهل والفوضي التي جاهدت الاستعمار الإيطالي في ليبيا جهادا شديدا ، وقد قضي الشيخ الشريف احمد السنوسي حفيد شيخ الطريقة السنوية حياته في كفاح الاستعمار الإيطالي وازعج الدويتش موسيليني زعم الحزب الفاشستي ورئيس الدولة الإيطالية وجهاد الشريف أحمد السنوسي يعتبر من أيام البطولات الخالدة في تاريخنا المعاصر ويكفي الطريقة السنوسية المجاهدة فخرا ان الشيخ عمر المختار هو أحد رجالات هذه الطريقة ومن كبار مقدميها ومن أخلص التلاميذ لقائد الجهاد الأعلي الشيخ الشريف أحمد ابن السنوسي ( 2 ) وكان من قبل الشيخ شمس الدين الدمياطي يرابط في ثغر دمياط في مواجهة العدو وكان الشيخ محمد خفاجي الصوفي الجليل يقيم هو وأسرته في دمياط في جهاد العدو كما هو مدون في تاريخه ولاننسي الشيخ الصوفي المحدث العلامة ضياء الدين الكمشخانوي من كبار رجال الطريقة النقشبندية الذين حاربوا الروس في غزوهم الظالم لمنطقة القوقاز سنة 1280هـ ولا ننسي الشيخ أحمد شاكر بن خليل علامة الروم الذي قاد كتيبة من المتطوعين من تلاميذ الزوايا الصوفية حتي فتحوا مدينة ( علكسانيج) في حرب الصرب وألقي يوم الفتح خطبة الجمعة باسم الخليفة في أكبر كنيسة هنالك . ومن شواهد الروح الجهادية عن الصوفية ، جهاد شيخ الإسلام الصوفي محمد سعد الدين ( المتوفي عام 1008 ) الذي كان مع السلطان محمد الثالث في حرب ( هنغاريا ) وحضر المعركة المشهورة باسم( أكري) ولا ننسي جهاد السلطان الصوفي تاج الدين إسماعيل في ( دار مساليت ) الذي اعتدي عليه الفرنسيون بعد أن استولوا علي ( أبشه ) في شهر ربيع الثاني 1327 هـ فحاربهم تاج الدين في ( كرندن ) وفي وادي( كجه) شرق الجنينة وهزم جيش الفرنسيين وقتل قائدهم الكابتن ( فينجشون) وغنموا منهم أسلحة وذخائر ثم اعتدي عليه الفرنسيون مرة ثانية بقيادة الكولونيل ( مول) فحاربهم تاج الدين في ( دورتي ) وانهزم جيش الفرنسيين وقتل الكولونيل مول ثم اشتغل الناس بأخذ الغنائم فانقلب النصر هزيمة وقتل السلطان تاج الدين فنال الشهادة في سبيل الله .ويخبرنا الشيخ المؤرخ العلامة الجبرتي في تاريخه المشهور ماذا فعل الصوفية حينما هاجم الفرنسيون مصر بقيادة الجنرال ( نابليون بونابرت) قال الجبرتي:خرجت الفقراء ( تلاميذ الصوفية ) وارباب الأشاير ( مقدمو الزوايا) بالطبول الزمور والأعلام والكاسات وهم يضجون ويصيحون ويذكرون بأذكار مختلفة وصعد السيد عمر افندي نقيب الأشراف إلي القلعة فإنزل منها بيرقا كبيرا أسمته العامة ( البيرق النبوي ) فنشره بين يديه من القلعة إلي بولاق وأمامه وحوله ألوف من العامة بالنبابيت والعصي يهللون ويكبرون ويكثرون من الصياح ومعهم الطبول والزمور وغير ذلك وأما مصر فإنها بقيت خالية الطرق ولاتجد بها أحدا سوي النساء في البيوت والصغار وضعفاء الرجال الذين لايقدرون علي الحركة(3).ويمضي الجبرتي فيعطينا صورة معاصرة في كل تفاصيلها فيقول:وغلا سعر البارود والرصاص بحيث بيع رطل البارود بتسعين نصفا والرصاص بتسعين وغلا جنس أنواع السلاح وقل وجوده وخرج معظم الرعايا بالنبابيت والعصي والمساوق وجلس مشايخ العلماء بزاوية علي بك ببولاق يدعون ويبتهلون إلي الله بالنصر واقام غيرهم مع الرعايا البعض بالبيوت والبعض بالزوايا والبعض في الخيام ومحص الأمر أن جميع من بمصر من الرجال تحول إلي بولاق ).ولكن آلية الحرب الفرنسية المتطورة وكفاءة التدريب العالية للجندي الفرنسي والوفرة من السلاح والذخيرة والخطة المدروسة منذ سنوات والخيانة الداخلية كل ذلك كان من جملة العوامل التي جعلت فرنسا تكسب الحرب وتحتل مصر ولكن شيوخ الصوفية الذين هم زعماء الأمة واصلوا الجهاد وأعلنوا به مع الآذان في الصلوات الخمس لقد حاول ( الجنرال نابليون بونابرت ) أن يشتري تعاونهم عن طريق تعظيمهم وتشرفهم وتكريمهم فرفضوا جميع ذلك في أباء المسلم الذي لايرضي إلا بربه (4) .فرفضت سلطات الأحتلال إدارة جديدة من المصريين بمدينة الإسكندرية وكل من أبرزها ( المسيري ) الذي عينه ( كليبر) رئيسا للديوان بعد تحطيم الاسطول في موقعة ( ابي قير ) وهو منافق من الطراز الرفيع جدا كان نموذجا للقادة الذين يبحث عنهم الفرنسيون بل وكل مستعمر كان رائعا في تمثيله لروح العصر ومساير الزمن ولعله في الأسكندرية وحدها وعلي مائدة ( المسيري) قدم الارز في ثلاثة ألوان رمزا لراية الثورة الفرنسية ولاشك إن ( حلة ) الأرز المثلثة الالوان وأطباقه التي كان يجري توزعها والمساواة والإخاء كان كل ما فهمه المتعاونون عن الثورة الفرنسية ومبادئها وأيضا كما يود الفرنسيون أن يفهموه لهؤلاء المتعاونين ولكن قادة الشعب الحقيقين كانت لهم وجهة نظر أخري .. فعندما جمع نابليون المشاي وأراد تكريمهم .. ( قال الجبرتي ) ( فلما استقروا عنده نهض ( بونابرته ) من المجلس ورجع وبيده طيلسانات ملونة بثلاث ألوان كل طيلسانة ثلاث عروض أبيض وأحمر وكحلي فوضع منها واحدا علي كنف الشيخ الشرقاوي فرمي به علي الارض واستعفي وتغير مزاجه وانتفع لونه واحتد طبعه ( حياه الله ورضي عنه ) فقال الترجمان يا مشايخ انتم صرتم احبابا لساري عسكر وهو يقصد تعظيمكم وتشريفكم بزيه وعلامته فإذا تميزتم بذلك عظمتكم العساكر والناس وصار لكم منزلة في قلوبهم فقالوا له لكن قدرنا يضيع عند الله وعند اخواننا من المسلمين .علق الاستاذ محمد جلال كشك قائلا :استاء إمام المدرسة الاستعمارية ( صبحي وحيد مؤلف كتاب اصول المسألة المصرية ) استاء من موقف الشيوخ هذا وعلق عليه بأن احرار أوربا كانوا يتخاطفون هذه الشارة وقتها .. نفس الشارة التي ألقاها المشايخ علي الأرض).إن ما فعله الشيخ الشرقاوي شيخ الطريقة الشاذلية هو امتداد طبيعي للنشاط الجهادي للسادة الصوفية ولننظر مافعله صديقه الشيخ المهدي ذلك الشيخ الصوفي في معركة ( سنهور ) في 3 مارس 1799مقال الاستاذ كشك في كتابه ( ودخلت الخيل الأزهر ) ناقلا عن الرافعي في كتابه ( التاريخ العلمي والحربي للحملة الفرنسية ):وصل المدد إلي الرحمانية وانضم إلي الجنود الذين بها وسارت القوات الفرنسية مجتمعة فالتف برجال المهدي ( وهو اسم وليس لقبا ) يوم 3 مايو بسنهور البحيرة علي مقربة من دمنهور ودات معركة من أشد المعارك هولا قال ( ريبو ) في وصفها إن عدد رجال المهدي كانوا خمسة عشر ألف من الفرسان وإن القتال استمر سبع ساعات كان فيها أشبه بمجزرة فظيعة وهذه الواقعة من أشد الوقائع التي واجهها الفرنسيون في القطر المصري اظهر فيها اتباع المهدي من الفلاحين والعرب شجاعة كبيرة واستخفافا بالموت لا نظير له وبذل الكولونيل ( لفيفر) أقصي ما انتجه العلم والفن في القتال بجعل جيشه علي شكل مربع علي الطريقة التي ابتكرها نابليون وهجم علي الجموع المقاتلة عشرين مرة فكان يحصد صفوفهم حصدا بنيران البنادق والمدافع وكان اتباع المهدي قد غنموا في دمنهور مدفعا فرنسيا فاستخدموه في المعركة وركبوه علي مركبة تجرها الثيران واخذوا يطلقون منه النار علي الفرنسيين واستمر القتال حتي جن الليل وكان الجنود الفرنسيون قد خارت قواهم من القتال ففكر ( لفيفر ) في الانسحاب من الميدان والاتجاه إلي الرحمانية ولكن جموع المهدي لكثرة عددها كانت تسد الطريق امامهم فأمر رجاله ان يضموا صفوفهم ويخترقوا الجموع التي طوقتهم وركب المدافع علي رؤوس المربع لاقتحاح هذه الجموع وانحسبوا من ميدان القتال بعد أن فدحتهم الخسائر ).إن موقف الشيخ الشرقاوي والشيخ المهدي وهما من أعلام شيوخ الصوفية يذكرنا بموقف ذلك الشيخ الصوفي سليمان المنصوري يقول الاستاذ محمد جلال كشك وهو ينقل عن الجبرتي ويعلق كوفي سنة 1148 هـ ، 1735 م ) أصدر السلطان مراسيم واوامر منها ( إبطال مرتبات أولاد وعيال ومنها ابطال التوجيهات وان المال يقبض إلي الديوان ويصرف من الديوان وأن الدفاتر تبقي بالديوان ولاتنزل بها الافندية الي بيوتهم فلما قري ذلك قال القاضي ( التركي ) أمر السلطان لايخالف ويجب طاعته.فماذا كان موقف الشيوخ في مواجهة هذا التهديد ( قال الشيخ سليمان المنصوري ياشيخ الإسلام هذه المرتبات فعل نائب السلطان وفعل النائب كفعل السلطان وهذا شيء جرت به العادة في مدة الملوك المتقدمين وتداولته الناس وصار يباع ويشتري ورتبوه علي الخيرات ومساجد وأسبلة ولايجوز ابطال ذلك وإذا بطل بطلت الخيرات وتعطلت الشعائر المرصد لها ذلك فلا يجوز لاحد يؤمن بالله ورسوله أن يبطل ذلك وإن امر ولي الأمر بابطاله لايسلم له ويخالف أمره لأن ذلك مخالف للشرع ولايسلم للإمام في فعل مايخالف الشرع ولا نائبه ايضا.. فكست القاضي فقال الباشا هذا يحتاج إلي المراجعة ).هذه السطور الأخيرة من المرافعة الدستورية للشيخ المنصوري أليست كافية وحدها لكشف زيف كل ما يكتب عن الدور التحضيري الذي لعبته الحملة الفرنسية أو الاستعمار الغربي أو أوربا في المفاهيم السياسية بالعالم الإسلامي؟هل هنالك حكم بعدم دستورية مرسوم سلطاني أوضح وأجرأ وأكثر دقة من هذا الحكم الذي اصدره الشيخ المنصوري فاسكت القاضي وألزم الباشا أن يقول أن الأمر يحتاج لمراجعة.هذا المبدأ الخطير الذي يعلنه الشيخ ( المنصوري ) عن اي مرسوم سلطاني يخالف الشريعة أي يخالف الدستور .. الشرع .. يعلنه الشيخ الأزهري في سنة 1148 هـ ( 1735 م) أي قبل سقوط الباستيل بأكثر من نصف قرن قبل أن يفكر أي عقل غربي في الفارة الأوربية بجواز معارضة الملوك فضلا عن أن يجرؤ علي ذلك في مواجهة السلطة ويمثل هذا الوضوح والتحدي .إن أخر مايمكن أن تعلمه أوربا للشرق الإسلامي هو فكرة بشرية الحاكم ومن ثم افتراض الخطأ أو الصواب في أحكامه الأمر الذي ينبني عليه حق الاعتراض والنقد وبطلان الأحكام الخاطئة .لقد ظل الصوفية منذ كانوا أعداء للظلم والظالمين وكان شيوخهم نماذج يقتدي بها ومن أشهرهم الشيخ عثمان بن فودي ففي عام 1810م قام الشيخ عثمان بن فودي وهو من كبار شيوخ الطريقة القادرية وجمع جيشا من ( فوتا ) و( ليتاكو ) و( ماسينا) و( سنكوي ) وأعلن الجهاد ودعا إلي رفع الظلم عن أهالي ( جوبر) وعلي ( الحوصة ) واستولت علي ( نساوة ) عاصمة ( جوبر) ثم علي (سكتو) و( كتسينا ) و( زندر ) و( كنو ) و ( زاريا) وغيرها من المدن واقام بين ( نهر النيجر) و( بحيرة تشاد ) دولة جعلت عاصمتها عند ( ورنو) الغربية من(سكتو) وأخذ في توزيع رقعتها حتي وصلت حدودها إلي ( نوبا ) في الجنوب الغربي وإلي ( إدمار ) في الجنوب الشرقي توفي الشيخ بن فودي عام 1815م إثر نوبة من الوجد غشيته .إن الدول التي أنشاها الشيخ عثمان بن فودي – شيخ الطريقة القادية – قد استمرت الي اربع وتسعين ( 1819م- 1904م) وكان آخر سلاطينها السلطان ( مياسو) 1877 – 1904 الذي لم يستطع أن يقاوم الجيوش الانجليزية بقيادة ( فردرك لجارد) التي احتلت سكتو عام 1904 وقضت علي دولة الإسلام التي اقامها شيخ الطريقة القادرية في بلاد الحوصا.وحين قامت الحركة المهدية في السودان لازالة المنكر والظلم والطغيان وتحكيم القوانين الوضعية والمكوس وإذلال النفوس المؤمنة شارك الصوفية بمشخيتهم ومريديهم في تلك الحركة وبعض هؤلاء الشيوخ له رايه الخاص في حقيقة مهدية الإمام محمد أحمد بن السيد عبدالله ولكن النظرة العامة التي تمثلت في هدف الثورة المهدية غلبت الرأي الخاص.فهذا هو الشيخ عبدالباسط الجمري من مشايخ الطريقة السمانية وقد ولاه المهدي علي عريان الدويم وأمره بحصار الدويم فحاصرها حصارا شديدا حتي أن عبدالقادر باشا اضطر إلي إرسال ( جيكلر) من الخرطوم فهاجم العربان في ديمهم وقتل منهم خلقا كثيرا وأخذ الشيخ عبدالباسط الجمري اسيرا وتم إرساله إلي عبدالقادر باشا بالخرطوم الذي اعدمه شنقا فنال الشهادة في سبيل الله .وهناك الشريف أحمد طه شيخ الطريقة السمانية ( شرق الازرق ) بين أبي حراز ورفاعة ورفع رايات الجهاد واجتمع حوله خلق كثير من البطاحين والشكرية والجعليين والدناقلة وغيرهم من سكان تلك الجهات فأرسل إليه ( جكلر باشا ) كتيبة بقيادة المك يوسف السنجك فاحاط بهم الشريف أحمد طه ورجاله وهزموهم هزيمة منكرة ثم هجم جكلر علي رأس جيش ضخم وارسلوا إلي الشريف ينصحونه بالإستسلام قال قولته المشهورة ( دعوا النصيحة فإني قد أوقدت نارا – يعني نار الجهاد – واريد أن أتدفأ بها ) ووقعت المعركة التي كانت الغلبة فيها للرصاص حتي تراكمت القتلي بعضها فوق بعض وقتل الشريف أحمد طه شهيدا ثم حرقوا قرية الشريف بالدار وحملوا جثته علي جمل وأوا بها إلي ابي حراز ثم قطع جيكلر باشا رأسه وعلقه علي عود ثم أرسله إلي الخرطوم فعلق فيها أياما!! فأنظر إلي هذا الحقد الدفين علي الإسلام وأهله.وهنالك الشيخ عبدالله ود الشيخ حمد النيل شيخ العركيين كان أميرا علي قومه من قبل المهدي ومعه الشيخ ود البحر وذلك بعد وقعة شيكان فلحقوا بالشيخ محمد ودالبصير شيخ السمانية الذي كان يقاتل صالح المك في منطقة فداسي ونزل شيخ العركيين من جهة جنوب الخندق لمنع المدد من سنار ونزل الشيخ ود البصير في شمال الخندق لمنع المدد من الخرطوم وأرسل صالح المك إلي غردون يطلب المدد ولكن مركز غردون كان حرجا فلم يستطع انجادهم كما أنهم يئسوا من مدد سنار ولكن غردون رفع رتبة صالح المك إلي درجة لواء !! ورفع رتب كل ضابط في جيشه !! تحميسا لهم علي مواصلة القتال!! وماذا تغني رفع الدرجات العسكرية لقوم احاط بهم جند الله ورفع درجاتهم الي مقعد صدق عند مليك مقتدر!! فيئس صالح المك من مواصلة القتال فاستسلم هو وحاميته .وهنالك الشيخ عبدالقادر أبو الحسين شيخ السمانية اليعقوباب حضر مع المهدي موقعة شيكان ثم ذهب مع أبي فرجة إلي فداسة لمساعدة الشيخ عبدالله ود الشيخ حمد النيل في حربه ضد صالح المك وبعد استسلام الحامية قصد سنار خرج عليه مديرها حسن بك صادق بمعظم العساكر وذلك في 11/7/1884م فأوقعه شيخ السمانية في كمين بين اصحاب الاسلحة النارية من الوراء والحرابة (اصحاب الحراب) والأسلحة البيضاء من الإمام .وأنظر إلي شيخ الإسلام الإمام العلامة الاستاذ محمد البدوي شيخ الطريقة التجانية أدرك الإمام المهدي وجاهد معه الإنجليز والأترا لكونهم اظهروا الفسوق والطغيان فاستحقوا لذلك التطهير بالسيف ومن مواقفه المشهورة في قول الحق منعه اللورد كرومر المندوب السامي لملك بريطانيا الذي يرجف من هيبته خديوي مصر منعه دخول المسجد بامدرمان وقال ( لايصح دخوله المسجد ) وكان الشيخ الإمام محمد عبده حاضرا فافني بصحة دخوله فقال الشيخ محمد البدوي ( دخوله المسجد لايصح وهو مشرك كافر والله يبارك وتعالي يقول إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام ) ثم إلتفت إلي اللورد كرومر وانتهره نهره شديدة تقهقر لها المندوب السامي البريطاني الذي يرجف من هيبته ملك مضر .وهنالك الشيخ الطيب احمد هاشم ابن الشيخ أحمد هاشم قاضي بربر وعالمها وأخوه شيخ الإسلام أبوالقاسم أحمد هاشم أدرك المهدية وشارك في حروبها وكان وزيرا للأمير الصوفي الشيخ محمد الخير خوجلي التجاني وكان الشيخ الطيب أحمد هاشم هو التردد بالرسائل بين الامير والمهدي وصحب الشيخ محمد الخير في إمارته علي دنقلا ثم شغل منصب اول مفتي للسودان واقام في الإفتاء مدة ربع قرن .وهناك الشيخ محمد الخير خوجلي شيخ الطريقة التجانية وأمير المهدية علي بربر ونواحيها هاجر إلي المهدي في كردفان فجعله أميرا علي بربر وأصحبه رسائل إلي رؤوس قبائلها يدعوهم فيها إلي طاعته والجهاد معه ضد الترك فرجع الأمير محمد الخير من عند المهدي في 27/4/ 1884م ونزل في وادي بشارة فلقي الشيخ الصوفي احمد الهدي شيخ الطريقة التجانية فبايعه علي الجهاد ثم سار شمالا بصحبة الشيخ احمد الهدي وهو يدعو الناس في طريقه فيجيبونه حتي دخل المتمة في جيش كبير فلقي فيها الحاج علي ود سعد النفيعابي فبايعه علي الجهاد ثم لحقه الشيخ محمد حمزة السعدابي الذي قطع التلغراف بين بربر والخرطوم وأرسل الامير محمد الخير بعض رجال فقطع التلغراف بين بربر ومصر وكان قطعه من أكبر الضربات علي غردون ثم وصل إلي الدامر فلقي فيها الشيخ الامين أحمد المجذوب شيخ المجاذيب فبايعه علي الجهاد وارسل الشيخ محمد الخير رسالة من الدامر إلي حسين باشا مدبر بربر وضابط الحامية هناك يدعوهم إلي التسليم وثم عاودهم بالإنذار إلي ثلاث مرات فلما راي إصرارهم علي الحرب سير عليهم الجيوش من الدامر تباعا ثم وصل هو إلي بربر 12/5/ 1884م فنزل مع الحاج ود سعد وعبدالماجد أبو لكيلك في حلة ( الدكة ) فحصر بربر من الشمال وأمر ود بنونة السعدابي فنزل في ( قوز الفونج ) وحصرها في الجنوب وحصرها البشاريون والجعليون من الشرق وبدأت المعركة في صبيحة الجمعة 16/5/1884 فكانت ملحمة من أروع الملاحم بقيت أمجادها تراثا للمسلمين وسقطت بربر فسقط غردون فقطع دابر القوم الذين ظلموا .وهناك الشيخ أحمد الهدي السوارابي – شيخ التجانية - أرسل إليه المهدي سيفا وألف ريال والإمارة علي دنقلا فلما نزل عليه الشيخ محمد الخير في وادي بشار بايعه علي الجهاد وسار معه إلي حصار بربر وارسل خاله ود عبود بخطاب إلي الشيخ الطيب الشايقي السوارابي يستنهضه للجهاد فجمع الشيخ الطيب جموعه ونزل علي دار الحكومة فسيطر علي المواقع فيها واستلب الخزينة والشونة ثم سار في وجه شمالا يستنفر أهل البلاد للجهاد وكان مدير دنقلا مصطفي باشا ياور قد لحق به في منطقة ( الكرو ) شمال ( دبة الفقراء ) وباغت الشيخ الطيب بالهجوم فقتل فيهم مقتلة عظيمة وشتت جموعهم وكان ذلك قبل سقوط بربر بيوم ولما سقطت بربر تحرك الشيخ الهدي في نحو أربعمائة مقاتل وجاء بلاد الشايقية ونادي بالنفير فاجتمع عليه الناس من الشايقية والشيخ النعمان ود قمر شيخ المناصير وبعض بادية الحسانية والهواوير فزحف بهم قاصدا الدبة وهاجم حاميتها التي كانت محصنة بالمدافع فقتل الشيخ نعمان ودقمر شهيدا وقتل من جيش الشيخ احمد الهدي 2700 شهيد ثم جرت الملحمة الكبري في يوم الخميس 4/9/1884م قرب ( كورتي ) وكان معركة عنيفة قتل فيها الشيخ الهدي شهيدا وقطع فيها مصطفي ياور باشا رأس الشيخ أحمد الهدي رحمة الله عليه وارسله إلي سردار الجيش المصري بحلفا وطلب منه أن يرسله إلي الخديوي بمصر فكتب إليه السردار بأنه لم تجر العادة في هذه البلاد بمثل هذه الافعال وقد نعي الإمام المهدي في رسالته التي أرسلها إلي ( زقل) امير دارفور بتاريخ 8 ذي الحجة 1301 هـ الموافق 29/ 12/ 1884م نعي فيها الشيخ أحمد الهدي وأشاد بجهاده في رفع راية الإسلام .وهناك الشيخ العبيد ود بدر شيخ الطريقة القادرية التي زحف بجيش عظيم علي غردون في الخرطوم وحاصر المدينة من جهة الشرق ومعه أبناؤه الشيخ إبراهيم والشيخ العباس ومعهم الشيخ المضوي أحد شيوخ الطريقة القادرية وكانت أول المعارك في حصار الخرطوم هي المعركة التي قادها الشيخ العبيد ودبدر في 13/3/ 1884م والتي تم فيها ترقية ابراهيم بك فوزي إلي درجة لواء !! ( وعلي طريقة غردون في تحميس ضباطه علي القتال ) ثم توالت سلسلة الاقتحامات والمعارك واستطاع الشيخ العبيد ودبدر ان يصطدم بمحمد علي باشا – أفضل القادة العسكريين لدي غردون – وأن يهزم جيشه وأن يقتل محمد علي باشا وكان وقع هذا الخبر علي غردون شديدا حتي أنه أقام عزاء رسميا عزاه فيه رؤساء العسكرية وقنصل اليونان ثم جرت بعد ذلك الملاحم التي انتهت بسقوط الخرطوم ومقتل غردون باشا وقيام دولة الإسلام.
رضي الله عن السادة الصوفية فقد أبلوا بلاء حسنا في جهادهم الأصغر والأكبر ورفعوا راية الإسلام عالية وكانوا هم النموذج القدوة في تزكية النفس وفي جهاد العدو – الجهاد الأصغر والأكبر – وسوف تظل منارة الإسلام عالية شامخة في سماء المجد ما دام هؤلاء السادة موجودين بيننا .الجهاد في سبيل الله

الطريقة التجانية : أنموذجا

لم يكن الإستعمار الفرنسي بالجزائر احتلالا عسكريا أو استنزافا اقتصاديا فحسب وإنما كان يريد إلغاء شخصية الشعب وتذويبها ، لقد كان الاستعمار في الشرق العربي يعرف أن العرب سيظلون عربا ولذلك لم يفكر يوما من الايام أن يجعلهم انجليزا أو فرنسيين أما في الجزائر فقد حاول أن يجعلهم فرنسيين أو يجعلهم ( لا شيء ) ولذا لاذ الشعب العربي السملم في الجزائر بالدروع التي هي اقوي الدلالات علي شخصيتهم واقوي مايميزه عن أوربا كلها .. دروع الإسلام .. ممثلة في شيوخ الصوفية وكلما كان الإستعمار الفرنسي يمعن في تمزيق شخصية الجزائريين ومحوها كان الجزائريون يزدادون اعتصاما بهذه الدروع.وكان يوما مشهودا في الجزائر يوم صلي الجزائريون أول جمعة في مسجد(كنشاوة) فهذا المسجد الجزائري القديم كان آخر حصن تحسن به المقاتلون الجزائريون يوم احتل الفرنسيون البلاد فسقط في صحنه أكثر من ثلاثمائة شهيد وكان أول عمل قامت به فرنسا ان حولته إلي كنيسة كاثوليكية ولقد صمم الجزائريون بعد ذلك الثورة في أول نوفمبر أن تكون أول صلاة جمعة لهم في هذه الكنيسة بعد أن أعادوها مسجدا .وقد كانت ملاحم الصوفية في سبيل الله واستعادة هوية الأمة المسلمة شاهدا ومشهودا فأنظر إن شئت إلي موقف التجانيين والقادريين والشاذليين والدرقاويين وغيرهم .. تري أمرا يملا العين ويشرح الصدر ويعظم في القلب.. خذ الطريقة التجانية مثلا فقد ثار الشريف أحمد عمار ( حفيد الشيخ التجاني) في وجه فرنسا ثورة امتدت لعدة سنوات وفي أوائل سنة 1860 اقتحمت الجيوش الفرنسية بقيادة الجنرال ( سونيز) بلدة عين ماضي مقر الشريف احمد عمار وقمعت الثوار واعتقلت الشريف عمار وسجنته في مدينة الجزائر سنة كاملة ثم قامت في الحرب السبعينية بين فرنسا وألمانيا خافت فرنسا علي وضعها الاستراتيجي في الجزائر أن يهتز فيؤثر علي حربها في أوربا ولم تخش إلا ذلك الرجل – الشريف عمار – فنفته من الجزائر واعتقلته في فرنسا ثم خشيت أن يقوم أخوه الشريف محمد البشير بالثورة أيضا فاعتقلته والحقته بالمنفي وبقيا طوال الحرب السبعينية معتقلين في فرنسا .ثم جاء ابناء الشريف محمد البشير ليواصلوا الجهاد والحرب علي فرنسا فهذا هو الشريف محمود بن الشريف البشير يتعاون تعاونا وثيقا مع الأمير عبدالكريم الخطابي أمير الجهاد في حرب الريف .وقد خرج الشريف ابن عمر- وهو الإبن الأكبر للشريف محمد الكبير بن الشريف البشير – وطاف العالم العربي والإفريقي فدخل مصر والسودان والسنغال ومالي ونيجيريا والكنغو يشرح القضية الجزائرية ويدعو المسلمين للتكاتف وتاييد أخوانهم في الجزائر وكانت فرنسا تراقب نشاطه ولما عاد لجزائر تم استجوابه واعتقاله ، وقد نشرت المصور المصرية في عددها الصادر في 14 / 12/ 1956 صور بعض زعماء جيش التحرير الجزائري وكان أحد هؤلاء الزعماء من التجانيين وفي 18/3/1957 أذاعت محطة ( صوت العرب ) من القاهرة أن الفرنسيين اعتقلوا الشريف ابن عمر زعيم التجانيين والسيد باش اغا حميدة والسيد مولودي ووجدوا عندهم صلة وثيقة بالثوار ، وهؤلاء الثلاثة من زعماء التجانيين ، لقد تربي التجانيون علي بغض فرنسا التي حاولت مسح الشخصية المسلمة ومحو الهوية العربية .وانظر ماكتبه عبدالله شليفر مستشرق أمريكي مسلم له عدة دراسات منها كتاب ( سقوط القدس) وكتاب ( فكرة الجهاد في العصر الحديث ) وقد نشر بحثا بعنوان ( الشيخ عزالدين القسام : حياته وفكره 9 قال في بحثه :في 21 تشرين الثاني نوفمبر 1935 نشرت صحيفة جيروزلم بوست علي ثلاثة أعمدة في صدر صفحتها الأولي نبأ اصطدام رجال الشرطة البريطانيين بمسلح عرب بجوار (جنيين ) واصفة المسلحين برجال العصابات وقطاع الطرق ذاكرة ان الشيخ عزالدين القسام كان بين القتلي ناعتة إياه بمنظم العصابة غير أن دوائر الاستخبارات البريطانية والصهيونية أعلم بالحقيقة فهي تعرف أن الشيخ عزالدين القسام رئيس لجمعية الشبان المسلمين وخطيب واسع الشعبية في جامع الاستقلال بجوار محطة حيفا الحديدية وماذون في محكمة حيفا الشرعية ثم إنه كان تحت المراقبة وقد استدعي للتحقيق معه ووجه إليه التحذير من الدعوة العلنية للجهاد ضد الاحتلال البريطاني والاستعمار الصهيوني خلال العقد المنصرم ثم إنه كان متهما بتنظيم سلسلة من الهجمات المسلحة السرية علي المستوطنيين اليهود والموظفين البريطانيين في حيفا وجوارها ابتداء من اوائل الثلاثينيات .. وانتقل إلي جبال بجار ( يعبد ) بين نابلس وجنيين في أوائل تشرين الثاني نوفمبر وبعد مقتل شرطي يهودي عامل في القوات البريطانية طوقت مجموعة عزالدين القسام بقوة كبيرة من الشرطة والجيش البريطاني ودعيت للاستسلام غير أن عزالدين القسام دعا رجاله للمقاومة والاستشهاد وفتح النار علي القوة التي كانت تطوقه وقد الهب تحديه والطريقة التي استشهد به حماس الشعب الفلسطيني.. وبعد خمسة اشهر استطاعت مجموعة من المجاهدين بقيادة أحد رفاق عزالدين القسام أن تنصب كمينا لمجموعة من اليهود في شمال فلسطين وفي الاسابيع اللاحقة نشأت في مختلف أنحاء فلسطين مجموعات من الفدائيين في القري والمدن بقيادة أخرين من انصار عزالدين القسام وبذلك بدأت ثورة عام 1936مولد عزالدين القسام في جبلة في منطقة اللاقية في سوريا عام 1882م – 1300 وكان جده وشقيق جده اللذان قدما إلي جبلة من العراق شيخين بارزين في الطريقة القادرية كذلك كان والده عبدالقادر موظفا في المحكمة الشرعية في ظل الحكم العثماني وهناك قول آخر بأن والده كان يتبع الطريقة النقشبندية ايضا والتي لعبت دورا ملحوظا في مكافحة الفتوح الاستعمارية في القرن التاسع عشر في سوريا.وفي أوائل العشرينات التقي عزالدين القسام بالشيخ الجزائري محمد بن عبدالمالك العلمي الذي عمل علي الحصول علي إذن لزوجة عزالدين القسام وبناته للخروج من سوريا واللحاق بالشيخ في فلسطين وللشيخ الجزائري اثر آخر علي الشيخ عزالدين القسام فهو مقدم في الطريقة التجانية جاب الشرق العربي في اوائل القرن العشرين وأنشا فروعا وزوايا لهذه الطريقة في مصر والسودان وليبيا وسوريا وفلسطين والعراق والجزيرة العربية وادخل عزالدين القسام وثلاثة آخرين في هذه الطريقة حتي بلغ رتبة مقدم فيها وإذا كان عزالدين القسام لم يسع إلي إدخال الآخرين في هذه الطريقة فإن حركة المجاهدين التي بناها في حيفا كانت علي أساس الطريقة التجانية .في حياة عزالدين القسام شيء يصعب إدراكه حتي علي اشد المعجبين بالحركة القومية العربية فهذا أحمد الشقيري يكتب بتأثر عن محاولته كمحامي قوي شاب للدفاع عن القساميين الذين نجوا بعد معركة ( يعبد) ويشير إلي ذهوله أمام هدوئهم ورباطة جأشهم بانتظار المحاكمة ، لقد اعتقد أحمد الشقيري في بحثه عما يدافع به عنه أن القساميين تعرضوا لتعذيب وإكراه علي الاعتراف والواقع أنهم اعترفوا بحرية باسهامهم في المعركة وقالوا إنهم مجاهدون في سبيل الله ولن يصيبهم إلا ما كتبه الله لهم ) انتهي مانقلناه من بحث المستشرق المسلم عبدالله شليفر.وفي كتاب ( الإسلام والنصرانية في إفريقيا ) لمؤلفه الفرنسي ( بوني موري) تحت عنوان ( التجانية ):هنالك الطريقة التجانية مؤسسها أحمد بن محمد التجاني المتوفي في فاس سنة 1782 وكان يتظاهر بالتسامح مغ غير المسلمين ومع هذا ففي النصف الثاني من القرن التاسع عشر لم تقف التجانية عن استعمال القوة في مخاصمة أقرانهم ونشر العقيدة الإسلامية وأهم مراكز التجانية عين ماضي علي سبعين كيلومترا في الجنوب الشرقي من الأغواط وفي تماسين وهم كثيرون في مراكش ولقد تبع الطريقة التجانية عدد كبير من أهل ( ماسينا) في السودان ( وأهالي فوتا تورو) و ( فوتا جالون ) وأمه ( البله) وصاروا من أشد انصار الإسلام وانضموا حول راية الحاج عمر هذا ابن شيخ مرابط ولد سنة ( 1779 ) في قرية الفار من بلاد ( ديمار) فرباه أبوه وعلمه ثم حج البيت الحرام وزار المدينة وقرأ مدة في الأزهر وعاد إلي (بورنو) سنة 1833 ثم ذهب إلي بلاد الهوسا وأخذ بعظ الناس بالرجوع إلي عقيدة السلف وفي أثناء ذلك جاء أخوه ومضي به إلي بلاد ( فوتا السنغال) فعرج علي بلاد( البمبارا) وحصلت معه هناك حوادث وعوارض كثيرة لكنه تغلب عليها وانضم إليه في بلدة( كونكان ) رجل يقال له محمدو سار علي طريقته وادخل في الإسلام فرقة من ( البله) يقال لهم( الواسو لونكه) ولما عل كلمة الحاج عمر ونظر إليه الناس نظرهم إلي المهدي حشد جيشا صغيرا وآثار جميع مسلمي بلاد( غابون ) وهزم البمبارا الوثنيين شر هزيمة في( مونيا ) واستولي بعدها علي ( كونياكري) سنة 1854 وجعل مقره العام في( نيورو) ثم استولي علي مملكة (سيقو) وعلي بلاد ماسينا وكانت وفاة الحاج عمر سنة 1865م وهو في حرب مع مسينا ثم وقد خلف للطريقة التجانية سلطنة إسلامية عظيمة في وسط بلاد الزنوج الفتيشيين ثم خلف الحاج عمر ابن أخيه ومريدا آخر له اسمه أحمدوا شيخو وحاولا توسيع فتوحات الحاج عمر وآثارا أهالي فوتا تورو والسوننكة الذين في بلاد كاراته والتوكلولور الذين في السنغال علي فرنسا فصار وجود هذه السلطنة التجانية في وسط السودان خطرا عظيما علي سيادتنا وكان تحرير الخلاف هو هذا : هل يتم تمدين السودان الغربي علي يد فرنسا وضباطها المبشرين المسيحيين أم علي يد التجانية رسل الإسلام ؟. فالكولونيل ( ارشينارد) بأخذه( جنة ) و( بندجاقار) أوقف غارة التجانية في هذا القسم من إفريقية ويسر فتح السودان بين يدي المدنية الاوروبية ثم عقب ذلك فتح الكولونيل ( دور غنيس ديبورد) لبلد باماكو واستلحاق القومندان ( غلييني ) لبلاد( فوتا جالون ) وافتتاح الكولونيل ( ارشينارد) لبلاد ( ماسينا ) وتتوجت جميع هذه الفتوحات باحتلال ( تمبكتو) في 10 يناير 1894 مما خلد أعظم الشرف للعساكر الفرنسيين واعاد ذكري ظفر (شارل مارتل ) في بواتييه بسبب ما كان يترتب من النتائج العظام لمستقبل افريقية في ما لو لم يتم هذا الظفر – انتهي كلام ( بوني موري) أنظر كتاب ( حاضر العالم الإسلامي )فها هو رأي الفرنسيين في الطريقة التجانية وكيف أنهم يعتبرونها أكبر عدو لهم في المنطقة وأنهم هم الذين كانوا يعوقون تقدم الاستعماريين الفرنسيين ولقد علق الاستاذ الامير شكيب أرسلان علي كلمة هذا الكاتب بونه موري التي في آخر المقال اعلاه وهي :اعاد ذكري ظفر ( شارل مارتل ) في بواتييه بسبب ما كان يترتب من النتائج العظام لمستقبل افريقية في ما مالو لم يتم هذا الظفر : قال : بشير إلي ان افريقية كانت تكون كلها إسلامية لولا قضاء الفرنسيين علي سلطة التجانية هذه كما أن اوربا كانت تكون إسلامية لولا انتصار شارل مارتل علي العرب في بواتييه وهلي الكلمة التي يتفق عليها مؤرخو الأفرنج.يقول د. عبدالله عبدالرازق ابراهيم في كتابه ( المسلمون والاستعمار الأوربي لإفريقيا )وفي عام 1852م أعلن الحاج عمر الجهاد ضد الوثنيين في السودان الغربي واستطاع خلال عشر سنوات أن يسيطر علي تل السودان الغربي من حدود مدينة تمكبت حتي حدود السنغال الفرنسية ورغم أنه اعتبر نفسه مصلحا دينيا وأعلن الزهد في الأمور الدنيوية المؤقتة ألا أنه كان مستعدا لتحقيق أماله من خلال الطرائق السياسية والعسكرية واعتبر الحاج عمر أن رسالته المقدسة هي تنقية الإسلام في السودان الغربي من كل ما علق به من شوائب ووضع حد للوثنية وتطبيق الشريعة الإسلامية ومن هنا وضع نفسه علي رأس دولة إسلامية واتبع اسلوب العنف في تحويل الناس الوثنيين الي الشريعة الإسلامية وقام ببناء المساجد ونشر المدارس القرآنية في كل أرجاء المنطقة التي امتدت إليها حركته الإصلاحية وكان حماس جيشه واضحا في تطبيق مباديء الشريعة الإسلامية وكان هذا الحماس سببا في زيادة عدد الأتباع الذين انتشروا علي نطاق واسع يدافعون عن الدين ويعيدون للإسلام مجده في هذه المنطقة لدرجة ان حاكم السنغال الفرنسي عبر عن دهشته لهذا الحماس الديني واندفاع المسلمين بكل شجاعة وقوة نحو نيران الفرنسيين سعيا في الاستشهاد في سبيل الله والوطن .وكان الحاج عمر قد ارسل إلي المسلمين في سانت لويس يطلب منهم شن حرب مقدسة ضد حكامهم الوثنيين والمسيحيين ووعدهم بمحاربة الفرنسيين حتي يطلبوا السلام منه وقال : ( إن الحرب ضد الوثنيين يجب ان تستمر حتي يوافقوا علي دفع الجزية)وكانت هذه الدعاية التي نشرها الحاج عمر علي طول نهر السنغال ضد الفرنسيين من العوامل التي جعلت القائد الفرنسي فيدهرب يخشي قوة الحاج عمر ويفكر في دراسة الموقف جيدا علي نهر السنغال بل ذهب شخصيا في احدي السفن إلي باكل لمعرفة الاخبار علي الطبيعة وادرك فيدهرب أن الحاج عمر يرغب في أن يدفع الفرنسيون ضرائب له بالإضافة إلي منعهم من اقامة مراكز عسكرية علي طول شواطي النهر واكد فيدهرب في مراسلته المستمر الي باريس علي ان الحاج عمر ينوي شن هجوم شامل علي الفرنسيين اسوة بالأمير عبدالقادر الجزائري وفي فبراير عام 1856 كتب إلي وزير المستعمرات والبحرية قائلا ( إن الحاج عمر ينظم لثورة عامة ضدنا ).كل هذه الامور كانت سببا في أن يتحفز الفرنسيون لاتخاذ إجراءات عسكرية لمواجهة خطط قائد المسلمين وترتيب علي ذلك قيام الفرنسيين ببناء قلعة في مادينا في مقاطعة كاسو khasso ووقع فيدهرب معاهدة الصلح والتجارة مع سامبالا ملك كاسو.وبعد أن ثبت فيدهرب مركز الفرنسيين علي طوال نهر السنغال بدأ يسعي لعقد معاهدة سلام مع الحاج عمر فاصدر قبل سفره إلي باريس تعليمات إلي نائبه موريل بشأن التفاوض مع الحاج عمر علي مشروع الاعتراف به كملك الكارتا مقابل أن يحد من نشاطه في هذه المنطقة .ويتضح من هذه المحاولات أن الفرنسيين يحاولون التعامل مع الحاج عمر مثلما يتعاملون مع الامير عبدالقادر الجزائري بعد توقيع اتفاق تافنه tafna معه في عام 1837 ويعني هذا تدعيم موقفهم قبل الدخول في توسيعات كبري وبعد عودة فيدهرب الي السنغال في نهاية عام 1856 بدأ الحاج عمر كفاحه المباشر مع الفرنسيين بمهاجمة مركز مادينا وهو الامر الذي ضيع فرص السلام بين الطرفين وكان الحاج عمر يرغب بعد غزو كارتا في أن يضم وطنه في فوتا تارو إلي المناطق التي سيطر عليها خصوصا وأن سكان المنطقة كانوا من المتعصبين لقضيته وكانوا يكرهون الحكم المسيحي الذي يعتبر بمثابة الشوكة في صدورهم ذلك لأن الفرنسيين يحاولون تدمير القري التي يسكنها اعوان الحاج عمر. وفي الشهور الاولي من عام 1857 بدأ الحاج عمر هجومه علي قلعة مادينا واحتل أحدي المناطق في كاسو وتدعي تومرو(tomoro ) دون قتال واقترب من النهر في 14 ابريل هاجم سابوسيري sabourire عاصمة مقاطعة الفرنسيين لوجو logo واتخذها مقرا لعملياته العسكرية ضد الفرنسيين وفي العشرين من ابريل وصل جيش المسلمين إلي منطقة مادينا حيث بدأ الحصار وكان الجيش يسير في ثلاثة طوابير بلغ عددها 15000 مقاتل وكانت حامية المدينة تضم 64 رجلا بقيادة بول هول paul holle الذي استطاع ارسال احد رجاله الي باكل ليخبر القيادة الفرنسية عن الوضع في مادينا وفعلا صدرت الأوامر لإحدي السفن الفرنسية بالتوجه إلي مكان العمليات العسكرية في مادينا لكن تحطمت هذه السفينة علي احدي الصخور ومنع الحاج عمر رجالها من الوصول غلي القلعة المحاصرة وظلوا في حطام السفينة .وفي أوائل يونيه قرر فيدهرب أن يقود بنفسه حملة لانقاذ حامية مادينا ووصل بقواته الي حطام السفينة المحاصرة لكن جنودها كانوا ماتوا من الحمي وفي الوقت نفسه كان مصير بول هول وحامية مادينا يتوقف علي حصول حملة الانقاذ ووصل فيدهرب فعلا الي المنطقة في 18 يوليو أي بعد حوالي ثلاثة أشهر من بدء الحصار فوجد عددا من سكان المدينة قد ماتوا جوعا بسبب رفض بول هول الاستسلام لقوات الحاج عمر ونجح فيدهرب في انقاذ مادينا ذلك النجاح الذي كان امتحانا لقوات الحاج عمر حيث توقف نشاطه في المنطقة لمد عامين بل تحرك من سابوسيري ولم يعد لهذه الاماكن إلا في عام 1859 عندما هاجم المركز الفرنسي في ماتلم matam الذي كان ايضا تحت قيادة بول هول الذي اصاب قوات الحاج بخسارة فادحة حيث نقص عدد الجيش إلي النصف اي من 15000 جندي إلي 7000 جندي .بعد هذه النكسة التي حلت بقوات الموحدين انسحب الحاج عمر إلي جيومو guemou التي تبعد حوالي اربعين كيلومترا عن باكل وبني حصنا هناك وبدأ يعرقل تجارة الفرنسيين علي طول نهر السنغال ولهذا قرر فيدهرب تدمير حصن جيومو وعهد بهذه المهمة إلي بعثة استكشافية بقيادة الضابط فارونfaron وفي 25 اكتوبر هاجم فارون الحصن واستولي عليه بعد أن اصيب بعدة جروح لكن الحاج عمر كان قد انسحب منه قبل وصول البعثة الفرنسية وقتل ابن اخي الحاج عمر ودمر الحصن تماما ..شعر الحاج عمر أن النضال ضد الفرنسيين لن يتوقف وأن طمع الفرنسيين لا حدود له وأن محاولات عقد الصلح معه ماهي إلا مرحلة مؤقتة في خطط الفرنسيين لابتلاع ممتلكاته وضمها للسيطرة الفرنسية ولذا فإنه قرر ترك هذه المنطقة والاتجاه إلي منطقة النيجر علي أمل التحالف مع زعماء المسلمين هناك في محاولة لتوحيد صفوف المجاهدين ضد عدو اوربي يطمع في السيطرة علي بلادهم كانت هذه هي استراتيجية الحاج عمر في مرحلة سدت فيها كل السبل أمام ايقاف التوسع الفرنسي وهي استراتيجية تدل علي بصيرة قوية وعقلية عسكرية تواجه هذه التحديات الأوربية ، لكن أفكار الحاج عمر لم تجد من يفهمها في المناطق الجديدة التي احست انه جاء لغزوها والقضاء عليها فتحالفت ضده وتأمرت عليه في وقت هو في أشد الحاجة إلي مؤازرتها والوقوف معه ضد العدو المشترك ولهذا ضاعت جهود هذا المناضل الإسلامي في صراعات جانبية مع هؤلاء الزعماء المسلمين واضطر إلي الدخول في حروب ضدهم.وهكذا استشهد هذا المناضل الإسلامي وهو يناضل من أجل بناء دولته الإسلامية عن عمر يناهز السبعين عاما حاول خلالها مقاومة التوسع الفرنسي بكل ما أوتي من قوة وترك لابنائه مسئولية هذا العبء الكبير.كان جهاد الحاج عمر وابنائه مثالا من الشجاعة والإقدام وكان الإصرار علي المحافظة علي أمبراطورية إسلامية ناشئة في فترة كان التكالب الاوربي علي القارة قد اتخذ شكلا عسكريا وجعل الحاج عمر يخوض المعارك في جبهتين : احداهما داخلية مفككة ومتصارعة والاخري خارجية منظمة وعلي اهبة الاستعداد لخوض المعارك للاستيلاء علي أراضي السملمين لذا كان الجهاد صعبا والمقاومة عنيفة .كان علي الحاج عمر أن يعمل بشكل مستمر علي استتباب الجبهة الداخلية وان يواصل الجهاد للقضاء علي الوثنيين وفي الوقت نفسه مقاومة أطماع الفرنسيين ومن هنا طال أمد النضال واستمر جهاد الحاج عمر وابنه احمدو مدة قاربت نصف قرن من الزمان ارهق فيها المسلمون الفرنسيين الذين اضطروا الي تغيير القيادة أكثر من مرة وتحملت الميزانية الفرنسية نفقات كثيرة وتكبت القوات الفرنسية اعدادا كبيرة من القتلي والجرحي لكن رغم كل هذا فلقد فعل التسليح الأوربي دوره في هذه اللقاءات وحسم الموقف لصالح الفرنسيين الي حين يستعد المسلمون لجولة جديدة من النضال خصوصا وان مباديء العقيدة قد ترسخت في القلوب ولم تستطع قوي البغي والقهر والعدوان ان تنال منها وهذه من أعظم ثمار جهاد الحاج عمر التكروري الذي استشهد في المعارك العسكرية وهو يدافع عن دين الإسلام وحضارته .
وإذا كان الجهاد في سبيل الله قد واجه المسيحيين في غرب إفريقيا وانتهي اللقاء لصالح قوي المسيحيين ألا أن الطريقة التجانية ظلت كامنة في النفوس عالقة في القلوب بل ازداد المسلمون تمسكا بها وحافظوا علي تقاليدها في وجه التيارات المسيحية والوثنية وظلت هذه الروح الثورية الدينية تمارس نشاطها وتحافظ علي العقيدة الإسلامية حتي هبت كل شعوب المنطقة في وجه الاستعمار الفرنسي واجبرته علي أن يحمل عصاه ويرحل عن أرض القارة الإفريقية التي عادت للإسلام والمسلمين .
كان الحاج عمر مغامرا من نوع جديد ورجلا صلبا لا يلين لديه امال عراض لبناء امبراطورية تتخذ من الشريعة الإسلامية أساسا لها ومنهاجا وما كان يدري ان الطريق مليء بالاشواك وان المنطقة التي اختارها لبناء دولته تكتظ بالمشكلات الداخلية والصراع الأوربي عليها فناضل وكافح وفتح جبهة هنا وجبهة هناك واستخدم اسلوبي الدبلوماسية والحرب كان يهادن في جبهة ليتفرغ للأخري وساعده كل هذا علي نشر الطريقة التجانية التي تعمقت في نفوس الناس وصارت تضارع الطرق الصوفية الأخري ولو فهم المسلمون مايرمي إليه هذا الشيخ المجاهد والجهود التي يبذلها لبناء دولة إسلامية ولو وقفوا بجانبه في صراع الأوروبيين لتغير الوضع تماما لكن للاسف الشديد عاني الحاج عمر من المسلمين والوثنيين الذين تكاتفوا ضده واعتبروه غازيا وعقدوا حلفا ضده وهو في أمس الحاجة لجهودهم وحاصروه في حمد الله وهو يناضل من أجل الوقوف في وجه الفرنسيين وسقط هذا الزعيم شهيدا برصاص المسلمين الذي تتبعوه وحاصروه حتي قضوا علي جهوده واستشهد الحاج عمر وهو في روعة انتصاراته وفي قمة صراعه مع الفرنسيين الذين عانوا كثيرا علي يديه .
ورغم سقوط امبراطورية التوكولور إلا أن اتباع الحاج عمر قد اكتسبوا شهرة القيادة الإسلامية في السودان الغربي وانتشرت التجانية بعد ذلك وقاومت التبشير المسيحي الذي اجتاح امبراطورية التوكلور في أعقاب السيطرة الأوربية ورغم سقوط الامبراطورية سياسيا الا أنها استمرت تمارس حياتها الدينية وحافظت علي تراث الإسلام وحضارته امام موجات الغزو والتوسع الاوربي والتبشير المسيحي.
إن عداوة اهل الطريقة مع سائر المستعمرين معروفة عند المنصفين ولو ذهبنا نقص عليك عداوتهم مع الاستعمار الانجليزي في مصر والسودان وفلسطين لطال بنا الكلام.
وبقي تنبيه يجب أن نلفت النظر إليه أن الصوفية في عداوتهم مع المستعمر لايعادونه لأنهم صوفية وإنما لأنهم مسلمون يغارون علي دينهم ويعلمون ان الإسلام يعلو ولا يعلي عليه وأنه ليس للمسلم أن بذل نفسه كما ورد في الحديث الشريف فمن هذه القاعدة انطلقوا وعن هذا المنظور توجهوا فأهل الإسلام كلهم- صوفية وغيرهم – يد واحدة علي جميع المستعمرين بجميع أنواعهم .
الجهاد في سبيل الله : الطريقة القادرية انموذجا
يقول الدكتور عبدا لله عبدا لرازق إبراهيم في كتابه ( المسلمون والاستعمار الأوربي لإفريقيا ):
من البديهي ونحن نعالج المقاومة الإسلامية للاستعمار الأوروبي للقارة الإفريقية أن نحدد بشكل سريع الملامح الرئيسية لذلك التكالب الاستعماري علي القارة في اواخر القرن التاسع عشر تلك الفترة التي توافقت مع جهاد زعماء المسلمين في القارة وخصوصا في إفريقية جنوب الصحراء ومحاولات زعماء حركات الجهاد أن ينشروا الدين الإسلامي الصحيح بعد قيام حركات الإصلاح والتجديد بزعامة الشيخ عثمان بن فودي في شمال نيجيريا وانتشار حركته علي نطاق واسع وتأثر العلماء المسلمين في غرب القارة بتلك الحركة الإصلاحية التي وجدت صداها في إمبراطورية الحاج عمر الفوتي التكروري وفي الحركة التي قادها الزعيم المسلم الشيخ محمد الأمين في بلاد التكرور أيضا في حركة الجهاد الإسلامي للزعيم الإمام ساموري توري ولم تتوقف هذه الحركة الإسلامية عند هذه المنطقة من غرب القارة بل امتدت إلي منطقة بحيرة تشاد حيث ظهرت حركة زعيم آخر هو رابح فضل الله وامتد هذا الأثر الجهادي إلي بلاد الصومال بزعامة السيد محمد عبدالله حسن ومن الطبيعي ان تواجه هذه الحركات الإسلامية مقاومة عنيفة من الدول الاستعمارية التي كانت قد خططت لاستعمار القارة الإفريقية بعد مؤتمر برلين لعام 1884 – 1885
وبدأ التوسع الفرنسي الكبير في غرب إفريقيا في حوض نهر السنغال حيث التقت القوات الفرنسية بامبراطورية التوكولور بزعامة أحمدو شيخو نجل الحاج عمر الفوتي التكروري زعيم الطريقة التجانية في القارة الإفريقية وخليفة والده في حكم الامبراطورية واستمرت الاشتباكات بين القوات الفرنسية وقوات الشيخ أحمدو حتي انهارت هذه الامبراطورية ودخل الفرنسيون وادي النيجر الأعلي واستولوا علي باماكو في عام 1883م كما التقت مجموعة من الفرنسيين بساموري توري احد قواد المسلمين من بلاد الماندنجو في المنطقة الشاسعة مابين حوض نهري الفولتا العاليا والنيجر وصار خصما عنيدا للفرنسيين ورغم احتلالهم لمعظم مناطقه في عام 1891 إلا أنه لم يهزم نهائيا الا في عام 1898م
ويقول د. عبدالله عبدالرازق ايضا :
إن الصراع بين امارات بلاد الهوصا لم يساعد إلا علي التفرقة وعدم الاستقرار وعدم التركيز علي النواحي الثقافية أو الدينية فصار الدين الإسلامي غريبا بين السكان واختلط العادات الوثنية بالتقاليد الإسلامية وصار الحكام يحملون لقب المسلمين شكلا دون فهم واع لأصول هذا الدين وعندما أحس أحد ابناء الفولاني المسلمين بما ألم بالدين علي ايدي هؤلاء الحكام شبه الوثنيين اعلن الجهاد في سبيل الله لاعادة الدين الإسلامي إلي اصوله وقواعده وصارت إمارة جوبير هي الساحة التي انطلقت منها هذه الثورة الإسلامية الكبري التي غيرت مجري حياة السكان واعادت للدين الإسلامي هناك مكانه لم يحققها في القرون السابقة وصار الجهاد الفولاني لاخماد البدعة واحياء السنة هو العمل الكبير الذي قام به الداعية والمجاهد عثمان بن فودي .. إن هذا الزعيم الذي كان له ولحركته الإسلامية فضل كبير في نشر الدين الإسلامي علي نطاق واسع في غرب إفريقيا ومازالت نيجيريا الإسلامية تدين حتي يومنا هذا لحركة ذلك المجاهد الذي جعلها اكبر دولة إسلامية في غرب افريقيا بل في افريقيا باسرها ولم يتوقف جهاد هذا الرجل عند حدود اعلان حرب علي الوثنيين بل تعداه إلي اقامة دولة إسلامية حملت لقب الخلافة الإسلامية في سوكوتو وظل ابناؤه يحكمون في هذه الدولة الواسعة طوال قرن من الزمان وكان لاحفاده شرف النضال والكفاح ضد الأوروبيين الذين جاؤوا غازين ديار الإسلام والمسلمين فكانوا حماة الدين وشهداء العقيدة الإسلامية في أوائل القرن العشرين .
كانت الهجرة إلي مدينة جودو بداية تأسيس امبراطورية الفولاني التي اتخذت من مدينة سوكوتو عاصمة لها وأخذ الشيخ معه الأنصار والأتباع إلي اطراف الصحراء وهنالك اقروا له بالطاعة والولاء وحلفوا اليمين علي طاعته علي الكتاب والسنة وحمل الشيخ لقب امير المؤمنين ذلك اللقب الذي استمر مع الخلافة حتي نهايتها في عام 1903 كما حمل لقب خليفة في بعض الأحيان وهو اللقب الذي حمله أبناؤه وذريته من بعده .
كانت هذه البيعة بداية الجهاد وايذانا بتأسيس الخلافة الإسلامية ذلك لأن البيعة كانت تعني نقل الجهاد من الدور السلبي إلي الدور الإيجابي الجديد وانتشرت اخبار الجهاد ضد حكام الهوصا واصدر الشيخ ( وثيقة اهل السودان) التي صارت اعلانا رسميا للجهاد حيث حدد الشيخ الاسس التي بني عليها الجهاد واقرت هذه الوثيقة مباديء منها : أن الامر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب اجماعا وان الهجرة من بلاد الكفار واجبة اجماعا وان الجهاد واجب اجماعا وان قتال البغاة واجب اجماعا.
كان الرد العملي علي هذه الوثيقة أن ارسل الحاكم إخوانه الأمراء في كاتسينا وكانو ودورا يطلب منهم يد المساعدة لانه أهمل إطفاء شرارة من النار في إمارته حتي اتسعت رقعتها وزادت حدتها وصار فوق احتماله القضاء علي خطورتها.
تزعم سلطان جوبير جبهة المعارضة ضد الشيخ عثمان وصارت الحرب وشيكة بين المؤمنين والوثنيين ولم يجد الشيخ بدا من اعلان الجهاد في سبيل الله فلبي تلاميذه النداء لأن ارتباطهم به لم يكن مجرد حلقات درس تنتهي بل كان الارتباط عميقا بالحب والتقدير فكانوا له مؤيدين تكبدوا المعاناة وتحملوا عبء الكفاح عندما هاجم الشيخ امارة جوبير إثر قرار حاكمها بتاديب الشيخ عثمان فحدث الالتحام وبدأت الحرب وانتقلت الدعوة من مرحلة السلم إلي مرحلة الهجوم المسلح وبعد أن اغار حاكم جوبير علي قري المسلمين وممتلكات الموحدين .
وفي الرابع من يونيو عام 1804 تقدمت قوات الجهاد بزعامة عبدالله بن فودي الذي اخلي مواقعه في جودو توقعا لهجوم من سلطان جوبير واتجه إلي بحيرة تابكين كونو وعلي ضفاف هذه البحيرة اطبق المسلمون علي قوات البغي والعدوان ودارت عليها الدائرة وهرب من وجد سبيلا لذلك وسقط في ساحة المعركة الكثير وتفرق شمل الاعداء في اول مواجهة حاسمة في الجهاد لكن النصر لم يكن نهائيا لأن قوات المشركين عادت بعد أن جمعت قواتها في عام 1805 وبدأت الهجوم من جديد علي الشيخ وجماعته ودارت معركة تسونسو التي هزم فيها المسلمون في البداية وراح منهم أكثر من ألف قتيل ولكنهم صمدوا للهجوم .
استمرت الحرب سجالا بين الطرفين دون تفوق طرف علي الآخر وتمكنت قوات الجهاد من السيطرة علي إمارة كيبي keebe ووواتخذتها عاصمة للجهادوتوالي سقوط امارات الهوصا في إيدي المسلمين حيث سقطت زاريا عام 1805م واستمر النصر حليف الشيخ واتباعه حتي تحقق النصر المبين ودخل عاصمة الإمارة وتسمي الكالاوا في عام 1808 وتم قتل السلطان يونفا مع عدد من اتباعه وانتهت مقاومة الوثنيين وصارت كلمة الذين امنوا هلي العليا وتوافدت القبائل زرافات ووحدانا الي معسكر الشيخ تعلن الدخول في الإسلام والانضمام إلي حلف المسلمين وتوسعت امبراطورية الفولاني وتكونت امارة جديدة واعطي الشيخ اعلانا لاتباعه لاعلان الجهاد في مختلف المناطق فتوسعت رقعة الدولة ودخل الناس تحت راية الجهاد وانتقل الشيخ الي مدينة سيفاوا عام 1809 بينما استقر ابنه محمد بلو في مدينة سوكوتو.
وعادت المنطقة الي حكم المسلمين ولأول مرة تشكلت وحدة سياسية كبري اطلق عليها امبراطورية الفولاني واختلفت التفسيرات حول هذا الجهاد فمنهم من رأي فيه صراعات سياسيا بين الهوصا والفولاني استخدم الفولاني عامل الدين كهدف أو مناورة عسكرية من أجل تحقيق اهدافهم والسيطرة الفولانية علي بلاد الهوصا اما العالم النيجري عبدالله سميث فيري في الحركة أكثر من محاولة مجموعة من الرجال المحرومين من أجل السيطرة السياسية لصالحهم بل هي حركة فكرية تهدف غلي خلق مجتمع مثالي تسوده الشريعة الغراء .
وحاول اعداء الشيخ تفسير الجهاد علي أنه جهاد يخفي وراءه اطماعا سياسية بل ذهب فريق آخر الي أن هذه الثورة قد خططت من أجل مساعدة الفولاني علي السيطرة علي أمور البلاد وتحقيق امتيازات كانوا قد حرموا منها من قبل.
لكن مهما اختلفت الآراء حول اسس الجهاد فإ ن الجميع يتفق علي أن الحركة شمولية ارتكزت اساسا علي الناحية الدينية وأن الشيخ عثمان نفسه حدد الغرض من الجهاد في وثيقة أهل السودان وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والهجرة من بلاد الكفار وتنفيذ احكام الشرع وقتال الملك الكافر الذي لايقول ( لا إله إلا الله)
وقامت دولة الفولاني علي نظام الخلافة الإسلامية وصار الخليفة يشرف علي كل امارات الدولة التي احيت الخلافة الإسلامية التي كانت ايام مجد العباسيين وتاصلت جذور الدعوة الإسلامية فنمت وترعرعت وأتت أكلها فتمسك المسلمون بالشريعة الغراء وساد الأمن الذي كانت تحكم به المنطقة وازدهرت الحضارة الإسلامية في كل ارجاء الامبراطورية .
وفي عام 1812م اقتصر دور الشيخ علي التاليف والوعظ والارشاد بعد ان قسم الامبراطورية الي قسمين قسم شرقي تحت اشراف ابنه محمد بلو والآخر غربي تحت اشراف اخيه عبدالله بن فودي وكرس الشيخ الجزء الباقي من حياته في التأمل والدراسة في مدينة سيفاوا ( sifawa ) حتي وافاه الأجل المحتوم في عام 1871م بعد أن ارسي قواعد دولة إسلامية استقرت فيها الخلافة وحكم ابناؤه من بعده مدة قرن من الزمان حتي سقوط هذه الخلافة في أيدي البريطانيين في عام 1903م
لقد لعب ابناء الشيخ واحفاده دورا بطوليا ضد الاستعمار الاوربي الذي تكالب علي مناطق الدولة الإسلامية ابتداء من الربع الأخير للقرن التاسع عشر لكن رغم سقوط الدولة عسكرية إلا أن الاسس التي وضعوها والنظم الإسلامية التي ساروا عليها ادهشت الأوروبيين وجعلتهم عاجزين عن ابدال تلك الحضارة الراسخة بنظم جاؤوا بها فاضطروا للابقاء عليها ولم يحاولوا التدخل في شئون المسلمين في تلك الدولة الإسلامية فعاشت حضارتهم وازدادات ازدهارا حتي يومنا هذا .

المراجع :

1-الامام الجبرتي – كتاب التاريخ ، القاهرة 1965م
2- لوثورب – حاضر العالم الإسلامي ، ترجمة سكيب أرسلان ، القاهرة 1971م
3- محمد جلال كشك ، ودخلت الخيل الأزهر ، القاهرة 1976م
4- صبحي وحيد ، أصول المسألة ، القاهرة 1972م
5- عائشة عبالرحمن بنت الشاطيء، القرآن وقضايا الإنسان ( القاهرة : دار العلم للملايين 1975م
6-عامر النجار : التصوف الإسلامي (القاهرة : دار المعارف 1984م)
7-عبدالرازق الكاشاني : رشح الزلال في شرح الالفاظ المتداولة بين ارباب الاذواق والأحوال ( القاهرة : المكتبة الأزهرية 1995)
8-عبدالحليم محمود : استاذ السائرين ، القاهرة ، المكتبة الازهرية 1988
9-عبدالحميد محمد أحمد : الصوفية في السودان مجلة الفيض العدد الثاني 1998م
10-عبدالرحمن احمد عثمان : في موكب النور في مولد النبي المصطفي الرسول صلي الله عليه وسلم ( المجلس القومي للذكر والذاكرين ، طبع بمطابع جامعة افريقيا العالمية 1998 صفحة 12 ومابعدها.
11-الشيخ عبدالمحمود نورالدائم ، ازاهير الرياض ، في مناقب العارف بالله سيدي احمد الطيب ، القاهرة ، مكتبة الازهر.
12-عبدالوهاب الشعراني ، الانوار القدسية في معرفة القواعد الصوفية ( بغداد : دار احياء التراث العربي 1984م
13-عبداللطيف البوني ، در الصوفية في تدامع القبائل بالجزيرة ، مجلة الفيض العدد الثالث 1998م ص 16
14-عبدالله الأنصاري الهروي : منازل السائرين مع العلل والمقامات ( ايران طهران 1979
15- عون الشريف قاسم ، موسوعة القبائل الأنساب في السودان واشهر اسماء الاعلام والاماكن الخرطوم ، افروقراف للطباعة والتغليف
16-المجلس القومي للذكر والذاكرين : الشيخ الجعلي ملف العدد الثامن ، مجلة الفيض 1999
17-محمد نور ودضيف الله كتاب الطبقات
18-الشيخ عبدالمحمود نورالدائم ، نظرات في التصوف
19-مقابلة مع الشيخ عبدالرحيم البرعي بمسجده في المجاهدين يونيو 1999م
20-مقابلة مع الشيخ بن ادريس الحسن الإدريسي شيخ السجادة الإدريسية بمسيدهم بالموردة يناير 1999م
21-الدكتور محمد ابراهيم ابوسليم : تاريخ الخرطوم ( لبنان – بيروت ، دار الجيل 1979) ص 154
22-المجلس القومي للذكر والذاكرين ، البادراب ملف العدد الأول ، مجلس الفيض 1998م

للتاريخ
بارك الله فيك على الادلة التاريخية









 

الكلمات الدلالية (Tags)
الله, الصوفية, سبيل, والجهاد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 04:37

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc