![]() |
|
قسم الكتاب و السنة تعرض فيه جميع ما يتعلق بعلوم الوحيين من أصول التفسير و مصطلح الحديث .. |
في حال وجود أي مواضيع أو ردود
مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة
( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
رقم المشاركة : 1 | ||||
|
![]() بسم الله الرحمن الرحيم تمهيد أما بعد: فإن المتصدر لتدريس شخصية ما، وذكر أحوالها ومناقبها، وما آلت إليه وما قدمته للناس، يجعل النقد أول معاييره، حتى يضع الناس على بينة من أمرهم، في الصواب والخطأ، والهداية والضلالة والسداد وعدم التوفيق، لكن الذي يريد أن يتحدث عن سيد الأنبياء، وإمام الأتقياء، سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم فليس عليه إلا أن يُطأطئ رأسه، ويخشع قلبه، وتسكن جوارحه. إذ أنه يتحدث عن رحمة مهداة، ونعمة مسداة، عن سيد البشر، وخيرة خلق الله وصفوتهم، عن رسول الهدى، ونبي الرحمة – صلوات الله وسلامه عليه -، وينبغي أن يعلم في أول الأمر أن السيرة واحدة لا تزيد ولا تنقص، ولا يستطيع أحد أن يزيد شيئًا لم يثبت فيها، ولا يستطيع أحد أن ينقص شيئًا مما ثبت فيها. لكن المسلمين في استسقائهم من سيرته صلى الله عليه وسلم تختلف مواردهم، ومناهلهم، ومصادرهم. فمن سيرته صلى الله عليه وسلم يستسقي الواعظون وينهل القادة، ويغترف الساسة، وينال العلماء، ويبحث الفقهاء، ويجد كل امرئ له حظًا من سيرته – صلوات الله وسلامه عليه -، والأمر كما قيل: وكلهم من رسول الله ملتمسٌ صلوات الله وسلامه عليه. ثم إنني قلبت الأمور في الوجه الذي أريد أن تخرج به هذه الرسالة على النحو الأتم، والوجه الأكمل، على ما يسعى الإنسان أن ينال به رضوان الله، ثم نفع إخوانه المسلمين، فبدا لي – والإنسان ناقص مهما سعى إلى الكمال – أن أعرض السيرة إجمالاً من الميلاد إلى الوفاة، والوقوف بعد ذلك عند الفضائل والعظات، والعبر أقرب طريق إلى فقه سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم على الوجه الأكمل والنحو الأتم.غرفًا من البحر أو رشفًا من الدِيمِ حفاوة الله والأنبياء به صلى الله عليه وسلم: نبينا صلى الله عليه وسلم نال الحفاوة الكاملة، والاحتفاء التام من ربه – جل وعلا -، وحفاوة الله بأنبيائه سُنة ماضية، قال الله – جل وعلا في حق نبيه إبراهيم عليه السلام: ]قَالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا[ [مريم: 47]، وقال الله جل وعلا في حق موسى: ]وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي[ [طه: 41].وقد نال رسولنا صلى الله عليه وسلم أكمل حفاوة وأتمها من قبل ربه جل وعلا؛ فلقد مهد الله – جل وعلا – لذلك من قبل، يقول صلوات الله وسلامه عليه: «إني عند الله لخاتم النبيين، وإنَّ آدم لمجندل في طينته». ثم لمَّا بعث الأنبياء، وبُعث المرسلون – صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين – أخذ الله – جل وعلا – العهد والميثاق أنه إذا بعث رسولنا صلى الله عليه وسلم وهم أحياء يرزقون أن يصدقوه ويؤمنوا به ]وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِين[ [آل عمران: 81]. تبشير الأنبياء به صلى الله عليه وسلم: ثم كانت دعوة (أبيه) إبراهيم عليه السلام عندما وقف عند البيت: ]رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ[ [البقرة: 129]. ثم كانت بشارة عيسى عليه السلام: ]وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ[ [الصف: 6]. ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنا دعوة أبي إبراهيم، وبشارة أخي عيسى، ورؤيا أمي حين رأت أن نورًا خرج منها أضاءت له قصور الشام». وقال صلى الله عليه وسلم كما روى الترمذي وحسنه أنه – عليه الصلاة والسلام – قال: «أنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، خلق الله الخلق فجعلني في خير فرقة، ثم قسمهم فرقتين فجعلني في خيرهم فرقة، ثم جعلهم قبائل فجعلني في خيرهم قبيلة، ثم جعلهم بيوتًا فجعلني في خيرهم بيتًا، فأنا خيرهم بيتًا، وخيرهم نفسًا». إرهاصات النبوة بعد مولده صلى الله عليه وسلم: لما أراد الله – جل وعلا – له أن يولد في العام الذي ولد فيه، كان في هذا العام إرهاصات وأمور عظام تدل على أن شيئًا ما سيقع، وأن حدثًا عظيمًا سيكون، كانت ولادته صلى الله عليه وسلم في نفس العام الذي غزا فيه أبرهة بيت الله العتيق، وعاد من ذلك الغزو خائبًا خاسرًا كما هو معروف لكل أحد. ولد صلى الله عليه وسلم لأب اختلف العلماء هل مات قبل ولادته أو بعدها، والأرجح الأول. ثم إن الله – جل وعلا – أراد أن يبين لسائر الناس أن محمد بن عبد الله لم يكن يومًا تلميذًا لشيخ، ولا طالبًا في مدرسة، ولا ربيبًا لأبوين، وإنما تولته عناية الله في أصلاب الرجال، وأرحام النساء، ثم بعد ولاته إلى يوم وفاته صلى الله عليه وسلم، فتوفيت أمه وهو صغير لم يبلغ ستًّا من الأعوام، وعاش طفولته الأولى بعيدًا عن أسرته في بادية بني سعد، حتى لا يقولن أحدٌ بعد ذلك أن رجلاً أو شخصيةً ما تولت رعايته، وكونت شخصيته، وألهمته الدروس، وأعطته العبر، وألهمته الكتاب: ]وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ * بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ[ [العنكبوت: 48، 49]. فكل ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم من ربه كان عناية إلهية، وفضلاً ربانيًّا محضًا ليس لأحد من البشر – كائنًا من كان – فيه حظ ولا نصيب. نشأته صلى الله عليه وسلم: عاش صلى الله عليه وسلم بعيدًا عن أسرته ثم عاد إلى مكة، فكفله جده عبد المطلب، ثم ما لبث أن توفي ذلك الجد، ثم كفله عمه أبو طالب، ولم يكن دور أبي طالب أكثر من راع معيشيٍّ له – صلوات الله وسلامه عليه – فلم يكن لدى أبي طالب حظ من علم، أو أثرة من كتاب ينهل من خلالها رسولنا صلى الله عليه وسلم حتى تكونت شخصيته.فنشأ بعيدًا عما فيه قومه؛ وكذلك العاقل إذا رأى مجتمعات الفساد، وأودية الضلال، ومنتجعات الغواية نأى بنفسه عنها ولو عاش وحيدًا، قال جل وعلا: ]فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلاً جَعَلْنَا نَبِيًّا[ [مريم: 49] وذلك في حق نبيه إبراهيم عليه السلام. فالبعد عن أهل الهواية والفساد والشرور والآثام أول طرائق الفلاح، وأول طرائق النجاح.
|
||||
![]() |
الكلمات الدلالية (Tags) |
جداً, وميتاً |
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc