بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله تعالى نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له واشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له واشهد أن محمداً عبده ورسوله.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ )
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً )
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً )
أما بعد
فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى وأحسن الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعه وكل بدعه ضلاله وكل ضلاله فى النار.
· مما لا يخفى علينا ونراه رأى العين أن كثيرا من الناس قد ابتعد عن المنهج الشرعى فى الأفراح وراحوا يتابعون غير المسلمين فى أفراحهم فأخذوا منهم ما يصطدم صراحة مع شريعتنا الغراء التى هى خير الشرائع ويصطدم كذلك مع قيمنا وأخلاقنا الإسلامية.
- والأمر كما قال النبى صلى الله عليه وسلم كما عند البخارى ومسلم"
"لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا حجر ضب لدخلتموه. قالوا يا رسول الله: اليهود والنصارى؟ قال : فمن؟"
- وفى رواية عند البخارى وأحمد
"لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمتى مأخذ القرون شبراً بشبر وذراعاً بذراع. فقيل: يا رسول الله كفارس والروم؟ قال: ومن الناس إلا أولئك".
· فتجد فى أفراحنا الآن ما يُندى له الجبين ويُخجل كل شريف ويُؤلم كل حى فلقد اصبحت أفراحنا سوقاً للفسوق والعصيان ومرتعاً لإراقة الحياء وهتك الحجاب.
- أخرج ابن ماجة وصححه الألبانى من حديث زيد بن طلحة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "أن لكل دين خلق وخلق الإسلام الحياء".
· ولما كان الاسلام أشرف الرسالات أعطاه الله أسمى الأخلاق وأشرفها ألا وهو خلق الحياء. فإذا انسلخ الناس من الحياء فلا عجب أن ترى ما تراه الآن فى أفراحنا وفى غيرها من تبرج وسفور وعُرىّ وسماع للمعازف واختلاط وغير ذلك من المعاصى التى يحارب بها رب الأرض والسماء ولا حول ولا قوة إلا بالله ويسمون هذا فرح. أهو فرح بمعصية الله!!!
l ومن أسباب ابتعاد الناس عن المنهج الشرعى فى الأفراح:
l
(1) تساهل أغلبية الناس فى هذا اليوم بحجة أنه فرح ولا يجب التشدد فيه. غفل هؤلاء أن المسلم الحق هو المنضبط فى أفراحه وأتراحه وكل شئون حياته بميزان الشرع. وأن الإسلام لم يمنع الفرح فى العرس بل أمر به بدأ ً بالأمر بإعلان الزواج وإقامة الوليمة ودعوة الناس إليها وضرب الدف للنساء – بعيداً عن مسامع الرجال – وبعيداً عن المنكرات والمخالفات الشرعية كاستطحاب الآلات والمعازف أو الأغانى الفاضحة.
(2) تقليد الآخرين حتى فى ضلالهم ولسان حالهم يقول : أنا لست أقل من غيرى أو قول الأم : ابنتى ليست أقل من بنت فلان. هذا هو المبدأ الذى يحكم حفلات الزفاف عند كثير من الناس اليوم، ويفعل ما يفعله غيره ولو كان مخالف لكلام الله تعالى ولكلام رسوله صلى الله عليه وسلم.
(3) المباهاه وحب المظاهر وحب التظاهر على الآخرين.
· فهيا نتعرف على بدع ومخالفات الأفراح، سواء أكانت عند الخطبة أو اثناء العقد أو فى البناء.
· بدع ومنكرات عند الخطبة:
(1) قراءة الفاتحة عند الخطبة:
· وهذا أمر ما أنزل الله به من سلطان ولكن أمر جرى عرف الناس عليه، ولم يذكر أو يرد عن أحد من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو صحابته أو التابعين إلى تابعيهم أنه قرأ الفاتحة فلا يجوز اعتقاد ثبوتها أو القيد بها فى هذا الموطن لأن هذا من الإحداث فى الدين.
- وقد أخرج الإمام أحمد عن عائشة مرفوعاً : "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد".
- ويقول الإمام مالك رحمه الله:
· من أحدث فى دين الله ما ليس منه فقد زعم أن محمد صلى الله عليه وسلم خان الرسالة لأن الله تعالى يقول: (اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً )
· وإذا كان البعض يعتقد أن الخطبة إلزام وعهد فمن المعروف أن العهود لا توثق بقراءة القرآن فعُلم بهذا أن قراءة الفاتحة عند الخطبة أو عند إبرام العهود والعقود من المحدثات التى لم يفعلها أحد من السلف رضى الله عنهم.
(2) لبس دبلة الخطوبة:
· وهذا الأمر غير جائز لأنه تقليد أجنبى والنبى صلى الله عليه وسلم يقول كما فى سنن أبى داود بسند حسن: "من تشبه بقوم فهو منهم".هذا بجانب الاعتقاد الفاسد أنها تسبب محبة بين الزوجين فإنها تكون فى هذه الحالة "تميمة" وهى محرمة بل تصل لدرجة الشرك الأصغر إن كانت بهذه النية لقول النبى صلى الله عليه وسلم كما عند أبى داود وغيره "أن الرقى والتمائم والتوله شرك". فهى بجانب أنها تميمة تؤخذ أيضاً على أنها توله.
- فالتوله : شئ يعلقونه على الزوج يزعمون أن يحبب الزوجة إلى زوجها والزوج إلى امرأته وهذا شرك لأنه ليس بسبب شرعى ولا قدرى للمحبة.
· ولما يدل على أنهم يعتقدون أن دبلة الخطوبة تجلب المحبة، التشاؤم من خلعها وإذا ما عقد العاقد فإنه يشبك بين يديه فتخلع العروس الدبلة من اليد اليسرى الى اليمنى واليد متشابكة والعريس يفعل مثل ذلك ظناً منهما أنها إذا خُلِعت فهذا نذير شؤم بالفراق.
- قال ابن عثيميين كما فى القول المفيد على كتاب التوحيد ص142:
· والدبلة خاتم يشترى عند الزواج يوضع فى يد الزوج وإذا ألقاه الزوج قالت المرأة أنه لا يحبها فهم يعتقدون فيه النفع والضرر ويقولون أنه ما دام فى يد الزوج فإنه يعنى أن العلاقة بينهما ثابتة والعكس بالعكس.
· فإذا وجدت هذه النية فإنه من الشرك الأصغر فإن المسبب للمحبة هو الله وأن لم توجد هذه النية - وهى بعيدة ألا تصاحبها - ففيه تشبه بالنصارى فإنها مأخوذة منهم.
· وإن كانت من الذهب فهى بالنسبة للرجال محظور ثالث وهو لبس الذهب.
· فهى من الشرك أو مضاهاة للنصارى أو تحريم النوع إذا كانت للرجال.
- فقد أخرج الترمذى بسنده أن النبى صلى الله عليه وسلم قال:
"حُرم لباس الذهب والحرير على ذكور أمتى وأُحِل لإناثهم".
- قال الألبانى كما فى آداب الزفاف ص140:
· لبس بعض الرجال خاتم الذهب الذى يسمونه بخاتم الخطبة لا يجوز لأمرين:
الأول : فيه مخالفة صريحة لنصوص صحيحة تحرم خاتم الذهب على الرجال.
- فقد أخرج البخارى ومسلم عن البراء بن عازب – رضى الله عنه:
"نهى صلى الله عليه وسلم عن خاتم الذهب".
- وأخرج الإمام مسلم عن ابن عباس – رضى الله عنهما :
"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى خاتماً من ذهب فى يد رجل فنزعه فطرحه وقال: يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها فى يده؟! فقيل للرجل بعدما ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم: خذ خاتمك وانتفع به، قال: لا والله لا آخذه أبداً وقد طرحه رسول الله صلى الله عليه وسلم".
- وأخرج الإمام احمد والنسائى عن أبى ثعلبه الخشنى:
"أن النبى صلى الله عليه وسلم أبصر فى يده خاتماً من ذهب فجعل يقرعه بقضيب، فلما غفل النبى صلى الله عليه وسلم ألقاه فنظر النبى فلم يره فقال: ما أرانا إلا قد أوجعناك وأغرمناك".
- وما أخرجه الإمام أحمد عن عبد الله بن عمرو عن النبى صلى الله عليه وسلم قال:
"من لبس الذهب من أمتى فمات وهو يلبسه حرم الله عليه ذهب الجنة".
تنبيه : هذا فى حق الرجال لأنه ورد فى الأحاديث أن النبى صلى الله عليه وسلم اجاز ذلك للنساء. فقد أخرج الأمام أحمد بسنده أن النبى صلى الله عليه وسلم قال : "أُحل الذهب والحرير لإناث أمتى وحرم على ذكورها".
الثانى : الذى من أجله لبس الدبلة (خاتم الخطبة)
· أن هذا من تقليد الكفار – فهذه العادة سرت إليهم من النصارى –وجاء فى هامش الكتاب (ويرجع ذلك إلى عادة قديمة لهم عندما كان العروس يضع الخاتم على راس إبهام العروس اليسرى ويقول بسم الأب ثم ينقله واضعاً له على رأس السبابة ويقول والابن ثم يضعه على رأس الوسطى ويقول والروح القدسى وعندما يقول آمين يضعه أخيراً فى البنصر حيث يستقر).
· هذا وقد وجه سؤال فى مجلة المرأة Woman التى تصدر فى لندن عدد 19 سنة 1960 وأجابت أنجلا تلبوت محررة قسم هذه الأسئلة، والسؤال هو: لماذا يضع خاتم الزواج فى بنصر اليد اليسرى؟ والجواب: يقال بأنه يوجد عرق فى موضع هذه الإصبع يتصل مباشرة بالقلب، وهناك أيضاً الأصل القديم عندما كان يضع العروس الخاتم على رأس إبهام العروس اليسرى ويقول باسم الأب فعلى رأس السبابة ويقول باسم الابن فعلى رأس الوسطى ويقول باسم روح القدس وأخيراً فى البنصر حيث يستقر ويقول آمين. (أ.هـ بتصرف)
- وقال بن باز – كما فى كتاب الدعوة (2/208) فتاوى:
· لا نعلم لهذا العمل - دبلة الخطوبة – أصلاً فى الشرع، والأولى ترك ذلك سواء كانت الدبلة من فضة أو غيرها. لكن إذا كانت من الذهب فهى حرام على الرجال لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى الرجال عن التختم بالذهب.
- وقال الشيخ صالح بن فوزان – حفظه الله – كما فى المنتقى من فتاوى صالح بن فوزان (3/243):
· هناك تقليد فاسد وقع فيه كثير من الناس اليوم فى أمور الزواج من أنه يشترى لها دبله تلبسها ويكون هذا سبباً فى زعمهم فى عقد المحبة فى القلب وتآلف الزوجين فهذا من عقائد الجاهلية وهذا يكون من الشرك لأن التعلق بالحلقة والخيط والخاتم والدبلة فى أنها تجلب المودة أو تذهب العداوة بين الزوجين وهذا من الشرك لأن الأمر بيد الله.