الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد
فقد قال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في شرحه على رسالته : "الأصول من علم الأصول" صـ١٩٩-٢٠٠ :
"قوله : [اللهم أعنّي على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك] هذا دعاء من العبد أن الله يعينه على ثلاثة أشياء : الذكر، والشكر، وحسن العبادة، لأن المؤمن لابد أن يجمع بين الذل لله عز وجل والافتقار إليه وعبوديته : (إياك نعبد وإياك نستعين) وأظنّ أننا لسنا في المرتبة الأولى في هذا المقام، لأن الناس في هذا المقام أربعة أقسام :
١- منهم من يعبد الله ويستعينه
٢- ومنهم من لا يعبد الله ولا يستعينه
٣- ومنهم من يغلّب جانب الاستعانة
٤- ومنهم من يغلّب جانب العبادة
وأعلى المراتب الأولى، أن تجمع بين العبادة والاستعانة، ولننظر في حالنا الآن - وأنا أتكلم عن حالي - دائمًا نغلّب جانب العبادة، تجد الإنسان يتوضّأ وليس في نفسه شعور أن يستعين الله على وضوئه، ويصلي وليس في نفسه شعور أنه يستعين الله على الصلاة، وأنه إن لم يعنه لم يصلّ، وفي الحقيقة نحن في غفلة عن هذا، مع أن الاستعانة نفسها عبادة، فإذا صليت مثلًا وشعرت أنك تصلّي لكن بمعونة الله، ولولا معونة الله ما صليت، وأنك مفتقر أيضًا إلى الله أن يعينك حتى تصلي وتتم الصلاة حصلت على عبادتين : [الصلاة] و [الاستعانة]
فأكثر عباد الله - فيما أظن - والعلم عند الله يغلّبون جانب العبادة، فتراهم يغلّبون جانب العبادة ويستعينون بالله في الشدائد فحينئذ يقول أحدهم : اللهم أعنّي، لكن في حال الرخاء تكون الاستعانة قليلة من أكثر الناس.
كما أن بعض الناس تجد عندهم تهاونًا في العبادات لكن عندهم استعانة بالله في كل أمورهم، يقولون : إن لم يعنّا الله لا نفعل شيئًا، حتى شراك النعل لا يصلحه إلا مستعينًا بالله فهذا حسن من وجه ولكنه ضعيف من وجه آخر.
ومن الناس من يعبد الله ويستعينه، يجمع بين الأمرين.
ومن الناس من لا يعبده ولا يستعينه والعياذ بالله وهؤلاء هم الملحدون" أ.هـ بتصرّف يسير
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
منقول من شبكة سحاب السلفية