[الكُتَّابُ... وَقَانونُ الكِتَابَةِ فِي القِرْطَاسِ] الشيخ د.ابن ندى العتيبي - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم العقيدة و التوحيد

قسم العقيدة و التوحيد تعرض فيه مواضيع الإيمان و التوحيد على منهج أهل السنة و الجماعة ...

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

[الكُتَّابُ... وَقَانونُ الكِتَابَةِ فِي القِرْطَاسِ] الشيخ د.ابن ندى العتيبي

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2014-01-25, 19:32   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
أبومحمد17
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي [الكُتَّابُ... وَقَانونُ الكِتَابَةِ فِي القِرْطَاسِ] الشيخ د.ابن ندى العتيبي

[الكُتَّابُ... وَقَانونُ الكِتَابَةِ فِي القِرْطَاسِ]

الحمد لله الذي علَّمَ بالقلم، والصلاةُ والسّلامُ عَلَى مَنْ أُرْسِلَ إلى الناسِ كافّة مِنْ عَرَبٍ وَعَجَم.. أما بعدُ؛؛؛

فقد قال اللهُ تعالى: {اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ الّذي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَم} [العلق : 3-5]، وقال -تعالى: {وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ}[القلم: 1].
وهذا قَسَمٌ مِنَ الله تعالى، وتنبيهٌ للخَلْقِ على نعمةِ تَعْليمِ الكتابة، التي جُعِلَتْ أداةً للمَعْرِفة، ولُغَةَ أُلْفَةٍ وتَواصُلٍ ووسيلة نَقْلٍ للمعلومةِ بين النّاس.
وقد كانت وسيلةً لتوثيقِ العِلْمِ وتاريخِ الأُمَم..
وبِالكتابة تُكْتَسبُ المعارفُ وتُنَالُ العلوم،
قال ابن كثير في «التفسير»:
(والعلمُ:
تارةً يكونُ في الأذهان..
وتارةً يكونُ في اللسان..
وتارةً يكونُ في الكتابةِ بالبنان..

ذِهْنِيّ..
ولَفْظِيّ..
ورَسْمِيّ..
والرَّسْمِيُّ يَسْتَلْزِمُهُما مِنْ غَيْرِ عَكْس) انتهى.

[ الكاتبُ قد يوقِد حَرْبًا بَيْنَ طرفين، وَكَمْ جَمَعَ بِجَميلِ خِطَابِهِ بَيْنَ ضِدَّيْنِ]
قال أبو عمر:
وإنَّ إمْساكَ اليدِ بالقلمِ والصَّحِيفَة، وانسيابَ المِدادِ ليِكْتُبَ مَخْزُونَ العَقْل، وما يَسْتَحْضِرُهُ الذِّهْن؛ لَهُوَ فَنٌّ رَفِيعُ القَدْرِ، عظيمُ الشّأن، مَنَّ اللهُ سُبْحَانَهُ بِهِ عَلَى عبادهِ، لذلك يَحْسُنُ لِكُلِّ كاتِبٍ أَنْ يَعْرِفَ قَانُونَهُ وآدابَه وَأَعْرَافَهُ.

والكتابُ المَرقومُ قد يكونُ مِنْ أهدافِه:
1- مراسلةُ أخٍ أو صدِيقٍ أو رَفِيق.
2- كتابةٌ مَضْمُونُها المديحُ والثّناءُ.
3- وقد يكونُ الكاتبُ ذَا مِهْنةٍ فِي وزارةٍ أو دِيوانٍ أو كاتبٍ لَدَى سُلْطانٍ، يَقُومُ عَلَى إِعْدَادِ المُراسَلاتِ وَالمُخَاطَباتَِ..
وبِأُسلوبه - إن جنح للشرِّ - قد يوقد حَرْبًا بَيْنَ طرفين، وَكَمْ جَمَعَ بِجَميلِ خِطَابِهِ بَيْنَ ضِدَّيْنِ.
4- وَمِنَ الكتابَةِ ما كان لتَصنيف الكتب والمؤَلّفات في شَتّى المَعَارِف وَالعلومِ.
5- وَمِن فُنون الكتابة؛ أن يكون كاتب مَقَالٍ يَنْشُرُ ما يَكتبُ فِي إحدى الصّحُفِ اليوميّةِ أو الأسبوعِيّةِ السَّيّارة.

[ خَيْرُ ما يَقْتَنِي اللبيبُ: كتابٌ مُحْكَمُ النَّقْل.. مُتْقَنُ التقييد]

فما القانونُ الذي يَحْكُمُ قَلَمَ الكاتِب؟
وما ذلكمُ المعيارُ الذي يُقاسُ به أداءُ الكاتِب؟
وما هي المعالِمُ المشتَرَكةُ التي يجبُ تَوَفُّرُها في المكتوب؟
حتى يُجازَ كاتِبٌ ما عندَ أربابِ القلمِ ونُقَّادِ الكَلِمِ، فيصبح بهذا القانونِ مِنْ فُرْسان الأقلامِ، وأُمَراءِ الكَلام، ويُكْتَبَ لَهُ النَّجَاحُ في مَيْدانِ رَسْمِ القَلَم ورقْمِ الكِتاب.

وإنّ الكاتِبَ -ذا الرُّتْبَةِ العَلِيَّة-؛ هُوَ الذي إنْ تَكَلَّمَ وكَتَب كَشَفَ عْن عَقْلٍ فائِق، وكَلِمٍ رائِق، ينتقي المباني المكتوبةَ لمعنى يَرْوِي بِنَظْمِهِ ذائِقَةَ كُلِّ قارئ.

[كلمات موجزة من قانون الكتابة]

أولا: الصدق والإخلاص.
ينبغي أنْ يَكونُ الكاتِبُ صادِقًا في كتابَتِه، نَبِيلًا في رسالَتِه، فلا يَسْرِقُ عَقْلَ القَارِئ - الذي اطْمأَنَّ لَه، وأَسْلَمَه نَفْسَه، فَأَخَذَ يَقْرأُ لَه- إلى بيئةٍ لا تَعْرِفُ مِن الكِتابَةِ إلا رَسْمَها! فينْحتُ في ذِهْنِهِ الكذِبَ والنِّفاق، وما تَسْمو النُّفوسُ عنه من الكلامِ وتَأْباه.
قال تعالى: {اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة: 119].
وفي رِوَايَةٍ للإمام أحمد في «المسند» (1/410)، وأبي يعلَى في «مسنده» (9/245) بسند صحيح:
كان عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- يقول: (إنّ الكذبَ لا يَصْلُحُ منه جَدٌّ وَلا هَزل، ولا يَعِدُ الرَّجُلُ صَبِيًّا ثُمَّ لا يُنْجِزُ لَه).
وأفضلُ من ذلك؛ ما رواه البخاري (6094)، ومسلم (2607) في «صحيحيهما» من حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إنّ الصدقَ يهدِي إلى البِرّ، وإنّ البِرَّ يهدي إلى الجنة، وإنّ الرجلَ ليَصْدُقُ حتى يكونَ صِدّيقا، وإنّ الكذبَ يهدي إلى الفجور، وإنّ الفجورَ يهدي إلى النّار، وإنّ الرجل ليكذبُ حتى يُكْتَبَ عند الله كذّابا).

ثانيا: وضوحُ الهدفِ وسُمُوُّ الغايةِ..
إنّ تَحْديدَ الهدفِ والغايةِ من الكتابةِ؛ عُنْصُرٌ مُهمّ، وأَمْرٌ لازِمٌ لِمَنْ أَرادَ وُلوجَ هذا المَيْدان، ولذا نَجِدُ مَنْ يَكْتُبُ لغايَةٍ؛ يُجهِد النَّفْس في جَمْع الأَفْكار، وضَمِّها إلى بعضها، لتكونَ وسيلةً نقيّةً وخادمةً لِهذا الهدف، وتحت لواءِ تلكم الغاية..
وإنّ أثَرَ فُقْدانِ الهَدَفِ فيه ضَياعٌ للهُوِيّة، وكَشْفٌ لشخصيّةِ ذلك الكاتب، فيصبح العقلُ مكشوفًا للنّاس، وبه إبانةٌ للقدرات، وتقاس به المساحات، وتظهر مكانته الحقيقة؛ من الرديء والأدنى أو من عوالي المكانات، وما علاقته وقوة معرفته بفن الكتابة الرفيع!
ولِذا...
فإنّ أَهْدافَ الكاتِبِ لابُدَّ وأن تكونَ مُحَدَّدةَ الأهداف، واضحةَ المعالِم.


[ مَنْ كان يؤمنُ بالله واليوم الآخر فلْيَكْتُب خيراً أو ليُمْسِك ]

وكما أنّ الوضوحَ مطلَبٌ، والنفوس والطّباع له أَرغَب؛ فكذلك السُّمُوُّ والرِّفْعَةُ بِهذا الهدفِ مِنْ أَسْمَى المطالِب، وأن يكون هدفُه تقديمَ الخَيرِ لأمَّتِهِ بِمداد القَلَم.
ومَنْ كَتَبَ لأهدافٍ دنيويةٍ وَأُمورٍ دَنِيَّة؛ فعزاؤنا للقلمِ والمحْبَرَةِ والقرطاسِ.
فَعَلامَ ضَيَاعُ الزّمَنِ؟!
فأَوْلَى لكَ أنْ تُجَرِّبَ مَواهِبَكَ في فَنِّ آخَر، وعليك تَرْكُ القَلَمِ والكَتْبِ لأهلهِ.
وعلى هذا جرَى اتِّفاقُ أَهْلِ العِلْمِ والقَلَم..
فقد قال الذهبيّ -فِي كتاب الكبائر- وقَبْلَهُ النوويّ والغزالي:
(وينبغي للإنسان أنْ يَسْكُتَ عَنْ كُلِّ ما رآهُ مِنْ أَحْوالِ النّاس، إلا ما في حكايته فائدةٌ للمسلمين).
وروى مسلم في «صحيحه» (1468) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عنِ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
(من كان يؤمنُ بالله واليومِ الآخِر؛ فإذا شَهِدَ أمْرًا فليتكلّم بخيرٍ أو ليَسكُتْ).

ثالثا: انتقاءُ المُفرَدَةِ والعنايةُ بِها.
وفي ذلك إحياءٌ وعودةٌ إلى اللغة العربية - لغةِ القرآن - باختيار المفردةِ السَّهلة، وطَرْحِ الكَلِماتِ الخَشِنَة، التي لا تؤذي عينَ قارئٍ أو أُذنَ سامعٍ، بل تجدُ قبولًا ومعالجةً نفسيّة يعيشُها القارئ.
وبشيوعِ المُفرَدَةِ النَّقِيّةِ الحيّةِ عِنْدَ الكَاتِبِ والقارئ وانتشارِها؛ نُشارِكُ بالسّعْيِ في رِفْعَةِ الأُمَّة، ونَرْقَى بالذَّوْقِ العامّ لجماعةِ المسلمين، والتأثير على غيرها من الجماعات والأمم..
وفي هذا احْتِرَامُ الكَاتِبِ لِعقْلِهِ، وإنه في العمل الجادّ علَى صَقْلِ العقل بكل ما هو نافعٌ ومفيد، وتسليحه بالعلم والمعرفة، وكذا مع الممارسةِ وَالدُّرْبَةِ، يِجِدُ عقلًا ذا مَخزونٍ مَعْرِفِيٍّ، يَتَجَوَّلُ فِيهِ فينتقي لكلِّ مَوْقِفٍ مُفْرَداته، ولكلِّ ميدانٍ كلماته.

رابعًا: السُّمُوُّ مع المتلقِّي (القارئ والسامع).
نعني بذلك كُلَّ مُخَاطَبٍ بالكتابة -ولو كان خصمًا أو عَدُوّا، فقد قال الله تَعَالى: {وَقُولُوا لِلنّاسِ حُسْنا} [ البقرة: 83 ]، وقال تعالى: {اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنّهُ طَغَى فَقُولاَ لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكّرُ أَوْ يَخْشَى} [طه : 43-44].
يقول الله تعالى: لموسى وهارون: {فقولا له قولًا ليّنا}، وفي ذلك توجيه بِلِينِ الجانب..
والكتابةُ والقولُ مثيلان، فإنّ القلمَ أحَدُ اللسانَيْن.
وقد كَاتَب النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلّم- كِسرَى الفُرس وقيصر الروم ونجاشيَّ الحبشة؛ بعباراتٍ لَطِيفَة، لعلَّهُم يَدْخُلُون في دين الله، وَيَدَعُونَ ما هُم عليه عاكفون.
كما روى البخاري (7)، ومسلم (1773) في «صحيحيهما» من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-قال:
ثم دعا بكتابِ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقرأه فإذا فيه: (بسم الله الرحمن الرحيم، من محمدٍ رسول الله إلى هرقلَ عظيم الروم).
ومن المعلوم بالنقل الصريح والعقل الصحيح؛ أنّ احترامَ القارئ وَمُخاطبةِ عَقْلِهِ بِهُدوء، قد يَبْلُغُ به العلاجُ موضعَه؛ فيكون القبولُ، ويُنال به من الخير ما لا يُنالُ بغيره.

خامسا: العلم والمعرفة.
وفي هذا أمران:
(1) على كل من تصدّى للكتابة؛ أنْ يكونَ لديه قاعدةٌ فريدةٌ منتقاةٌ من العلم والمعرفة.
(2) أن يُحْسِنَ الجَمْعَ بين تراكيب الكلم ومفرداته، وضَمّ معلوماتِه، ويقوم علَى توجيهها ووضعِها في مَكَانِها الذي جُعِلَتْ لَه، فينتهي إلى سَبْكٍ جميلٍ راق.

سادسًا: التَأَدُّبُ مع المُخالِفِ..
وهنا لا بُدَّ مِنَ التُّؤَدَةِ، وعَدَمِ الغَضَبِ والتعصب في الرَّدّ، فذلك أمرٌ مطلوب، ووصفٌ عَزِيز، ونَظَرٌ مَرْغوب..
فإن بالرِّفْقِ والتُّؤدَةِ يَتَسنّى للكاتِبِ وَضْعُ كُلِّ حَرْفٍ في موضِعِه.
وقد روى الترمذي في «سننه» (2010)، وعبدُ بن حميد في «المنتخب من مسنده» (1/183) ما صحّ عن عبد الله بن سرجس المزني قال:
إنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
(السَّمْتُ الحَسَن والتؤدة والاقتصاد؛ جُزْءٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ وعشرين جزءًا مِنَ النُبُوّة).
والغضبُ في الكتابة عِندَ معالجةِ الأُمور، وفي حال الرُّدود علَى المخالف؛ قد يُغْلِقُ العقلَ، وبه قد يَزِلُّ القلمُ في اختيار تراكيبِ الكلامِ وجُمَلِهِ ومُفْرداتِه.

وفَّقَنا الله وإياكُم لأحسن الأعمال.
قال تعالى: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْـزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا}[الإسراء: 53].


كتبه: د. عبد العزيز بن ندَى العتيبي
نشر: جريدة الوطن الكويتية......
25 محرم سنة 1428...........
وافق 12/ 2/ 2007 (بالإفرنجي)








 


 

الكلمات الدلالية (Tags)
الشيخ, العتيبي, القِرْطَاسِ], الكِتَابَةِ, د.ابن, [الكُتَّابُ..., وَقَانونُ


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 02:04

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc