قالوا بأن الحضارة هي ذلك الرقي والتطور الذي يصل إليه شعب من الشعوب في شتى مجالات و نواحي الحياة , المادية و الروحية . و قالوا لنا يوم كنا نجلس جلوس المنصتين في حجرات الدرس: حضارة اليوم هي وليدة حضارات سبقتها في الأجال , و قالوا لنا كانت أوروبا تغيش حياة الظلمات و التخلف و سيطرة الإقطاع و النبلاء و ,و تحكم رجال الدين في مجريات الأحداث.
و قالوا لنا بالحرف الواحد: عبرت تأثيرات الحضارة الإسلامية خلال القرون الوسطى إلى أوروبا عن طريق عدة منافذ هي :
ـ الحروب الصليبية ـ صقلية و المناطق المجاورة التي فتحها المسلمون ـ الأندلس ـ البعثات العلمية الأوروبية نحو الحواضر الإسلامية..... و قتها كنا ننظر لأوروبا و نحن صغار بأن شعوبها ما أبصرت النور عيونها إن لم نكن ـ نحن المسلمون ـ ولكن حينما كبرنا , و كبرت فكرة البحث عن أصل الحضارة , اكتشفنا بعد عناء البحث عن مبادئ و أصول الحضارة الإسلامية و جدنا أن أسلافنا وثقوا الجوانب المادية و قيدوها بالروابط الروحية فجمعوا بين الجسد و الروح, و منحوا الزمان و المكان قدسية أزلية , و رفعوا شعار : أعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا . ولا تنسى و لا تنسى و لا تنسى نصيبك من الآخرة , و أعطوا قيمة لا مثيل لها للأنسان مهما كان جنسه و فكره ولونه, فلم يفرقوا بين الأعجمي و الأعربي إلا بعامل واحد هه بناء الحضارة التي تحي الروح و الجسد,
اليوم حضارتنا نحن البشر تتذمر منا , لأن من شيد ناطحات السحاب و قرب المسافات و اختصر الزمن , و حارب الأمراض
....و حسن طرائق التعليم و أساليب الزراعة و الصناعة و التجارة. هو نفسه من صنع الفناء المادي و الروحي للبشر..
إن الفساد قد عم و انتشر , و صارت حضارتنا تفقد دعائمها من القيم و الأخلاق الحميدة. فقدنا الأمانة و الصدق,السلم و الحب, الخير و الصفح,, التعاون و الإحسان...
و غرسنا مبادئ و قيم النفور و الحقد و الكراهية و الميز و الإستهتار و الإزدراء.. و قسمتنا الحضارة المفتعلة الخاوية إلى عوالم متباينة, ثم لمتنا ـ عولمة ـ ممنهجة تريد أن تجتث ما بقي من أصول حضارتنا السمحاء.......... التي تبحث عن أناس مازال الخير يلفهم, و قيم مجتمع مكة و المدينة في عهد رجال صدقوا ماعاهدوا الله عليه تدفعهم لليقظة. و ترك سبات أهل الكهف.