الوسوسة ووسائل الخلاص منها - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > القسم الاسلامي العام

القسم الاسلامي العام للمواضيع الإسلامية العامة كالآداب و الأخلاق الاسلامية ...

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

الوسوسة ووسائل الخلاص منها

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2015-01-24, 17:40   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
seifellah
عضو متألق
 
الصورة الرمزية seifellah
 

 

 
الأوسمة
العضو المميز مميزي الأقسام 
إحصائية العضو










افتراضي الوسوسة ووسائل الخلاص منها

بسم الله الرحمن الرحيم



المقدمة

الحمد لله شافي الصدور، وقاضي الأمور، وأشهد أن لا إله إلا الله الرحيم الشكور، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله وصفيه من خلقه، أنزل عليه الكتاب شفاءً لما في الصدور، وعلى آله وصحبه أهل الدثور والأجور، ومن تبعهم بإحسان واقتفى أثرهم إلى يوم البعث والنشور، وعنا معهم برحمتك ومَنَّك وكرمك يا عزيز يا غفور..



أما بعد:


فلقد ضاقت صدور كثير من العباد اليوم بسبب كثرة الماديَّات، ومشاهدة الفضائيات، والإسراف في المحرمات والسيئات، والاقتصاد في الطاعات والحسنات، فحصلت تلك الآهات، وكثرت تلك الصرخات، بل وحصل أدهى من ذلك وأَمَرَ، فصارت الوسوسة حتى أن البعض يفكِّر كيف يتخلص من نفسه من جرَّاء الضيق والحسرة والوحشة التي يعيشها، فلا طعم للحياة عنده، ولا هدف ولا غاية يرى أنه من أجلها خُلِق، وكل ذلك بسبب الابتعاد عن المنهج القويم والصراط المستقيم، وحصلت الوسوسة حتى في العبادة، فلم يدر كم صلَّى أثلاثًا أم أربعًا؟ وفي الوضوء أغسل ذلك العضو أو لم يغسله؟ بل وأصبح البعض يوسوس حتى في أهل بيته، أهذه الزوجة عفيفة نقيَّة؟ أم غير ذلك؟ فالحاصل أن الوسوسة سيطرت على بعض الناس سيطرة تامة حتى أنه لا يجد للراحة طعمًا، ولا يغمض له جفنًا، ولا يرى للوجود سببًا، وكل ذلك بسبب الاستسلام للشيطان وما يسببه من أوهان، وسفيه الأحلام، فعلى المسلم أن يتوسل إلى الله تعالى لذهاب وسوسة الشيطان ونزغاته، وكل ذلك موجود وثابت في ديننا الحنيف، فمن أراد طرد تلك الوساوس فعليه بالقرآن والأذكار قبل أن ينام، ففيها الشفاء التام، بإذن الله العلَّام.


الشيطان عدو الإنسان:


لقد أخذ الشيطان – أعاذنا الله منه – العهد والميثاق، لغواية بني آدم، وجاء ذلك صريحًا في كتاب الله عز وجل، حيث قال تعالى: }قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (83) قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ (84) لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ{ [ص: 82-85]، ولهذا حذَّر الله تبارك وتعالى من الشيطان وكيده وجنده، وبيَّن ذلك واضحًا جليًّا في القرآن الكريم، فقال تعالى: }إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ{ [فاطر: 6].


فالواجب على كل من ميَّزه الله بالعقل ووهبه هذه النعمة العظيمة أن يستعملها فيما خُلِقَ من أجله ألا وهي عبادة الله وحده لا شريك له، ويجعل كل وقته أو أكثره مسخرًا لطاعة مولاه الذي خلقه فسوَّاه، ووهب له النعم الكثيرة التي لا تعد ولا تحصى، ومن استبدل الذي هو أدني بالذي هو خير فقد خسر وخاب وندم، فطاعة الله عز وجل، وطاعة الشيطان الرجيم لا تجتمعان في قلب إنسان أبدًا، فالله يدعو إلى الجنة والمغفرة، يدعو عباده للرحمة والرأفة، أما الشيطان عدو الإنسان فلا يدعو إلا إلى كل فاحشة ورذيلة، وكل ما يبعد عن الفضيلة، فهو يدعو العباد إلى السخط والنار والعياذ بالله، قال تعالى: }وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا{ [الكهف: 50]، فكان اتباع الشيطان من أسباب الانتكاسة والخسارة في الدنيا والآخرة.


الشيطان يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير، فإن هم أطاعوه واتبعوا الهوى والشهوات، وارتكبوا المحرمات والمنهيات، وإن هم تركوا الطاعات، وهجروا القُرُبَات، فإن هم فعلوا ذلك فقد أحلُّوا بأنفسهم دار البوار، وستحل بهم النقمات، ثم سيتخلى عنهم شيطانهم الذي اتبعوه واتخذوه وليًّا لهم من دون الله، نعم سيعترف لهم بعد أن يكونوا حطبًا لجهنم، وحصبًا لها، أنه لم يأمرهم إلا بالباطل فاتبعوه، فهو ليس مسؤولًا عنهم، ولم يجبرهم على اتباعه، ولا سينقذهم من النار، إذ كيف سينقذهم منها وهو خالد فيها؟ والقرآن يصوِّر هذه الأحداث لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، فيقول الله تعالى: }وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِي مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيم{ [إبراهيم: 22]، فالشيطان لا يفتأ يوسوس للإنسان حتى تزل قدمه عن طريق النجاة، وتتفرَّق به السبل، ويغرق في لجج المعاصي والآثام، وتتلاطم به بحور الذنوب العظام، فتضيق به نفسه، وتتفاقهم الدنيا عنده، فيلهث من أجلها، فيصبح لا يعرف معروفًا ولا ينكر منكرًا، فهذا هو الشيطان عدو الإنسان.


أهل الدجل:


فإن نعم الله جل وعلا على عباده لا تُعَدُّ ولا تُحصى، قال تعالى: }وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ{ [إبراهيم: 34]، ومع إغداق الله هذه النِعَم على العباد ليل نهار، فمنهم من يستعين بها على معصية الله تعالى، فخير الله إليهم نازل وشرهم إليه صاعد، ثم لا تجد أكثرهم شاكرين، بل قليل منهم الشكور، قال تعالى: }وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ{ [سبأ: 13].


وشاء الله أن يبتلي الكثير من عباده ويختبرهم ويمتحنهم بصور شتى، ومن هذه الابتلاءات ما قدره الله على خلقه من أمراض وأسقام وأدواء.


لقد ابتلي بعض الناس بالكثير من الأمراض النفسية وغير النفسية، وما ذاك إلا امتحان من الله جلَّت قدرته لهم ليرى وهو أعلم بهم مدى صبرهم على ألأذى واحتساب الأجر فيه، أو بسبب طغيانهم ليعودوا إليه سبحانه، أو ليكفر عنهم من سيئاتهم حتى يلقوا ربهم بلا خطايا، أو غير ذلك من الأسباب التي لا يعلمها إلا عالم الغيب والشهادة.


فمن ابتلي بذلك فعليه بالصبر واحتساب ذلك عند الله تعالى، وليعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه، وكل ذلك بقدرته تعالى وتقدَّس، قال تعالى: }يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ{ [البقرة: 153].


وليحذر المسلم من أهل الدجل من الكهنة والمشعوذين، والسحرة والساحرين، وغيرهم من الماكرين والمبتزين، واللاعبين بعقول ضعاف المسلمين، فعليهم من الله ما يستحقون من العذاب والعقاب الأليمين.


فمن اعتقد على أولئك السحرة والمشعوذين خذلوه وأوردوه المهالك، وما زادوه إلا وَهَـنًا وَمَرضًا، بل قد يخرج من يتعامل معهم من دائرة الإسلام – والعياذ بالله – واعلم والله أنه ما رجا إنسان أحدًا غير الله إلا خذله وضرَّه وما نفعه، وذلك لأنه لا يملك لنفسه ضرًّا ولا نفعًا فكيف ينفع غيره أو يضره، فالله المستعان وعليه التكلان، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ليس منا من تطير أو تطير له، أو تكهن أو تكهن له، أو سحر أو سحر له» [حسَّنه الألباني في غاية المرام]، وقال عليه الصلاة والسلام: «من أتى عرَّافًا فسأله عن شيء فصدقه بما قال لم تقبل منه صلاة أربعين يومًا» [مسلم]، وقال صلى الله عليه وسلم: «من أتى كاهنًا فصدقه بما قال؛ فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم» [صحيح رواه البزار وأبو داود].


فليتق الله أناس عرفوا الحق من الباطل، وميَّزوا الخير من الشر واشرأبَّت نفوسهم أمر الله عز وجل وأمر رسوله عليه الصلاة والسلام، ثم يذهبون يتخبطون في ظلمات أولئك السحرة والدجالين غير مكترثين بما أعد الله لهم من عذاب وعقوبات من جرَّاء تلك الرحلات إلى أجواء الكذّابين والكذّابات.


وعلى الإنسان أن يسعى جاهدًا من أجل الحصول على علاج ما به من آلام وأمراض، فلقد أخرج ابن ماجه من طريق أبي خزامة عن أبيه قال: قلت: يا رسول الله، أرأيت رقىً نسترقيها ودواء نتداوى به، هل يرد ذلك من قدر الله شيئًا؟ قال: «هي من قدر الله تعالى».


فأقول: لقد جاء العلاج من كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وبيَّنه العلماء الأفاضل بإيضاح تام، وهناك وسائل يجب على المسلم أن يحرض عليها حتى يجنب نفسه الوسوسة، ويقيها من الشيطان، ومن هذه الوسائل:


الوسيلة الأولى: الاستعاذة:


قال جلا وعلا: }وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (200){ [الأعراف: 200].


يقول الشيخ محمد علي الصابوني في تفسير هذه الآية: «أي وإما يصيبنك طائف من الشيطان بالوسوسة والتشكيك في الحق فاستعذ بالله، أي فاستجر به والجأ إليه في دفع الشيطان وأذاه وهمزه ونفثه ونفخه فالله سميع لما تقول، عليم بما تفعل، فالذين اتصفوا بتقوى الله وطاعته والخوف منه سبحانه إذا أصاتبهم الشيطان بوسوسته وحام حولهم بهواجسه تذكروا عقاب الله وثوابه فإذا هم يبصرون الحق بنور البصيرة، ويتخلصون من وساوس الشيطان بتمسكهم بحبل الله المتين ويستعيذون بالله من الشيطان الرجيم». انتهى ملخصًا مزيدًا.


يقول الله عز وجل: }فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (98) إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (99) إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ{ [النحل: 98-100].


يقول الشيخ محمد الأمين الشنقيطي في «أضواء البيان»: «أن الشيطان ليس له سلطان على المؤمنين المتوكلين على الله حق التوكل، ولو أحسن العبد توكله على ربه سبحانه وتعالى لرزقه المولى كما يرزق الطير تغدوا خماصًا وتروح بطانًا، فلو توكَّل العبد على ربه توكلاً كاملاً لرزقه من حيث لا يحتسب، ولهذا قال تعالى: }وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ{ [الطلاق: 3]، فمن كان الله حسبه كفاه كل سوء ومكروه، وكفى به سبحانه حسيبًا ونصيرًا، ومتوكلاً عليه ومعينًا.


فسلطان الشيطان بالحجة التوهيم، والوسوسة والتشكيك لا يكون على عباد الله المؤمنين الصادقين المخلصين المتوكلين، وإنما يكون سلطانه ونزغه وتوهيمه ونشر شره على أتباعه الذين يتولونه وأطاعوه فيما يدعوهم إليه من الذنوب والمعاصي، والذين أشركوه مع الله عز وجل فاتبعوا الشيطان والهوى فزلَّت بهم أقدامهم عن طريق النجاة، فغاصوا في لُجج الأمراض النفسية، بسبب الوسوسة التي يلقيها الشيطان في نفوسهم والعياذ بالله، فلا يجدون راحة ولا اطمئنانًا، فاتباع الشيطان سبب للهلاك والدمار، والغرق في بحور الآثام العظام، فهو عدو البشرية جمعاء، وقد كاد لها العداء، من لدن آدم u حتى أنه أخرجه من الجنة بسبب ما يلقيه في روعه من الوسوسة والتوهيم.


واعلم أن الشيطان قد أخذ العهد والميثاق من الله تعالى لغواية بني آدم حتى يخرجهم من النور إلى الظلمات، ويقذف بهم إلى النيران المظلمات، ثم يتخلَّى عنهم بعد ذلك فيقول: }قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (16) فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ{ [الحشر: 16، 17] فإبليس أعاذنا الله منه، لا همَّ له إلا إضلال العباد عن طاعة ربهم الواحد الأحد، وإخراجهم من دائرة الإسلام إلى دين الأهواء والشهوات، نسأل الله العافية والسلامة، فهو حريص كل الحرص على أن يوقع الناس في شراكه، ويدخلهم في شباكه، حتى يتعدوا حدود الله إلى ما حرم عليهم، ولا عصمة للعبد من الشيطان إلا بطاعة الرحمن بصدق وإخلاص وحُسن نية، قال تعالى: }قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16) ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (17) قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ{ [الأعراف: 16-18]. انتهى ملخصًا مزيدًا.


حكي عن بعض السلف أنه قال لتلميذه: ما تصنع بالشيطان إذا سوَّل لك بالخطايا؟ قال: أجاهده، قال: فإن عاد؟ قال: أجاهده، قال: فإن عاد، قال: أجاهده، قال: هذا يطول، أرأيت لو مررت بغنم فنبحك كلبها ومنعك من العبور ما تصنع؟ قال: أكابده وأرده جهدي، قال: هذا يطول، ولكن استغث بصاحب الغنم يكفه عنك، فلله المثل الأعلى، فإن جاءك الشيطان بوسوسته وكيده فاستعن بخالقه وخالقك يكفك شره وكيده، ويطرد عنك وسوسته ومكره.


ولقد شكا الصحابة رضوان الله عليهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا يجدونه في صدورهم – من وسوسة الشيطان – فقال صلى الله عليه وسلم: «يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا وكذا حتى يقول له: من خلق ربك، فإذا بلغ ذلك فليستعذ بالله ولينته» [رواه البخاري ومسلم].


قال تعالى: }قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (2) وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (3) وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4) وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ{ [الفلق: 1-5].


يقول ابن كثير: روى مسلم في صحيحه عن عقبة بن عامر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألم تر آيات أنزلت هذه الليلة لم ير مثلهن قط: }قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ{، }قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ{.


وقال ابن سعدي:«}قُلْ{: متعوذًا،}أَعُوذُ{: أي: ألجأ وألوذوأعتصم،}بِرَبِّ الْفَلَقِ{: أي: فالق الحب والنوى، وفالق الإصباح،}مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ{: وهذا يشمل جميع ما خلق الله، من إنس وجن وحيوانات، فيستعاذ بخالقها من الشر الذي فيها،}وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ{: من شر ما يكون في الليل، حتى يغشى النعاس، وينتشر فيه كثير من الأرواح الشريرة، والحيوانات المؤذية،}وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ{: من شر السواحر اللاتي ينفثن في العقد من أجل السحر، }وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ{: الحاسر: هو الذي يحب زوال النعمة عن المحسود بما يقدر عليه من أسباب، فاحتيج إلى الاستعاذة بالله من شره وإبطال كيده، ويدخل في الحاسد، العائن؛ لأنه لا تصدر العين إلا من حاسد شرير الطبع خبيث النفس».


قال تعالى: }قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلَهِ النَّاسِ (3) مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ{ [سورة الناس].


يقول الشيخ ابن سعدي رحمه الله في تفسير هذه السورة: «وهذه السورة مشتملة على الاستعاذة برب الناس ومالكهم وإلههم من الشيطان، الذي هو أصل الشرور كلها، ومادتها الذي من فتنته وشره أنه يوسوس في صدور الناس، فيُحَسِّن لهم الشر، ويريهم إياه في صورة حسنة، وينشط إرادتهم لفعله، ويثبطهم عن الخير، ويريهم إياه في صورة غير صحيحة، وهو دائمًا بهذه الحال يوسوس ثم يخنس، أي: يتأخر عن الوسوسة إذا ذكر العبد ربه واستعان على دفعه، فينبغي له أن يستعين ويستعيذ ويعتصم بربوبية الله للناس كلهم، وأن الخلق داخلون تحت الربوبية والملك، فكل دابة هو آخذ بناصيتها، وبألوهيته التي خلقهم لأجلها، فلا تتم لهم إلا بدفع شر عدوهم الذي يريد أن يقتطعهم عنها، ويحول بينهم وبينها، ويريد أن يجعلهم من حزبه، ليكونوا من أصحاب السعير، والوسواس كما يكون من الجن يكون من الإنس». [تيسير الكريم الرحمن 5/453].








 


رد مع اقتباس
 

الكلمات الدلالية (Tags)
منها, الحماس, الوسوسة, ووسائل


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 20:08

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc