ألقى الشيخ حمد الجاسر - رحمه الله - " علامة الجزيرة في التاريخ " محاضرة في (جامعة أم القرى) بمكة بعد مغرب ليلة الأربعاء 13 جمادى الآخرة سنة 1402هـ ، ثم نشرها كبحث في مجلة العرب ( س 17 ج 3-4) ؛ أحدث هزة وربكة بين أساطين التصوف في الحجاز بسبب نسفه - تاريخيًا - لكثير من خرافاتهم التي يوردونها كحقائق ليُضلوا بها البسطاء ؛ ولذا فقد حاولوا الرد عليه والتهويش ، متناسين شهادة الجميع له بالتفرد والتفوق على أبناء عصره في هذا المجال التاريخي .
وقبل أن أنشر أهم ماجاء في بحثه ؛ لابد من ذكر 3 تنبيهات :
الأول : أن الصوفية في الحجاز شرذمة قليلة حاولت خداع الناس بأنها تمثل أبناء تلك المنطقة ! مستغلة الأحداث السياسية المعروفة في بداية تشكيل المملكة . وهذا أمر مجانب للحقيقة ؛ إذ أن أهل الحجاز - وفقهم الله - هم من أهل السنة - ولله الحمد - ؛ كما يشهد بذلك تاريخهم وعلماؤهم الذين حاول دهاة التصوف إخفاء صوتهم . ومن أراد معرفة هذه الحقيقة المغيبة فليرجع إلى رسالة ( جهود بعض علماء البلد الحرام في تقرير العقيدة السلفية في القرن الرابع عشر الهجري ) للأستاذ عبدالمحسن الحربي .
وأبشر الإخوة بطلائع حجازية قادمة تعيد الحق إلى نصابه ، وتسهم في كشف الحقيقة ؛ كما رأينا في رد الشريف حاتم العوني على مي يماني وغيرها من الصوفية ، وكما في ردود الشيخ الموفق سمير مالكي على قريبه محمد علوي مالكي .. وآخرين غيرهم ؛ زادهم الله توفيقًا .
الثاني : قد لايعرف كثيرون أن زناد دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله قد انقدح من الحجاز ، وأن شيوخه الحجازيين ( كابن سيف ومحمد حياة السندي المدني ومحمد البرهاني وغيرهم ) هم أول من لفت نظره إلى أهمية التوحيد ، وأيدوه على دعوته إليه . ( انظر : عقيدة الشيخ محمد بن عبدالوهاب السلفية .. للشيخ صالح العبود، 1/150-169) . وأن أبرز وأكثر من عارضه هم شيوخ نجد ! . فمايسمى بالدعوة ( الوهابية ) حجازية المنشأ ؛ لا كما يحاول الصوفية ترويجه ؛ بغية صد الناس عن الحق .
الثالث : قد يقال : ألا نكتفي بالنصوص وأقوال العلماء الشرعيين في الرد على هؤلاء الصوفية ؟ فأقول : يكفي هذا مع طلاب الحق ، أما الممارون المجادلون كالمتصوفة ؛ فلا يكفيهم أن تورد عليهم الأدلة الشرعية وأقوال العلماء ؛ لأنهم سيتخلصون منها بحيل كثيرة ؛ إما بصرف المعنى ، أو بتعدد الأفهام ، أو .. الخ . أما الرد التاريخي الذي ينسف خرافاتهم من أساسها فلن يستطيعوا له دفعًا ولا تحويلا . والله الموفق .