بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وبعد:
• لقد تفرق الشيعة فرقا شتى، ولم يبق من هذه الفرق اليوم إلا الإسماعيلية والزيدية والاثنى عشرية، وأخطرها على الإسلام والمسلمين الشيعة الاثنى عشرية، فهم أشهر هذه الفرق، وهم المعروفون باسم الشيعة اليوم، وشخصياتهم مشهورة في العالم كالخميني وغيره، كما أنهم أكثر هذه الفرق عددا، ومنتشرون في كثير من البلدان، ويسعون لتشييع أهل السنة، ويسَخّرون في ذلك عشرات القنوات الإذاعية كالمنار والفرات والعراقية والزهراء غيرها. ولذلك فإن دراسة الشيعة تكاد تنصب على هذه الفرقة من فرقهم
وقد سموا باسم الشيعة الاثنى عشرية لاعتقادهم بإمامة اثني عشر إماما بعد رسول الله ﷺ، ويسمون أيضا بالشيعة الإمامية والجعفرية، ويسميهم أهل السنة بالروافض أو الرافضة، لأنهم رفضوا • خلافة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما.
• ويتواجدون بشكل أساسي في إيران، ولهم تواجد كبير في العراق ولبنان والبحرين وباكستان وأفغانستان، ويشكلون أقلية في بعض البلدان كالسعودية والكويت، ودعوتهم نشطة في بلدان أوربا وأمريكا وبعض بلدان المغرب العربي.
• والإمامية المنتشرة في العالم اليوم جعلوا شغلهم الشاغل منصبا على الاعتقاد في إمام قائم معين من قبل الله في كل زمان ومكان، فوظيفة الإمام عند الشيعة ليست فقط الوظيفة السياسية والقيادة الدنيوية كما ينظر أهل السنة، بل هي استمرار للنبوة، ووظيفة الإمام عندهم كوظيفة النبي ﷺ وصفاته كصفاته، وتعيين الإمام كتعيين النبي ﷺ لا يتم إلا باختيار إلهي، لذلك أوردوا روايات تصف أئمتهم بكل صفات الكمال التي في الرسل والأنبياء، فلا فرق عندهم بين الإمام والنبي، حتى قال المجلسي صاحب بحار الأنوار: (ولا يصل عقولنا فرق بين النبوة والإمامة) ([20]).
• قال الكليني: (كتب الحسن بن العباس المعروفي إلى الرضا عليه السلام: جعلت فداك، أخبرني ما الفرق بين الرسول والنبي والإمام؟ قال: فكتب: الفرق بين الرسول والنبي والإمام، أن الرسول الذي ينزل عليه جبرائيل فيراه ويسمع كلامه وينزل عليه الوحي، وربما رأى في منامه نحو رؤيا إبراهيم عليه السلام، والنبي ربما سمع الكلام، وربما رأى الشخص ولم يسمع، والإمام هو الذي يسمع الكلام ولا يرى الشخص) ([21]).
• ويرى الخميني أن الإمامة عندهم منصب رباني له من القداسة ما للنبوة أو أكثر، فقال الخميني: (وإن من ضروريات مذهبنا أن لأئمتنا مقاما محمودا، لا يبلغه ملك مقرب ولا نبي مرسل) ([22]).
• قال المظفر وهو من أكابر علمائهم، وكتابه في عقائد الإمامية يدرس إلى اليوم في حوزاتهم: (نعتقد أن الإمامة كالنبوة لا تكون إلا بالنص من الله تعالى على لسان رسوله أو لسان الإمام المنصوب بالنص إذا أراد أن ينص على الإمام من بعده، وحكمها في ذلك حكم النبوة بلا فرق، فليس للناس أن يتحكموا فيمن يعينه الله هاديا ومرشدا لعامة البشر، كما ليس لهم حق تعيينه أو ترشيحه أو انتخابه، لأن الشخص الذي له من نفسه القدسية، استعدادا لتحمل أعباء الإمامة العامة، وهداية البشر قاطبة يجب إلا يعرف إلا بتعريف الله، ولا يعين إلا بتعيينه) ([23]).
• ومن ثم انفردت عقيدة الشيعية عن كل الفرق الإسلامية باعتمادها على هذا المبدأ، وجعله ركنا أساسيا ينبني عليه الدخول في الإسلام أو الخروج منه، بل جعلوه أهم ركن من أركانه، كما نسب إلى أبي جعفر قال: (بني الإسلام على خمس، على الصلاة والزكاة والصوم والحج والولاية، ولم يناد بشيء كما نودي بالولاية، فأخذ الناس بأربع، وتركوا هذه) ([24]).
وفي رواية عندهم: (بني الإسلام على شهادة أن لا اله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان والحج إلى البيت، وولاية عليّ بن أبي طالب) ([25]).
•كما جعلوا قبول أعمال العباد متوقف على اعترافهم بالأئمة، فذكروا عن جعفر بن محمد عن أبيه قال: (نزل جبرائيل عليه السلام على النبي ﷺ، فقال: يا محمد، السلام يقرئك السلام، ويقول: خلقت السماوات السبع وما فيهن، والأرضين السبع وما عليهن، وما خلقت موضعا أعظم من الركن والمقام، ولو أن عبدا دعاني منذ خلقت السماوات والأرضين ثم لقيني جاحدا لولاية عليّ لأكببته في سقر) ([26]).
• لقد تجرأ الشيعة على أن كفروا أصحاب رسول الله ﷺ، وعلى رأسهم أبو بكر وعمر، وحكموا بردتهم، لا لشيء إلا أنهم لم يعترفوا بهذا الركن العظيم من أركان الدين.
لقد أنزل الله القرآن كتاب هداية وإرشاد، وبين فيه للناس ما نزل إليهم، لذا جاء في القرآن نصوص كثيرة صريحة في وجوب الصلاة والأمر بها والحث عليها، وصرَف القول فيها وأعاده وأكده، ووعد مقيمها وأوعد تاركها، وكذلك الأمر بالنسبة للزكاة والصوم والأخلاق والمعاملات، بل إن أطول آية في القرآن جاءت لبيان أمر فرعي يتعلق بالدَّين وكتابته وأحوال الكاتب، وحكم الكتابة عن الصغير وغير العاقل، بكل تفصيل وتبيين، فكيف لم يعرض هذا الكتاب لمسألة الإمامة التي يتوقف عليها قبول الأعمال عند الله؟ ولم لم يذكر لنا هذا الركن الأساسي ويبينه ويفصله كسائر الأركان؟
• لقد بلغ الحرج الذي لحق الشيعة مداه من الإجابة على هذا السؤال حتى طعنوا في القرآن وحرفوه وزعموا أن الصحابة رضي الله عنهم حذفوا من القرآن سورة الولاية التي تنص على مزاعمهم.
• الوهم الشيعي عند الإمامية في اختلاق أئمة لم يباشروا مهامهم.
• يعتقد الشيعة بأن النبي ﷺ لم يمت حتى أوصى بالأمر إلى عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه، وعلي لم يمت حتى أوصى إلى ابنه من بعده، وهكذا كل إمام لا يموت حتى يوصي إلى واحد من أبناءه من بعده، وينص عليه ويعينه، فالأمر عندهم بالوراثة، واختلقت الشيعة في كتبها نصوصا عن الرسول ﷺ ينص فيها على إمامة كل إمام ومن يليه، وهؤلاء الأئمة حسب تسلسلهم هم:
1. عليّ بن أبي طالب المرتضى 40هـ.
2. الحسن بن عليّ الزكي 49هـ.
3. الحسين بن عليّ الشهيد 61هـ.
4. عليّ بن الحسين زين العابدين 110هـ.
5. محمد بن عليّ أبو جعفر الباقر 119هـ.
6. جعفر بن محمد الصادق 148هـ.
7. موسى بن جعفر الكاظم 164هـ.
8. عليّ بن موسى الرضا 203هـ.
9. محمد بن عليّ الجواد 220هـ.
10. عليّ بن محمد الهادي 254هـ.
11. الحسن بن عليّ العسكري الزكي 260هـ.
12. محمد بن الحسن المهدي وهو ما زال على قيد الحياة وعمره الآن 1171سنة، فيكون أطول عمرا من نوح عليه السلام.
وكما تقدم فقد حصل إشكال في هذه الشجرة ثلاث مرات([27])، حيث كان إمامهم السادس جعفر الصادق قد عيّن ولده إسماعيل إماما من بعده، وأكد أنه حامل علمه ومعدن سره، وأن رسول الله ﷺ • قد عينه وأوصى به، ويأبى الله إلا أن يفضح الكذابين، فمات إسماعيل في حياة أبيه وكانت الفضيحة، واضطربت الأمور وكثر الاستنكار، ورجع كثير منهم إلى مذهب أهل السنة، وأنكر فرقة من الشيعة موته، وادعوا بأنه غاب ولم يمت، وبأنه المهدي المنتظر، وانشقوا بمذهب جديد، وتسموا بالشيعة الإسماعيلية، لكن إمامهم أبا جعفر عين ولده موسى إماما جديدا من بعده بحجة اعتقادهم البداءة.
• ثم حصل إشكال مرة ثانية في عصر إمامهم التاسع عليّ بن محمد التقي، إذ مات ولده الذي كان قد عينه إماما من بعده، وأخبر أنه معين من قبل الله ورسوله ﷺ من قبل أن يموت أبوه، ولم يتحقق ما أخبر الله به، تعالى الله عما يقولون، ويجيب إمامهم هذه المرة أيضا بالبداءة، ويعين ابنا آخر إماما.
• وفي المرة الثالثة مات الحسن العسكري إمامهم الحادي عشر، قبل أن يولد له ولد، لتتلاشى عند ذلك الوصاية المزعومة، وتتلاشى معها الإمامة، وتتلاشى الرجعة والتقية والمتعة والخمس والبداءة، وكل العقائد الشيعية التي أساسها ومربطها إنما هو الإمامة.
• لكن مدبرها عنده شيء من الحكمة، فقد اختلق عقيدة جديدة ترقع ما تمزق، وترأب ما انصدع، إذ زعم أن للحسن العسكري ولدا خبأه في سرداب، وسيرجع لشيعته قريبا جدا، لتدور عجلة هذا المذهب بعد أن توقف، ويدفعَ الناس الخمس بعد تخوف، وتعودَ تلك الدنانير إلى أكياسها، وتستمرَّ حياة المعممين في ظل العقيدة الشيعية، ويكتب لهذا المذهب عمر جديد إلى آخر الزمان.
• ومن العجيب أنه بعد علي والحسن رضي الله عنهما، لم يمكّن لأحد من الأئمة الذين قدسوهم ووصفهم بالعصمة والطهارة وغير ذلك من الصفات التي ألهوهم بها.
للأمانة منقول بقلم خالد مسعد جازاه الله عنا كل خير