تحـــذير أولـــي النـــهى مـــن فتنـــة [ الإخـــــوان ] الـــتي ليـــس لهـــا منتـــهى
تحذير أولي النهى من فتنة
"الإخــــــوان"
التي ليس لها منتهى.
۞۞۞۞۞
" الإخوان المسلمون " أهل فتنة/ يفتون الحكام فيما يخالف الشرع/ ثم يثيرون ويهيجون عليهم الرعية /فيصطادون في الماء العكر.
۞۞۞۞۞
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فالمتتبع لأحوال أهل البدع اليوم ( الأحزاب السياسية ) ـ من " إخوان مسلمين " و" سروريين " و" قطبيين" و" ثوريين " وكلهم تجمعهم كلمة { خوارج } ـ؛ يجد أنهم موزِّعين الأدوار بينهم، فمجموعة : تتصدر الفتوى، فتفتي بما يُرضي أو يروق لبعض الحكام وإن خالف الشرع؛ كي يثور الشعب وينتفض حماية للدين ودفاعاً عنه وتكون الفتنة في البلاد.
۞ وأخرى: تهيِّج وتُثوِّر الشعب " الرعية " وتُوغير صدورهم على الراعي.
۞ وأخرى: يدعون للمظاهرات والإنكار العلني بعد التهييج؛ ليتم الخروج على الحاكم بالسيف.
۞ وأخرى: تدعو للتفجير والتقتيل.
۞ وأخرى: يشجبون ويستنكرون على مَن فعل ذلك.
۞ وأخرى: مداهنة متملقة للحكام، يسعون وراء المال، فإن أعطوا رضوا وإن مُنعوا سخطوا.
۞ وأخرى: تلزم الصمت إذا خرجت الفتوى من قائدهم أو من أعضائهم المميزين.
لن أطيل الشرح والتفصيل في ذلك، فقد كُتب عنهم وعن خططهم الرامية لزعزعة الأمن في البلاد الشيء الكثير، ولكن أردت هنا القاء الضوء على مسألة:
أن " الإخوان المسلمين " يُوقعون بعض الحكام المسلمين العرب في الفخ، بفتاوى قد تصل للتكفير؛ ليقولوا للشعوب بلسان الحال إن لم يكن بلسان المقال: هذه حكامكم! انظروا تجاوزاتهم ومنكراتهم وتعديهم على حدود الله وهلمجر .. لتثور الشعوب على الحكام، ويصلوا هم إلى مبتغاهم.
۞۞۞۞۞
قبل فترة من الزمن، أفتى الدكتور/ يوسف القرضاوي بجواز بناء الكنائس في بلاد المسلمين، وقد نُشرت الفتوى في ملحق " الدين والحياة " [ الخميس 17 جمادى الأولى 1429هـ - العدد 2531 ]، وموقع " مفكرة الإسلام "
https://www.islammemo.cc/akhbar/American/2008/05/22/64316.html .
وهذا نص كلامه باختصار:
" ونحن نرى السماح للنصارى بإقامة كنيسة في قطر، وهو من حقِ ولي الأمر؛ بناءً على فقه السياسة الشرعية التيتقوم على رعاية مقاصد الشرع, ومصالح الخلق ".
وقد رد عليه بعض أهل العلم حينها منهم الشيخ : عبد الله بن منيع عضو هيئة كبار العلماء بالسعودية، فقال ـ عن فتوى القرضاوي هذه ـ باختصار:
" بأنها مصادمة لنصوص شرعية صريحة، مؤكداً أن المساعدة في بناء الكنائس هو من باب التعاون على الإثم والعدوان، وأن ذلك لا يجوز إطلاقا، وقد يدخل في باب الكفر ". انتهى.
۞۞۞۞۞
لقد تجاوز الحد القرضاوي وتجرئ على الله وعلى رسوله وعلى علماء الإسلام في هذه الفتوى وخرق الإجماع، وقد حكى الإجماع في تحريم بناء الكنائس في بلاد المسلمين جمعٌ من أهل العلم، من ذلك باختصار:
قال تقي الدين السبكي (ت 756 هـ) :
" ( مَسْأَلَةٌ ): فِي مَنْعِ تَرْمِيمِ الْكَنَائِسِ: فَإِنَّ بِنَاءَ الْكَنِيسَةِ حَرَامٌ بِالْإِجْمَاعِ ، وَكَذَا تَرْمِيمُهَا ".
"فتاوى السبكي" (2/369).
وقال الإمام ابن باز في تقريظه لكتاب الشيخ اسماعيل الأنصاري "حكم بناء الكنائس والمعابد الشركية في بلاد المسلمين":
" وقد أجمع العلماء رحمهم الله على تحريم بناء الكنائس في البلاد الإسلامية وعلى وجوب هدمها إذا أحدثت وعلى أن بناءها في الجزيرة العربية كنجد والحجاز وبلدان الخليج واليمن أشد إثما وأعظم جرما ". انتهى.
وقالت اللجنة الدائمة للإفتاء في "السعودية":
" أجمع العلماء على تحريم بناء المعابد الكفرية، مثل: الكنائس في بلاد المسلمين ، وأجمعوا على وجوب هدم الكنائس وغيرها من المعابد الكفرية إذا أحدثت في أرض الإسلام، وأجمع العلماء رحمهم الله تعالى على أن بناء المعابد الكفرية، ومنها الكنائس في جزيرة العرب، أشد إثما وأعظم جرما. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم " انتهى.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء :
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ، الشيخ عبد الله بن غديان،
الشيخ صالح الفوزان، الشيخ بكر أبو زيد.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (1/268-471).
۞۞۞۞۞
وكما ذكرتُ في مقدمة هذه الرسالة: لم يكن همي هنا أن أرد على القرضاوي في الفتوى ـ وإن كنت عزمت بإذن الله تعالى أن أجمع المختصر في بيان ضلاله في ذلك ـ؛ وإنما أردت أن ألفت نظر كل لبيبٍ وعاقل إلى أصحاب الفتنة وكيف يتتبعون المتشابه من القول بغية تضليل المسلمين وتشكيكهم في الثوابت من الدين.
قال تعالى: { فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ }. [آل عمران: 7].
قال ابن جري الطبري في " تفسيره ":
" فمعنى الكلام: فأما الذين في قلوبهم ميلٌ عن الحق وحَيْفٌ عنه، فيتبعون من آي الكتاب ما تَشابهت ألفاظه، واحتمل صَرْف صارفه في وجوه التأويلات- باحتماله المعاني المختلفة - إرادةَ اللبس على نفسه وعلى غيره، احتجاجًا به على باطله الذي مالَ إليه قلبه، دون الحق الذي أبانه الله فأوضحه بالمحكمات من آي كتابه ".
وقال ابن جرير أيضاً:
" وهذه الآية وإن كانت نزلت فيمن ذكرنا أنها نزلت فيه من أهل الشرك، فإنه معنيٌّ بها كل مبتدع في دين الله بدعةً فمال قلبه إليها، تأويلا منه لبعض مُتشابه آي القرآن، ثم حاجّ به وجادل به أهل الحق، وعدل عن الواضح من أدلة آيه المحكمات، إرادةً منه بذلك اللبس على أهل الحق من المؤمنين، وطلبًا لعلم تأويل ما تشابه عليه من ذلك، كائنًا من كان، وأيّ أصناف المبتدعة كان من أهل النصرانية كان أو اليهودية أو المجوسية، أو كان سَبئيًا، أو حروريًّا، أو قدريًّا، أو جهميًّا، كالذي قال صلى الله عليه وسلم: " فإذا رأيتم الذين يجادلون به، فهم الذين عنى الله، فاحذروهم "، وكما: حدثني يونس قال، أخبرنا سفيان، عن معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس وذُكر عنده الخوارجُ وما يُلْقَوْنَ عند القرآن، فقال: يؤمنون بمحكمه، ويهلَكون عند متشابهه! وقرأ ابن عباس:"وما يعلم تأويله إلا الله "، الآية".
(3/181).
وقال ابن كثير في " تفسيره ": (2/5)
" ولهذا قال تعالى: { فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ } أي: ضلال وخروج عن الحق إلى الباطل { فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ } أي: إنما يأخذون منه بالمتشابه الذي يمكنهم أن يحرّفوه إلى مقاصدهم الفاسدة، وينزلوه عليها، لاحتمال لفظه لما يصرفونه، فأما المحكم فلا نصيب لهم فيه؛ لأنه دامغ لهم وحجة عليهم، ولهذا قال: { ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ } أي: الإضلال لأتباعهم، إيهامًا لهم أنهم يحتجون على بدعتهم بالقرآن، وهذا حجة عليهم لا لهم، كما لو احتج النصارى بأن القرآن قد نطق بأن عيسى هو روح الله وكلمته ألقاها إلى مريم، وتركوا الاحتجاج بقوله تعالى: { إِنْ هُوَ إِلا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ } وغير ذلك من الآيات المحكمة المصرحة بأنه خلق من مخلوقات الله، وعبد، ورسول من رسل الله.
وقوله: { وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ } أي: تحريفه على ما يريدون.
ـ وذكر بسند الإمام أحمد ـ: عن عائشة قالت: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: { هُوَ الَّذِي أَنزلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ [ فَأَمَّاالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ ] } إلى قوله: { أُولُو الألْبَابِ } فقال: ( فإذا رأيتم الذين يُجَادِلُون فيه فهم الذين عَنَى اللهُ فَاحْذَرُوهُمْ ) ". انتهى.
وفي الحديث عن أبي أُمَامَةَ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فِى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ:
{ فَأَمَّا الَّذِينَ فِى قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ }، قَالَ: ( هُمُ الْخَوَارِجُ ).
أخرجه: أحمد (5/262)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2/60)، والطبراني في "الكبير" (8/325).
قال ابن كثير في "تفسيره" بعد أن ساق هذا الحديث :
" وهذا الحديث أقل أقسامه أن يكون موقوفًا من كلام الصحابي، ومعناه صحيح؛ فإن أوّل بدعة وقعت في الإسلام فتنة الخوارج ".
(2/7).
۞۞۞۞۞
فاحذروا أيها العقلاء يا أهل الحل والعقد وأهل القرار من فتنة " الإخوان المسلمين " وخديعتهم وخيانتهم وغدرهم، فهم يتربصون بكم الدوائر، ويستغلون غفلة الغافل ويدسون السّم في العسل، فهم كالعقارب: إن تمكنوا لدغوا، فيُخرجون الفتاوى المعسولة التي ظاهرها الرحمة وباطنها فيها العذاب والخسران في الدنيا والآخرة، ثم يُأججون عليكم الرعية، ويوقعونكم في سخط الله ومقته.
۞۞۞۞۞
نقل صاحب كتاب " كشاف القناع "، و" مطالب أولي النهى "، و" الشرح الممتع " عن ابن تيمية قوله:
" مَنْ اعْتَقَدَ أَنْ الْكَنَائِسَ بُيُوتُ اللَّهِ، أَوْ أَنَّهُ يُعْبَدُ فِيهَا، أَوْ أَنْ مَا يَفْعَلُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى عِبَادَةٌ لِلَّهِ وَطَاعَةٌ لَهُ وَلِرَسُولِهِ، أَوْ أَنَّهُ يُحِبُّ ذَلِكَ، أَوْ يَرْضَاهُ فَهُوَ كَافِرٌ؛ لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ اعْتِقَادُهُ صِحَّةَ دِينِهِمْ، وَذَلِكَ كُفْرٌ، أَوْ أَعَانَهُمْ عَلَى فَتْحِهَا؛ ـ أَيْ: الْكَنَائِسِ ـ وَإِقَامَةِ دِينِهِمْ؛ وَ اعْتَقَدَ أَنَّ ذَلِكَ قُرْبَةٌ أَوْ طَاعَةٌ؛ فَهُوَ كَافِرٌ لِتَضَمُّنِهِ اعْتِقَادَ صِحَّةِ دِينِهِمْ ".
۞۞۞۞۞
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين،،
۞۞۞۞۞
أذنتُ بنشره علّ الله أن ينفع به وينفعني أنا به أولاً يوم أن ألقاه سبحانه وتعالى.
۞۞۞۞۞
كتبه
أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثي
الثلاثاء 27/ 6 / 1434هـ.