السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
أزمة شمال مالي ، بين غــباء السياسيين الجزائريين و غــباء قادة الجماعات المسلحة
المتتبع لأحداث التطورات شمال مالي ، يستنتج بعض النقط المهمة التي تحكم تطورات الوضع ، ليس شمال مالي ، بل في شمال إفريقيا بصفة عامة ، تلك النقاط و هي :
حركات مسلحة ، إسلامية ( كما تدعي ) ، و أخرى غير إسلامية ، ضعيفة ، إتفقت و إتحدت بعدما كانت مختلفة ، إتحدت ضد الهجوم الفرنسي شمال مالي ، حركات مسلحة ضعيفة من ناحية التسليح و ليس لها خيارات أخرى من أجل تجنب ضربة عسكرية غربية أو إيقافها سوى عن طريق تدويل القضية بطريقة إختطاف رهائن من شتى أنحاء العالم ،
لتصبح بذلك عوامل أخرى قد تتمكن من كبح ذلك التدخل العسكري الفرنسي ( في نظرها )
نحن نعلم أن جماعة أنصار الدين كانت لها علاقات حميدة مع بعض الساسة الجزائريين و كانت تجري ندوات صحفية في فنادق فخمة هنا في الجزائر ، و بالرغم من كل ذلك ، سمحت الجزائر للطائرات الفرنسية بعبور أجوائها و هنا يطرح التسائل : هل كان من المستعصي على الجزائر أن تلعب دور الوسيط بين جماعة أنصار الدين و الحكومة المالية ؟
الجواب هو : كان بإمكانها ذلك ، لكن الجزائر تبحث دوما على المكاسب ، و المكسب بالنسبة للجزائر هو القضاء على جماعة التوحيد و الجهاد ، هذا المكسب بالنسبة للساسة الجزائريين أهم من حركة أنصار الدين و أهم من الحكومة المالية ، بل حتى أنه أهم من حياة الدبلوماسيين الجزائريين المختطفين لدى حركة التوحيد و الجهاد ،
لأنه اليوم ، حياة الرهائن الدبلوماسيين شمال مالي ، قد تكون في خبر كان " ندعو الله أن يفك أسرهم "
و الذي أثار استغرابي هو خروج وزير الداخلية الجزائري دحوا ولد قابلية للإعلام ليعلن أنه : لا تفاوض و لا تنازل و لا تبادل و لا شيء مع الجماعة المسلحة التي احتجزت الرهائن الغربيين هذا الأربعاء ( اليوم ) ، و قال بعظمة لسانه : سواء إطلاق سراح الرهائن أو العنف ضدهم ؟
ثم أضاف للإعلام : الجزائر تستقبل طلبات الخاطفين و لا ترد عليهم !!!!!
و هنا أتسائل : أليس من الغباء تصريح كهذا ، لــ سياسي جزائري في قضية حساسة بذلك الشكل ؟
من المعروف أن التعامل مع مختطفين لرهائن يجب أن يخضع لمتخصصين، يتحكمون في أحاديثهم و كلماتهم و يضعون ألف حساب لكل كلمة ، بل و قد يتم أحيانا خداع المختطفين المسلحين أو إيهامهم و إعطائهم وعود بهدف إطلاق الرهائن أو على الأقل الحفاظ على حياتهم
فــ هل هي شجاعة من الساسة الجزائريين أن يعلنوا : لا للتفاوض و لا للتنازلات ، مع أنها قدرة على القول بعكس ذلك و إعطاء آمال للمسلحين بــ وعود وهمية بغرض تعطيلهم إلى غاية إنشاء خطة جيدة بهدف حماية حياة الرهائن
في إحدى قضايا اختطاف الرهائن في الولايات المتحدة الأمريكية ، قالت الشرطة للخاطف : سنريك من هو الذي يحكم ، فرد الخاطف قائلا : سأريكم من أكون ،
بعد مدة انتهت تلك العملية بمأساة و تدخل طبيب نفسي معروف قائلا ، كان يمكن تفادي تلك المأساة لو تعاملت الشرطة بالطريقة المناسبة دون الإظهار للخاطف بأنها هي التي تحكم ، لأن الخاطف مصاب بمرض العظمة و السيطرة
إذن تصريح وزير الداخلية للإعلام يندرج ضمن التصريحات الغبية الغير مدروسة و التي قد تؤدي لتدخل الدول التي ينتمي لها الرهائن ، بل و تدخلهم بقوة ، لأن الجزائر لا تملك أوراق قوية لمواجهة مواقف الدول الغربية ، بل نستطيع أن نقول أن الجزائر تملك أوراق خاسرة إن تدخلت الولايات المتحدة و بريطانيا في أزمة شمال مالي
و الزمن كفيل بما يستره الستار
اللهم إحمي أفراد الجيش الجزائري و الدرك و الشرطة العاملين في تلك المناطق الساخنة
بــ قلم رصاص
أستاذ بجامعة أدرار
و السلام عليكم