بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على سيد المرسلين
فهذا نموذج لأحد كبار الصحابة الأتقياء الزاهدين المتورعين عن الخوض في الفتن
جاءه مَرَّة أهل فتنة *يعني التي كانت بين علي و معاوية رضي الله عنهم* فدعَوْه - رضِي الله عنه - إلى الخروج معهم، فأبى عليهم سعدٌ وقال: لا، إلا أن تُعطُوني سيفًا له عينان بصيرتان، ولسان ينطق بالكافر فأقتله، وبالمؤمن فأكف عنه، وضرب لهم سعد مثَلاً فقال: مثَلُنا ومثَلُكم كمثل قومٍ كانوا على محجَّة بيضاء واضِحة، فبينما هم كذلك يَسِيرون هاجَتْ ريح عجاجة، فضلُّوا الطريق والتَبَس عليهم، فقال بعضهم: الطريق ذات اليمين، فأخذوا فيه فتاهوا فضلُّوا، وقال الآخَرون: الطريق ذات الشمال فأخَذوا فيه فتاهُوا فضلُّوا، وقال الآخَرون: كُنَّا على الطريق حيث هاجَت الريح فأناخُوا وأصبَحوا وذهَبَت الريح وتبيَّن الطريق، قال مَيمون بن مِهران - رحمه الله تعالى -: فهؤلاء هم أهل الجماعة، قالوا: نلزَم ما فارَقَنا عليه رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - حتى نلقاه، ولا نَدخُل في شيءٍ من الفِتَن حتى نلقاه. إنتهى
و قد ذهَب في غنَمِه وترَك الناس يَموجُون في الفِتَن، فجاءَه ابنُه عمر - وكان ممَّن انغَمَس في الفِتَن - فلمَّا رآه سعدٌ قال: أعوذ بالله من شرِّ هذا الراكب، فنزل فقال لأبيه: أنَزلتَ في إبلك وغنَمِك وتركتَ الناس يَتنازَعون الملك بينهم؟ فضرب سعدٌ في صدرِه فقال: اسكت، سمعت رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول: ((إن الله يحبُّ العبدَ التقيَّ الغنيَّ الخفيَّ))؛ رواه مسلم.
و اليوم نرى الناس يتطاحنون للوصول إلى السلطة و لو بفعل ما يناقض التوحيد من الديمقراطية الفاسدة.
أو بالرشوة و الكذب و النفاق و شراء الذمم. و يشارك معهم من يشارك و الله تعالى يقول: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ)
ثم يقال إن هذا النظام الديمقراطي أفضل الموجود.
نسأل الله السلامة و العافية