هياكل عظمية وجثث ذائبة.. شاهد على جرائم الصهاينة
"ها هي انتصارات إسرائيل، وها هو جيشها الأخلاقي".. بكلمات ساخطة ملؤها الغضب أخذ هشام الخازندار يصيح بألم بينما يداه منشغلتان مع آخرين من أبناء قطاع غزة في نقل عشرات الجثث من تحت أنقاض أبراج الكرامة السكنية (شمالا)، والتي قصفها الاحتلال الإسرائيلي أكثر من مرة خلال الأيام القليلة الماضية.
حزن عميق ارتسم في عيني هشام وعيون أهالي المنطقة بسبب بشاعة ما يشاهدون من أجساد لم يتبق منها سوى هياكلها العظمية التي سالت أطراف بعضها وتناثرت في المكان.
وما إن أعلن الاحتلال الإسرائيلي عن وقف إطلاق النار أحادي الجانب منذ الثانية بعد منتصف الليلة الماضية وانسحاب دباباته بشكل محدود من الأماكن الشمالية والشرقية التي كانت تتمركز فيها، حتى خرجت غزة على بكرة أبيها تنقب عن أبنائها بين الجرحى وتحت الأنقاض التي خلفتها آلة الدمار الإسرائيلية التي تفتك بالقطاع منذ 27-12-2008 مخلفة نحو 1300 شهيد و5300، جريح نصفهم من النساء والأطفال.
هشام، الذي فقد في الحرب 3 من أفراد عائلته، قال: "المشهد لا يمكن وصفه، هناك جثث تفحمت وحرقت بالكامل، لا شيء تبقى سوى الهياكل العظمية".
ويذرف أبو رأفت دموعا حارة، وهو ينتقل من شقة إلى أخرى في أبراج الكرامة، قائلا بصوت حانق: "حسبنا الله ونعم الوكيل.. لقد استخدموا (الإسرائيليون) بحقنا أسلحة نووية، لم نعد نتعرف على هوية شهدائنا، فأجسادهم مذابة".
مدير عام الإسعاف والطوارئ في وزارة الصحة الفلسطينية الدكتور معاوية حسنين قال:" انتشلنا حتى هذه اللحظة أكثر من 100 جثة من تحت الأنقاض، بشمال وشرق وغرب مدينة غزة، وما لاحظناه، وبشديد الأسف، أن إسرائيل استخدمت في قصفها الأخير أسلحة فتاكة قوية التدمير، هذه الأسلحة والقذائف أذابت أجساد الأبرياء وخلفتهم هياكل عظمية".
وأوضح أن "أكثر من ست جثث أخرجناها من أبراج الكرامة كانت عبارة عن لحوم ذائبة"، مضيفا: "في منطقة تل الهوى غرب مدينة غزة انتشلت فرق الإسعاف والإنقاذ جثثا متفحمة، ولم نستطع تمييزها.. وأثناء تنقل أطقم الإسعاف داخل مستشفيات القطاع، خاصة مستشفى الشفاء، كانت هناك جثث قد اختفت معالمها، كما أن بعض مصابي الحرب قد فقدوا أطرافا علوية وسفلية، بينما تم بتر أطراف عدد آخر من المصابين الذين تعرضوا لنيران القنابل الإسرائيلية الحارقة".
تل الألم.. "الهوى" سابقا
وفي تل الهوى، حيث دارت إحدى أشرس المعارك البرية بين المقاومين وقوات الاحتلال الإسرائيلي، حكت شاهدة عيان تدعى أم خالد الأعرج ظاهرة أخرى اعترت بعض جثامين الشهداء وأجساد المصابين، قائلة: "فرق الإنقاذ انتشلت جثثا قد تفحمت بالكامل، بينما ظلت معالمها وملامحها واضحة، كأنما تم وضعها في فرن".
وتابعت أم خالد: "إسرائيل خلال الاشتباكات الأخيرة في حينا، ألقت علينا مادة أشبه بالبودرة البيضاء أو الطحين، أدت لإصابات وحروق بالغة في أجساد من سقطت عليهم".
د. معاوية حسنين من جانبه قال إن هذه المادة "تحتوي على عناصر كيماوية محرمة دوليا"، داعيا المؤسسات الدولية المعنية مثل منظمة الصحة العالمية لإجراء تحقيقات فورية لكشف الجرائم الإسرائيلية في هذا المجال.
داعية إلى "توثيق جرائم إسرائيل" قالت أم عامر البنا -شاهدة أخرى من تل الهوى- بنبرات أثقلها الألم: "سائل جهنمي خرج من إحدى قذائف الاحتلال.. ما إن لامس ساقي صغيري حتى أخذتا في الانصهار واضطر الأطباء لبترهما.. ليس هذا فقط، بل أطلقوا علينا غازات تقتل من يستنشقها، وهو ما حدث لابن شقيقي الذي ما إن استنشق بعضها حتى سقط فاقد النطق، فظنوه فاقدا للوعي، لكنه كان قد فارق الحياة".
الجرائم ستتكشف تباعا
المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان أصدر بيانا أكد فيه ما جاء على لسان شهود العيان مضيفا أن "مئات الجثث لا تزال تحت أنقاض المباني والأبراج السكنية التي قصفتها آليات الاحتلال الإسرائيلي وطائراته خلال 23 يوما من العدوان الوحشي على غزة، وإذا كانت طواقم الإسعاف قد انتشلت خلال الساعات الأخيرة نحو 100 جثة فهناك مئات غيرها لا تزال مجهولة المصير".
ونقل البيان عن عشرات من شهود العيان قولهم: إن "إسرائيل استخدمت أسلحة محرمة دوليا، ذات تأثيرات لم تعهدها الطواقم الطبية والإسعافية العاملة في أية حروب سابقة"، مشيرا إلى ما أدلت به هذه الطواقم وكثير من الحقوقيين الذين عاينوا بعض الجثث، أنها "لأطفال ونساء قد تفحموا بالكامل، ولم تعرف هوياتهم، ما أدى إلى بقاء الكثير من العائلات غير قادرة على التعرف على ذويهم، أو التيقن من مصيرهم".
فلسطينيون ممن عاصروا المجزرة علقوا قائلين: "هذا الوجه البشع للحرب هو ما تكشف خلال الساعات الأولى لإعلان وقف إطلاق النار، فما الذي سوف تكشف عنه الأيام القادمة من جرائم وبشاعات ارتكبت في خلال أيام العدوان الهمجي على القطاع؟!".
( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
2009-01-19, 08:58
هياكل عظمية وجثث ذائبة.. شاهد على جرائم الصهاينة
العرض العادي
