في كثير من الدول العربية لا يزال التعاطف مع ايران يمثل تهمة تستحق العقاب , وفي احيان اخرى تكون مبررا للتصفية كما هو حال جماعات التكفير التي تعتبر هذه ( التهمة ) من ابرز مبرراتها القاطعة للقتل .
الامر فيه خليط واسع من التناقضات ففي لحظة حماسية غامرة يعتبر كل العرب ان قضية فلسطين هي قضيتهم الام , ثم هم لا يفعلون شيء يستحق الذكر في سبيل مناصرتها او الذود عنها , وتفعل ايران في المقابل كل ما تستطيع فعله وبكل قوتها الممكنة وفي سبيل تحرير كامل الارض حتى دحر آخر صهيوني .
ولكن كثير من الدول العربية لا يجعلونها دولة صديقة لهم كنتيجة طبيعية لهذا التقارب الكبير في جزئية جوهرية كهذه , بغض النظر عن التقارابات الكثيرة الاخرى .
العرب انفسهم لم يعودوا يريدون فلسطين كاملة !!
لقد هلل الكثير منا حين تبنت المملكة العربية السعودية يوما مبادرة تنص على اعادة اراضي 67 مقابل حل القضية الفلسطينية بشكل كامل , من هلل حينها لم يكن مبتهجا بالمبادرة بقدر ابتهاجه بالسعودية التي وجدت نفسها اخيرا معنية بقول شيء يخص القضية وان كان ذلك القول سيعني التخلي عن نصف الارض , معلوم ان هذا اقصى ما يمكن ان يفعله اصحاب انصاف الحلول وانصاف المواقف .
ايران تقبل الاعتذارات كلها ..
يجرب الكثيرون الذهاب بعيدا في الاساءة لانهم يعلمون ان العودة ستكون اسهل عليهم من الذهاب نفسه , لا يكلفهم الامر اكثر من البعث برسالة فيها اشارة توحي ( بالاعتذار ) , فقط , حتى تسارع الجمهورية الاسلامية بمد ذراعيها مرحبة بالعودة الميمونة.
خالد مشعل نموذج واحد من عدة نماذج جربت الذهاب بعيدا , جربت رفع علم الجيش الحر , وجربت ان تترك دمشق .
متناسيا كل ما قيل بحق الاصدقاء تحت راية هذا العلم الذي رفع في مناسبات كثيرة جنبا الى جنب مع علم الكيان الصهيوني.
خالد مشعل واحد من الذين انخدعوا بالضجيج التي احدثته الاقنية الاعلامية والمؤتمرات الدولية التي اقيمت لاجل تضليل الرأي العام الدولي ضد سوريا وضد خط الممانعة كله , عاد بعضهم وبقي آخرون لم يبقى سوى خجلهم كمعيق لطلب العودة والغفران .
ولم يكن قد تذكر خالد مشعل ان دفع ثمن ذلك سيعني ان لا يجد بعدها من يحتفي به ويدعوه لاجتماعات مكثفة تناقش استراتيجات المواجهة والتحضير والتجهيز لما هو قادم , كما هو الحال مع الجمهورية الاسلامية وبرامج عملها المكثف تجاه كل الاطراف المقاومة , وان لا يجد احد ليخبره بان مخازن الاسلحة والصواريخ مفتوحة لكل المقاومين متى ما ارادوا وكيف ما ارادوا .
فقطر لم تفعل ذلك ولا تركيا تجرأت .
اسماعيل هنية , في كلمته المتلفزة الاخيرة امام المؤتمر السابع لاتحاد الإذاعات والتلفزيونات الإسلامية الذي اقيم اليوم الاحد في طهران تحت شعار “وسائل الإعلام للصحوة، صوت المقاومة، مواجهة الفتن الدينية” ، كرر مرارا شكره للجمهورية الاسلامية الايرانية على دعمها المتواصل سياسيا وماديا ولوجستيا واستراتيجيا للمقاومة في فلسطين .
يمكن في الحالات العامة الفهم ان تكرار الشكر يعني ضمنيا تأكيد الاعتذار , وان هذا الاعتذار سيعني العودة وان العودة تعني انه لابديل لايران لا عربيا ولا عالميا , وان فترة البحث عن البديل قد وصلت الى طرق مسدود .
خالد مشعل بدوره يرسل التحايا من قطر الى قائد الثورة الاسلامية , عليه ان يرسلها الى دمشق ايضا .
الجمهورية الاسلامية الايرانية تعيد التأكيد من خلال هذه المواقف انها ستبقى الداعم والراعي والمدافع عن القيم النضالية والتحررية في سبيل تحرير الشعوب من الاغلال التي تفرضها دول الاستكبار العالمي بقيادة امريكا , وانها لم ولن تغتر يوما بكل شكليات التحرر التي ترسلها امريكا وتحرض بها الشعوب على التنكر لكل من يرفع قيم المقاومة ويبذل الغالي والنفيس لاجلها ولاجل انجاحها .
بلال الحكيم/كاتب يمني
https://www.s2nn.com/index.php/%D8%A7...%B8%D8%B1.html