السلام عليكم أخواني أعضاء منتدى الجلفة ..
كتبت هذا الموضوع وأرحب بمناقشته معكم ..
بسم الله نبدأ:
يتسابق الكثيرون لفك شفرة داعش ومعرفة ماهيته وداعميه ومصادر تمويله ...إلخ. ولكن في الحقيقة إن تغلغلنا وسط داعش، فسيتنهي بنا الأمر إلى جدال طائفي عقيم وخلاف وربما قتال. فبما أن خلافنا حول داعش يضعفنا ويخدم أعدائنا، فكان لابد من الأعداء الاستمرار في إخفاء ملامح هذا التنظيم وتضليل الناس عنه.
حلقات الربط مفقودة ويكاد يستحيل الربط بينها دون وجود معلومات استخبارتية دقيقة تحدد توجهات داعش، فتارة هي تنظيم إسلامي أصولي قاعدوي وتارة هي تصعد من أسهم الأسد وتارة هي تحارب الأسد وتارة تقتل عشائر العراق وتارة تقاتل جيش المالكي وتارة أخرى هي تهدد السعودية!!
كذلك ومما لا شك فيه أن تنظيم داعش مخترق عن بكرة أبيه، ومما لاشك فيه كذلك أن له أهداف تسعى جهات أخرى لتحقيقها من خلاله، ومن ناحية أخرى فإن أهداف الجهات الأخرى تتقاطع بشكل مريح مع أهداف قطاع كبير من التنظيم يتمثل في الأصوليين الذين أعلنوا قيام الخلافة في خطوة خطيرة وصادمة لكل حركة إسلامية متطرفة قبل المعتدلة، وهي بمثابة إعلان حرب شاملة تدكّ الشرق الأوسط، وقريباً ستنكشف الجهات الخارجية التي تحرك هؤلاء الدمى علناً دون أن يستطيع أحد فعل أي شيء حيال ذلك، وسيستمر القتال بأبشع صوره في تاريخ البشرية.
لذلك توصلت إلى قناعة أنني لن أتمكن من معرفة هوية هذا التنظيم المريب إلا من خلال الابتعاد عن الدائرة الأولى الضيقة لداعش، وتحليل المواقف الإقليمية ثم الدولية حول أي تطور يكون داعش طرفاً فيه.
هناك بعض الأمور المريبة وجبت ملاحظتها:
نشاط (أكرر نشاط) داعش في سوريا أتى بعد سقوط إخوان مصر وخسارة إيران أحد أهم أوراقها في المنطقة، فقد كانت تلك صفعة قوية تلقتها إيران ما يفسّر إصرار السعودية الملحّ على الإطاحة بحكم الأخوان بكل قوتها وإن كان ثمن ذلك توتر العلاقة مع أهم جيرانها، قطر، المنحازة إلى جماعة الأخوان المسلمين، دون الاكتراث إلى تبعات وخطورة معاداة فصيل إسلامي كبير وقوي مدعوم من دولة قوية ذات نفوذ، فعدائها لإيران أعماها عن كل شيء خصوصاً عندما حققت إيران مكاسب متلاحقة ترجمتها بتقارب العلاقات بينها وبين الغرب وانفتاحها على الدول العربية المجاورة وخصوصاً (مصر مرسي) التي أبدت ترحيباً كبيراً بالتطبيع معها.
فبعد صفعة سقوط (مصر مرسي) نشطت داعش في سوريا وقلبت الموازين فجأة ورجحت كفة الأسد بشكل كبير ضد تقدم الثوار، وبالتالي استطاع الأسد كسب الجولة وأعلن إعادة انتخابه رسمياً رئيساً للبلاد وهو ما كانت السعودية تخشاه وتقاتل بكل قوتها ضده، وهنا نشتم رائحة إيران في نشاط داعش ودعم هذا الجزء منه، وتكون إيران بذلك قد ردّت الصفعة للسعودية وعاد التوازن بين إيران والسعودية في الميدان.
دون أدنى شك السعودية لن تسكت بعد الصفعة، فهي لن تقبل بأي تمدد لنفوذ إيران في المنطقة، لذلك شهدنا نشاط الجبهة العراقية لداعش رغم أن داعش في بادئ الأمر كانت تحارب العشائر الثائرة ضد نظام المالكي، وهو ما يشير إلى أصابع المالكي وإيران في مجابهة ثورة العشائر السنية وقمعها بكل قوة.
ولكن فجأة ودون ترتيب مسبق انقلبت الآية ووجدنا داعش قد انقلبت على المالكي وقامت بالسيطرة على أجزاء كبيرة من العراق وباتت على مشارف بغداد، وهذا ما يصعب فهمه حقيقة، فكيف يمكن لداعش التي كانت في صف المالكي ضد الثوار، أن تصبح في ليلة وضحاها في صف الثوار ضد المالكي، بل وباتت على وشك إسقاطه؟!
والجواب برأيي يتضح عندما نعرف المستفيد من هذا التحول الهائل، ونستذكر هنا تراشق الاتهامات بين المالكي والسعودية عندما اتهمها المالكي بدعم الإرهاب في العراق، وجاءه الرد السعودي في منتصف يونيو الماضي ساخراً وقوياً بنصحه للمالكي بألا يعارض السعودية!!
طبعاً هذه النبرة الواثقة من الجانب السعودي تعكس أمرين، الأّول أن هذه النصيحة ليست موجهة للمالكي وإنما هي رسالة وشفرة فهمتها إيران جيداً.
والثاني أن السعوديين يعون جيداً ما ستحمله قادم الأيام من تطورات ميدانية وبالتالي يتضح دور السعودية وترتيبهم للفصل التالي من المواجهة مع إيران باستخدام المارد داعش.
ويؤكد ذلك، الموقف السعودي الفاتر والمتأخر من غزوة داعش العراقية التي لامست حدود بغداد، وكأنها لم تجد في الانهيار الأمني وتقدم المسلحين من الحدود السورية إلى الموصل وتكريت وسامراء حتى بغداد، ما يستدعي صدور موقف عاجل وواضح، أقله من باب التضامن الدبلوماسي الشكلي مع عاصمة عربية مجاورة.
وهذا بالتالي يفسّر انتشار ضباط جيش صدام في داعش بل وتبوئهم مناصب قيادية فيه، وذلك بطبيعة الحال لن يحدث لهم إلا من خلال راع رسمي و جهة أخرى كبيرة كالسعودية تكون مصلحتها في إسقاط المالكي، وهذا العرض يتناسب تماماً مع الصداميين ومع العشائر ومع القاعدة والإسلاميين.
خلاصة الكلام:
يبدو جلياً ارتباك الموقف السعودي مما يتربص بآل سعود من مخاطر تقوض حكمهم. وهذا ما جعلهم يخوضون حرباً وجودية جعلتهم يتخبطون يمنة ويسرة في مواقفهم وعدائهم للكثير من الدول والفصائل والأحزاب والحالة الهستيرية التي بدأت معهم منذ انسحابهم من عضوية مجلس الأمن. فمن خلال تحركاتهم المتهورة غير المدروسة واستعدائهم لجيرانهم وعدم تقبلهم لواقع أن إيران أضحت أعلى كعباً ونفوذاً منها خصوصاً مع الغرب في ظل التقارب الإيراني - الغربي، وضع السعوديون أنفسهم في موقف لا يحسدون عليه والأخطار أصبحت فعلاً محيطة بهم من الشمال والجنوب.
ولذلك نجد السعودية المحاصرة تدفع قوى 14 آذار دفعاً من أجل استلام الحكم في لبنان وتوجيه ضربة قاصمة إلى حزب الله وإلا فإن الاجتياح يتربص بلبنان كما هددت صحيفة عكاظ السعودية المقربة من النظام، ولكن لبنان المنهكة والمحاطة بالمصائب والمخاطر أضعف من أن تقاتل في صف السعودية وتستعدي حزب الله الذي أثبت قوة نفوذه في لبنان وأضحى عقبة في عدم الاتفاق على رئيس للجمهورية اللبنانية حتى الآن. ولاندري هل التفجيرات التي شهدتها لبنان مؤخراً هي تنفيذاً لتهديد صحيفة عكاظ السعودية؟ لا أستبعد!
التدخل السعودي أصبح مفضوحاً ، كما أن التدخل الإيراني كذلك. فانتبهوا انتبهوا .. إنها حرب بين السعودية وإيران!
دمتم لي سالمين ..
إعلامي